b4b3b2b1
أصالة المشروع الشيعي العقائدي | والمكان إذا تنفس | الحسين.. ثورة من أجل السلم العالمي | مراقبة النفس وحالة الانفلات | الحيوان إنسان ناطق | صوم رمضان.. محطة لتزويد الإنسان بالإرادة والصبر | الأفكار والإتجاهات التعصبية ... مساوئ وعيوب | البحرين صراع المصالح والقيم | الإمام الصادق (عليه السلام) ملهم العلماء والفقهاء وإمام عصره | وقفة في ضلال ذكرى فاجعة تفجير سامراء | ما منا إلاّ مسموم أو مقتول | اللهم لا تجعلني وزيرا |

حصانة الإعلامي وحمار البرلمائيين

 

11 شوال 1429 - 11/10/2008

حينما يتحدث مسؤول من العيار الثقيل حول ضرورة أن يحظى الإعلامي في العراق بحصانة لا تقل عن حصانة المسؤول البرلمائي، وذلك انطلاقاً، كما يقول المسؤول الكبير من المسؤولية التي يتحملها الإعلامي في كشف الحقائق وتنوير الرأي العام ومواجهة الإرهاب والفساد والتخلف.

إن مثل هذا الكلام الذي يدوخ الراس، ويقطع الأنفاس، ويجعل الإعلامي ينفش ريشه كالطاووس، يدخل في روعنا الوسواس الخناس، ويصيبنا بالاحتباس، فتشرأب الأعناق، وتتسع الأحداق، ويجعلنا نتسائل بعد ما يشرب الواحد منا قوري جاي عراقي ثكيل، ويسرطله حبايتين فلوآوت ويدخن جكارتين من جكاير ظلوع الملة (جكاير ايام زمان) عن الدافع الحقيقي وراء مثل هذا الكلام، الذي تنوء عن حملة ادمغة العديد من الإعلاميين لأنه كما يقولون حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له، على الرغم من سيلان لعاب الكثير من الإعلاميين، وجعل براطم العديد منهم تمتد أمام عينيه ومن تحت أنفه لأكثر من شبر، وهو بين آونة وأخرى يزمها ويشدها، سارحا في خياله الفقاعي، اثناء سماعه مثل تلك القفشات المهيجة للأعصاب وانتصاب الأفكار من مواقعها الحساسة الذكرية منها والإنثوية.

والحصانة ذات معانٍ كثيرة ومتعددة، إذ يقال حصن القرية تحصيناً أي بنى حولها، والحصانة بهذا المعنى أن يوضع الإعلاميون في بيوت مقفلة كبيوت الدجاج، محاطاً بكتل كونكريتية، كالتي توضع حول بعض المناطق الفاير دمها حباً وقهرا وحماسة للحكومة الرشيدة، والتي لايخرج منها المواطن إلا بعد أن يمر بسلسلة طويلة من نقاط الإهانة والرزالة والتفتيش الدقيق مشفوعة بنظرات الحقد والكراهية من قبل حماة الوطن، باعتبار المواطن متهم بالإجرام والإرهاب حتى تثبت إدانته بالجرم المشهود، أو بتقرير مرفوع من فاعل خير مجهول، مدن الداخل إليها مولود، والخارج منها مفقود حتى تحين عودته.

والحصانة بهذا المعنى، الإهانة المستمرة للإعلامي حيث ستطال أيادي التفتيش الخفية السرية والعلنية، القومية والتقدمية، الجهادية والنضالية، كل ما يحمله الإعلامي من أوراق وأغراض شخصية ولن ينجو من حالات الشد والمط، والبحوشة والدعسكة والتفتيش والمراقبة لأي عضو من أعضاء جسمه، وما من هنة أو أنه تخرج منه إلا وسأل عنها، وما من رنة أو طقة أو... إلا وجرى تأويلها سبعون تأويلاً ومحملاً .

وتأتي الحصانة بمعنى الرجل إذا تزوج فهو محصن بفتح الصاد فتكون الحصانة التي دعى إليها المسؤول بمعنى تزويج كل الإعلاميين العزاب، وهو بذلك يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو من جهة يرمي إلى كسر حاجز الخوف والتردد لدى الكثير من الإعلاميين في أن يضع رأسه في عليجة الزواج في وقت يكاد فيه رأسه مطلوباً من جميع الأطراف المشتركة في كتلة الإرهاب الوطني والمستورد فهو لايتزوج حتى لا تصير بنت العالم بعده ارملة وتضيع بين المؤسسات الأهلية والحكومية حتى تحصل على لقمة الخبز لها ولأبن الشهيد الإعلامي ، ومن جهة ثانية للتخفيف من حالة العنوسة المتفشية في المجتمع إلا أن ذلك يجعل الإعلامي في حيص بيص دائم، من مشاكل الإيجار، وارتفاع الأسعار، وتلبية احتياجات ومتطلبات الحياة الزوجية، واللف والدوران في أسواق المخضر وغيرها بحثاً عن طماطة من الدرجة الثانية والبحث عن النفط والغاز ومواجهة ارتفاع اسعار المواد الغذائية, وخصوصا تلك التي تزيد من قدرة وفاعلية الإنسان الذكورية , والتفتيش المضني عن افضل الحفاظات , وقائمة من الطلبات من زوجة لا تعرف إلا بسط اليد طمعا بالمال ومواصلة النكد بصورة مباشرة او عبر الهاتف النقال الذي فتح ابواب جهنم على المتزوجين المحدثين في السنوات الاخيرة , فما من ساعة تمر إلا ويرن الهاتفمعلنا عن طلب جديد غير آبهة بما يسببه ذلك الإتصال المفاجيء من ارتفاع ضغظ الدم والسكر والقهر ...وياويل اللي ينسى فسوف يبيت ليلته خارج اسوار جنة حواء على احد الكنبات حتى الصباح من دون غطاء جوي دافيء يؤمن له نومة دافئة هادئة ومستقرة ِ، مما يعني شكل حركته تماماً، وقطع أي حالة من التواصل فيما بينه وبين المواطن، وإحباط أية محاولة منه في الكتابة عن المواضيع الخطيرة كالفساد الإداري والإرهاب، حتى لا تفتح ملفات المتورطين فيه من المسؤولين الحكوميين، البرمائيين والصحراويين وحتى لا تتعرض الحكومة لهزة داخلية تطيح بحالة النفاق والوفاق التي تسير البلد في ظل انتشار حالات الزعل والتغنج والدلال بين قيادات الكتل والدنك السياسية العراقية الديمقراطية الحديثة.

ولكن الظاهر من كلام المسؤول لا يحتمل كل تلك التأويلات والتفسيرات والاجتهادات حول الحصانة المطلوبة توفيرها للإعلامي والتي يجب أن لا تقل عن حصانة المسؤول البُرلماني ولو بمقدار حبة فاصوليا، ولا اجتهاد أمام نص واضح وصريح.

وإذا ما حصل الإعلامي على الحصانة فسوف يكون حاله حال بقية المحصنين والمحصنات، المتمتعين بالراتب الخاص، والحماية الخاصة، والجواز الخاص، والأكل الخاص، والنوم الخاص في غرفة مكيفة خاصة في فصل الصيف الخاص، ومدارس خاصة لابنائه الخاصين، ومولدة كهرباء خاصة تنصب له في داره الخاصة، تعمل بوقود خاص من أموال الشعب عامة، باعتباره حالة خاصة ونادرة هبطت على عباد الله العراقيين خاصة كما هبطت عليهم من قبل صاعقة البرلمائيين من ذوي الحصانات الخاصة والامتيازات الخاصة و... الخاصة.

إلا أن الذي نخشاه.. إذا ما حصل الإعلامي على الحصانة أن يتحول إلى صفوف ذوي الحصانات، فيصاب بالرخاوة والكسل واللامبالاة لما يجري في هذا الوطن من تجاوزات على كرامة المواطن وآمنة وثرواته نتيجة لإنخفاض مستوى الضمير لديه، ويصبح رخوياً متسيحاً كالعجين المختمر في صيف تموزي على كرسي السلطة الرابعة.

وبدلاً من أن يكون الإعلامي حصاناً في ساحة الوطن متواصلاً مع المواطن وهمومه ومشاكله يتحول الإعلامي إلى حمار يحمل أثقال المفسدين والمرتشين ويضرب بحافره الأرض ليغطي على أخطاء السلطة وتجاوزاتها.

وإذا ما تم تقديم اقتراح أو توصية أو قانون بهذا الشأن إلى الأخوة البرلمائين من الثديات واللبونيات والفقاريين فسوف يلقى معارضة قوية، وسوف ترفع المصاحف كما فعلها من قبل معاوية، وسيوصف من يقوم بتقديم ذلك القانون بأن مجنون أو معتوه، يجب رفع الحصانة عنه، واستبدال حصانة بجحش من الدرجة الثانية، ليكون عبرة لأولي الألباب، ولأن المكدي لا يحب المكدي.

ولو اتفق وحصلت المعجزة بالتصويت أو التوافق وحصل الإعلامي على الحصانة فإن ذلك لن يغير من الأمور شيئاً، مادام الإعلامي لا يحصل على الاحترام الذي يليق به كإنسان يبحث عن الحقيقة بكل صدق واخلاص ومن ينذر نفسه للحقيقة والكلمة الحرة لا يبالي إذا ما حصل بعد ذلك على الحصانة كاملة أم على جحش من جحوشها.