14 شعبان 1429 - 16/08/2008
إن الإمام الحجة (أرواحنا وأرواح العالمين لمقده الفداء) لا ينسانا في توجهه إلى الله عز وجل ويشملنا ببركة دعائه المقدس، فلذلك ينبغي لنا نحن أيضاً في المقابل أن ندعو له، ويتوجب علينا أن نلجأ إلى الله تعالى ونطلب منه سبحانه أن يحفظ إمامنا المغيب من شر شياطين الجن والإنس وأن يعجل فرجه وينصره على أعدائه من الكفار والجبابرة المتكبرين وأن يسهل مخرجه ويجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.
ومن ذلك الدعاء المعروف (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا).
ولعل البعض يعترض بالقول ما فائدة دعائنا للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهو الإمام المعصوم والمحفوظ من قبل الله عز وجل، وهو بالتالي مستجاب الدعوة عكسنا نحن العصاة المذنبون المفتقدين لأهلية استجابة الدعاء.
والجواب: نحن مأمورون بالدعاء له كما جاء ذلك في كثير من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) ولعل ذلك من أجل بقاء الصلة والرابطة مع الإمام ولعل لذلك أيضاً آثاراً أخرى نحن لا نعلمها.
فعن يونس بن عبد الرحمن قال: أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا الدعاء: (اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ولسانك المعبر عنك بإذنك الناطق بحكمتك وعينك الناظرة في بريتك وشاهدك على عبادك الجحجاح المجاهد العائذ بك العابد عندك،...الخ).
ومن ذلك أيضاً قول الله سبحانه وتعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) .
فنحن مأمورون إذاً بالدعاء للنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته والصلاة عليهم وليس لأحد ما أن يعترض بالقول إذا كان الله تعالى مصلياً عليهم فلا فائدة لصلاتنا عليهم أو لدعائنا هذا لهم (عليهم السلام).
يقول السيد ابن طاووس الحسني (رض) بهذا الخصوص: (فإياك ثم إياك أن تقدم نفسك أو أحداً من الخلائق في الولاء والدعاء له (عليه السلام) بأبلغ الإمكان وأحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن، وإياك أن تعتقد أنني قلت هذا لأنه محتاج إلى دعائك هيهات هيهات..!.
إن اعتقدت هذا فإنك مريض في اعتقادك وولائك، بل إنما قلت هذا لما عرفتك من حقه العظيم عليك وإحسانه الجسيم إليك، ولأنك إذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعز عليك كان أقرب إلى أن يفتح الله جل جلاله أبواب الإجابة بين يديك لأن أبواب قبول الدعوات قد غلقّتها أيها العبد بإغلاق الجنايات.
فإذا دعوت لهذا المولى الخاص عند مالك الأحياء والأموات يوشك أن يفتح أبواب الإجابة لأجله فتدخل أنت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله وتتسع رحمة الله جل جلاله لك وكرمه عنايته بك لتعلقك في الدعاء بحبله).
ومن الواجب علينا أيضاً في زمان الغيبة هذا الذي نعيش فيه الدعاء بتعجيل فرج إمامنا المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أرواحنا فداه وأن نطلب من الله تعالى أن يجعلنا من أنصاره ومؤيديه كما جاء في التوقيع الشريف للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي خرج على يد محمد بن عثمان العمري: (وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم).
وجاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث له عن بني إسرائيل حيث قال: (فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً، فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومائة سنة، ثم قال (عليه السلام) هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه).
كما ينبغي لنا الدعاء والطلب من الله عز وجل الثبات على ولاية أهل البيت (عليهم السلام) والطلب من الله معرفة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حق معرفته.
فعن زرارة بن أعين أنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن زمان الغيبة حيث قال: (جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال (عليه السلام): يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء (اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني).
وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرى ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: يقول (يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
وهناك الكثير من الأدعية الواردة في هذا المجال مثل دعاء العبرات ودعاء الندبة ودعاء العهد وغيرها من الأدعية.