15 رمضان 1429 - 16/09/2008
شهر رمضان المبارك شهر متميز على بقية الشهور بروحانيته وبرامجه العبادية، وبالفعل يدخل الإنسان الصائم في مصحة نفسية وبدنية ليزكي نفسه من الذنوب العالقة به والمترسبة بداخله جراء الآثام الصغيرة والكبيرة التي ارتكبها خلال أحد عشر شهراً، لذلك قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) في تعريفه لاسم شهر رمضان (إنما سمي الفضيل كالمطر النازل على سطح الأرض، فينعشها ويرويها لتزهر بعطائها وخيراتها، وهكذا الإنسان يعيش أيام رمضان ولياليه ليستفيد من العطاء الرباني، فيطهر نفسه ويصلح سيرته وأعماله فيخرج من هذا الشهر بروح حديدة صالحة معطاءة، ومن الناس من يزداد طغياناً وعمياً وانحرافاً فيكون ممن ناله الخسران المبين، كنتيجة سيئة اشتراها دون ان يغتنم شهر الرحمة والمغفرة الإلهية رمضان الكريم.
يروى عن النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) إنه قال وهو يتحدث لجابر بن عبد الله: (يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام ورداً من ليله، وعفّ بطنه وفرجه وكفَّ لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من هذا الشهر...)، وهكذا يكون شهر رمضان مصحة بدنية، كما ورد في الحديث الشريف (لكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام) وقال (صلى الله عليه وآله): أيضاً (صوموا تصحوا).
والصيام هو في قمة التطوع والأداء دون إكراه، فالمسلم لو يعلم فوائد الصيام الجسدية والروحية، فإنه سيفضل الإتيان بالصيام المكتوب عليه وعلى الأمم السالفة، وسيتطوع أي يزيد عليه لنيل الفوائد الكبرى.
ولكي تتحول النفس الإنسانية إلى حدائق زاهرة تسودها عطور الإيمان والعمل الصالح فلابد للمؤمن ان يجلس في هذا الشهر العظيم جلسة التلميذ المنتفع من هذه الفرصة الذهبية فيقطف ثمار العطاء الإلهي بإطاعة القرآن الكريم والإكثار من قراءته منذ الليلة الأولى من رمضان ولغاية آخر ليلة منه، وإلى جانب ذلك الإكثار من الذكر والتسبيح والصلاة والأعمال العبادية المخصوصة الأخرى، ويقول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): (الله الله في القرآن لا يسبقكم إلى العمل به غيركم).
ومن خطبة شهر رمضان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أيها الناس.. أن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من أوزراكم، فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا إن الله أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين...).