27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008
الأول من نيسان يوم يتحاشى الكثير منا أن يقع فيه بمصيدة الخدع والمقالب التي ينصب شباكها العديد من الأصدقاء رغبة في المزاح ورسم الابتسامة على الشفاء، والخروج ولو للحظات معدودة من روتين الحياة الحياة الثقيل المليء بالأخبار المؤلمة والمزعجة التي باتت تسيطر على كل أحاديثنا، ونشرات الأخبار التي تبثها الفضائيات فما من ساعة تمر إلا وتطالعك الفضائية الفلانية بخبر عاجل لانفجار سيارة مفخخة أو حزام ناسفة أو اختطاف أو تهجير قسري إلى ما هنالك من أساليب قذرة يبتكرها السفلة والحاقدين على الحياة.
بالأمس لفت انتباهي عدم اهتمام المواطن العراقي كما اعتدنا أن نراه كل عام بهذه المناسبة، فأصبت بالدهشة أولاً ثم انتابني شعور بالامتعاض الشديد المصحوب بأمطار الهم والغم والكدر مما دفعني إلى البحث و (البحوشة) والتفتيش في كل مكان يمكن أن أجد فيه ما يهدأ من شعور المصاب بالغثيان، ويجيب على تساؤلي، وعن السبب الذي جعل المواطن غير مبالٍ بكذبة الأول من نيسان فبدأت النبش والنبش في الحضر والمطبات وأكوام القمامة التي تحصل بها شوارعنا النظيفة، كما لا أنسى الجزرات الوسطية التي تعج بالأكياس البلاستيكية الصفراء والحمراء والسوداء ثم دققت النظر في مئات الصور لمرشحي الانتخابات السابقة وفي كل اللافتات والشعارات ذات الوزن الثقيل والمزروعة كالخناجر على إمتداد جسد الوطن، فلم أجد ما يسكت إلحاح تساؤلي، رغم وجود التيار الكهربائي تلك النعمة التي يعيش فيها أبناء الغابات في أفريقيا وحوض الأمزون، وما زلنا ننتظر سبوغها علينا بين حين وآخر.
وبعد أن تتسلل اليأس إلى نفسي بدأت بهرش فروة رأسي رأسي ومداعبة لحيتي، حبست على صخرة كبيرة وضعت في حديقة لا ادري إن كانت دائرية أو مربعة، لعدم وجود السياج، أو ما يوحي أنها كانت يوما حديقة كانت تنعم بالماء والخضرة ومرور الوجوه الحسنة قريبا منها، ومرت اللحظات ثقيلة وأنا أستنشق الهواء الممزوج بالتراب حتى كتب عليها (سنجعل من الصحراء بساطا أخضر) وعلى الفور أدركت السبب الذي جعل الناس يعزفون عن كذبة نيسان ولا مبالاتهم عنها في ذلك اليوم، وأيقنت أن لغة (السعملانية) التي قتلت آمالنا واستباحت أحلامنا.
وللذين لا يعرفون لغة السعملانية، فإنها باختصار شديد اللغة التي تبدأ كلماتها بحرف السين المستقبلي والتي مزقت طبول آذاننا على إمتداد أربع سنوات من عمر الديمقراطية (نص اردان) منها على سبيل المثال (سنعمل، سنقرر، سندبر) والتي يستخدمها السعملانيون) الجدد.
وإذا ما كانت المشاريع الصغيرة التي يعلن عن تنفيذها و(سوف) تقوم الجهات المختصة بـ(لكش) الملايين من الدولارات، فما بالنا وهم يعلنون أنهم (سيجعلون) من الصحراء بساطا أخضر؟ ثم ماذا لو تم التركيز أولا على مراكز المدن وفرشها ببساط (معمر القذافي) وكتابه الأخضر؟ وبين انشغالي وتفكيري وما سيجني منه السعملانيون من عملهم السعملاني من أموال طائلة منتوفة سراً وعلناً من المشاريع سواءً كانت خلف الكواليس أو تحت الطاولات وكراسي المطاعم الفاخرة حيث العزائم والولائم العراقية الدسمة، تذكرت المثل القائل (الكذب المسفط خير من الصدق المخربط) ثم أدركت إنما قيل للسياسيين أنهم سياسيون لكثرة استخدامهم لحرف السين المستقبلي ليس إلا..