16 ربيع الثاني 1435 - 17/02/2014
لم يحظ اي قانون صدر عن مجلس النواب العراقي بقدر كبير من الشجب و التنديد من قبل الشعب العراقي بمثل ما حظي به قانون تقاعد البرطمانيين , والذي حمل بين طياته كم هائل من الأستفزاز و الاستهانة بمشاعر الشعب العراقي , و كشف بصورة واضحة عن عملية خطيرة و كبيرة للتلاعب بمقدراته تتم في اروقة و كواليس مجلس النواب العراقي , والذي من المفترض ان يكون بمثابة الحارس الأمين على اموال الشعب العراقي , لكننا و مع بالغ الاسف نشهد تراجعا و انهيارا في الثقة التي منحها الشعب لهؤلاء البرطمانيون , بإعتبارهم يمثلون حلقة الوصل بين الحكومة و الشعب للتعبير عن رغباته و مصالحه و هموم جميع المواطنين دون استثناء او تمييز عرقي او ديني او طائفي , فأصبح المجلس المحترم و كما يقول المثل الشعبي حاميها حراميها .
و على الرغم من خطورة قانون تقاعد البرطمانيين و تجاوزاته الدستورية و القانونية إلا أنه كشف لنا العديد من الجوانب المبهمة لما يجري تحت ( كبة ) البرلمان , و اسقط العديد من اوراق التوت عن عورات البرطمانيين , ومزق أقنعة الكثير ممن كانوا يتخفون وراء واجهات لتيارات و احزاب و ائتلافات سياسية مهمة على الساحة العراقية , فما أن تمت عملية التصويت على القانون وظهر الى العلن حتى تصدت له الجماهير العراقية و على كافة المستويات و الانتماءات الفكرية نظرا لما يحمله من شرعنة مفضوحة لسرقة أموال الشعب العراقي و في واضحة النهار , وصار بعض نواب البرطمان يرفع لواء الدفاع عن محرومية الشعب العراقي , ويسهب في كل لقاء تلفزيوني عن عورات هذا القانون , و يقسم انه لم يكن من المؤيدين لهذا القانون , و إنه تم في غفلة عن الشعب العراقي الذي كان منشغلا بالعمليات البطولية التي يقوم بها الجيش العراقي ضد الإرهابيين من بني داعش و القاعدة , وإنه ( البرطماني ) امتنع عن التصويت , لأن القانون يخالف ضميره الوطني و الديني و الأخلاقي .
لكن الغريب في الأمر و قبل الكشف عن اسماء المتورطين بجريمة التصويت ب نعم على القانون , لم نجد احدا من البرطمانيين يمتلك قدرا من الشجاعة ليظهر امام شاشات التلفاز رافعا صدره و نافخا عضلاته و يقول : نعم , لقد كنتُ من المصوتين بنعم على هذا القانون , فكان كل عضو برطماني يدفع عن نفسه تهمة التصويت بنعم بصورة او بأخرى , حتى باتت الجماهيرلا تدري من قام بالتصويت لصالح القانون .
أحد البرطمانيين صرح مبعدا عن نفسه تهمة التصويت قائلا : لقد كنت اتمتع بالإجازة أثناء عملية التصويت , فقد كنت في ذلك اليوم اشتري مجموعة من ملابس ( الباله ) كي ألبسها بعد انتهاء اجازتي لأذهب بها الى البرلمان .
و قال ناعب آخر : في الحقيقة أنا كنت في المركز الصحي الفلاني من أجل إجراء عملية جراحية صغيرة لأصبعي ( المدوحس ) , حتى إسألوا الفراشة أم حمزة فهي التي كانت تقف الى جانبي , و تطمئنني و تبعد عني الخوف و تصبرني على تحمل ابرة المخدر , و هي ( ام حمزة ) التي حملتني الى سيارتي بعد الانتهاء من العملية , لأني لم استطع المشي بصورة صحيحة , فقد كنت اترنح يمينا و شمالا بسبب جرعة المخدر التي اخذتها في الوريد من اجل إجراء عملية الإصبع المدوحس .
و قال ناعب ثالث وهو يفرك عينيه : لقد كنت نائما أثناء عملية التصويت , لأني كنت ساهرا في الليلة التي سبقت التصويت على القانون امام شاشة التلفزيون أُشاهد ( فلم أكشن ) , و حين صحوت من غفوتي وجدت يدي مرفوعة دلالة على قبولي بالقانون , وما أدري يكمن الناعب الذي كان يجلس بجانبي هو من رفع يدي , و سأرفع قضية امام المحكمة اتهمه بذلك , و سوف يظهر الحق ( وقل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) .
و قال ناعب رابع : وروح ابوي اللي ما احلف بروحه كذبا , أنا كنت أقف في طابور طويل جدا مع المواطنين البسطاء من ابناء الشعب للحصول على مواد البطاقة التموينية , لأنكم تعرفون ان راتبي البرطماني لا يكفي لسد كافة احتياجاتي , ولذلك أجد نفسي مضطرا للحصول على مواد البطاقة التموينية رغم قلتها و تناقص عدد المواد فيها .
وصرح ناعب خامس : لقد كنت في البيت مع مجموعة من اطفال الجيران نشاهد ( توم و جيري ) على قناة سبيستون , و اللي ما يصدك خلي يسأل ابناء الجيران فهم الأقدر على تبرئتي من هذه التهمة الشنيعة .
و السؤال هنا : مَن صوت لصالح القانون إذا كان جميع البرطمانيين يتبرأون من التصويت براءة الذئب من دم يوسف ( عليه السلام ) ؟.
يقال , أن لكل إنسان قرين من الجن , يرافقه اينما ذهب , حسبما يقول اساتذة السحر و النائب البرطماني غير مستثنى من ذلك , و بالتالي فإن الذي قام بعملية التصويت لصالح القانون هم قرناء السوء من الجن الذين حضروا بدلا عن النواب اثناء اجراء عملية التصويت , وهنا تسقط عن البرطمانيين تهمة التصويت , و الحق كل الحق على قرناءهم من الجن , كما يسقط اي مبرر للمظاهرات و الإعتصامات التي قام بها ابناء الشعب شجبا و استنكارا ضد قانون تقاعد البرطمانين , وإذا ما تأكدت الجماهير فعلا ان قرناء السوء من الجن الذين يتلبسون البرطمانيين فإن ذلك يستدعي عرض جميع اعضاء البرطمان القادم على ساحر محترف ليخرج لهم قرناءهم الذين يتلبسونهم عن طريق تعرضهم للضرب المبرح بسوط رمان أو (صوندة ) محشوة حصو و في جلسات مسائية و صباحية خاصة قبل ( الريوك ) و العشاء حتى لا يقعوا كما وقع زملائهم الحاليين في حيص بيص بعد التصويت على قانون تقاعد البرطمانيين ا ...