b4b3b2b1
حياة الإمام محمد الجواد عليه السلام | حياة الإمام الحسن بن علي عليه السلام | حياة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) | حياة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) | زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام | علي بن موسى الرضا عليه السلام | حياة الإمام الحسين بن علي عليه السلام | حياة الإمام موسى الكاظم عليه السلام | حياة الإمام علي الهادي عليه السلام | حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام | النبي الكريم صلى الله عليه وآله | الإمام علي عليه السلام |

زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام

 

29 ذي الحجة 1428 - 09/01/2008

الإمام الرابع من الأئمة الأطهار: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

والده: سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام).

والدته: شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز أنو شروان.

جده: أمير المؤمنين وسيد الأوصياء علي بن أبي طالب.

ميلاده: في الخامس من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة.

كنيته: أبو الحسن وأبو محمد.

ألقابه: علي الأصغر لكونه أصغر من أخيه الشهيد بكربلاء علي الأكبر، وزين الصالحين، والسجاد لكثرة سجوده، وزين العابدين، والبكاء، وذو الثفنات.

إمامته: قام بأمر الإمامة بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) عام61هـ وله من العمر23 سنة، وتوفي مسموما في25 محرم عام95هـ وله من العمر57 سنة.

نقش خاتمه: (الحمد لله العلي) وروي (خزي وشقي قاتل الحسين بن علي) وروي (العزة لله).

النص على إمامته

عقيدة الإمامة عبارة عن الخلافة في الأرض باختيار من الله تعالى، فيصطفي من خلقه من تكون مؤهلاته وقربه من الله أشد من غيره، ثم يجري تعيينه باسمه وكنيته ولقبه وصفته ليكون المرجع للناس في أخذ معالم الدين.

وقد عين رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلفاءه وأوصياءه بأسمائهم، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكونوا كلهم من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن طهرهم الله تعالى من الدنس والرجس ونقاهم من العيب والمنفرات كلها، فكان أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم ابنه الحسن ثم ابنه الآخر الحسين ثم الإمام الرابع علي بن الحسين زين العابدين.

ومن جملة هذه النصوص ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ومن افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة)، ثم فسر (صلى الله عليه وآله) هذا بقوله: (أما الشمس فأنا والقمر علي بن أبي طالب والفرقدان الحسن والحسين والنجوم الزاهرة تسعة من صلب الحسين أولهم علي بن الحسين) وغيرها من نصوص إمامته.

وبذلك عين السجاد إماما للأمة.

ميلاده الميمون

في ظل خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرسل حريث بن جابر وكان واليا على جانب من المشرق بعث إلى أمير المؤمنين بابنتي يزدرجرد بن شهريار فعرض عليهن الإسلام فدخلن فيه واعتنقن الإسلام كدين جديد لهن، ولما رغب المسلمون في الزواج منهن سألهن أمير المؤمنين وكان قد أعطاهن كامل الاختيار في الانتخاب، فاختارت شاه زنان الحسين سيد الشهداء فتزوج منها.

وهكذا بقيت العترة الطاهرة تنتظر ولادة الإمام السجاد من هذه المرأة الطاهرة، وفعلا فقد جاء إلى الدنيا عام38هـ وابتهج به جده أمير المؤمنين وأبيه الحسين وعمه الحسن (عليهم السلام) وأجروا عليه المراسيم الإسلامية التي أجراها رسول الله على الحسن والحسين.

وبقي الإمام زين العابدين سنتين في أحضان جده نهل روحانيته ومعنوياته، وعاش مع عمه الحسن عشر سنين ومع أبيه22 أو23 سنة. وهكذا تلقفت أركان الإمامة السجاد بالعلم والأدب وحكمة الأنبياء وصفاء الأولياء، بعد أن اختار الله تعالى له هذا الاسم المبارك (علي) زين العابدين وسيد الساجدين.

السجاد (عليه السلام) مع جهلاء عصره

لقد أخبرنا القرآن الكريم كيف يتصرف أهل الحكمة مع الجهلاء: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). الفرقان: 63

ومن أهل الحكمة إمامنا علي بن الحسين (عليه السلام) الذي كان يضايقه الجهلاء وعديمي المعرفة حسدا منهم، بل كان دأب الجهلاء معاكسة العلماء قديما وحديثا ولكن باشكال وأساليب متنوعة.

فقد روي أن رجلا وقف امام الإمام السجاد وشتمه أمام الناس والإمام ساكت لم يكلمه، فلما انصرف قال الإمام لجلسائه: لقد سمعتم ما قال هذا الرجل، وانا أحب أن تقوموا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه.

فقالوا له: نفعل ذلك.

فقاموا ومشوا إلى منزل ذلك الرجل.

فقال الإمام: قولوا له إن هذا علي بن الحسين بالباب.

فخرج الرجل متوثبا للشر وهو يعتقد أن الإمام جاء ليرد عليه ويسمعه كلاما يغيضه.

فقال له علي بن الحسين: يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفا فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما في فاستغفر الله منه وإن كنت قلت ما ليس في فغفر الله لك.

وعندما سمع الرجل هذا المنطق الجميل أخذ يقبل الإمام ويقول: بل قلت فيك ما ليس فيك وانا أحق به.

الإمام السجاد (عليه السلام) وليل المدينة

هل تعرف أن أئمة الهدى يأنسون بالليل كثيرا؟

لأنه الفرصة السانحة التي تتوفر عندهم ليحملوا على ظهورهم جراب الطعام ويتفقدون الفقراء والأيتام تحت هدوء الليل وستارته السوداء دون أن يشعر أحد بذلك، فهم بذلك يحافظون على كرامة الإنسان ويطفئون حرارة الجوع عن بطون الأطفال والنساء، وبذلك يتألقون دائما.

لقد اشتهر الإمام السجاد بهذا العمل الرائع، إذ يروي لنا ابنه الباقر (عليه السلام) يقول: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول: إن صدقت السر تطفئ غضب الرب.

وليس هذا بغريب منهم وإنما الغريب أن الفقراء والمساكين لا يعلمون من هذا الرجل الذي يقدم لهم الطعام كل ليلة، فقد كان الإمام يضع على وجهه شيئا حتى لا يعرف، وينقل أنه كان يطعم مائة بيت في المدينة وفي كل بيت جماعة من الناس، ولقد كان أناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم، فلما مات الإمام السجاد فقدوا ما كان يصلهم بالليل، حينذاك عرفوا أن الرجل هو الإمام.

تواضع الإمام زين العابدين (عليه السلام)

ما أجمل السفر الهادف مع الأحبة والأصدقاء الأوفياء، ويزداد السفر جمالا عندما يتعاون الجميع في أداء الأعمال وتوزيع الواجبات دون تعال وتكبر من أحد.

هذا الأمر نتعلمه معا من الإمام زين العابدين عندما سافر مرة مع رفقاء لا يعرفونه واشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، وبالفعل فقد قام الإمام بكل الأعمال دون ضجر أو تمنن، فصادف أن رآه رجل فعرفه فقال لهم: أتدرون من هذا؟

فقالوا: لا، قال: هذا علي بن الحسين، فوثبوا إليه فقبلوا يده ورجله واعتذروا منه وقالوا: ما الذي حملك على هذا؟

فقال: إني كنت سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله (صلى الله عليه وآله) مالا استحق، فإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك فصار كتمان أمري أحب إلي.

الإمام السجاد يعطينا درسا في المساواة والعدالة في أصغر الأمور كالسفر مثلا حتى نتأهب للأمور العظيمة والكبيرة، وأن لا نتوقع من الناس أكثر مما نستحق ونتعامل معهم على أساس التواضع لأن التعالي والتكبر يخلقان حواجز روحية.

السجاد (عليه السلام) مع ربه

لقد عرف الإمام علي بن الحسين بكثرة عبادته وخشوعه حتى لقب بالسجاد لكثرة سجوده، ولقب بـ (ذي الثفنات) وهو الجلد المتجمع على بعض مواضع السجود.

ولقب أيضا بـ (زين العابدين) لأنه أعبد أهل زمانه حتى أضرت العبادة بجسمه فنحل وضعف فقد كان شديد الاجتهاد في العبادة صائم نهاره وقائم ليله، وقد سئلت إحدى جواريه يوما عنه فقالت: ما أتيته بطعام نهارا قط ولا فرشت له فراشا بليل قط.

وقد طلبت فاطمة بنت علي بن أبي طالب من الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري أن يتكلم الإمام السجاد ليقلل من عبادته فقد انخرم أنفه ونقبت جبهته وركبتاه وراحتاه، فتكلم جابر مع الإمام وقال له: إن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن احبكم فما هذا الجهد، فقال الإمام: إن جدي رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولم يدع الاجتهاد له وتعبد حتى انتفخ الساق وورم القدم فقيل له: أتفعل ذلك وقد عفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا.

وبهذا الجواب اكتفى الإمام السجاد (عليه السلام)، وهو يعني أنه على خطى جده الأعظم (صلى الله عليه وآله).

وكان الإمام السجاد (عليه السلام) إذا قام إلى الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتىيقطر عرقا، وكانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله تعالى، وكان لا يسجد إلا على التراب ويقول في دعائه: عبيدك ببابك، أسيرك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، يشكو إليك ما لا يخفى عليك.

في كربلاء حيث المأساة

وعندما استقر الحسين (عليه السلام) في كربلاء اقتضت الحكمة الإلهية أن يمرض الإمام السجاد وتصيبه حمى أعجزته عن القيام، ولذلك لم يشارك في واقعة الطف مشاركة ميدانية ولكنه كان معهم روحيا، فقد كانت عواطفه الصادقة وهواجسه وأفكاره كلها مع الحسين ومشروعه الثوري العظيم وكان كلما يمضي الوقت في كربلاء يحتدم قلب الإمام السجاد وتتأثر نفسه وتتضاعف علته عليه لما يشاهد من وحدة أبيه الحسين وسط الأعداء.

ولم تمض ساعات إلا وهو يرى رأس أبيه الطاهر على رمح معلى والمنادي ينادي: احرقوا الخيام، فرأى بعينيه حرائر النبوة وهن يهربن في البيداء من جلاوزة ابن زياد وابن سعد لعنهما الله وأخزاهما.

ولذلك اشتهر عنه أنه من البكائين الخمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة الزهراء والسجاد حزينا على أبيه ومن قتل معه، فإنه لم تكن تغرب صورة الطف عن ذهنه أبدا، وقد أعترض عليه لكثرة بكائه فقال: وكيف لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش.

فقد بكى على أبيه عشرين عاما وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قيل له: نخاف عليك أن تكون من الهالكين؟ قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة.

وقيل له يوما اما آن لحزنك أن ينقضي؟

فقال: إن يعقوب النبي كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه وكان ابنه حيا في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمر وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟.

ثم إن الإمام السجاد استطاع من خلال البكاء أن يؤكد مظلومية الحسين وعظمته من جانب، ويفضح طاغوتية يزيد وبني أمية من جانب آخر، فإنه حشد عواطف الأمة مع الحسين لكيلا يضيع دم الحسين هدرا خداع أجهزة بني أمية، وبالفعل تفاعلت الأمة مع واقعة كربلاء على أنها أعظم الوقائع.

بين السجاد (عليه السلام) واللعين يزيد في الشام

لقد اقتيد الإمام السجاد مع عمته زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبقية الحرائر والأيتام إلى مقر مملكة بني أمية إلى الشام حيث يجثم هناك الطاغوت (يزيد) لعنه الله وأدخل أهل بيت النبوة عليه، وكان أمامه طشت فيه رأس أبي الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام).

فقال يزيد: كيف رأيت صنع الله بكم؟

فقال الإمام وبكل قوة وشجاعة: رأيت ما قضاه الله قبل أن يخلق السموات والأرض.

وشاور يزيد من حضر عنده في أمره فأشاروا عليه بقتله.

فقال الإمام: لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار به جلساء فرعون حين شاورهم في أمر موسى فقالوا: (أرجه وأخاه). الأعراف: 111، وفي الشعراء: 36

فأمسك يزيد مطرقا.

وهكذا بكل بسالة أجاب الإمام السجاد الطاغية يزيد بن معاوية، فلما رأى يزيد ذلك منه امر بسجنهم في خربة لا تقيهم الحر والبرد.

ولكن الإمام واصل لقاءاته الفردية لمن كان يصل إليه ويخبره بمأساة كربلاء ليشيع الخبر، لأن يزيد كان قد خدع أهل الشام السذج وقال لهم: إن جماعة من الخوارج أبادهم الله، ولكن الإمام نشر الحقيقة وأن المأساة في طف كربلاء مرتبطة بأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وأن يزيد قتل سيد شباب أهل الجنة.

وهكذا مضت عمته العقيلة زينب تتحدث مع النساء بما جرى في العراق عند شط الفرات حتى شاع الخبر وعرفت الحقيقة، عندها قرر يزيد أن يطلق سراحهم ليتخلص منهم، ولكن الإمام طلب من يزيد أن يرد عليه رأس أبيه الطاهر ليلحقه بالبدن فأجابه لذلك فأعطاه الرأس المقدس.

ومن هنا تبدأ أحداث جديدة ومسؤوليات كبيرة وقعت على عاتق السجاد وعمته زينب.

الفرزدق يهتف بفضل السجاد (عليه السلام)

كان الوقت نهارا والمكان هو الكعبة والحاضرون ألوف من البشر والسبب هو الحج والطواف حول بيت الله الحرام، في مثل هذا الزحام لم يتسطع هشام بن عبد الملك بن مروان أن يستلم الحجر الأسود ليقبله فطلب ممن حوله من الخدم أن يضعوا له منبرا يجلس عليه ينظر الجمع الهائل ويترقب الفرصة للوصول إلى الحجر.

وبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام السجاد (عليه السلام) وليس معه إلا جلالة أمره وبهاء وجهه وقوة شخصيته المؤثرة، وما إن اقترب من الحجر الأسود إلا وتراجع عنه جميع الناس احتراما له وإجلالا لقدره، فكان يطوف وحده وقضى ما عليه من دون أي مزاحم.

فتعجب من حضر من الشاميين المحتفين بهشام وهم لا يعرفونه فسألوا هشاما عنه فقال: لا أعرفه، ولكنه يعرفه حق المعرفة ولكن شبت فيه نار الضغائن فأنكره.

وفي هذه الأثناء كان الشاعر المعروف (الفرزدق) واقفا بالقرب منهم، عندها قال مادحا الإمام علي بن الحسين (عليه السلام):

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته***والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم*** هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها*** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمي إلى ذروة العز التي قصرت*** عن نيلها عرب الإسلام والعجم

إلى أن يقول:

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله***بجده أنبياء الله قد ختموا

وليس قولك من هذا بضائره*** العرب تعرف من أنكرت والعجم

فغضب هشام على الفرزدق وأمر بحبسه، فبلغ ذلك علي السجاد (عليه السلام) فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم.

وبذلك أظهر الله تعالى فضل السجاد أمام العالمين على رغم الإعلام المضاد لبني أمية وإضلالهم.

ولقد نال الفرزدق شرف الدنيا والآخرة بهذه الكلمات الرائعة، لأنها كلمة حق أمام سلطان جائر.

وتقدم العمر به

لقد استوعب الشيب لحية الإمام السجاد وبدى عليه الكبر وبدأت الشيخوخة تدق جرس ميعادها...

ها هو الإمام وله من العمر57 عام، قضاها بالجهاد وبث العلم وتربية الأمة الإسلامية والإشراف على شيعته وإعلاء كلمة الله، فكان عمرا مليئا بالحوادث ومزدهرا بالجهد والجد في طاعة الله تعالى، وما أحلى هذا العمر المبارك الذي لم يضيع منه الإمام السجاد حتى اللحظات.

ولكنه لم يكن وحيدا بل كان له عدد من الأبناء من الذكور أحد عشر أو خمسة عشر ومن الإناث أربعة، وكان أبرزهم الإمام الباقر باعتباره أعلمهم وأكبرهم وهو المعين لاستلام منصب الإمامة بعد أبيه، وكان للإمام عدد من النساء اللواتي تزوجهن وأفضلهن أم عبد الله بنت الحسن (فاطمة) أم الباقر ولكن الجميع كان يلتف حول الإمام خصوصا في مثل هذا العمر المتقدم المليء بالعبادة والجهد المنقطع النظير، فكانت أسرة جميلة تعيش في ظل الوالد الرؤوف السجاد (عليه السلام).

استشهاد الإمام زين العابدين (عليه السلام)

قلنا إن مدة إمامة السجاد34 سنة وعاصر ملك يزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك، وتوفى على أثر السم الذي أمر به الوليد على يد أخيه هشام الذي كان يكن للإمام البغض الشديد لا لشيء سوى ما عرف به الإمام من طيب السيرة والابتعاد عن الدنيا وزخرفها والتفاف الزهاد والعلماء حوله ورجوع أهل المعرفة إليه دون غيره من رجال الأمة، وهذا مما يثير حفيظة الأمويين ضده كما قال الله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله). النساء:54

ولقد أوصى في احتضاره إلى ابنه الباقر (عليه السلام) بالإمامة وذكر له أمورا منها: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله.

وهكذا تم تصفية علم من أعلام الإسلام بدوافع الحقد والتخلف.

فالسلام على السجاد يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا.

من حكم الإمام السجاد (عليه السلام)

عجبا للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة.

من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

لا يقل عمل مع تقوى فكيف يقل ما يتقبل.

اتقوا الكذب الصغير والكبير في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير.

كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.

الخير كله صيانة الإنسان نفسه.

أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام لا يقتدي بأعماله.

مجالس الصاحلين داعية إلى الصلاح.

لا عبادة إلا بتفقه.