13 جمادى الأولى 1429 - 19/05/2008
تميزت فاطمة الزهراء (عليها السلام ) دون سائر النساء بأن أباها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنها أحب أهله حيث يقول (صلى الله عليه واله : ( فاطمة بضعة مني من سرّها فقد سرّني ومن ساءها فقد ساءني فاطمة أعز البريّة علي ) .
عبادتها
روى الامام الصادق (عليه السلام ) بسنده الى الامام الحسن بن علي (عليه السلام ) انه قال : (رأيت أمي فاطمة (عليها السلام ) قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولاتدعوا لنفسها بشيء فقلت لها: يا أماه لم لاتدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت يابني الجار ثم الدار).
وعن الحسن البصري: ما كان في هذه الامة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورّم قدماها.
زهدها
ان الابرار الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه عرفوا الدنيا وما فيها من نعيم زائل فأعرضوا عنها بقلوبهم والتمسوا رضوان الله تعالى في مأكلهم وملبسهم واسلوب حياتهم فامرأة مثل الزهراء (عليها السلام ) وجلالة قدرها و عظم منزلتها كانت شملتها التي تلتف بها خَلِقه قد خيطت في اثني عشر مكاناً بسعف النخل, فنظر اليها سلمان يوماً فبكى وقال : واحزناه ان (بنات) قيصر وكسرى لفي السندس والحرير وابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) عليها شملة صوف خلقه قد خيطت في اثني عشر مكانا.
حياتها الزوجية
يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام ) : فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً ولقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والاحزان.
جاء في تفسير العياشي بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام ) قال : (ان فاطمة ضمنت لعلي (عليه السلام ) عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت وضمن لها عليٌ ما كان خلف الباب: نقل الحطب وان يجيء بالطعام .
فقال لها يوماً: يا فاطمة هل عندك شيء؟.
قالت : والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به.
قال : أفلا أخبرتني؟ .
قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) نهاني أن أسألك شيئاً.
فقال : لا تسألين ابن عمك شيئاً ان جاءك بشيء (عفو) والا فلا تسأليه).
باقة من كراماتها
عن الثعلبي في قصص الانبياء والزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى: ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ) في خبر طويل نقتطف منه ما يلي: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة: (يا بنية هل عندك شيء آكل فاني جائع؟.
فقالت : لا والله بأبي أنت وامي.
فلما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من عندها بعثت اليها جارة لها برغيفين وبضعة لحم فاخذته منها ووضعته في جفنة وغطت عليه و قالت : لأُوثرن بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على نفسي ومن عندي وكانوا جميعاً محتاجين الي شبعة من طعام فبعثت حسنا وحسيناً الى جدهما فرجع اليها فقالت : بابي انت وامي يا رسول الله قد اتانا الله بشيء فخبأته لك قال فهلمي به فأتي به فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوؤة خبزاً ولحماً فلما نظرت اليه بهتت وعرفت انها بركة من الله فحمدت الله تعالى وصلت على نبيه فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أين لك هذا يابنية؟.
قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب.
فقال رسول الله الحمد لله جعلك شبيهة بسيدة نساء بني اسرائيل فانها كانت اذا رزقها الله رزقاً حسناً فسُئلت عنه قالت ( هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) ، فبعث الرسول الى علي (عليه السلام ) فأتى فأكل الرسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليها السلام ) وجميع أزواج النبي حتى شبعوا وبقيت الجفنه كما هي.
قالت فاطمة: واوسعت منها على جميع جيراني وجعل الله فيها بركة وخيراً طويلاً وكان اصل الجفنة رغيفين وبضعة لحم والباقي بركة من الله).
عفافها وحجابها
سأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه عن المرأة متى تكون أدنى من ربها فلم يدروا. فلما سمعت فاطمة (عليها السلام ) ذلك قالت : أدنى ما
تكون من ربها تلزم قعر بيتها.
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان فاطمة بضعة مني.
وحين سُئلت (عليها السلام ) أي شيء خير للنساء أجابت: وخير لهن ان لايرين الرجال ولايراهن الرجال.
فصاحتها وبلاغتها
قالت عائشة ما رأيت أحد من خلق الله أشبه حديثاً وكلاماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من فاطمة.
ومن يعرف مواضع الجودة في الكلام ويلتمس بدائع الصنعة فيه يرى ان الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها ) التي لم تبلغ من العمر ما به تستطيع ان تغنيها التجارب وتجري بين يديها الأمثال ثمانية عشر عاماً, هو كل عمرها المبارك, ومع هذا فقد امتطت ناصية الكلام وجاءت بالعجب العجاب وحيّرت العقول والالباب بما احتوي منطقها من حكمة وفصل الخطاب, وهي المثكولة بأبيها خاتم الانبياء ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
إنفاقها في سبيل الله
سافر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرة وقد اصاب علي(عليه السلام) شيئاً من الغنيمة فدفعه الى فاطمة فعملت به سوارين من فضة وعلقت على بابها ستراً فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وسلم دخل المسجد ثم توجه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع فقامت فرحةً الى أبيها صبابة وشوقاً اليه فنظر فإذا في يدها سواران من فضة واذا على بابها ستر فقعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث ينظر اليها , فبكت فاطمة وحزنت، ثم دعت ابنيها فنـزعت الستر والسوارين وقالت لهما اقرأ ابي السلام وقولا له ما احدثنا بعدك غير هذا فشأنك به اجعله في سبيل الله.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة.