21 شوال 1430 - 12/10/2009
يتمثل بالتمسك برأي او موقف و التشبث به سواء كان هذا الموقف صائباً ام غير صائب فهو اتخاذ موقف واتجاه نفسي جامد مشحون انفعالياً ببعض المعتقدات والافكار والاتجاهات الخاصة بالمساوئ والعيوب التي راها فرداً او جماعة اقلية عنصرية او جماعة اخرى.
وهو اتجاه مكتسب قد يكون ماخوذا من الوالدين اثناء عملية التنشئة الاجتماعية او من الاشخاص المحيطين بالفرد الذين يكونون بمثابة ميزان لاستجابة وانفعالاته بمواقفهم.
فالتعصب يثير مشاعر ودوافع عدوانية مكبوته لاتوجد الا في النفوس المليئة بالانفعال ومشاعر العدوان والاحباط والتي تبحث عن كبش فداء تلقي عليه كل اخطائها وعيوبها حيث تجد في ذلك تنفيسا لاحاسيسها ومشاعرها المكبوته الامر الذي يعوق الادراك الحسي ويحرف الفهم ويضعف الفكر حين تتداخل المعايير الثقافية والاجتماعية وخبرات الماضي وما يرافقها من مشاعر وانفعالات واختلاف الفروق الفردية.
والتعصب حالة مرضية نفسية لاتتصل بفرد متعصب... بل قد تتجاوز الفرد الى الجماعة او الاسرة او حتى الى القبيلة كلها وجماعة من الرجال مابين العشرة الى الاربعين شخصا والتعصب ضد الالتزام ودلالته في القران الكريم هي (الاستقامة)، قال الله تعالى (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ).
وقال الإمام الشيرازي الراحل (قدس سره) في التفسير (فلذلك) (اي الاختلاف) (واستقم) في الدعوة اي ثابر عليها واستمر بها ولاتبال بما تلاقي من انواع الاذى وصنوف المكروه (كما امرت) اي كما امرك الله سبحانه بالدعوة والاستقامة (ولاتتبع) يارسول الله (اهواءهم) اي اهواء اهل الكتاب الذين حرفوا بالدين.
• العصبية نقيض الالتزام
هوان يتبع الانسان سبيلا ومنهجا يستمد منه الخير لتنظيم حياته في المجتمع على ان يلتزم بذلك المنهج وميثاقه كما يعني الاستماع الى المخالفين في الراي او الموقف مع الالتزام بالاحترام والاخلاق الاسلاموية، وبذلك يحسم الخلاف ويظهر الصواب فعلى الانسان ان يلتزم بالقيم والمبادئ الاسلامية وقول الحق لان الحق هو الاتزام فلا يجوز التنكر له والابتعاد عنه فالالتزام هو السبيل المؤدي الى النجاة والتخلص من فوضى التحزبات والطائفيات عن طريق مبدا التعايش.
واساسها الجهل فالرسول صلى الله عليه وآله يقول (ان العصبية من الجهل) فعلى ذلك تكون العصبية العمياء وليدة الجاهلية خالية من النقوى والاخلاص مشبعة بالاثار السلبية والانفعالات النفسية.
اسباب وعوامل التعصب ما يلي:
• المصالح الذاتية
لعل اكثر الناس لايعرفون بان المصلحة الذاتية قد طوقت اعناقنا واصبح كل منا ينظر الى الامور بمنظاره الشخصي فقط حيث تولدت مشكلة المصالح في المجتمع ليس لاجل المبادئ وتكوين المجتمع الفاضل بل سعى المتعصبون لاجل منافعهم الشخصية الضيقة ولو كانت غير صحيحة فيتمسكون بها مثلا عرب دافعوا عن الاصنام مع العلم بان هذه الاصنام لاتنفع ولاتضر بل انهم يعلمون ان عبادتهم لها هي نوع من انواع المصلحة لاغير لتخدمهم سياسيا وثقافيا واجتماعياً، وهم يعلمون ايضا ان دعوة الرسول صلى الله عليه وآله جاءت لاصلاح تلك المساؤى والنواقص الذاتية التي التصقت بهم فتسببت بانحرافات في المناهج التربوية الاخلاقية من جراء تمسكهم بالباطل الى يومنا هذا قال الله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ).
حيث قلام المتعصبون ببث السلبيات بين ابناء الامة واشاعة المصالح الذاتية في قلوبهم وتطويرها في نفوسهم ولكي لانخلط بين الحق والباطل فنعمى عن رؤية الحقيقة ونصم عن سماع الحق وجب علينا الغاء العصبيات وان يترك الانسان مصالحه وانتماءاته القومية ويتوجه الى المصلحة العامة بتوجيه من الله ومن الرسول صلى الله عليه وآله واهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام والاخلاص لقضايا المجتمع.
• الاباطيل والخرافات آفة المجتمع:
ان الانسان الذي يجهل توافه الامور لاغرابة بأن يؤمن بالاباطيل والخرافات التي عزم اعداء الاسلام على نشرها كوسيلة بتشويه رسالات الانبياء واشاعة الفتن والافتراءات ضدهم بل الغريب بأن العلماء الذين يتصفون بعلو مداركهم نجدهم قد وقعوا في حبائل تلك الاباطيل والخرافات فأخذوا يصدقونها ويعتقدون بها فكان الوجه الظاهر لتردي حالة المسلمين اليوم والهم الاكبر الذي دأب فيه العلماء لفضح زيف المزيفين ودحض اباطيلهم ومزاعمهم وهذا لايعني بأن معظم الناس يؤمنون بالخرافات والتهم الباطلة بل الخخرافات عندما تدخل حياتنا فانها تعمل على تغير مسار الثقافة الاسلامية الاصيلة لتحل محلها ثقافة سطحية متخلفة فعندها تلجأ فئة من العلماء والمثقفين المرتزقة بترسيخ تلك التهم والاباطيل في نفوس العامة والصاقها بعلماء وممثقفين رساليين مما يؤثر ذلك على ذوي الثقافة بتصديقها.
• التقديس قاعدة التعصب:
مفهوم القداسة هو العبادة والمقدس هو يجعل من شخصيته مقيدة بعبادة الرجال فيخلق من تلك العبادة المثالية.
ان التقديس ظاهرة متاصلة في مجتمعاتنا العربية وشائعة بالاخص بين المسلمين وهي القاعدة الاساسية لتولد الحالة الاساسية لتولد الحالة السلبية عند الفرد ومن ثم التعصب في المجتمع فاصبحت مجتمعاتنا العربية تعاني من سلبيات تلك القداسة العمياء الى اليوم و( لقد كان الهدف من وراء فكرة التضخيم والتقديس هو دفع الامة الى الاقتداء برموز محددة تخدم الخط السائد وتضفي عليه المشروعية ومن جهة اخرى دفع الامة الى اهمال ونسيلان رموز معنية تعادي هذا الخط وتشكل خطرا عليه وهو ماتحقق بالفعل).
فعلى الانسان ان يسعى لتحرير عقله من تقديس الاشخاص الوهميين وعبادتهم من اجل بناء نفسه ويناء مجتمعه.