14 صفر 1439 - 04/11/2017
مرتكزان رئيسان يقف عليهما تقدم المشروع الفكري العقائدي، المرتكز الأول الثقافة ومستوى الوعي لمن ينتمي لهذا المشروع العقائدي، ويسعى الى نشره وتطويره، أما المرتكز الثاني المهم فهو وسائل نشر الفكر ويقف في المقدمة من هذه الوسائل، الكتاب، فهو من أهم وسائل نشر العقيدة إن لم يكن أهمها على الإطلاق، لما يتحلى به (الكتاب الورقي وليس الإلكتروني) من مواصفات تجعله ذا قدرة هائلة على نقل الفكر من محيط الى آخر ومن وسط الى آخر.
ومن هذا المنطلق يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في إحدى كلماته التوجيهية القيمة للمسلمين:
(إنّ للكتاب أهمّيةً كبيرةً في هداية الناس).
هذه هي أهمية الكتاب كما يراها سماحة المرجع الشيرازي، وكما تؤكدها الأدلة الواقعية القاطعة، لذلك فإن الفكر الشيعي سيبقى مصانا ومحميا، على الرغم من حملات التشكيك التي تطوله، والشبهات التي يطلقها معادون للشيعة، لكنهم لم يحققوا ولو نسبة يسيرة من أهدافهم تلك، فالتشيّع كما هو واضح للجميع (في خير) وفي أمان وهو محمي ومصان من الشبهات ومن حملات التشكيك، وهذه هي رؤية سماحة المرجع الشيرازي التي يقول فيها:
(إن النشر، ضروري جدّاً.. وأنا رغم الشبهات التي تثار في زماننا على التشيّع لا أرى خوفاً على التشيّع)
ولو أننا أجرينا مسحا ميدانيا لمدى تأثير حملات التشكيك والشبهات على التشيع، لاكتشفنا أن هذا التأثير قليل جدا وأن المتأثرين به هم القلة القليلة التي لا يعوّل عليها، فالجمهور الشيعي واسع وواعي في نفس الوقت، وأن هؤلاء الذين يحاولون الإساءة للعقائد الشيعية، سيعرفون آجلا أم عاجلا بأنهم في وهم وضلال كبير، وأنهم بأفعالهم المشبوهة هذه لا يؤذون إلا أنفسهم.
كما يرد ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي: (إن تشكيك المنحرفين اليوم يؤثر على عدد قليل من الشيعة، وهناك جمهور واسع من أتباع المذهب لا يعيرون أهمّية لهم. وهؤلاء المشكِّـكون لا يدرون أنهم يضرّون أنفسهم ويبقى المذهب بخيرٍ دائماً لأنه مصون من العمق).
الحياة ساحة اختبارات واسعة
إن سعة الحياة قد تشكل أحيانا سببا لجهل آخرين بأمور الحياة وبالفكر السليم، فهناك بالفعل من لا يعي تعدد الأفكار وتطورها، وهناك من يفوته الفكر والمنهج الصحيح بسبب عدم قدرته على الإحاطة بالأفكار العميقة، أما الفكر الشيعي فهو منفتح على الجميع، وله آفاق واسعة وكبيرة، وهو بعيد عن التزمت والتطرف، ويتعاطى مع أفكار الآخرين من دون تعصب، وهذه إحدى أهم السمات المرنة في الفكر الشيعي.
لذلك يرى سماحة المرجع الشيرازي أن المستقبل يصطف ويقف الى جانب التشيّع، كما يرد في ذلك في قول سماحته:
(هذه الحياة هي ساحة اختبارات، وأنا أرى بوضوحٍ تامّ أنّ المستقبل هو لهذا المذهب الحقّ بكل ما فيه من عقائد وشعائر وفقه وأخلاق).
ومن الأمور التي تفوت الكثير من المناوئين للفكر الحسيني وأهل البيت عليهم السلام، أن جهودهم وسعيهم ما هو إلا مضيعة للوقت والجهود، لذلك فإن معظم من تصدوا للمنهج الشيعي سرعان ما يكتشف أنه كان يسير في المسار الخاطئ، لسبب بسيط أنه يكتشف خطأ الطريق الذي يؤمن به، لذلك لن يكون هناك أي تأثير للفكر المعادي وللشبهات أو حملات التشكيك التي تنطلق بين حين وآخر ضد التشيّع، فهذا المذهب باعتراف كل من اطلع عليه، يمثل الإسلام الحقيقي، وهو الأقرب الى المنهج المحمدي من أي منهج آخر، لذلك نلاحظ أن كل من يناوئ عقائد التشيع سوف ينتهي بها الأمر الى الندم الشديد.
من هنا يقول سماحة المرجع الشيرازي: (سوف تتلاشى جهود المناوئين من الداخل والخارج، ويندمون على ما صرفوا من عمرهم في تشكيك الناس كما تلاشت جهود مَن قبلهم)
وهكذا يبقى أئمة أهل البيت ومذهب التشيع فوق جميع الشبهات، وأكبر من كل حملات التشكيك الفاشلة، ذلك أنه يستقي مداده الفكري والمبدئي من أفكار ومبادئ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، ومن أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم، وإذا تمسك البعض بخطأ معاداة التشيع فهذا شأنه، وإنه سوف يكتشف كم كان على وهم في معاداته لمنهج أئمة أهل البيت عليهم السلام:
يقول سماحة المرجع الشيرازي: (إن أهل البيت صلوات الله عليهم حقًاً وصدقاً فوق كلّ التشكيكات والشبهات، وإذا لا يريد البعض أن يفهم هذه الحقيقة فهذا شأنه. فيجدر النشر والكتابة والتحدّث، وعدم التباطؤ في البلاغ.. فإنّ للكتاب أهمّيةً كبيرةً في هداية الناس).
متى يتعظ المنحرفون؟
من الأمور المؤسفة حقا أن الجهلة يبقون على مر الزمن مصابين بالغفلة والغرور، ولا يمكنهم اكتشاف الأخطاء الجسيمة التي يقعون فيها تجاه الآخرين، ولعل المعضلة الأكبر التي يواجهها هؤلاء، أنهم يبقون في حالة تيه وعدم معرفة بسبب الغرور الذي يصيبهم، وتمسكهم بحب الدنيا، كما أنه لا يتعظون من أخطاء الذين سبقوهم، فالسابقون لم يفلحوا في محاربة التشيع، ولم ينجحوا في مآربهم ضد الشيعة، وفي الأخير أصابهم الندم الشديد على أفعالهم الشائنة التي لم تلحق بهم سوى الندم بما اقترفته أيديهم وارتكبته ألسنتهم وعقولهم.
إن الجهل، والتمسك بالمنهج المنحرف، والدفاع عنه، وعدم الاتعاظ من تاريخ المنحرفين السابقين، يجعل من المعادين للتشيع موضع شك فيما يقولون، وفيما يفكرون ويفعلون، ولابد أن حب الظهور هو الذي يجعلهم يعتمدون على مبدأ (خالف تُعرَف)، مع أن الجهل يخيّم على عقولهم ويجعل منهم أضحوكة للآخرين بسبب فشلهم في إثبات ما يطرحونه من تشكيك وشبهات بالفكر الشيعي، الذي يستمد تواصله واستمراره من منبع فكري عقائدي ثر، ألا وهو فكر أئمة أهل البيت عليهم السلام.
من هنا يقول سماحة المرجع الشيرازي: (مع الأسف الشديد هؤلاء المنحرفون الجدد لا يتّعظون من تاريخ المنحرفين السابقين. وهذه كانت مشكلة البشر من بداية التاريخ. فالجهل والغفلة والغرور وحبّ الدنيا وحبّ الظهور الشخصي، أمراض فتّاكة. نسأل الله أن يجنّب المؤمنين منها في كلّ زمان ومكان).
ومن الغريب حقا أن المناوئين للمنهج الشيعي، يعرفون تمام المعرفة، أنه منهج الحق، لأنه منهج الإسلام الذي يستمد فكره من كتاب الله تعالى، وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله ومنها أئمة أهل البيت الثرّ، فكيف يفوت هؤلاء عمق هذا الفكر وأصالته وارتباطه بمبادئ الإسلام العظيمة؟؟، في الحقيقة لا يفوتهم ذلك، بل هم يعرفون تمام المعرفة بأنه المنهج الحق، والخط الأقرب لرسول الله بل هو خط النبوة والإسلام الحق.
لذلك فإن كل من يعادي عقائد وأفكار ومبادئ التشيّع فإنه في ضلال، وأن نهايته الندم، وهذا هو مصير جميع الحكام الذين وقفوا ضد إحياء مراسيم وشعائر أئمة أهل البيت، فقد انتهى جميع الحكام الذين وقفوا ضد التشيّع الى الندم أو الى خارج الحياة، فيما بقي منهج أئمة أهل البيت مشعّا مضيئا متوقدا في جميع الأماكن وعلى مر الأزمان.
كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (كم من رجال، وكم من حكومات، وكم من أحزاب واجهوا التشيّع وأصبحوا خبراً في التاريخ. أمّا هذا المذهب فقد شقّ طريقه إلى الأمام وتجاوزهم من غير رجعة).
نقلا عن: شبكة النبأ للثقافة والإعلام