29 ذي الحجة 1428 - 09/01/2008
اسمه: محمد.
لقبه: المهدي، المنتظر، المنقذ، القائم.
كنيته: أبا القاسم، أبا صالح.
والده: الإمام الحسن العسكري بن الإمام الهادي بن الجواد ابن الرضا ابن الكاظم بن الصادق بن الباقر بن السجاد بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
والدته: السيدة (نرجس) حفيدة قيصر ملك الروم.
ميلاده: ولد (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان عام255هـ في سامراء.
صفته: المهدي يتلألأ وجهه كأنه كوكب دري في خده الأيمن خال، معتدل القامة، أسمر اللون، ذو شمائل عربية يخرج وشكله في حدود الأربعين.
إمامته: إستلم مهام الإمامة وله من العمر خمس سنوات عام260هـ.
معاصريه من الملوك: عاصر زمن المعتمد بن المتوكل العباسي.
غيبته الصغرى: بدأت من حين إستلامه للإمامة وإنتهت عام329هـ ومن ذلك الحين بدأت الغيبة الكبرى.
فضائله: نزلت فيه آيات عديدة ووردت في حقه الكثير من الأحاديث حتى بلغ عددها إلى ستة آلاف حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنأتي على بعضها.
حرزه: يا مالك الرقاب ويا هازم الأحزاب يا مفتح الأبواب ويا مسبب الأسباب سبب لنا سببا لا نستطيع له طلبا بحق لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
من هو المهدي (عجل الله فرجه)؟
المهدي المنتظر صاحب الزمان هو من ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) من ولد فاطمة الزهراء فهو ينحدر من علي بن أبي طالب وفاطمة، جاء في الحديث (المهدي من ولد فاطمة) وقال النبي (صلى الله عليه وآله) أيضا: (أبشري يا فاطمة المهدي منك) وقال أيضا: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) وجاء عن علي (عليه السلام): (أنه من ولد الحسين) وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (ومنا مهدي الأمة الذي يصلي عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهدي الأمة) وقال (صلى الله عليه وآله): (المهدي من أهل البيت...).
إذن نعرف من هذا كله أن الإمام المهدي من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وهو آخر الأئمة الإثنى عشر الذين بشر بهم رسول الله حيث قال: بعدي إثنا عشر خليفة كلهم من قريش، وهو من ذرية الطاهرة فاطمة الزهراء ومن أحفاد الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام).
المهدي في القرآن والسنة
هناك آيات عديدة مؤولة بالإمام المهدي (عليه السلام) وقد إتفق العلماء على هذا التاويل إعتمادا على نصوص الأئمة (عليهم السلام) منها: قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض). القصص:56
فآل محمد (صلى الله عليه وآله) هم المستضعفون في الأرض فقد ظلموا على مر التأريخ وسيجعل الله تعالى حدا لهذه المظلومية وينتصر لآل محمد (صلى الله عليه وآله) على يد المهدي المنتظر سلام الله عليه فهو الوارث لهذه الأرض بالحكم والعد وقال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم...). النور:57
فهذا الإستخلاف سيكون على يد المهدي وأصحابه وشيعته كما استخلف سليمان وداوود من قبل ويجعل الأمن والسعادة في ارجاء دولة المهدي المنتظر فيطبق الدين بكل حذافيره.
وقال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). الأنبياء:107
وهذه الوراثة أبدية أي أن الصالحين هم الذين يرثون الأرض كلها في آخر الزمان ويمتد الحكم العادل على هذه المعمورة، وتشير الآية إلى أن هذه البشارة كانت مدونة في زبور داوود (عليه السلام) وها هي الآن في القرآن وذلك لعظمة تلك الدولة وأهميتها وهي دولة المهدي (عليه السلام) وآيات عديدة في الإمام المهدي يجدها القارئ في مظانها تصل إلى مائة آية.
الإمام المهدي يودع والده
وبمزيد من الحزن والأسى إستقبل الإمام المهدي الأيام الأخيرة من حياة والده الكريم الذي كان يحنو عليه ويبالغ في حبه والإهتمام به فراح الإمام المهدي وهو الصبي الصغير الذي يعيش بعقل الكبير الراشد يتأمل والده وهو يعاني شدة السم في أحشائه ويتألم له وعليه ويذرف الدموع تلو الدموع حزنا على أبيه الذي سيفتقده بعد حين.
وبينما الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مع خلص أصحابه يتجرع غصص الموت ذهب الإمام المهدي وله خمس سنوات آنذاك إلى العبادة والتضرع والإبتهال، فحاول الإمام العسكري أن يتناول دوائه في إناء إلا أنه لم يقدر حتى على مثل هذا العمل البسيط فقد كانت الرعشة في يديه قوية جدا فبعث أحد أصحابه إلى الإمام المهدي فجاء عنده وقلبه يتوجع ألما على والده فسقاه الدواء وجلس عنده فأوصى إليه بعض الوصايا وأعلن مرة أخرى أمام بعض الأصحاب أن إبنه هذا هو الحجة من بعده وأنه هو الإمام المنتظر، ثم فارق الحياة وصعدت روحه الطاهرة إلى الملكوت.
وحاول جعفر بن الإمام الهادي وأخو الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أن يستغل الموقف وان يطرح نفسه للناس بأنه هو الإمام بعد أخيه مادام ابن أخيه صغيرا ولا يعرفه أكثر الناس، فوقف بباب الدار والشيعة من حوله يعزونه بأخيه ويهنئونه بالإمامة، ولما توجه للصلاة على جثمان الإمام وهم بالتكبير خرج الإمام المهدي وهو صبي فجذب رداء جعفر وقال له: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي!!
فاستغرب جعفر وإندهش الناس فرجع دون أن يتكلم وتقدم الإمام المهدي وصلى على أبيه ودفن إلى جانب قبر أبيه الإمام علي الهادي في سامراء.
وكان الإمام الحسن العسكري قبل وفاته قد نصب وكيله عثمان بن سعيد وكيلا لإبنه المهدي ليكون حقلة الوصل بين الإمام والشيعة ومنذ ذلك اليوم بدأت الغيبة الصغرى لمولانا المهدي سلام الله عليه وكان يتصل بالشيعة عبر وكلائه الأربعة.
وكلاء الإمام المهدي (عليه السلام)
نظرا للظروف السياسية الخطرة التي مر بها الإمام المهدي والعسكري (عليهما السلام) عمل كل واحد منهما على وضع وكلاء من الفقهاء الزهاد والعلماء الأخيار يوصلون رسائلهم وأموال الناس من والى الإمام (عليه السلام)، وازداد الضغط السياسي أكثر فأكثر في أواخر حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فمثلا كان لزاما عليه أن يأتي في مجلس الإمارة كل إثنين وخميس من أيام الأسبوع وكانت حركاته ومجالسه كلها مرصودة وتحت رقابة صارمة، لذلك عمد إلى نصب الوكلاء وإستمر موضوع الوكلاء إلى زمن الإمام المهدي (عليه السلام)، بل كان عهده أشد خطرا وأكثر خنقا لأن العباسيين حاولوا بكل وسيلة لقتل الإمام المهدي والقضاء عليه، لهذا كان الإمام في غيبته الصغرى يتصل بالشيعة عبر وكلائه الأربعة.
الشيخ عثمان بن سعيد كنيته (أبو عمرو) ولقبه العمري أو السمان، لأنه كان تاجرا بالسمن (الدهن) وهي مهنة يحاول من خلالها التغطية على دوره وإتصاله بالإمام.
وكان العمري ثقة الإمام الهادي والعسكري أيضا فقد سال أحمد بن إسحاق من الإمام الهادي يوما: من أعامل وعمن آخذ وقول من أقبل؟
فقال الإمام: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعنى يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون.
وهذه شهادة عظيمة في حق العمري من الإمام المعصوم تدل على مقامه ومنزلته ونال العمري شرف اللقاء بالإمام المنتظر مرات ومرات حسب ما كانت تمليه الظروف، وقبل وفاته أمره الإمام المنتظر (عجل الله فرجه) أن ينصب إبنه وكيلا للإمام المهدي (عجل الله فرجه) ليتولى الأمور بعد وفاة أبيه.
محمد بن عثمان العمري كنيته (أبو جعفر) وكانت رسائل عثمان (الأب) قد وصلت إلى زعماء وكبار الشيعة يخبرهم فيها بأنه عين إبنه محمد نائبا عنه بأمر الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وإستمر (أبو جعفر) في هذا المنصب الخطير ينال الشرف تلو الشرف من كثرة لقاءاته بالإمام حيث بقي ويكلا لمدة خمسين عاما، إلى أن دنى أجله وأوصى بأمر الوكالة إلى الحسين بن روح.
الحسين بن روح كنيته (أبو القاسم) ولقبه النوبختي كان هذا الرجل مشهورا بالفضل والوثاقة من قبل الشيعة والسنة فله رصيد هائل من الجماهيرية والشعبية في الأوساط ومارس الوكالة بكل أمانة ودقة إلى أن أوصى قبل رحيله إلى النائب الرابع والأخير.
علي بن محمد كنيته (أبو الحسن) ولقبه (السمري) إختاره الإمام لمقام الوالة والسفارة وإمتاز السمري بالكرامات والفضائل فقد أخبر وهو في بغداد بموت علي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق وهو في الري فكان إخباره مطابقا للواقع، ومع إمتداد الأيام بالشيخ السمري وقرب أجله بعث إليه الإمام المهدي هذه الرسالة قبل وفاته بستة أيام (بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصي أي أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وإمتلاء الأرض جورا).
فأعلن السمري ذلك للشيعة وفعلا توفي بعد ستة أيام.
وجوب الإعتقاد بالمهدي في غيبته الكبرى
يجب على كل مسلم ان يعتقد بوجود الإمام المهدي الآن وانه حي يرزق وانه حقيقة وواقع لا تؤثر عليه الأيام والسنين غاية ما في الأمر أن العمر إمتد به كما سنتكلم عن ذلك لاحقا.
والإعتقاد به (عجل الله فرجه) من ضروريات الدين فكل من أنكره فإنه خراج ومرتد عن الدين الإسلامي، يقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): إن المقر بالأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنكر لولدي كمن أقر بجميع انبياء الله ورسله ثم أنكر نبوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمنكر لرسول الله كمن أنكر جميع أنبياء الله لأن طاعة آخرنا كطاعة أولنا والمنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله.
وقال الإمام الكاظم لما سئل أنت القائم بالحق؟
فقال: أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلا كما ملئت جورا هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا..
إذن هذه عقيدة المسلم الذي يتبع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فعليه أن يؤمن أن الإمام المنقذ المنتظر المهدي موجود ولكن لا يعرفه أي أحد إلا من يشاء الله ولا يقوم بالنهضة المباركة إلا بعد توفر مجموعة من المقدمات.
نعم هناك إعتقاد فاسد عند بعض المسلمين وهم أهل السنة والجماعة إذ يعتقدون أن المهدي ضرورة حتمية ولكن يرون أنه لم يولد بعد وانه سيولد في حينه، والسبب انهم لا يتقبلون روايات الأئمة (عليهم السلام) من جهة، ويستصعبون هذا العمر المديد من جهة ثانية.
وكلا الجهتين توهم خاطئ، لأن أئمتنا معصومين وهم حجة الله على هذا الخلق فمن أعرض عنهم أعرض عن الحق وعن الله تبارك وتعالى وأما بالنسبة للعمر الطويل فإنا سنتناول ذلك.
كيف طال عمر الإمام المهدي (عجل الله فرجه)؟
يمكن بيان هذا الأمر من ناحيتين:
الأولى: لاشك أن الإمام المهدي هو أمل الأنبياء والاوصياء وجميع الأمم والشعوب فالكل يتطلع إلى عصر الأمان والسلام والسعادة وبهذا يكون دور الإمام المهدي مهما ومقامه ووجوده أهم ومنزلته عند الله تعالى لا يعلمها إلا هو تبارك وتعالى، فإذا كان كذلك قد تتدخل القدرة الإلهية لحفظ هذا الإمام العظيم نظرا لدوره الجسيم في المستقبل ويكون طيلة هذه المئات من السنين تحت رعاية الله بصورة غيبية إعجازية لحفظه وصونه وإبعاد الخطر والشر عنه كما تدخلت المعجزة لحفظ إبراهيم الخليل وإيقاف النار من الإحراق وكما تدخلت المعجزة لحفظ بني إسرائيل وموسى وهارون بإيقاف سيلان ماء البحر، وهكذا تتولد المعاجز من الله تعالى لإيقاف بعض القوانين الكونية من أجل المحافظة على الرسل او الأوصياء الذين يقع على عاتقهم دور خطير فلماذا لا نؤمن إذن بهذا النوع من الإعجاز الذي يمارسه الله تعالى لحفظ عمر الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وصيانة جسده وأجهزته من التلف والعجز وتطويل عمره بهذا الشكل الإعجازي مادمنا مسلمين ونعتقد أن قدرة الله تعالى غير متناهية؟
وقد حصل مثل ذلك في أصحاب الكهف إذ حفظ الله أبدانهم من التلف مع حفظ أرواحهم وكل ما يتصل بهم وبعثهم من بعد نومهم إلى الناس ليكونوا آية من أنكر المعاد أو أنكر القدرة الإلهية.
فيمكن إذن أن نقول أن إبقاء الإمام المهدي هذه السنين المتمادية دون أن يهرم أو يمر بدور الشيخوخة عبارة عن معجزة إلهية تفرضها طبيعة المرحلة والظروف الاجتماعية والمشروع الإلهي.
الثانية: أما إذا واجهنا إنسانا ملحدا لا يؤمن بقدرة الله فنستطيع أيضا أن نوضح له طول عمر الإمام بشكل يسير وبسيط، لأن العلم الحديث يصرح أن خلايا الإنسان قابلة للادامة والبقاء بنفس الفاعلية فيما إذا توفرت لها ظروف واجواء خاصة، أي أن تطويل عمر الإنسان ليس مستحيلا بل ممكنا ومادام الأمر ممكنا إذن صار من اليسير جدا البحث عن الطرق الموصلة لمثل هذه المعرفة والحقيقة ولذلك تراهم عمدوا إلى تطويل عمر بعض النباتات أو الحيوانات كمقدمة وتجربة للوصول من خلالها إلى أسرار الإنسان.
ونحن نعتقد أن الإمام المهدي وارث الأنبياء والمرسلين بل هو وارث خاتم النبيين فعنده من العلم والمعرفة ما لا تدركه عقولنا، فما المانع أن يكون لديه علم من خلاله يحافظ الإمام على عمره من التلف ضمن نظام غذائي وروحي وبيئي لم يتوصل إليه العلم الحديث؟
إذن ليس أمام موضوع طول العمر أي دليل علمي معارض ما عدى أمر واحد هو أن الناس لم تألف هذا النوع من الأعمار وهذا ليس دليلا حتى يعارض وجود الإمام فقد عاش نوح950 سنة وعاش الكثير من المعمرين في أنحاء العالم أعمار مختلفة.
فوائد الإمام في غيبته
مع الإعتراف واليقين أن الإمام المهدي في غيبة طويلة ولكن هذه الغيبة لا تفصل الإمام عن الإحتكاك بالمجتمعات لاسيما محبيه ومريديه وشيعته، لأن غيبة الإمام ليست غيبة شخصية بأن يعتقد الناس خطأ أن شخص الإمام غير موجود على ظهر هذه الأرض، بل هو موجود ويعيش حولنا ويتابع الأمور عن كثب ويراقب الأحداث ويتداخل في بعضها ويزاول بعض الشعائر الإسلامية مع الناس كالزيارات لقبور آبائه الأطهار أو إقامة المآتم لذكرهم (عليهم السلام) ولكن لا أحد يعرفه ولا يتوجه إلى ذلك احد إلا من اختاره الله وأذن له، وهذه الغيبة لا تخلو من فوائد ومنافع كثيرة نشير إلى بعضها:
أولا: بهذه الطريقة يحفظ الإمام نفسه عن الظلمة والطواغيت والجبابرة الذين يريدون بالإمام شرا ويعمدون لإطفاء نور الله، وفي حفظ نفسه الشريفة فائدة عظمى ترجع إلى الخلق وهي:
أن مجرد وجود الإمام الحجة هو السبب الاكبر والاوحد لبقاء هذا العالم دون إنهياره، لأن العالم لا يمكن أن يبقى لحظة واحدة دون وجود حجة الله فيه، فوجود حجة الله هو المصحح لبقاء العالم كما ورد في الحديث (لولا الحجة لساخت الارض بأهلها) وذلك لأن بقاء الأرض بدون إمام وبدون حجة مخالف للعدل الإلهي وليس هنا محل بحث هذا المطلب الطويل.
إذن بوجود الإمام يبقى هذا العالم مستمرا في الوجود وهذه اكبر فائدة من الإمام المهدي إذ ينتفع منها البر والفاجر والمؤمن والكافر.
ثانيا: أنه يحافظ على شريعة جده من الإنحراف فهو (عجل الله فرجه) يتابع سير الخط الأصيل للإسلام المتمثل بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ويحاول دائما إدراك الموقف وشعب الصدع ولم الشعث.
ثالثا: ووجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) سببا لإستمرار الفيض الإلهي علينا فهو (عجل الله فرجه) كالشمس إذا جللها السحاب فإنه لا يمنع الشمس من أن تصل بمنافعها إلى الناس فرغم وجود السحاب إلا أن الفائدة من وجود الشمس ما تزال قائمة وهكذا غيبة الإمام فإننا نستفيد من وجوده المقدس رغم غيبته لأنه سبب الخير والرزق والرحمة والمغفرة في العالم.
واجبنا تجاه الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
لم تخلو روايات الأئمة (عليهم السلام) من رسم المنهج لنا في زمن الغيبة الكبرى فقد وضعوا لنا عدة تكاليف وواجبات يمكن من خلالها الإقتراب من إمامنا المهدي (عجل الله فرجه) منها:
1- إنتظار الفرج: فقد جاء في الروايات (إن إنتظار الفرج من أفضل العبادات) ومعنى إنتظار الفرج أن يثبت المسلم على الإعتقاد بوجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ولا يشك في هذه العقيدة ويعمل بواجباته الشرعية على أتم وجه دون أن يتأثر بالدعايات والأباطيل ولا ينجرف وراء الأبواق الأموية المنكرين للمهدي (عجل الله فرجه).
2- الإلتزام الكامل بالخلق الإنساني الرفيع من الصدق والإخلاص والوقاء ورد الأمانة وإعانة المسلم وعيادة المريض وإقراض المحتاج وإنقاذ المؤمن وغير ذلك.. لأن هذه الأخلاق الحميدة ترضي الله وترضي الإمام المهدي عنا بل يفرح الإمام المهدي إذ رأى ذلك فينا لأنه نهجهم وطريقتهم.
3- إشاعة الثقافة المهدوية وتعليم الناس بضروري الدين وتثقيفهم بالمعلومات المرتبطة بالإمام مثل علامات الظهور الحقيقية وكيفية التعامل معها وتمييز الفئة المحقة من الباطلة، وإطلاعهم على بعض شؤون المهدي (عجل الله فرجه).
4- ضرورة الإرتباط بالإمام المهدي روحيا وإيمانيا عبر الأدعية المهمة في عصر الغيبة مثل دعاء الندبة وزيارة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وبعض الأدعية القصار الخاصة به ودفع الصدقة نيابة عنه (عجل الله فرجه) والدعاء له بالفرج والسلامة...
5- ترويج معاجز الإمام وكراماته وأموره الخارقة للعادة للناس لكي تدرك الناس عظمته وتتفاعل معه كما يتفاعلون مع الأنبياء.
6- طرح مشروع الإصلاح المهدوي للناس وأن الإمام يأتي منقذ للناس ومخلص وان سيفه ينال من الطواغيت الصغار والكبار والظلمة والجبابرة، وليس كما يفهم بعض الناس أن الإمام المهدي يأتي من أجل إراقة الدماء فقط، بل هو يأتي بالدرجة الأولى لإنقاذ الناس والدين ما براثن الظلمة وأعوانهم، ومن ثم يعمل على إنشاء المدينة الفاضلة والمجتمع المتمدن وإقامة الدولة المتطورة والحياة السعيدة.
أهم علامات الظهور
تنقسم علامات الظهور إلى قسمين:
1- العلامات غير المحتومة: أي التي يمكن ان تقع وتحدث ويمكن أن لا تقع بل تتغير أو ترفع وهذا التغير تابع لطبيعة حركة المجتمعات البشرية فإن الإنغماس في الإنحراف والفساد له أثر كما أن للإصلاح والخير أثر مغاير ومن هذه العلامات غير المحتومة نقص المياه والثمرات والأغذية وبعض الحوادث الكونية والحروب البشرية وتدهور الوضع الاقتصادي..
2- العلامات المحتومة: وهي التي لابد منها وهي الشاخص الذي من خلاله نعرف إقتراب ايام الظهور للإمام (عجل الله فرجه) مثل خروج السفياني وهي شخصية أموية مهمة في الأحداث يقود راية الباطل.
والنداء من السماء بصوت جبرئيل ينادي باسم المهدي، وقتل نفس زكية علوية مهمة بين ركن الكعبة ومقام إبراهيم قبل ظهور الإمام بخمسة عشر يوم، وحصول خسف عظيم بالصحراء بجيش السفياني في حدود الحجاز..
هذه أهم علامات الظهور الشريف كما جاءت في بعض الروايات، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: خمس قبل قيام القائم (عجل الله فرجه): اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية.
وقال: قبل قيام القائم خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء وقال أيضا (عليه السلام): النداء من المحتوم والسفياني من المحتوم وخسف البيداء من المحتوم واليماني من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم.
وقد روي عن الإمام الصادق أيضا عن الصيحة او النداء فقال: يسمعه كل قوم بألسنتهم، وسيكون موعد الصيحة في شهر رمضان المبارك وستكون عبارة النداء هذه: إن الحق في علي وشيعته ثم ينادي بإسم المهدي.
ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
لاشك أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) يستخدم السبل الطبيعية في محاولة التغيير وبناء العالم الجديد، فهو يعتمد أيضا على أصحاب مخلصين متفانين وأبطال شجعان كما هو ينتظر قواعده الشعبية أن تصل إلى مستوى من الثقافة والسلوك والأخلاق والإيمان الراقي لأن العالم الجديد والحضارة القادمة التي يؤسسها الإمام ستقوم على الأخلاق والإيمان أكثر من أي شيء آخر.
وسيكون ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) من مكة المكرمة ويبايعه فيها أصحابه الذين يصل عددهم إلى313، ثم يتجه الإمام (عجل الله فرجه) صوب العراق محررا هذا البلد المهم من نير الظالمين ويتخذ الكوفة عاصمة لدولته العظمى الممتدة من القطب إلى القطب ويسكن هو وأهل بيته في مسجد السهلة وهو من المساجد المقدسة التي زارها الكثير من الانبياء والأوصياء وسيكون ظهوره الشريف بعدما يمتلئ العالم ظلما وجورا واضطرابا وبؤسا.
وصايا الإمام المهدي لنا
لقد بعث الإمام المهدي (عجل الله فرجه) رسالتان للشيخ المفيد (قدس سره) يوصيه فيهما ببعض البرامج المهمة للشيعة ونحن نقتطف من كلامه بعض الجواهر سلام الله عليه:
- إعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية.
- فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا.
- ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا.
- ولو أن أشياعنا على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا.
- إنه من أتقى ربه من إخوانك في الدين وأخرج مما عليه (أي الخمس أو الزكاة) إلى مستحقيه كان آمنا من الفتنة المبطلة ومحنها المظلمة المضلة.
نوادر في الإمام المهدي (عجل الله فرجه) قال النبي (صلى الله عليه وآله):
من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله).
- المهدي يعطي المال بدون عد بل يحثو المال لمن سأله.
- اول من يبايع المهدي جبرئيل.
- المهدي ولد في العراق ويستقر عند ظهوره في العراق.
- المهدي يخرج وشكله في حدود الاربعين.
- وصف المهدي موجود في جميع الكتب السماوية والاسفار.
- المهدي يعيش زهد علي بن ابي طالب (عليه السلام).
- في دولة المهدي لا توجد أديان أخرى بل الإسلام فقط وحب أهل البيت (عليهم السلام).
- عيسى بن مريم يصلي خلف الإمام المهدي وهو أحد قضاته.
- الأمان في أرجاء دولته حتى بين الحيوانات.
- المهدي (عجل الله فرجه) يعيد سنن المرسلين إلى الحياة.
- المهدي (عجل الله فرجه) ينتقم من الذين قتلوا الحسين ورضوا بقتله.
- المهدي (عجل الله فرجه) ينتقم من الذين قتلوا أمه فاطمة الزهراء (عليها السلام).