9 ربيع الثاني 1429 - 16/04/2008
جرت العادة في أيام الحزن بذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) أن نتصفح التاريخ قراءة أو سماعا لنسترجع صور تلك الواقعة الخالدة والمأساة الكبيرة في قتل سبط رسول الله وأهل بيته وأصحابه وحرق خيامه وسبي نساءه، ولم يخطر في بال احد منا أن الأيام ستعيد علينا تلك الحادثة بتفاصيلها على أرض الواقع مرة أخرى.
ففي يوم الثالث والعشرون من محرم الحرام عام 1427هـ عاد التاريخ حاملا معه توقيع جديد بالظلم والطغيان ليسجل في ارض سامراء الطاهرة مأساة اخرى لعاشوراء، ويعيد إلى الأذهان ذلك الإجرام المقيت الذي سمعنا به ولم نره، ولكن هذه المرة عرض بالصورة والصوت، لنكون شاهدين على جريمة العصر.
فقد كان استهداف المرقد المقدس في سامراء انعكاسا لما يحمل هؤلاء من حقد على عترة بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل ومحاولة لإعادة قتل شخص رسول الله بطمس آثار أبناءه وذريته.
فهل ينكر أحد من المسلمين (من أي الطوائف) كرامة تلك الذرية وارتباطها برسول الله نسبة ونسبا؟، أم هل تجد من المسلمين احدا لا يعترف بكرامتهم وعظيم خطرهم عند الله ؟.
إن الذين أقدموا على ذلك أرادوا إكمال مسيرة أجدادهم الطغاة حين فعلوا فعلتهم في ظهيرة عاشوراء وذهبوا إلى أسيادهم مفتخرين ( أملأ ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت السيد المحجبا، قتلت خير الناس أما وأبا وخيرهم إذ ينسبون النسبا) لعلهم يحظون بقليل من حطام الدنيا وزخرفها، وهكذا يعيد التاريخ نفسه ولو بأزمنة ووجوه مختلفة، ولكنها تبقى في عاملها المشترك من القبح ما يترفع عنه حتى شياطين الجن والإنس ليسجلوا في التاريخ الحديث صفحة سوداء تؤكد تاريخهم القديم وما اندرسوا عليه من الخبث والظلم.
أن الاعتداء على بقيع سامراء لم يستهدف فقط قبة المرقدين أو سرداب الغيبة لتتلوها فيما بعد المئذنتان الشريفتان، بل سبق ذلك تهجير قسري للشرفاء من أبناء المدينة وإزهاق للأرواح وغلق لجميع المدارس والحوزات الشريفة في المدينة، ولاسيما حوزة سامراء التي أسسها المجدد الشيرازي (قدس سره).
والآن، وبعد أن جرت الأمور في مقاديرها، نقول أين سامراء من قلوبنا؟، وماذا ستكون افعالنا ومسؤولياتنا..؟
هل نسينا بان لنا جرحا نازفا ليس ببعيد عنا؟، إلا يوجد في هذا الزمان من يضيء بيوت رسول الله بعد أن خبت أنوارها، من منا سيكون يدخل السرور على قلب رسول الله بأعمار المراقد المقدسة وعودة حمام السلام إليها؟.
لقد التصق كل شيء في عصرنا هذا بشيء اسمه السياسة ولعلنا لا نستطيع أن نضع حجر الأساس حتى لزيارة تلك المراقد وليس لبنائها إلا بعد توافق للكتل؟، وإلا ما الذي يؤخر بناء تلك القبب الشماء والكل متفقون على إعادة اعماره، لماذا يلف الصمت الجميع؟.
نحن أبناء هذا البلد، وبتوفيق من الله، قفزنا فوق جراحنا ولنا الشرف في ذلك، ولكن من حقنا أن نطالب كل من يتحمل مسؤولية إدارة هذا البلد أن يعمر هذه المراقد الطاهرة، وإلا فالأجدر له أن يتنحى ليأتي من يستطيع أن يتحمل المسؤولية ليبني معالم حضارتنا الاصيلة.