15 صفر 1429 - 23/02/2008
ان اولى مهام محبي اهل البيت عليهم السلام، هي إعلاء شأن عاشوراء، وثقافة عاشوراء، ومواكب عاشوراء. وإحياء كل ما يتعلق بها ويخلد ذكراها ولا يخفى ان تلك مسألة محفوفة بالمخاطر والمشاق والصعوبات، لكنها مشاق عاقبتها الثواب الجزيل والأجر الجميل فالذين قدموا في هذا الطريق الخدمات الجليلة خالصة للامام الحسين (عليه السلام)، وتحملوا من اجل ذلك العناء والعذاب سيسجل لهم ذلك بأحرف من نور في سفر التاريخ، وفي المقابل ستكتب اسماء الذين وجهوا الاهانة لمواكب العزاء او تعرضوا للزوار بالاعتداء والتقتيل والتنكيل ستكتب اسماؤهم بأحرف من نار وهوان، ويرون العذاب الاليم في الدنيا قبل الاخرة.
وفي مثل هذا اليوم، ونحن نحيي مراسيم زيارة الاربعين للامام الحسين، الذي جعله الله سبحانه وتعالى مصباح هدى وسفينة نجاة ، ينبغي لنا جميعا ان نقوم بما يريده الله تعالى ويرضاه منا، ويكون محققاً لأهداف سيد الشهداء (عليه السلام)، وذلك من خلال مجموعة من الأعمال والخطوات المهمة والتي من شأنها إعلاء القضية الحسينية وسرعة إنتشارها:
1- ترسيخ اصول العقيدة الاسلامية من التوحيد، وما يتعلق به من صفات الله الثبوتية، وبعثة الأنبياء، وما يرتبط بها، وبعثة رسول الإسلام خاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وآله) وما يتصل بها، والامامة وبحوثها وإثباتاتها، والمعاد وشؤونه ونتائجه من الثواب والعقاب والجنة والنار.
2- تركيز الاخلاق الاسلامية التي هي الاخرى من اهداف نهضة الحسين (عليه السلام) وهو ضحى من اجلها بنفسه الشريفة، وأهل بيته الأطهار، وأكد على إحيائها قولا وفعلا.
3- تعظيم الشعائر الحسينية وبناء الحسينيات واقامة مجالس العزاء والمواكب، وإنشاء الهيئات وتعميم مظاهر الحزن والمصيبة، لأنها وسيلة مثلى لجذب الناس الى الدين، ليفتحوا له عقولهم ونفوسهم ويستلهموا بسببه كل خير ويحظوا بجوامع السعادة في الدنيا والاخرة.
4- ان سعادة الدنيا والاخرة رهينة مثلث يشكل طرفاه الاقتصاد السليم، والسياسة العادلة والطرف الثالث هو الفضيلة، وهذه اكد عليها القران الحكيم اكثر من مرة واعلنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) واميرالمؤمنين (عليه السلام) قولاً ومارساها فعلاً طيلة حكومتهما المثالية الفريدة، والفضيلة هذه كانت في طليعة اهداف نهضة الحسين (عليه السلام) في قيامه ضد بني امية الذين سحقوا القيم وافسدوا البلاد واذلوا العباد وفرضوا على الامة الاقتصاد البغيض، والاستغلال والسياسة الظالمة حتى اصبح المظهر العام للأمة غير الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبشر به العالم، وطبّقه في حياته الكريمة.
وقد ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) في ادعية عاشوراء: اللهم ان الامة خالفت الائمة... وهجرت الكتاب الذي امرت بمعرفته والوصي الذي امرت بطاعته... فأماتوا الحق وعدلوا عن القسط ... وتمسكوا بالباطل وضيعوا الحق ...
واذا عرف العالم اليوم ابعاد هذه المثلث: الاقتصاد السليم، والسياسة العادلة، والفضيلة. وفهم أبعاده، ووقف على حدوده التي جاءت في الاسلام صريحة وواضحة، لتسابق إلى اعتناق الإسلام ودخلت شرائحه في دين الله. كما كانت الاقوام بالامس تدخل الاسلام في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) بالمدينة المنورة حتى قال الله تعالى في القران الكريم ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
وأخيرا فأن التيارات السياسية والدينية وقياداتها الفاعلة مدعوة اليوم واكثر من اي يوم مضى الى المزيد من التواصل والتفاهم والتركيز على نقاط الاشتراك بينها، لأن ما يجمع هذه التيارات من مرتكزات الدين وميراث التاريخ، ومصالح الدنيا وتطلعات المستقبل، لهي أكثر بكثير مما يفرقهم ويمزق صفوفهم.
كما ان التماسك في مجتمعنا هو الذي افشل دائما مؤامرات الطامعين. وكان وسيلة للتغلب على مصاعب الحياة، ولا يزال النظام الديني المتمثل في الحوزات والمرجعيات والمساجد والهيئات، يقوم بدور فعال في رص الصفوف وتوحيد الكلمة وضبط النفس والدعوة الى نبذ التفرقة الطائفية حتى تنتهي الفتنة ومن ايقظها وتحل لعنة الله على الظالمين القتلة.