27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008
الإسلام عقيدة تحدد للإنسان موقفه من الكون والحياة والإنسان، بتريخه وحاضره ومستقبله، وتنبثق من هذه العقيدة، جملة مفاهم تشكل أساساً عملياً واسع الأبعاد، وعلى أساس العقيدة والمفاهيم الحياتية، تتخذ العواطف الإنسانية مساراً توجيهياً يختلف اختلافا حقيقياً عنها عندما لا تعيش في هذا الإطار.
والإنسان المسلم لن يكون واعياً حقاً ما لم يتمتع بالعناصر التالية، والتي تمكنه فعلاً في خلق الأرضية المناسبة لعملية البناء الاجتماعي الإسلامي، وهذه هي:
أولاً: فهم الحقيقة الإسلامية فهماً مطرد العمق.
ثانياً: إيمان منطقي بتلك الحقيقة.
ثالثاً: نفوذ إيماني الى العواطف وصياغتها الصياغة التي تنسجم بها مع الأسس.
رابعاً: المجال العملي الشخصي والعام.
وهذا العناصر هي التي يصعد الإنسان بها مدارج الكمال من خلال تأصلها في وجوده وحياته، ومن هنا دعى المؤمنون إلى تجاوز مرحلة الإيمان العقلي المجرد، إلى مرحلة الخشوع والتحرك العاطفي، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الإيمان العقلي المجرد، إلى مرحلة الخشوع والتحرك العاطفي،ومن ثم الانتقال إلى مرحلة العمل الذي يأتي بشكل طبيعي بعد التحرك العاطفي، ذلك لإن الإرادة الإنسانية هي حصيلة الشوق المؤكد إلى حد كبير، وباتجاه إحداث الصحوة الإسلامية في الأمة وإيقاظها من حالة الركود والسبات الذي بات يسيطر على الكثير من جوانب ومفاصل حياتها وفاعليتها، والواقع إن انعدام العمل يشكل قرينة طبيعية على عدم فاعلية الأسس التي تيتند إليها حياة الأمة ومستقبلها.
لقد مرت الأمة الإسلامية بفترات زمنية طويلة عمتها فيها غفوة، وشملها تخدير وضياع مقيتان يعتصر لهما القلب ألماً، فالفهم الإسلامي الصحيح غير متوفر، إلا على صعد فردية محدودة المجالات، وحينئذ فمن الطبيعي أن لا تجد تعاليم الإسلام الأصيلة والمحيية للنفوس مجالها الطبيعي المؤثر في القيام ببناء النفوس والمجتمع، وأشد الناس تمزقاً في الشخصية هم أولئك الذين تنفصل أعمالهم عن عقائدهم وعواطفهم، والتجزيئية تعمل عملها الخبيث في تمزيق الفرد المسلم من كل الجهات، فهو ممزق في رؤيته الكونية، وقد أراد له الإسلام أن يتخذ رؤية واحدة تجاه الأشياء، وهم ممزق في شخصيته حائر بين الالتزام بقوانين السماء والاتجاه مع الواقع الفاسد، والولاءات المتعددة، وآلهة التاريخ والتمدن، والعنصرية والوطنية واللون وحتى العلم، وكلها تشكل مطلقات يجردها الذهن الإنساني من نسبيتها ويمنحها صفة الإطلاق، لتشكل بالتالي قيوداً على التحرك الحضاري الإنساني إلى الأمام والانشغال بالهموم الضيقة والشخصية هو الديدن العام، وقليل أولئك الذين يفكرون لصالح الأمة كل الأمة وعيشون قضاياها الرئيسية، وجراثيم الفكر والانحراف الفكري والخلقي تسود الساحة، فلا تجد أمامها من يقف في وجهها، والروح الحماسية ميتة،إلا تعصباً لمال أو تجمع أو مذهب خاص أو حاكم طاغ.
هكذا كان الحال وبدأت الصحوة شيئاً فشيئاً، حتى بلغت ما هو حاصل اليوم من واقع ناهض خطوة خطوة، نافضاً عن كيان الأمة غبار الغفلة والغفوة التي تركت آثارها الوخيمة القاسية.
لعل من العناصر التي أهلت الأمة المسلمة لشمول هذا اللطف الإلهي لها فهي:
أولاً: العمل الدؤوب للعلماء والمفكرين الرساليين الذين أحسوا بداء هذه الأمة، وراحوا يخططون ويرسمون لها سبل العلاج.
ثانياً: الدور الفاعل والرائع الذي قامت به الحركات الإسلامية في نشر التوعية والحماس الثوري بين أبناء الأمة.
ثالثاً: ردود الفعل التي جاءت قبالة الهجمة الشرسة والتخطيط المسبق لتحالف القوى الاستكبارية المعادية للإسلام، وأذيالها من زمر الردة والانحراف والتآمر المحلية أي الداخلية.
رابعاً: الأحداث الكبرى في العالم الإسلامي، وفي مقدمتها نجاح الثورة ال؟إسلامية في إيران. ولأجل إدامة مسيرة الصحوة والنهوض بالأمة، لا بد من تأصيل الوعي الإسلامي والثقافة المحمدية الأصيلة، والالتفاف والتلاحم مع القيادات الدينية والمرجعية العليا الرسالية العاملة بإخلاص في سبيل نصرة المؤمنين وإرعاب الطغاة وقوى الظلام و الانحراف والتكفير الطائفي، وتطهير ساحة المجتمع المسم من الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية وفضح الأنظمة التي أدعت الإسلام وخدمت قضية الاستكبار.