6 ربيع الأول 1430 - 04/03/2009
لقد طرح الإمام العسكري قضية الإمام المهدي (عليه السلام) وإمامته على مختلف الأصعدة، وأنه الخلف الصالح الذي وعد الله به الأُمم وأن يجمع به الكلم، كما اتخذ الإمام العسكري (عليه السلام) إجراءات تتناسب والظروف المحيطة بهما.
غير أن النقطة الأُخرى التي تتلوها في الأهمية هي مهمة إعداد الأُمة المؤمنة بالإمام المهدي (عليه السلام) لتقبّل هذه الغيبة التي تتضمّن انفصال الأُمة عن الإمام بحسب الظاهر وعدم إمكان ارتباطها به وإحساسها بالضياع والحرمان من أهم عنصر كانت تعتمد عليه وترجع إليه في قضاياها ومشكلاتها الفردية والاجتماعية، فقد كان الإمام حصناً منيعاً يذود عن أصحابه ويقوم بتلبية حاجاتهم الفكرية والروحية والمادية في كثير من الأحيان.
فهنا صدمة نفسية وإيمانية بالرغم من أن الإيمان بالغيب يشكّل عنصراً من عناصر الإيمان المصطلح، لأنّ المؤمنين كانوا قد اعتادوا على الارتباط المباشر بالإمام (عليه السلام) ولو في السجن أو من وراء حجاب وكانوا يشعرون بحضوره وتواجده بين ظهرانيهم ويحسّون بتفاعله معهم، والآن يُراد لهم أن يبقى هذا الإيمان بالإمام حيّاً وفاعلاً وقويّاً بينما لا يجدون الإمام في متناول أيديهم وقريباً منهم بحيث يستطيعون الارتباط به متى شاءوا.
إنّ هذه لصدمة يحتاج رأبها إلى بذل جهد مضاعف لتخفيف آثارها وتذليل عقباتها. وقد مارس الإمام العسكري تبعاً للإمام الهادي(عليهما السلام) نوعين من الإعداد لتذليل هذه العقبة ولكن بجهد مضاعف وفي وقت قصير جدّاً.
الأوّل: الإعداد الفكري والذهني.
الثاني: الإعداد النفسي والروحي.
أما الإعداد الفكري فقد قام الإمام تبعاً لآبائه (عليهم السلام) باستعراض فكرة الغيبة على مدى التاريخ وطبّقها على ولده الإمام المهدي (عليه السلام) وطالبهم بالثبات على الإيمان باعتباره يتضمن عنصر الإيمان بالغيب وشجّع شيعته على الثبات والصبر وانتظار الفرج وبيّن لهم طبيعة هذه المرحلة ومستلزماتها وما سوف يتحقق فيها من امتحانات عسيرة يتمخّض عنها تبلور الإيمان والصبر والتقوى التي هي قوام الإنسان المؤمن برّبه وبدينه وبإمامه الذي يريد أن يحمل معه السلاح ليجاهد بين يديه.
فقد حدّث أبو علي بن همّام قائلاً: سمعت محمد بن عثمان العمري (قدس الله) روحه يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)
وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام): إنّ الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقال (عليه السلام): «إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حق»، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمّد هو الإمام والحجة بعدي. من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقّاتون، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة».
وحدّث الحسن بن محمد بن صالح البزّاز قائلاً: سمعت الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يقول: «إنّ ابني هو القائم من بعدي وهو الذي يُجري فيه سنن الأنبياء بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الأمد فلا يثبت على القول به إلاّ من كتب الله عزّ وجلّ في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه».
إلى غيرها من الأحاديث والأدعية التي تضمّنت بيان فكرة الغيبة وضرورة تحققها وضرورة الإيمان بها والصبر فيها والثبات على الطريق الحق مهما كانت الظروف صعبة وعسيرة.
وأما الإعداد النفسي والروحي فقد مارسه الإمام (عليه السلام) منذ زمن أبيه الهادي (عليه السلام) فقد مارس الإمام الهادي (عليه السلام) سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط بشيعته إعداداً للوضع المستقبلي الذي كانوا يستشرفونه وكان يُهيئهم له، كما انّه قد مارس عملية حجب الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) عن شيعته فلم يعرفه كثير من الناس وحتى شيعته إلاّ بعد وفاة أخيه محمد حيث أخذ يهتمّ باتمام الحجة على شيعته بالنسبة لإمامة الحسن من بعده واستمر الإمام الحسن(عليه السلام) في سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط لضرورة تعويد الشيعة على عدم الارتباط المباشر بالإمام ليألفوا الوضع الجديد ولا يشكّل صدمة نفسية لهم، فضلاً عن إن الظروف الخاصة بالإمام العسكري (عليه السلام) كانت تفرض عليه تقليل الارتباط حفظاً له ولشيعته من الانكشاف أمام أعين الرقباء الذين زرعتهم السلطة هنا وهناك ليراقبوا نشاط الإمام وارتباطاته مع شيعته.
وقد عوّض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الأضرار الحاصلة من تقليل الارتباط المباشر بأمرين:
أحدهما: بإصدار البيانات والتوقيعات بشكل مكتوب إلى حدٍّ يغطي الحاجات والمراجعات التي كانت تصل إلى الإمام (عليه السلام) بشكل مكتوب. وأكثر الروايات عن الإمام العسكري (عليه السلام) هي مكاتباته مع الرواة والشيعة الذين كانوا يرتبطون به من خلال هذه المكاتبات.
ثانيهما: بالأمر بالارتباط بالإمام (عليه السلام) من خلال وكلائه الذين كان قد عيّنهم لشيعته في مختلف مناطق تواجد شيعته. فكانوا حلقة وصل قوية ومناسبة ويشكّلون عاملاً نفسيّاً ليشعر أتباع أهل البيت باستمرار الارتباط بالإمام وإمكان طرح الأسئلة عليه وتلقي الأجوبة منه. فكان هذا الارتباط غير المباشر كافياً لتقليل أثر الصدمة النفسية التي تحدثها الغيبة لشيعة الإمام (عليه السلام).
وهكذا تمّ الإعداد الخاص من قبل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لشيعته ليستقبلوا عصر الغيبة بصدر رحب واستعداد يتلائم مع مقتضيات الايمان بالله وبرسوله وبالأئمة وبقضية الإمام المهدي (عليه السلام) العالمية والتي تشكّل الطريق الوحيد لإنقاذ المجتمع الإنساني من أوحال الجاهلية في هذه الحياة.
كما تضمّنت وصايا الإمام العسكري (عليه السلام) ورسائله، بيان الأحكام الشرعية ومسائل الحلال والحرام كما اشتملت على خطوط للتعامل مع الآخرين وكان ذلك بمثابة منهاج سلوكي ليسير عليه شيعته ويقيموا علائقهم وفقاً له فيما بينهم وبين أبناء المجتمع الذي يعيشون فيه وإن اختلفوا معهم في المذهب والمعتقد ، ومن هذه الوصايا:
1 ـ قوله (عليه السلام): «اُوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث وأداء الأمانة الى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)، صَلّوا في عشائركم، واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم اذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتّقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جُرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح فإنّه ما قيل فينا من حُسْن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حقٌّ في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهيرٌ من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب . أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصّيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام».
2 ـ وقال (عليه السلام): «أمرناكم بالتختّم في اليمين ونحن بين ظهرانيكم والآن نأمركم بالتختم في الشمال لغيبتنا عنكم إلى أن يظهر الله أمرنا وأمركم فإنه أول دليل عليكم في ولايتنا أهل البيت».
وقال (عليه السلام) لهم: «حدثوا بهذا شيعتنا».
وبذلك رسم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) منهجاً واضحاً لشيعته للسير عليه وهو يتضمن مبادئ وأحكام الشريعة الاسلامية وما تدعو إليه من خلق رفيع، وحسن تعامل مع الناس سواءاً كانوا موافقين لشيعته في المبدأ أو مخالفين لهم، وتلك هي أخلاق الإسلام التي دعى إليها رسول الإنسانية محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله).
4 ـ وصوّر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الواقع الذي كان يعيشه وما كان يحتويه من اختلاف الناس ومواليه بتوقيع خرج عنه (عليه السلام) إلى بعض مواليه حيث طلب من الإمام (عليه السلام) إظهار الدليل، فكتب أبو محمد (عليه السلام):
«وإنما خاطب الله عز وجل العاقل وليس أحد يأتي بآية ويظهر دليلاً أكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، فقالوا: ساحر وكاهن وكذّاب، وهدى الله من اهتدى، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس وذلك إن الله عز وجل يأذن لنا فنتكلم، ويضع ويمنع فنصمت، ولو أحب أن لا يظهر حقاً ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه.
الناس في طبقات شتى، والمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق، متعلق بفرع أصيل غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عنه ملجأ، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه، وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد على أهل الحق، ودفع الحق بالباطل، حسداً من عند أنفسهم فدع من ذهب يذهب يميناً وشمالاً فالراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جَمعها في أهون السعي، ذكرت ما اختلف فيه موالي فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب ومن جلس مجالس الحكم فهو أولى بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت وإياك والإذاعة وطلب الرياسة فإنهما يدعوان إلى الهلكة.
لقد انتهج الإمام الحسن العسكري نهج آبائه للمحافظة على شيعته وأتباعه الذين يمثّلون الجماعة الصالحة في المجتمع الإسلامي، وقد شدّد الإمام العسكري دعوته إلى الكتمان وعدم الإذاعة والحذر في التعامل مع الآخرين، والتشدد في نقل الأخبار والوصايا عنه ونقل أوامره إلى أصحابه ونقل أخبارهم إليه، فإنّ أتباعه قد انتشروا في أقطار الدولة الإسلامية في عصره (عليه السلام) بعد أن أخذ التشيع طابع المعارضة واتسعت دائرته تحت راية أهل البيت (عليهم السلام) وكثيراً ما كانت تصدر عنه (عليه السلام) التحذيرات المهمة لهم تجاه الفتن والابتلاءات المستقبلية تجنيباً لهم من الوقوع في شرك السلطة وحفظاً لهم من مكائدها.
فعن محمد بن عبد العزيز البلخي قال: أصبحت يوماً فجلست في شارع الغنم فإذا بأبي محمّد أقبل من منزله يريد دار العامّة، فقلت في نفسي: ترى إن صحتُ: أيّها الناس هذا حجة الله عليكم فاعرفوه، يقتلوني ؟ فلمّا دنا منّي أومأ بإصبعه السبّابة على فيه: أن اسكت، ورأيته تلك الليلة يقول: «إنما هو الكتمان أو القتل، فاتّق الله على نفسك.
روى علي بن جعفر عن أحد أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فقال: اجتمعنا بالعسكر ـ أي سامراء ـ وقد صرنا لأبي محمد (عليه السلام) يوم ركوبه فخرج توقيعه: «لا يسلمنّ عليَّ أحد، ولا يشير إليّ بيده، ولا يومئ، فإنّكم لا تأمنون على أنفسكم».
وروى أبو هاشم الجعفري عن داود بن الأسود قال: دعاني سيدي أبو محمد ـ الحسن العسكري (عليه السلام) فدفع لي خشبة، كأنها رجل باب مدوّرة طويلة ملء الكف فقال (عليه السلام): «صر بهذه الخشبة إلى العمري» فمضيت إلى بعض الطريق فعرض لي سقاء معه بغل، فزاحمني البغل على الطريق ... فضربت البغل فانشقّت ـ الخشبة ـ فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كُتب، فبادرت سريعاً فرددت الخشبة إلى كمّي فجعل السقاء يناديني ويشتمني، ويشتم صاحبي فلمّا دنوت من الدار راجعاً استقبلني عيسى الخادم عند الباب الثاني، فقال: يقول لك مولاي: «لِمَ ضربتَ البغل وكسرت رجل الباب ؟» . فقلت: يا سيدي لم أعلم ما في رجل الباب، فقال (عليه السلام): «ولم احتجت أن تعمل عملاً تحتاج أن تعتذر منه . إيّاك بعدها أن تعود إلى مثلها، وإذا سمعت لنا شأناً فامضِ لسبيلك التي أمرت بها، وإياك أن تجاوب من يشتمنا، أو تعرّفه من أنت، فإننا في بلد سوء، ومصر سوء وامضِ في طريقك فإنّ أخبارك وأحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك».
كان الإمام الحسن العسـكري (عليه السلام) كآبائه الكرام، عَلَماً لا يخفى، وإماماً لا يجهله أحد، فكان أُستاذ العلماء، وقدوة العابدين، وزعيم الدِّين والسياسة، يُشار إليه بالبَنان، وتهفو إليه النفوس بالحبّ والولاء.
وعلى رغم الإرهاب العبّاسي، والمعاداة السياسيّة لأهل البيت (عليهم السلام)، وملاحقة السلطة له ولأصحابه، وزجّهم في المحابس والسجون، رغم كلّ هذا فانّ خلفاء عصره لم يستطيعوا إخفاء شخصيته، أو تحجيم دوره السياسي والعلمي، ومكانته الاجتماعيّة، ففرض نفسه على حكّام عصره وخصومه.
ونقل المؤرخون أنّ المتوكل الذي عرف بشدّة عدائه لأهل البيت(عليهم السلام)، وحقده على الإمام علي (عليه السلام)، أمر بسجن الإمام العسكري (عليه السلام) والتشديد عليه إلاّ أنّه لمّا حلّ في الحبس ورأى صاحب الحبس سمو أخلاق الإمام(عليه السلام) وعظيم هديه وصلاحه انقلب رأساً على عقب، فكان لا يرفع بصره الى الإمام (عليه السلام) إجلالاً وتعظيماً له، ولمّا خرج الإمام من عنده كان أحسن الناس بصيرة، وأحسنهم قولاً فيه.
وقد قضى الإمام الزكي أبو محمد (عليه السلام) أيام حياته القصيرة الأمد بالمحن والخطوب، فقد جهد ملوك العباسيين على ظلمه وإنزال أقسى العقوبات به، فكانوا ينقلونه من سجن إلى سجن وضيقوا عليه في حياته الاقتصادية وحجبوه عن الالتقاء بشيعته، كما منعوا العلماء والفقهاء من الانتهال من نمير علومه، وكان ذلك من أعظم ما عاناه من المحن والخطوب، وقد حاولوا، جاهدين، اغتياله، ولكن الله تعالى صرف ذلك عنه، وشغلهم بالأحداث الجسام التي منوا بها ويعود السبب في حقدهم عليه إلى ما يلي:
1- خوف العباسيين من ولده الإمام المنتظر (عليه السلام) الذي بشر به النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وأخبر عنه غير مرة من أعظم مصلح اجتماعي تشاهده البشرية في جميع أدوارها فهو الذي ينشر العدل السياسي، والعدل الاجتماعي، ويقضي على جميع ألوان الظلم والغبن، ويحطم قوى البغي، ويزيل دول الشرك ويرفع راية الإيمان والحق، ويقيم المعطلة من حدود الله، وقد حالوا قتله ليقضوا على نسله، وقد أدلى (عليه السلام) بذلك في توقيع خرج منه جاء فيه (زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل وقد كذّب الله قولهم، والحمد لله).
2- حسد العباسيين للإمام أبي محمد على ما يتمتع به من شعبية هائلة واحترام بالغ من جميع الأوساط، في حين أن السلطة بأيدي العباسيين، ولم يظفروا بأي لون من ألوان ذلك التكريم والتبجيل، والحسد –كما هو معروف- داء وبيل ألقى الناس في شر عظيم. لقد نخر الحسد قلوب العباسيين على الإمام أبي محمد (عليه السلام) الذي كان ألمع شخصية إسلامية في عصره، فراحوا يبغون له الغوائل ويكيدونه في غلس الليل، وفي وضح النهار.
3- قيام العلويين بثورات عارمة ضد الحكم العباسي منذ فجر تسلطه على رقاب المسلمين، مطالبين بتحقيق العدل السياسي في الإسلام، وتطبيق برامجه الاقتصادية والاجتماعية على واقع الحياة، وقد قوبلت ثوراتهم بتأييد شامل من جميع الأوساط الإسلامية مما أوجب سقوط هيبة الحكم، وتعرضه لهزات عنيفة كادت تطوي وجوده، وتطيح به.
وقد أوغرت تلك الثورات صدور العباسيين بالحقد والضغينة على العلويين فأوعزوا إلى جلاوزتهم بمطاردة كل علوي وملاحقته، وكان من الطبيعي أن يعاني الإمام أبو محمد (عليه السلام) أعظم المشاكل وأشدها محنة وصعوبة من العباسيين لأنه سيد العلويين وإمام المسلمين في عصره. هذه بعض الأسباب التي أدت إلى حقد العباسيين على الإمام (عليه السلام) وبغضهم له.