22 محرم 1430 - 19/01/2009
قد يستغرب البعض قيام العديد من الأمراء والرؤوساء والولاة الذين يحسبون على المسلمين بمحاربة ومنع الشعائر الحسينية في بلدانهم تحت حجج وذرائع لا يحتمل سماعها إلا مَنْ يحمل بين جنبه قلب بعير، ولا تقنع إلا من يحمل في راسه مخ حمار، ولا يستسيغها إلا مَن يجري في عروقه دم نازي أزرق أو دم تيس أحمق، إنسان ينتمي في أصوله إلى أحد شيوخ الجاهلية الأولى، ويتصل وجدانه بوجدان مرجانة ذات الراية الحمراء، أو من الذين تنازلوا عن رجولتهم وإنسانيتهم إلى من هم أقل مرتبة في عالم الكائنات الحية من ذوات الأربع. وكما قيل: إذا عرف السبب فقد بطل العجب، فقد حذفت كل علامات التعجب والاستفهام من قاموس هذه القضية بعدما تبين لي أن محاولات المنع تلك تنبع من شهوة بشرطانية مجنونة، كلما وئدت عند أحد الحكام والولاة والرؤوساء انتقلت كمرض الأيدز إلى حاكم آخر، على الرغم من أن هذه الإصابة بهذا المرض لا تنتقل إلا بطريقة واحدة لا يعرفها إلا الشواذ والمنحرفين من أولئك الحكام. وقد تكون محاربة الشعائر الحسينية وسيلة الهدف منها تحقيق أمنية لم يحققها عمر بن سعد وهو يذبح الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه في يوم عاشوراء أمنية تولي قيادة الأمة الإسلامية بعد إجراء عملية المصالحة بين أبناء الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته وأنصاره وبين أبناء معاوية بن أبي سفيان وأذنابه من سلفيين ووهابيين وأشباه الرجال الذين يمسكون برقاب أبناء هذه الأمة بيد من حديد. وبموجب تلك المصالحة فسوف يتم الإعلان عن إسقاط كافة الجرائم التي قام بها اتباع معاوية وأبيه وجده وابنه يزيد ضد أهل البيت (عليهم السلام) بدءاً من جريمة اغتيال حمزة عم النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) مروراً بالاعتداء الآثم على بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله) فاطمة الزهراء (عليها السلام) واغتيال (الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) في مسجد الكوفة، وجريمة دس السم للإمام الحسن المجتبى عليه السلام، ثم المجزرة الكبرى التي وقعت في العاشر من محرم بحق سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، حتى آخر جريمة ارتكبت قبل هذا اليوم أو سترتكب غداً بحق المؤمنين الذين يحملون في أعماق قلوبهم الحرارة واللوعة والألم لسيد الشهداء (عليه السلام). وبموجب بنود تلك المصالحة، ومن أجل تحقيق حلم قيادة الأمة سيتم الإعلان فيها التنازل نيابة عن أهل البيت النبوة عن كل ما لحق بهم من قتل وتشريد ومطاردة من قبل أبناء الطلقاء بحجة تقادم الزمن، وذلك خدمة للصالح العام ولملمة الشمل، وإعلان الوحدة المرتقبة بين علي (عليه السلام) ومعاوية وتولي زمام أمورها من قبل أحد أولئك الولاة والرؤوساء وكأن أهل البيت (عليهم السلام) أسرة تنتمي إلى قبيلة مجهولة النسب في أدغال افريقيا. لاشك أن محاربة الشعائر الحسينية ومنعها إنما هي غريزة مكبوتة وشهوة مجنونة يشترك فيها الخارجون عن تغطية العقل والحكمة والإنسانية. وقد تكون محاولة للتزلف والتقرب من حاشية حفيد أبي سفيان ليكون واحداً من ندمائه والمشاركين معه كأس النشوة الحرام ولذة تذوق لحوم الأبيض المتوسط والشرق الأوسط على أسرة السقوط والرذيلة، والرقص على أنغام السامبا مع أبي قيس القرد المفضل لدى يزيد المتهتك والمستهتر بكل القيم الإلهية التي جاءت بها الرسل والأنبياء. وربما تكون إعلان حالة الحرب ضد الشعائر الحسينية تلبية لنداء النفس الأمارة بالسوء فيهم لأخذ الثأر من الإمام علي مرة ثانية لما فعله بأشياخهم في بدر، فقد يكون عتبة أو الوليد أحد أجداد الرئيس أو الوالي الذي يقوم بمحاربة الشعائر الحسينية، وحسب التعبير القرآني (ذرية بعضها من بعض...). ويرى البعض أن المنافقين والمفسدين من رؤوساء وولاة في هذه الأمة قد وضعوا شرطاً أثناء قمة لهم - على غرار القمم العربية - لتولي قيادتهم كرسي خلافة الأمة كما فعلها من قبل الخليفة الأول والثاني والثالث، وتأسياً واقتداءً بما فعله القائد المؤسس معاوية بن أبي سفيان، وتأكيداً منهم على ضرورة تعميق حالة الانحراف الشاذ الذي وضع أصولها وقواعدها معاوية. وقد حاول العديد من أولئك الولاة والحكام والرؤوساء تحقيق شرط المنافقين السالف الذكر وبأساليب وطرق متنوعة إلا أن أحد منهم لم يستطع تحقيقه، فقد سلكوا الطريق الخطأ حتى كانت جهنم مأواهم وساءت مصيراً. ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.