27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008
معظم الذين دونوا قضية الإمام الحسين (عليه السلام) لم يتطرقوا لتفاصيلها من بداياتها، بل أخذوا سلسلتها من أوساطها، أي من حسين البيعة ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان، في حين إن القضية تبتدئ من عهد أبي سفيان، والرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) إن لم يكن أبعد من ذلك الزمن، كعهد هاشم وعبد شمس، فإن أبا سفيان إذ رأي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قد نهض من مكة سنة 610 م يدعو العرب إلى توحيد معارضته، ففعل ما فعل في مقامة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهانته، وتفريق أعوانه وتحشيد الناس لمحاربته، ورغم كل ذلك انتصرت إرادة الإسلام المحمدي بفتح مكة وانتهت الحركة السفيانية بالخسران والانكسار (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره..).
لم ينته التآمر السفياني الأموي المشبوه على مسيرة الحق والعدل، فجاء معاوية بعد موت أبيه ليواصل حركة الحقد والعداء لآل محمد بعد أن انتقل صلى الله عليه وآله إلى جوار ربه، حيث ناصب معاوية وحزبه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصحبة الميامين، وكان ما كان من أيام البصرة، وصفين والنهروان، وعلي عليه السلام في كلها غير مخذول، ولا يزداد معادوية إلا حقداً عليه، وتعقب الضغائن أثر لضغائن، وكان معروفاً بالمكر والغدر.
ولما أستشهد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) سنة 40 للهجرة بسيف الخارجي عبد الرحمن بن ملجم وهو ساجد في محراب مسجد الكوفة، أغتنم معاوية ذلك معتبراً كونها فرصة ثمينة لانتشار حزبه الأموي وإدامة سلطته، ومستخدماً سبل الإعلان المضلل وتوزيع الأموال وشراء الذمم، مع تفعيل ممارسات الإرهاب والجور.وأوسعت المجاري والميادين لمعاوية، فأنتقم من الحسن كما انتقم من أبيه الإمام علي (عليهما السلام) وسبه على المنابر والمعابر والألسن واكتب (ويا بأسها من حيلة ووسيلة) لاستئصال مجد بني هاشم بثلب كبيرهم، وقد قال ابن عباس: (إنهم يريدون بسب علي سب رسول الله محمد).
ولم يطيق معاوية وجود الإمام الحسن (عليه السلام)، وهنا لعب لعبته الغادرة إذ دس سماً ذريعاً إلى زوجت الإمام الحسن (جعدة) التي قتلته بمكافأة زواجها من يزيد بن معاوية.
الحلقة اللاحقة من المسلسل الأموي الإجرامي، دارت تفاصيلها على مسرح طف كربلاء مطلع سنة 61 هجرية، وكان يزيد رأس بني أمية الحاكم هذه المرة هو المخطط والمنفذ لأدوار هذه الحلقة المشينة، وبالفعل شعرت السلطة الأموية بأن حركة النهضة والإصلاح الديني والاجتماعي التي راح يقودها الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) يضرب على أيدي المنحرفين والجائرين ولا يولي فاسقاً أمر المسلمين، هب رجال الحكم الأموي السنة وعيوناً، وأقلاماً وسيوفاً وإمكاناتهم وعساكرهم، وحصل ما حصل من فاجعة تاريخية وجريمة أموية مروعة بحق الحسين والثلة المباركة من آله وصحبه الأبرار، لتغدو واقعة الطف حادثة وحديث الخلود التاريخي التي تتناولها بفخر ألسنة الشعوب المؤمنة وكل أنصار الحق أنصار الحق والعدل والضمير الإنساني الحي.