24 صفر 1429 - 03/03/2008
مما لا شك فيه أن المشاكل في هذا الوطن عديدة و مختلفة الألوان والأشكال، فهناك المشاكل الكبرى من الوزن الثقيل التي تقع بين حزبين أو كتلتين من احزاب وكتل السلطة المكونة للائتلاف الحكومي في هذا الوطن، ومنها ما هو بوزن التيس والتي تقع غالبا بين اثنين من رواد وزبائن كهوة عزاوي البرلمانية حين يصوت أحد المتصارعين على حلبة مجلس البرلمان على قانون ما فيه خدمة ومصلحة للوطن والمواطن، حتى الطرف الاخر الرافض للقانون بأن ذلك بمثابة الصفعة الموجهة اليه، وإذا به ينظر الى الطرف الموافق بنصف عين والغضب يتفجر منه ( تطلع بره البرلمان لو ما تطلع اليوم، والله لألعب بيك طوبة، وين تروح، مايجي الليل، اصطبرلي شويه، تدري شلون عندي مجموعة صعبة تاكل الوجه، إلا أخليهم ينخبوك نخب بالهاونات، وإذا ما صار، اني اعلمك لما تجي للبرلمان، عبوة ناسفة بالطريق، اتطير مخك، وتخلي راسك يدعبل على الاسفلت مثل الركية).
ويقول له الطرف الاخر وهو جالس في مكانه وعلى وجهه ابتسامة عريضة ويمسح بيده اليمنى ويمررها على شواربه (لا تضوج يا عزيزي البرلماني، العين بالعين، والسن بالسن والبادي أظلم، انت قبل يومين وافقت على المشروع الفلاني، لأنه يدم مصالح ابناء منطقتك واني كنت معارض، واني اليوم وافقت وانت عارضت، وادري عندك مجموعة من الأبالسة والشياطين الملثمين، واللي مستعدين يفعلون أي شيء تطلبه منهم، لكن كل هذا ما يخوفني..
ولكن عليك ان تعلم أن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، وهذا حال التصويت في برلمان عزاوي مثل كرة القدم، مثل ما انت تسجل هدف، اني وجماعتي نكدر نسجل هدف التعادل...وها نحن تعادلنا).
وليس الأمر ينتهي عند هذا الحد، فما ان يعلن عزاوي انتهاء جلسة البرلمان و افراغ القواري من الشاي، ويشطب ابو الكهوة ويهم الجميع بالخروج حتى يتحارش النائبان ببعضهما البعض في ممر الخروج، وتعلك العركة بين الاثنين، عندما يتهم احدهم ان الطرف الثاني داس على حذائه الايطالي المصبوغ توا، والذي اشتراه بعد تسلمه اول راتب شهري من البرلمان، وإن ذلك إله ولكل اعضاء الجبهة التي ينتمي اليها، فيما يرد الثاني بالقول:(ولك وين جنت قبل ما تجي للبرلمان، موجنت اتبيع اللبلبي والشلغم على العربانة، وامك تبيع الخريط على درب اليمرون، ولك انت منو يعرفك لو ما الوزير الفلاني من عشيرتك، وحشرك حشر بالكوة بقائمة الجبهة، والله امثالك يدخلون البرلمان شنسوي للقائمة المغلقة، لو اتصير انتخابات على اساس الافراد ما تصعد هالشكل اشكولات مزنجرة).
ويتدخل الجبهة الفلانية الى جانب العضو الذي ينتمي اليها، ويتدخل اعضاء الحزب العلاني الى جانب زميلهم ورفيق النضال في الحزب وتدق طبول الحرب، رفساً ولكماً، وشتماً، غضاً وكفشاً من الرؤوس، مكافش من الروس يل البرلماني، عضيته من علبا ه وعضني من إذاني، وبما ان وسائل الإعلام هي الحاضرة دوماً في مثل هذه الحالات، والاعلاميون مثل ملايات ايام زمان ما يصدقون يشوفون جنازة حتى يشبعون لطم، وينتشر الخبرالى الطابق السابع من عمارة الحكومة، وعلى الفور يتم تشكيل لجنة من أجل التحقيق في من بدأ بافتعال، ثم لجنة أخرى تشرف على عمل اللجنة الأولى للتأكد من حياديتها في التحقيق، ثم لجنة ثالثة تتولى التحقيق في نزاهة اللجنتين ومدى صلاحيتهما للعمل في هذا المجال ثم لجنة رابعة تتولى المراقبة من بعيد للجان الثلاثة، ثم لجنة خامسة مهمتها الفصل بين الفريقين أثناء جلوسهما في البرلمان أو اثناء خروجهما منه وهكذا يستمر تشكيل اللجان.
وإذا ما حدث أندخل ثور اشتراكي المنشأ برفقة بقرة ليبرالية إلى أحد مزارع عشيرة بني تيس، انتفضت جميع التيوس والماعز وحملت السلاح وصار دك الهاونات والرشاشات ضد عشيرة بني صخل، لان دخول الثور والبقرة يعد انتهاكاً صريحاً للمعاهدة المبرمة بين الطرفين منذ عشر سنوات، وعلى بني صخل تحمل كافة مسؤولياتهم في هذا المجال، وعليهم تسليم الجناة اليهم ليذبحوا في ليلة واحدة، وعندما يرفض بني صخل تسليم المناضلين الذين دخلا المزرعة بطريق الخطأ، تبدا الحرب، فتقطع الطرق، ويتم اعلان حالة الطوارئ القصوى في المنطقة المحصورةبين بني تيس وبني صخل..وما أن يشضتد حمى الوطيس بين الطرفين حتى يتم الإعلان من تشكيل لجنة ولجنة ولجنة لفض النزاع...
وهكذا يستمر تشكيل اللجان فيما اللصوص والحرامية تسرق وتنهب..ومخصصات اللجان لاتنتهي عند حد.
وهكذا أصبح تشكيل اللجان عند كل مشكلة صغيرة او كبيرة سر من أسرار هذا الوطن كسر تواجد الباذنجان في الطاولة العراقية أيام زمان...يعني كلما دق الكوز بالجرة شكلت لجنة لمعرفة من بدأ بالدق، ولو احصيت عدد اللجان المشكلة في مجلس النواب لوجدتها تفوق اعداد الحاضرين في كل جلسة برلمانية، وهكذا إنتقلت عدوى تشكيل اللجان من بغداد الى باقي المحافظات فلكل شيء لجنة باستثناء لجنة الوطن والمواطن باعتبار أ، المواطن شيء خارج منطقة التغطية ويبدو أن كل الضمائر ووسائل الإعلام لم تستطع لحد الان أن تجعل المواطن ضمن إطار تغطيتها وخصوصاً المواطن المهتلف التعبان مكطوع الخيط.
وإذا ماتعرض أي مسؤول لأي اعتداء او محاولة تحرش صدر قرار بتشكيل لجنة لمعرفة الأسباب والدوافع ة الهداف والغايات ومعرفة الطقس والمناخ والضغط الجوي الذي صاحب ذلك الاعتداء او التحرش، وما اكثر المسؤولين في هذا الوطن حتى بات تشكيل اللجان كبيع الباذنجان.
وعلى الرغم من كثرة اللجان التي تشكلت لحد الان ,إلا أي منها لم تعلن عما توصلت اليه، وماذا فعلت مع الحادثة الفلانية، حتى شبه عمل اللجان بعمل القطط التي تفعل فعلتها ثم تغطيه بالتراب لاسباب فنية محرجة لهذا الطرف أو ذاك وربما خوفاً من أن يشم الناس رائحة الفضائح التي باتت تزكم الانوف.
قال أحد المواطنين تعقيباً على سماعه نبأ تشكيل لجنة: ياريت أتعرض لحادث، بلكي الحكومة تشكل لجنة، وأرى بأم عيني عن قرب حضرة سيادة المسؤول، وأشم ريحته، يمكن تتغير اوضاعي.