11 ذي القعدة 1429 - 10/11/2008
ليس في تاريخ الأدباء والحكماء كتاريخ أهل البيت (عليهم السلام) حيث إنّهم أثروا العالم الإسلامي والإنساني بروائع آدابهم وحكمهم ومن عظيم قدرها وإبداعها وروعتها يكتبها الناس أحياناً بماء الذهب ثم يحتفظون بها. والإنسان مفطور على حبّ العلم والأدب والحكمة وكلما كانت الحكم رصينة ورائعة كلّما انشدّ إليها أكثر ولهذا رأى الناس في روائع (نهج البلاغة) للإمام (عليه السلام) ما يغنيهم عن الرجوع لغيره من الحكماء كسقراط وبزرجمهر وهلم جرا.
ولا غرابة أن يكون للأئمة من أهل البيت عليهم السلام هذه الجواهر الثمينة في الأدب والروائع العظيمة في الحكمة وهم خريجو مدرسة الثورة وربائب الرسالة والوحي. ومن هذه الأنوار العلوية والأزهار الهاشمية نور أضاء سناه وعلاه وتضوع مسكه وشذاه نور الإمام الرضا (عليه السلام) وعطره وطيبه وزهره.
سأله رجل عن قول الله عزّ وجل: (ومن يتوكّل على الله فهو حسبه):
فقال: التوكّل درجات منها أن تثق به في أمرك كلّه فما فعل بك كنت راضياً وتعلم أنّه لم يأتك خيراً ونظراً، وتعلم أنّ الحكم في ذلك له فتوكل عليه بتفويض ذلك إليه، ومن ذلك الإيمان بغيوب الله التي لم يحط علمك بها فوكّلت علمها إليه وإلى أمنائه عليها ووثقت به فيها وفي غيرها.
وسئل عن حدّ التوكل؟ فقال: أن لا تخاف أحداً إلاّ الله.
ومقصود الإمام بالتوكّل هنا هو التسليم لأمر الله والرضا بقضائه.
وسأله أحمد بن نجم عن العجب الذي يفسد العمل؟
فقال: العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً ومنها أن يؤمن العبد بربّه فيمنّ على الله ولله المنّة فيه...
وقال (عليه السلام): خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة: من لم تعرف الوثاقة في أرومته، والكرم في طباعه، والرصانة في خلقه، والنبل في نفسه، والمخافة لربّه.
وسئل عن السفلة: فقال: من كان له شيء يلهيه من الله.
وقال (عليه السلام): إنّ الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال.
وقال (عليه السلام): التودّد إلى الناس نصف العقل.
وقال (عليه السلام): لا يتم عقل امرئ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، ولا يملّ من طلب العلم طول دهره، الفقر في الله أحبّ إليه من الغنى، والذلّ في الله أحبّ إليه من العزّ مع غيره، والخمول عنده أشهى من الشهرة.
ثم قال: العاشرة.
قيل له: ما هي؟
قال: لا يرى أحداً إلاّ قال: هو خير مني واتقى.
إنّما الناس رجلان رجل خير منه واتقى ورجل شرّ منه وأدنى فإذا لقي الذي هو شرّ منه وأدنى قال: لعلّ خير هذا باطن وهو خير له وخيري ظاهر وهو شرّ لي وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وطاب خيره وحسن ذكره وساد أهل زمانه.
وقال (عليه السلام): الصمت باب من أبواب الحكمة... إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير.
وقال (عليه السلام): صديق كل امرئ عقله وعدّوه جهله.
وقال (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء التنظيف.
وقال (عليه السلام): صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله.
وقال (عليه السلام): إذا ذكرت الرجل وهو حاضر فكنّه، وإذا كان غائباً فسمّه.
وقال (عليه السلام): يأتي على الناس زمان العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس وواحد في الصمت.
وقال (عليه السلام): من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن خاف أمن ومن اعتبر أبصر ومن أبصر فهم ومن فهم علم وصديق الجاهل في تعب وأفضل المال ما وقي به العرض وأفضل العقل معرفة الإنسان نفسه والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقّه.
وقال (عليه السلام): من كثرت محاسنه مدح بها واستغنى عن التمدّح بذكرها.
وقال (عليه السلام): من لم يتابع رأيك في صلاحه فلا تصغ إلى رأيه ومن طلب الأمر من وجهه لم يزل ومن زلّ لم تخذله الحيلة.
وقال (عليه السلام): إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً فإذا أقبلت تبصّرت وفهمت، وإذا أدبرت كلّت وملّت، فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها.
وقال (عليه السلام): صاحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرّز، والعامة بالبِشر.
وقال (عليه السلام): الأجل آفة العمل، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزّق العرض، والحب داعي المكاره، وأجلّ الخلائق وأكرمها اصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وتحقيق أمل الآمل، وتصديق رجاء الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة، والباكين بعد الوفاة.
وقال (عليه السلام): أحسن الظن بالله، فإنّ من حسن ظنّه بالله كان الله عند حسن ظنه، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفّت مؤونته ونعم أهله وبصّره الله داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام.
وقال (عليه السلام): ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذّة، ولا لملول وفاء، ولا لكذوب مروءة.
وقال (عليه السلام): إنّ الذي يطلب من فضل يكفّ به عياله أعظم من المجاهدين في سبيل الله.
وسئل عن خيار العباد فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا.
وقيل له: كيف أصبحت فقال: أصبحت بأجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ولا ندري ما يُفعل بنا.
وقال (عليه السلام): لا يجمع المال إلاّ بخصال خمس: بخل شديد، وأمل طويل، وحرص غالب، وقطيعة الرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة.
وقال علي بن شعيب: دخلت على أبى الحسن الرضا، فقال لي: يا علي من أحسن الناس معاشاً؟
قلت: أنت يا سيدي أعلم به منّي.
فقال: من حسن معاش غيره في معاشه.
ثم قال: يا علي من أسوأ الناس معاشاً؟
قلت: أنت أعلم.
قال: من لم يعش غيره في معاشه.
ثم قال: يا علي! أحسنوا جوار النعم فإنّها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم، يا علي! إنّ شرّ الناس من منع رفده، وأكل وحده، وجلد عبده.
وقال (عليه السلام): عونك للضعيف أفضل من الصدقة.
وقال (عليه السلام): لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث: التفقّه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على الرزايا.
وقال (عليه السلام): كفاك ممّن يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء الحساب في العاقبة.
وقال (عليه السلام) في تعزية الحسن بن سهل: التهنئة بآجل الثواب خير من التعزية بعاجل المصيبة.