b4b3b2b1
لنوقف ممارسات الإرهاب المغلف باسم الإسلام أولاً | فضل صوم شهر رمضان | الإصلاح أولاً | كلمات نورانية من حياة سيدة نساء العالمين | مجلس النواب العراقي في الميزان | التيارية والمطبخ السياسي | علي بن ابي طالب (عليه السلام) بين التكوين والوجود | المذهب الشيعي بين صراع المحاور والحروب الاستباقية؟ | الدولة البوليسية..... بناء هش ونظام قلق | المتناقضون | ظاهرة وأد العقول: لكي لا نكون أمة أموات | الإمام العسكري وإعداد الأمة لتقبل غيبة المهدي عجل الله فرجه |

طريق أهل البيت (عليهم السلام)

 

13 محرم الحرام 1431 - 31/12/2009

بقلم / السيد هاشم الموسوي

فى ظل النبوة وفى مرحلة الدعوة كانت الامة الاسلامية تعيش الوحدة ‏الفكرية والسياسية، فكان الرسول الهادى محمد (صلى الله عليه وآله) هو المبلغ والمبين‏ للشريعه، وهو القائد وولى الامر.

وما ان التحق بالرفيق الاعلى، وفى الساعات الاولى من وفاته ظهرت‏ الاتجاهات الفكريه والسياسيه المتعدده. فكان الخلاف فى امر الخلافه ‏والامامه الذى انطلق من روى وافهام متفاوته. ثم كان الخلاف فى فهم الاسلام وبيان احكامه وتطبيق مبادئه، فتعددت ‏المواقف والاراء والمدارس الفكرية.

وفى خضم هذا الصراع الفكرى والسياسى كان لاهل البيت النبوي (عليهم السلام)- على وبنيه مدرستهم الفكريه وسيرتهم العمليه ومنهجهم السياسى،وكان طبيعيا ان ينقسم المسلمون الى اتباع للمذاهب الفكريه والفقهيه‏وللمواقف السياسيه هذه. ويحدثنا التاريخ ان اول تجمع نشا حول الامام علي (عليه السلام) على شكل تكتل‏ متميز كان يوم وفاة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من طلائع الصحابه الذين عارضوا بيعه ‏السقيفه ونادوا باحقيه الامام علي (عليه السلام) بالخلافه. ثم تحول هذا الموقف ‏الى قناعه صامته، حتى‏تسلط الحزب الاموى فى عهدالخليفه‏عثمان،فظهرت الطلائع من اتباع اهل البيت(عليهم السلام) امثال ابى ذر الغفارى وعمار بن ‏ياسر ومحمد بن ابى بكر وغيرهم، ظهرت على مسرح الحياه السياسيه ‏والدعوه الى الاصلاح.

ثم تميز الولاء لال ‏البيت (عليهم السلام) والاتباع الفكرى والسياسى بالمناداه بالبيعه ‏لعلى بعد مقتل الخليفه عثمان. فانحاز لعلى البدريون واهل بيعه‏الرضوان وسائر المهاجرين والانصار للوقوف بوجه السلطه الامويه التى‏قادها معاويه ابن ابى سفيان فى الشام.

وبعد استشهاد الامام على بن ابى طالب (عليه السلام) عام (40 هـ)، تحول الولاء الى اهل البيت واتباع‏ منهجهم الى جريمه فى عرف الحكم الاموى، يعاقب عليها بالقتل‏ والسجن والاضطهاد. ورغم ذلك فقد استمر الولاء والاتباع لال البيت، وتعميق منهجهم الفكرى والفقهى وترسيخ مسارهم السياسى. واتسعت‏ دائره الانتماء اليهم، لاسيما بعد ثوره الامام الحسين بن على على سلطه‏ يزيد بن معاويه واستشهاده عام (61هـ)، ولقد اطلق على اتباع اهل البيت ‏اسم (الشيعه)، وسمى الانتماء والولاء لهم (تشيعا).

ويذكر لنا كتاب السير ان اسم الشيعه كان يطلق فى عهد النبى(ص) على‏اربعه من الصحابه (ابى ذر وسلمان وعمار ابن ياسر والمقداد)، فقد كانوا يعرفون بشيعه علي(عليه السلام) فى ذلك العهد.

التشيّع .. النشاه الاولى

الشيعه فى اللغه: هم الاتباع والانصار، ثم صار اسم الشيعه مصطلحا خاصا واسما علما لاتباع آل البيت النبوى. عرف ابن منظور الشيعه فى قاموسه اللغوى الشهير (لسان العرب) نقلا عن الازهرى: (والشيعه قوم يهوون‏ هوى عتره النبى(صلى الله عليه وآله) ويوالونهم، وقد غلب هذا الاسم على من يتولى‏عليا واهل بيته حتى صار لهم اسما خاصا).

ان دراسه وتحليل التشيع ككيان ومدرسه واتجاه اسلامى توصلنا الى ان‏ الامامه لال البيت النبوى -على وبنيه هى حجر الزاويه فى بنائه، والاساس الذى شيد عليه، ذلك لان الامامه تشكل الركن الاساس من ‏اركان المعتقد الاسلامى والامتداد المتواصل للمسيره النبويه، لما لها من اهميه كبرى فى بيان الفكر الاسلامى، وحفظ الشريعه وتطبيقها، ومواصله مسووليه الدعوه والتغيير بعد النبوه. لذا اجمع المسلمون على وجوبها الا من شذ من الخوارج والمعتزله.

ويقرر القرآن الكريم اهميه الامامه وقيمتها الفكريه والسياسيه والعقيديه‏ عندما يجعلها عهدا الهيا للخيره والصفوه المختاره من عباده.

قال تعالى مصورا الحوار حول الامامه مع نبيه وخليله ابراهيم(عليه السلام): (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال انى جاعلك ‏للناس‏ اماما قال ومن ذريتى قال‏ لاينال عهدى الظالمين).

وفى آيه اخرى نقرا بيانا آخر لموقع الامامه وقيمتها واهميتها فى الحياه ‏البشريه من خلال وصفه للنبيين الذين استحقوا الامامه.

قال تعالى: (وجعلنا منهم ائمه يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون).

ولاهميه الامامه فى استمرار المسيره الاسلاميه من‏ خلال اقامه الدوله، وبيان الشريعه، وحفظ النقاء والاصاله، نجد الرسول ‏الكريم محمدا (صلى الله عليه وآله) يربط بينها وبين الايمان بحقيقته وجوهره ‏فيقول(صلى الله عليه وآله): (من مات وهو لا يعرف امام زمانه مات ميته جاهليه).

وبقوله: (من مات وليس فى عنقه بيعه مات ميته جاهليه). وبقوله: (من مات بغير امام مات ميته جاهليه).

وتاسيسا على هذا البيان‏ النبوى نجد الامام الصادق(عليه السلام) يتحدث عن‏ اهميه الامام القائد للامه فى مسيرها الفكرى والسياسى والحضارى‏ ووجوب الامامه، فيقول: (لو لم يكن فى‏الارض الا اثنان لكان الامام احدهما).

وانطلاقا من هذه الحقائق اعط‏ى الفكر الشيعى مساله الامامه الاهميه ‏الكبرى، وآمن بان الامامه خلافه النبوه، وانها:(رئاسه عامه فى امور الدين والدنيا لشخص من الاشخاص نيابه عن النبى).

لذا كانت الامامه فى الفكر الشيعى مساله عهد نبوى، ونيابه عن‏النبى(صلى الله عليه وآله). وتحديد اشخاصها والمضطلعين بها بعد النبوه هى من مهام ‏النبى(صلى الله عليه وآله).

ولذلك آمن الاتجاه الشيعى: ان مساله خطيره تتعلق بمصير الامه ‏والرساله كمساله الامامه لا يمكن ان يهملها النبى(صلى الله عليه وآله) لتواجه مشاكل الخلاف والتمزق والصراع، وهو الحريص على‏مستقبل الامه، والمكلف بحفظ المسيره. واستدلوا لذلك بالبيان‏ القرآنى، وبالمواقف والتصريحات النبويه التى دلت دلاله صريحه على ‏ان الرسول الهادى محمدا(صلى الله عليه وآله) كان منذ بدء الدعوه مواظبا على اعداد طليعه من اصحابه والمومنين برسالته، ليكونوا طلائع الفكر والمسير، وتلامذه يعون محتوى الرساله، ويستوعبون مضمون الاسلام بعمقه ‏وشموله وحركته التغييريه الكبرى. وان العنايه النبويه قد تركزت باعداد شخصيه الامام على(عليه السلام) وتربيته اكثر من ايه شخصيه اخرى من‏شخصيات الصحابه.

فقد ضمه النبى (صلى الله عليه وآله) الى اسرته منذ نشاته الاولى، ورباه فى بيته على‏خلقه وادبه قبل ان يبعث(صلى الله عليه وآله) نبيا، فكانت نشاته فى بيت النبوه قد صانته‏من رجس الجاهليه، وعصمته من سلوك ذلك المجتمع الوثنى، فلم‏ يسجد لصنم قط.

وحين اختار اللّه نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) لحمل الرساله وهدايه البشريه كان الامام‏على هو اول المصدقين به، والمتلقين لدعوته، فعايش الدعوه والرساله‏من ساعاتها الاولى بفكره ووعيه وسلوكه، من خلال ما اولاه النبى(صلى الله عليه وآله)فى هذه المرحله من عنايه الاعداد الرسالى، وتلقينه العلوم والمعارف‏التى تلقاها من رب العزه، كما يعتنى الاستاذ بابرز تلامذته وطليعه ‏الموهلين منهم.

لقد كان الامام على يصف علاقته برسول اللّه حين احتضنه ورباه فى ‏بيته، فيقول: (ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه، يرفع لى فى كل يوم من اخلاقه علما،ويامرنى بالاقتداء به...).

وتتابع الاهتمام النبوى بعلي، والتصريح فى مواقف عديده بمقامه ‏ومكانته، حتى اتضح لجيل الصحابه ان النبى(صلى الله عليه وآله) كان يعده، ويوهله ‏لمسووليه الامامه والقياده.