b4b3b2b1
روائع الحكم والوصايا للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) | تساؤلات في حضرة الشهادة | سر اللجان و رؤوس الباذنجان | الكبابي والإعلامي وجهان لشيش كباب واحد | آل الشيرازي وتاريخ المرجعية العظمى | كبار علماء السنة يصرحون بولادة الإمام المهدي | رؤى الإمام الصادق (عليه السلام) في الإصلاح العام | الدولة الدستورية وسلطة القضاء | الأفكار والإتجاهات التعصبية ... مساوئ وعيوب | الحسين.. ثورة من أجل السلم العالمي | الصحوة الإسلامية وضرورات إدامة النهوض بواقع الأمة | عالمية الشعائر الحسينية تقذف النور في عتمة المعمورة |

نهوض (إمبراطوريةِ الشيعة)

3424

 

29 محرم الحرام 1433 - 26/12/2011

بقلم: علي الجبوري

كشفتْ المناسبات الدينية للمسلمين الشيعة والتي شهدها العراق ودول عربية وأجنبية خلال شهري محرم وصفر هذا العام؛ عن الكثير من البوادر والمؤشرات لنهوض دولة جديدة بكامل قادتها وجمهورها ويقودها الشيعة (صغيرهم وكبيرهم)، حيث بدأت الشرارة الشيعية في الانتشار الملفت للنظر خلال هذين الشهرين، فمن (16 مليون) زائر يأتي إلى كربلاء مشياً على الأقدام من كل أنحاء العالم ومن ثم الطقوس الدينية التي يقيموها إلى حبهم وتعلقهم بالإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) والذي أصبح مرقده في كربلاء المقدسة مغناطيساً جاذباً ليس للمجاملين وإنما للإنسانية التي تبحث عن ما يذّكرها بالإنسان وكذلك "العظمة الحقيقية" مثلما يقول القس معن بيطار رئيس كنيسة الإصلاح في سوريا خلال زيارته إلى كربلاء.

فزيارة أربعينية الإمام الحسين في العام الماضي؛ لم تكن مجرّد طقوس دينية عابرة يقيمها المسلمون الشيعة، وإنما هي انفجار بشري لم يخطط له مسبقاً وإنما دفعته العفوية والفطرة التي فُطر عليها الشيعة إلى تكتيكه بحيث يضرب في عقول وقلوب هذه الملايين التي جاءت لزيارته من كل حدبٍ وصوب، وبالتالي فهنالك ما يشير إلى نهوض هذه الإمبراطورية الجديدة بقيادة الإمام الحسين؛ والتي كما يتضح للمراقبين ستفوق بقية الدول الأخرى لأن تحقيق المصلحة العامة وترك الأهواء الشخصية هي ما تسيّر الزحف المليوني الذي أتخذ من كربلاء عاصمة للإمبراطورية الجديدة، ويتضح فوق الأفق بأن الشيعة اليوم لم يعودوا منحصرين فقط بالعراق وإيران وإنما هنالك اليوم جهات سياسية ودينية وثقافية وفكرية تأخذ من ثورة الإمام الحسين ومبادئه التي دعا لها؛ منهجاً للحكم وهي لعمري ستحقق فعلاً ما خرج إليه الحسين يوم عاشوراء، فالصور الكثيرة التي عرضتها لنا وسائل الإعلام والتي تظهر السياسيين مثلاً في تركيا وكذلك مفكّري الغرب وقساوسة المسيح والبوذيين كيف ينجذبون نحو هذا المغناطيس الجديد الذي يحتل فيه الإمام الحسين رأس الهرم والقلب بحيث يحرّك مشاعر هؤلاء ويدفعهم نحو اعتناق مبادئه ويؤمنوا بأنه المخلص الوحيد لكل أزماتهم السياسية والدينية وحتى الاقتصادية.

الشيعة وليس غريب كذلك يبحثون اليوم عما يعيد إليهم النفوذ والحكم، فصفحات التاريخ وثيقة رسمية تؤكّد على البحث عن أحقيتهم في قيادة الأمة الإسلامية أولاً وكذلك حكم الكرة الأرضية بقيادة إمبراطورها العظيم الحسين بن علي، بالإضافة إلى إن الكثير من الشيعة وكما يتضح كانوا يختبئون من البطش والقتل الذي يلاحقهم خاصة من المتطرفين؛ واليوم ظهروا وولّدوا هذا الانفجار الهائل الذي سيسعى إلى أن يجعل كل فرد في العالم مهما كان لونه أو شكله أو معتقده بأن يصبح حسينياً، فالمرتكزات القوية لنهوض الشيعة سياسياً اتضحت من خلال تسلّمهم لزمام الحكم في العراق بعد 2003 وتمسكهم به بدفع أي ثمن أو ضريبة، فضلاً عن غزو الشيعة للبرلمانات العربية ومنها دولة الكويت مثلاً، أما ثقافياً وفكرياً لم تبقَ اليوم رواية أو فلم أو قصة أو صحيفة لم تتناول الشيعة، وكذلك بناء المؤسسات الضخمة ومراكز الثقافة الشيعية والفضائيات في العالم وبكل اللغات والمفاهيم التي توصل سلعتهم (أفكارهم) إلى الإنسان العربي والغربي وكذلك موقفها في رد الشبهات والأقاويل المتطرفة التي تقال من هنا وهناك عنهم ومحاولتهم من خلال كبار مفكريهم وعلمائهم إلى تفنيدها وإخراس صوتها.

إننا اليوم نقف أمام إمبراطورية قوية لا تتألف من مجرد (250 مليون) فرد وإنما الكرة الأرضية بأجمعها بعدما دخلت مبادئ الإمام الحسين (عليه السلام) إلى عقول وقلوب البشرية وبدئوا يأخذون منها مقياساً لبناء الإنسان الجديد، ومثلما يقول ديغول "لقد ذكرني موقف الحسين بتلك الوقفة الجريئة أمام شخص أراد النيل منه ومن أسرته التي لها شأن عظيم لدى العديد من شعوب العالم وهنا لابدّ وان نثني عليه ونقتبس من مبادئه السامية".