4 جمادى الأولى 1429 - 10/05/2008
لقد علمت السيدة زينب سلام الله عليها الدنيا بأسرها معنى الصبر على المحن مهما عظمت وعظم وقعها فلم تجزع ولم تهن بل بقيت كالجبل الأشم صامدة في وجه يزيد الكفر والضلالة بعد أحداث ملحمة الطف الخالدة.
فكانت الشريكة المثلى لهذه الثورة المعطاء، هذه المرأة العظيمة عاصرت أباها أمير المؤمنين عليه السلام أخا رسول الله صلى الله عليه وآله لخمس وثلاثين عاماً كانت خلالها القريبة الى قلبه والعزيزة عليه وكان هو الأقرب الى نفسها والأشد تأثيراً عليها لذلك تقمصت شخصيتة في شجاعته واقدامه وفي فصاحته وبيانه وفي عبادته وانقطاعه الى الله وفي سائر الفضائل والخصال الكريمة التي ورثتها عنه بعد أن تربت في أحضانه وتتلمذت على يديه طوال خمس وثلاثين سنة.
ومن اشراقات عظمة السيدة زينب (عليها السلام) ان تتنافس البقاع والبلدان على ادعاء شرف احتضان مرقدها ومثواها، ففي اكثر من بلد تقام الأضرحة وتشمخ القباب والمنائر باسمها تبركاً وتيمنناً بهذه الشخصية العظيمة.
^1الموقع^/1
يقع مقام السيدة زينب (عليها السلام) في الجهة الشرقية الجنوبية على بعد سبعة كيلومترات من دمشق، وقد أصبحت المنطقة تعرف كلها باسم السيدة زينب (عليها السلام) وهي تزدهر بنورها وترى اليوم في مقامها المقدس كثرة الزوار من مختلف بلاد العالم يتبركون بها وبمرقدها.
والمقام يشتمل على ضريح فضي وقبة مذهبة و مئذنتين شامختين واروقة مزخرفة بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
هذا بالإضافة الى الحوزات العلمية التي تأسست في جوارها ببركة هذه السيدة العظيمة وقد وضع آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) حجر الأساس لاول حوزة علمية في منطقة السيدة زينب (عليها السلام)، فأسس (الحوزة العلمية الزينبية) المباركة في سنة 1395هـ 1975م وهي تقوم بتربية العلماء والفضلاء لخدمة الدين الإسلامي.
^1المشهد الزينبي في دمشق^/1
تقوم روضة السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في أرض منبسطة فيحاء في خراج قرية ( راوية ) في الغوطة الجنوبية من دمشق، وتبعد نحو سبعة كيلومترات عن مدخل دمشق.
إن المشهد كائن في الجهة الغربية من القرية، وهو مؤلَّف من صحن واسع وحرم وللصحن مدخلان: غربي وشمالي؛ فالغربي أمام سوق القرية وإليه تصل السيارات.
والمدخلان يوصلان إلى الصحن ومنه إلى الحرم الذي يحتوي على الضريح، وأبعاد البناء الخارجية 90 × 90 متراً وعلى يمين المدخل الغربي ويساره غرف للإدارة والاستقبال. وبعد اجتياز المدخل إلى الصحن الذي عرضه 18 متراً في طرفه الغربي والشمالي غرف لمبيت الزائرين عددها الآن حوالي 45 غرفة، ويُنتَظر أن تصل إلى 80 غرفة. وهذه الغرف مبنية بتبرعات المحسنين الذين تُقرأ أسماؤهم فوق أبوابها.
ويتقدم الغرف من الداخل رواق عرضه ( 5 , 4 ) متر مسقوف بالإسمنت المسلّح المرتكز على أعمدة من الحجر البازلتي الأسود.
وفي وسط الصحن: الحرم، وله باب ذو رتاج مُصفّح بالنحاس الأصفر المنقوش، وأمام الباب مصطبة بطول الجدار الغربي يعلوها رواق محمول على دعائم من الحجر البازلتي أيضاً. وفي طرفَي الحرم من الناحية الغربية مأذنة متوسطة العلو مدورة ذات أحجار بيض جميلة حديثة التجديد.
أما الحرم فمبني بالحجر والإسمنت المسلح والأرض مفروشة بالرخام الإيطالي الأبيض، وفوقه قبة راكبة على ثمان دعائم ضخمة، ويحوي أيضاً 26 نافذة وله أربعة أبواب من جميع الجهات، وزيّن داخل الحرم بثريّات ذات أنوار ساطعة.
^1الضريح المقدس^/1
يقع تحت القبة يحيط به قفص جديد أبعاده 5, 3 ـ 5 , 4 متر، وهو من طراز الدرابزون ذي الحلقات الصغيرة مصنوع من الفضة الخالصة بمنتهى الإتقان، أهدته أسرة حبيب الباكستانية سنة 1954م. وفي الداخل:الصندوق الخشبي الموضوع كغطاء فوق قبر السيدة زينب عليها السّلام وهو من خشب الأبنوس المقطّع كالفسيفساء والمطعّم بالعاج وأسلاك الذهب، وهو من أروع التحف الفنية وأجملها، صنعه أكبر فنان في طهران وأهداه بعض وجهاء إيران. أما قيمته فلا تقدر بثمن وقد جُلب ووضع في مكانه سنة 1955 باحتفال كبير، وقد أحيط بقفص من ألواح البلور.
أما الحرم فيعج بالزوار من دمشق ومختلف الأقطار الإسلاميّة كجبل عامل وبعلبك والعراق وإيران وباكستان والبحرين، ويبيت بعض هؤلاء في الغرف التي حول الصحن أياماً معدودات عددها سبعة أيّام كحد أقصى خاصة في المواسم مثل: العاشر من المحرم، العشرين من صفر، المولد النبوي الشريف، النصف من شعبان.
وفي الطرف الغربي من المشهد مسجد حديث بُني سنة 1955 بالحجر والإسمنت، وهو مربع الشكل وأبعاده 20 × 20 متر ذو سقف حجري منوّر ومغطّى بألواح البلّور.
وقد كان العامل على قيام البناء في المشهد على ما هو عليه الآن من الفخامة بعد أن ظل قروناً عديدة على بساطته، هو أن السيّد محسن الأمين خلال إقامته في دمشق وجّه رسائل إلى أشخاص معينين في مختلف المدن الإيرانية دعاهم فيها إلى التعاون على جمع التبرعات لتشييد مقام يليق بالسيدة زينب عليها السّلام، فلم تلبث أن وردت عليه مبالغ على عدة دفعات، فلمّا رأى هذه الاستجابة ألّف لجنة خاصة تتلقى هي هذه التبرعات وتنظّم أمورها وتباشر أعمال تجديد البناء، وهكذا استمر العمل واتسع بتوجيهه وإشرافه.
وقد كان قيام ما قام مشجعاً على الاستمرار بعد وفاته، وهكذا وصل المقام إلى ما وصل إليه اليوم.