توسّعت وانتشرت أسواق محافظة كربلاء بصورة ملفتة للنظر وأخذت تملأ جميع أحيائها السكنية، إلا أنها أغفلت نقطة هامة قد تتسبب لها بخسائر زبائنها، وهي إيجاد أسواق خاصة بالنساء يجدن فيها ما يحتجن من مستلزمات نسائية دون اللجوء إلى الأسواق الحالية التي عادة ما يكون كادر عملها من الرجال، حيث تفتقر كربلاء المعروفة بقدسيتها وتمسكها الديني والعشائري لأسواق ومحال بكوادر نسائية مئة بالمئة.
وتقول إحدى ربات البيوت في كربلاء: بأنّ "بيع الرجال لمستلزمات نسائية خاصة يسبّب إحراجاً للمرأة وهي كثيراً ما تتراجع عن شراء احتياجاتها، وبالتالي فهي بحاجة إلى أسواق بكوادر نسائية".
وبالرغم من أن بعض المحال التجارية (المولات) أخذت تحذو بهذه الخطوة المهمّة، إلا أنها لا تتعدى عدد أصابع اليد مقارنة بعدد المتبضّعات اللواتي تختلف وتزداد احتياجاتهن أكثر من الرجال.
المواطنة أم أمير من مدينة كربلاء، تحدثّت وهي تقف عند محال لبيع المستلزمات النسائية بأنّها "مضطرّة لشراء ما تحتاجه من مستلزمات خاصة من البائعين الرجال لعدم وجود محال بكوادر نسائية وخاصة في مركز المدينة الذي يفتقر نهائياً لأسواق النساء".
وتضيف بأنّ "القليل من المجمّعات التجارية التي تنتشر بصورة كبيرة في كربلاء؛ تمتلك كواد نسائية عاملة ومع ذلك فحريّة المرأة تنعدم في الاختيار لاختلاط محالّها بأخرى للرجال"، مشيرةً إلى "ضرورة إيجاد مجمّعات تجارية تنحصر بالنساء فقط".
فيما تشاركها في الرأي نفسه، المواطنة وسن جبار (31 عاماً) بالقول: بأنّ "اقتصار محال بيع الملابس النسائية والمستلزمات الخاصة كالعطور ومواد التجميل على البائعين الرجال يسبّب إحراجاً لدى المرأة التي لا تأخذ حريتها في اختيار ما تحتاجه".
وتبيّن جبار التي بدا عليها استحياؤها من اللقاء لأنني (رجل) فكيف بالبائع؛ بأنّ "بعض البائعين يحاولون استغلال المرأة ومضايقتها؛ أو ممارسة تصرفات غير لائقة أمامها، مما يدعو إلى إيجاد محال بكوادر نسائية وخصوصاً لمستلزمات المرأة (الحساسة)"، مضيفةً بأنّ "الكثير من البلدان العربية والإسلامية أنشأت منذ السنوات الماضية أسواقاً نسائية، فلماذا لا يتم تفعيلها في العراق وخاصة بالمدن المقدسة..؟"، بحسب قولها.
وعن الأسباب التي تحيل دون إيجاد أسواق نسائية في كربلاء، يوضّح فؤاد فيصل صاحب محال لبيع الكماليات النسائية بمركز المدينة بأنّ "قلة اليد العاملة من النساء ونظرة المجتمع السلبية للمرأة العاملة في الأسواق تمنع الكثيرات من افتتاح محال لبيع المستلزمات النسائية بالرغم من ضرورة كربلاء لمثل هذه المحال".
ويضيف بأنّ "المرأة تصاب بالخجل عند شراء مستلزماتها الخاصة من البائعين الرجال، وهو ما يواجه الأمر نفسه في محاله، ونتيجة لافتقار المدينة للأسواق النسائية تدفع الرجال إلى افتتاحها خصوصاً وإن بيع اللوازم النسائية يجلب بالفائدة والربح الكبير للبائعين".
ويكمل فيصل حديثه بأنّ "المرأة في احتياج مستمر لشراء الكماليات، ونلاحظ بأنّ النساء كبيرات السن هنّ من يقمن بعملية شراء احتياجات بناتهن؛ وهذا الأمر يحرم الفتيات من اختيار البضاعة حسب رغبتهن الخاصة"، لافتاً إلى إنّ "النساء العاملات يقتصر وجودهن في بعض المجمّعات التجارية الخارجية ويتحرّجن هنّ أيضاً من افتتاح محال داخل مركز المدينة المكتظّ بالناس".
أما صاحبة محال لبيع مستلزمات التجميل النسائية وأسمها جنان شذر فأرجعت هي الأخرى أسباب قلة الكوادر النسائية العاملة في الأسواق إلى نظرة المجتمع الضيقة لهنّ، مبينة بأنه "ليست المرأة وحدها من تطالب بإيجاد الأسواق النسائية، حيث يفضّل الأزواج والآباء إيجادها كمظهر من مظاهر الرقيّ والمحافظة على خصوصيات المرأة عند الشراء".
وتتابع حديثها بأنّ "زبوناتها يبدين ارتياحاً كبيراً أثناء الشراء ويستطعن السؤال عن أي شيء يدور في أذهانهن بخصوص البضائع من غير حرج أو صعوبة، إضافة إلى سهولة تجربة البضاعة وأخذ المقاسات المطلوبة قبل شرائها".
من جهتهِ يشير المواطن ماجد أموري إلى إن "أمر إيجاد أسواق خاصة بالنساء دون الرجال في مدينة كربلاء أصبح مطلوباً للغاية، حيث تستطيع المرأة شراء مستلزماتها الضرورية بحريّة عندما تجد محال بكوادر نسائية خالصة".
ويؤكّد أموري بأنّ "المحال النسائية تُشعر المرأة بالراحة عند الشراء، وكذلك جمع البضائع النسائية داخل المحال دون عرضها أمام المارة، حيث نأسف كثيراً لتعمّد العديد من البائعين إلى عرض البضائع النسائية الخاصة بصورة (فاضحة) وخادشة للحياء أمام النساء دون مراعاةٍ لحرمة المدينة المقدسة وزائريها".
ويختتم حديثه بالقول بأنّ "النساء لا يطالبن بأسواق نسائية لجميع البضائع؛ وإنما تقتصر على المستلزمات الخاصة من الملابس والكماليات التي يجدن صعوبة كبيرة في شرائها من البائعين الرجال"، لافتاً إلى إنّ "للحكومة المحلية دور في هذا الموضوع من خلال بناء مجمّعات وأسواق للنساء، وبالتالي توفير البضائع الجيدة وإيجاد فرص عمل مناسبة للمرأة الكربلائية".