10 شعبان 1429 - 12/08/2008
فتى... أشبهُ الناس بجده حبيب الله ورسوله محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً، أبصر النور في الحادي عشر من شهر شعبان سنة ثلاث وثلاثين للهجرة، في بيت يتمتع بالحضور الكامل للإيمان والتقوى بيت رحب الفكر واسع المعرفة مزدحم بالصالحين والطاهرين والذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، الذين لا يفتأون يحرصون على صيانة مبادئ رسالتهم، ويتمسكون بحرفيتها، ويرفعون ألوية العقيدة عالياً، الأمر الذي يفسر دعوة الله للناس كي يحبوا ذلك البيت ويودوه، ويحاربوا من يكرهه ويعادوه.. بيت عامر بكل ما يمت للإسلام بصلة وللحق والحقائق فنشأ هذا الوليد فاتحاً عينيه في أجواء الصفاء والشرف والسؤدد، وبيئة الخير والصلاح والهدى، ومن شأن هذا الوليد أيضا أن ينشأ على إفاضات ذلك البيت النبيل، وقبسات رجاله الذين أنيطت بهم حراسة القضية الإسلامية، وصيانة الشرع الشريف، وحفظ الدين المحمدي الحنيف، فتشرب بأخلص العواطف وصادق الحنان، وراح جسده ينمو وتنمو مشاعره السليمة وروحه الطاهرة على أسمى معاني المؤمنين الأتقياء، ومزاحمهم الجميل معه.
وقد ترعرع علي الأكبر في تلك الأوساط الإيمانية الزاخرة بالخير والحب والعطاء، حيث قضى سني حياة صباه يدرج بين صفوة الرجال وصفوة النساء، وخيرة الفتيان والصبيان، بين شخصيات جليلة القدر وشباب يسمون نحو الكمال والعز والإباء، وهو ملء العين، فتخطى الزمن وتجاوز الأيام، مضى يقضي أياماً زاهرة وليالٍ مباركة، وأشهراً وسنيناً خالدات، متسلقاً الدهر، يعلو فوق هامة التاريخ شخصاً فريداً في مجمل خصوصياته، وشاباً خلاقاً في ربيع حياته، ورجلاً بطلاً يتفرد في مميزات جمة جليلة وسامية.
وقد دلت القرائن المتعدد على المنزلة الرفيعة له عند أبيه أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وتقدُمه على من معه من أصحابه وأهل بيته عدى عمّه العباس (عليه السلام) فإن المؤرخين اتفقوا على أن الحسين (عليه السلام) لما اجتمع ليلة عاشوراء بابن سعد أمر من كان معه بالتنحّي عنه إلاّ أخوه العباس وابنه عليّ الأكبر (عليهما السلام) وكان مع ابن سعد غلامه وابنه حفص.
ولما خطب (عليه السلام) يوم عاشوراء وسمع بكاء عياله قال لأخيه العباس وابنه عليّاً الأكبر إسكتاهنّ فلعمري ليكثر بكاؤهنّ.
ولقب (عليه السلام) بالأكبر لكونه أكبر من الإمام زين العابدين (عليهما السلام) وقد صرّح بذلك السجاد (عليه السلام) حين قال له ابن زياد: أليس قتل الله علياً؟ فقال الإمام: كان أخ أكبر مني يسمى علياً فقتلتموه
فقال ابن زياد: بل الله قتله.
فقال الإمام: الله يتوفى الأنفس حسب موتها.