13 محرم 1429 - 22/01/2008
يتميز الانسان عن الحيوان بالعقل وقدرته في التعبير عما يشعر به من فرح وحزن وألم، وما ينتابه من غضب ورضا عن طريق الكلمة، سواء كانت هذه الكلمة قصيدة أم حرة ولذلك عبر عن الانسان بالحيوان الناطق..
الا ان ما يقوم به البعض من قطيع الحيوان الناطق من افعال تخرجه من مقامه وتدخله الحظيرة مع الثيران والخرفان والماعز انما يعلن عن تخليه وتجرده عن كرامته ومكانته التي اعطاها الله له، وإنسانيته التي ضحى من اجلها اجيال من ابناء جلدته عبر التاريخ ويتنازل عن حريته التي سالت من اجل استرجاعها انهار من الدماء الحمراء والسوداء والزرقاء والصفراء في ساحات النضال ضد الانظمة الدكتاتورية الملكية والجمهورية ونزع رداء المبادئ والاخلاق والقيم الحميدة التي جاء بها اربع وعشرون الف نبي ونزلت بها اسراب لا حصر لها من الملائكة المخلصين من عند الله سبحاننه وتعالى
كما ان ما تقوم بعض الحيوانات غير الناطقة من افعال يمكن وضعها في خانة الافعال التي عرف عنها انها من اختصاص الحيوان الناطق تجعلنا نشعر بالظلم تجاه هذه الحيوانات وان علينا انصافها فقد حدث وفي احدى الدول الافريقية ان اسدا قام بحماية فتاة كانت تطاردها عصابة من الحيوانات الناطقة من اجل اغتصابها ولم يتخل عنها الا بعد ان سلمها لاهلها سالمة معافاة
وان من المفارقات ان تقارن بعض اخلاقيات الحيوان الناطق ببعض اخلاق الحيوان العادي كالوفاء لدى الكلب او يعبر عن جمال عيون احدى اناث الحيوان الناطق بالمهى، يقول الشاعر:
عيون المهى بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث ادري ولاادري
وفي دفاع بعض الحيوانات والتضحية من اجل ابناء جنسها ما يشعرك بالتضامن معها وضرورة العمل الفاعل والحقيقي في مجال الدفاع عن هذه الكائنات التي لاحول لها ولا قوة، فهي لم تؤسس اي منظمة للدفاع عن حقوقها ولم ترفع شعاراً كبيرا او صغيراً كما انها لم ترفع صوتها فوق مستوى صوت ذوي العقل والحرية والكرامة فلم تنبح او تصهل او تموء وان كان صوت البعض منها منكرا كما قال الله تعالى في كتابه الكريم (ان انكر الاصوات لصوت الحمير ) وتلك صفة ابتلى بها هذا الحيوان الذكي صاحب المواقف الصعبة والتي يتحمل من اجلها الضرب الموجع (بالصوندات) والكابلات والهروات من قبل زميله بالحياة (الحيوان الناطق)
قد يقول قائل ان هناك تشابه كبير بين تصرفات كلا الطرفين كما في حالة التدافع والتناطح التي تحصل بين مجموعة من الحيوانات على الفريسة او وجبة الحشيش والشعير والتي تصل في بعض او (اغلب) الاحيان الى اسالة الدماء وتكسير الاسنان وشق البراطم وبين حالة الهيجان والترافس والتدافر التي تصيب عصابة الحيوان الناطق حين تقع عينها على الورق الامريكي الاخضر الا ان هناك تباين واضح بين مايفعله الحيوان العادي الذي لايملك حرفاً واحدا في سجلات تأريخه وبينما يفعله الحيوان الناطق الذي يتباهى في كل محفل عرس او فاتحة بمناسبة او بدون مناسبة بما يملكه من حضارة تمتد في عمق التاريخ تصل الى مشاشة مخه فلم ينقل لنا اصحاب السير التاريخية لا الطبري ولا الخطيب البغدادي ان مجموعة من الأرانب قد ألفت حزبا سياسيا أو منظمة ترفع شعار المعارضة ضد اية حكومة شرق اوسطية أو عالم ثالثية ،عربية كانت ام غير عربية من اجل الحصول على مكاسب حزبية ولم تدعي الدفاع عن المصلحة العامة فيما ايدي لصوصها تنهب اموال الناس في وضح النهار، ولو نطق التاريخ وهو يرى افعال الاخوة الاعداء من عشيرة الحيوان الناطق لقال: (صخمتوا وجهي بافعالكم يابني الحيوان الناطق وجردتموني من كل ماهو جميل حتى صرت اتصبب عرقاً من الخجل الذي ينتابني حين اقف امام المرآة متأملاً صورتي ومنظري المخزي ).
لقد كان الحيوان الناطق(الانسان) والى وقت قريب يتحلى بالصبر وتحمل مشاق الحياة ومشاكلها وبالشجاعة وبحفظ العهود وكل ماهو كريم من الاخلاق ملتزما بالشرائع والقوانين من اجل تنظيم حياته وعلاقاته مع اخوانه ودعا ابناء شحمته و فصيلته الى الالتزام بالشرائع الالهية الا ان تطور اسلوب حياته وانتقاله من حياة الجاهلية والبداوة والظلام وبدل من ان يسمو في اخلاقه ويلتزم بما عاهد نفسه عليها انقلب على عقبيه وكما يقول المثل (مثل بول البعير) فجرد نفسه وتعرى امام زخرف الحياة واسقط تطوعا حتى ورقة التوت فيما بقي الحيوان العادي ورغم انتقاله من حياة الغابة والمزرعة والحظيرة محافظا على ماتوارثه من ابائه واجداده من اخلاقيات وتصرفات فبقي الثور ثوراً ولم يتنازل عن ثوريته ولم يتأثر بالمغريات التي تقدمها البقرات الحلوب القادمات من هولندا واستراليا مؤمنا ان (اللي ما له اول ماله تالي) وبقيت الزرافة زرافة ولم تتنازل .....رغم اصرار الاخرين والحاحهم عليها .