27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008
في الوقت الذي تتصاعد فيه وتائر الشرس وموجة الغزو والفكري والثقافي للتحالف المشبوه المعادي للإسلام بمختلف قواه ومؤسساته ورموزه، فإنه في المقابل هناك التصاعد الإيجابي للصحوة الإسلامية المتنامية في أوساط الأمة بكافة شعوبها ودولها، بفضل أبناءها الرساليين وقياداتها المرجعية والعلمائية الواعية الداعية إلى الحق والعدل والكرامة الإنسانية، وهذه الصحوة إنما هي التوجه والاتجاه المبارك الذي يمتد إلى القلوب المؤمنة بالله تعالى ورسالاته المقدسة، وخصوصاً القلوب القوية الشابة، فينغرس في أعماقها، ثم ينعكس إشعاعه الفكري والمعنوي، كشجرة طيبة، تفرع وتثمر وعياً وحماساً وانشداداً للإسلام، ونقمة على أعدائه، وتصد شجاع لأنظمة الكفر والظلم. ولقد بات هذا الامتداد والتوسع مصدر القلق العظيم والشغل الشاغل لتلك الأنظمة الخائفة على مصالحها ومشاريعها بل وعروشها، فراحت تخطط وتتحرك لبلورة الاتجاه المضاد للصحوة الإسلامية، تجاه الاحتواء والتوجه المنحرف، عبر جملة طرق ووسائل من خلال الالتفاف على حركة النهوض وتحجيمها وضربها من الداخل بواسطة الأدوات العميلة والقطاعات الساذجة وصولاً إلى إجهاضها. ولما كان الشارع المقدس يملي الواجب والمسؤولية الحقة على المسلم والأمة بكل شرائحها وفئاتها بالتصدي المشروع لكل من يريد بالإسلام والمسلمين الأذى والضرر، ومقاومة الأعداء والمتآمرين حيث الآية القرآنية الكريمة:
(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار...) و(أعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، هذا إلى جانب كون الجهاد من فروع الدين الأساسية. الوسائل المعادية لضرب الصحوة: استغل الاستكبار العالمي ومؤسساته الرسمية المتمثلة بحكومات وأحزاب الدول الغربية بالذات، ومن وراءهم اللوبي الصهيوني لكل الوسائل لتحقيق هدف إجهاض الصحوة والثورة الإسلامية العالمية والقضاء التام عليها، ومازال يستخدمها حتى يومنا هذا في أرضنا الإسلامية، منها النماذج الخلقية المنحطة، والمجلات والصحف الخليعة، والإذاعات المسموعة والمرئية، والسينما والمسارح، ومحلات الدعارة وبيوتها والملاهي والمراقص والحفلات الماجنة ومعسكرات الشباب ومنظماته و(البلاجات) والمسابح المشتركة والرياضة وتعاطي الخمور، والتشجيع على استهلاك وسائل التجميل، والتشجيع على ارتكاب الجريمة، ودفع المجتمع نحو المخدرات واستغلال الإبداعات والأعمال الفنية لهذا الغرض، ومن تلك الفنون المستغلّة الزخرفة والرسم والموسيقى، واستغلال النتاجات الأدبية كالقصة والشعر، وتربية الشعب على تقليد الغرب الخليع في مختلف الشؤون كاللباس والسكن والسكون، وفسح المجال للجمعيات والنوادي المشبوهة والعناصر الفاسدة المرتبطة والمدعومة من جهات أجنبية معادية للإسلام والمسلمين، كالصهاينة والبهائية والماسونية. ويترتب على كل ذلك إبعاد النظام الإسلامي عن توجيه الحياة الإنسانية، وإحلال النظم الغربية المادية محله، بشكل كلي، أو جزئي في غالب الأحوال، وهنا تنوعت الأفكار التي مهد بها لهذه العملية فشملت:
- فكرة فصل الدين عن السياسة، وقصر الحياة الدينية على الشؤون الشخصية والعبادية، وترك الشؤون الاجتماعية للفكر التنظيمي الغربي. - ترويج الاتجاه الليبرالي المتحرر من التقيّد بالتوجيهات الدينية.
- تجنيد النهج العلماني في الحكم علناً ورسمياً، أو بشيء دستوري، كأن يذكر الإسلام كدين للدولة اسماً، والحيلولة دون تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية.
الإعلام القرآني جوهر النهوض من المؤكد أن لا سبيل من أجل النهوض بالأمة، وخصوصاً على صعيد التوجيه والبناء التربوي والثقافي، غير سبيل القرآن والدعوة القرآنية، فهو المصدر الأساسي والشافي للتوعية والتربية، وهو بمقتضى واقعيته وفطريته يقرر لزوم أن ينفذ إلى عمقه، ويرفض أي تقليد في العقيدة، ويدعو للبحث والبرهنة (قل هاتو برهانكم)، وهو يرفض أية عملية إكراه عقائدي (لا إكراه في الدين)، كما يريد من الأمة أن تكون من أولي الأيدي والأبصار، قوية ببصرها وبصيرتها.
وفي مجال التعامل مع الآخرين عمل الإسلام بالدعوة البيّنة الواضحة قبل كل شيء، حيث يقول القرآن الكريم: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن...).
وهنا يكرر الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) عبارة: (أدعوك بدعاية الإسلام)، في رسالته إلى كسرى أنو شيروان ملك الفرس وقيصر إمبراطور الروم، تطبيقاً لهذا التعليم الإسلامي السامي. مسؤوليات الإعلام الإسلامي هناك جملة من العدة المطلوبة للإعلام الإسلامي الفاعل على النهوض والتصدي وتتلخص:
أولاً: القدرة العلمية والثقافية إلى الحد المستوعب لكل جوانب الإسلام وأهدافه العامة.
ثانياً: الاستيعاب اللازم للفهم الاجتماعي العام، ومعرفة التحرك العالمي السياسي والاجتماعي وأساليبه ومحاوره.
ثالثاً: التعرف على فنون الإعلام المناسب.
رابعاً: الإيمان العميق الواعي بالإسلام وأهدافه الكبرى.
خامساً: التخلص من كل تبعية، أو ضيق أفق، أو مصلحة شخصية، والتجرد من كل ذلك لصالح الحقيقة.
سادساً: ملاحظة الأرضية الإيمانية المتوفرة في أوساط الأمة الإسلامية، فإنها خير مساعد وعدة على إنطلاق الإعلامي في مجاله المناسب.