b4b3b2b1
مزار الحَمزة الغربيّ | أشرف البقاع.. مكة المكرمة | مرقد الشاه ابراهيم | السادة الأربعة المعروفون بـ (ملا آقا بابا) | السيدة نفيسة | التل الزينبي.. مكان وقوف عقلية بني هاشم يوم عاشوراء | الحرم الحسيني.. باب للرحمة وقبة يستجاب منها الدعاء | قبر السيدة راحيل ام النبي يوسف وزوجة النبي يعقوب (عليهما السلام) | القاسم ... الهوية الطاهرة والسلالة المقدسة | مرقد الحمزة الغربي.. مشهدٌ يلوح بالإباء ويقارع الزمان بالبقاء | ضريح الامام الرضا (عليه السلام) بين الاصالة والتجديد وتبديله خمس مرات خلال 450 عام | مرقد السيد سلطان محمد شريف رضوان الله تعالى عليه |

جامع براثا.. مهوى قلوب العارفين ومأوى المتهجدين

278

 

27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008

مسجد براثا من المساجد المعروفة في بغداد، ويقع في طريق بينها وبين الكاظمية وقد تحدث عنه الحموي في معجم البلدان ووردت عن أهل البيت (عليهم السلام) روايات من فضله، وقد تناول الحديث عنه وعن فضله بشي من التفصيل الشيخ القميّ في كتابه مفاتيح الجنان، ونورد هنا رواية رواها الصدوق في (مَنْ لا يحضره الفقيه) و(الشيخ في التهذيب) عن الصحابي المعروف جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (صلى بنا علي (عليه السلام) ببراثا بعد رجوعه من قتال السراة (الخوارج) ونحن زهاء عن مئة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته فقال: أين عميد هذا الجيش؟ قلنا: هذا، فأقبل عليه فسلم عليه ثم قال: يا سيدي أنت نبي؟ قال: لا، النبي سيدي قد مات، قال فأنت وصي نبي؟ قال: نعم، ثم قال له: أجلس، كيف سألت عن هذا؟ إنما بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع إلاّ نبي أو وصيّ نبيّ، وقد جئت أُسلم، فأَسلَمَ وخرج معنا إلى الكوفة فقال له علي (عليه السلام) فَمَن صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم وأمه فقال له علي (عليه السلام) فأخبرك من صلى ههنا؟ قال: نعم، قال الخليل (عليه السلام). أما الراهب فقد بقي في الكوفة حتى استشهد أمير المؤمنين سنة 40 هت، فعاد الراهب واسمه (حباب) إلى مسجد براثا).

تعد منطقة براثا أقدم معالم بغداد في تاريخ الإسلام قبل تأسيس مدينة السلام (بغداد) بـ (108) سنة، إذ كانت ديراً نصرانياً.. وبراثا هو اسم باني الدير ومعنى براثا بالسريانية (ابن العجائب) وفي اللغة العربية تعني (الأرض الرخوة الحمراء).

وذهب البعض إلى أن هذا المكان كان قبل الإسلام صومعة للسيد المسيح (عليه السلام) وفيه بيت مريم العذراء (عليها السلام) وأرض عيسى (عليه السلام)، حيث قيل إنّ العذراء (عليها السلام) أتت هذا المكان عندما خرجت من بيت المقدس حاملة سيدنا عيسى (عليه السلام) وقد أشار كتاب الله العزيز إلى ذلك في الآية 21 من سورة مريم (فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً)، وصلى فيه إبراهيم الخليل (عليه السلام) والنبي عيسى (عليه السلام) والنبي دانيال (عليه السلام).

لقد توجهت الأنظار وزاد الاهتمام بسمجد براثا أول الأمر سنة 239 هـ، وصار من مساجد بغداد المشهورة ثم هدم بأمر المقتدر العباسي حتى سوي بالأرض وعُفيَ رسمه، خوفاً من تجمع الناس فيه ومعارضتهم للحكم العباسي، ومكث خراباً حتى سنة 328 هـ، عندما أعيد بناؤه وتم توسيعه وسّقف بالساج المنقوش في زمن الراضي بالله العباسي... وفي عهد المتقي بالله سقطت صاعقة على بغداد، فأصيب الجامع بأضرار فأمر الخليفة بنقل المنبر الذي بناه هارون الرشيد، من جامع المنصور إلى مسجد براثا وبقي فيه حتى سنة 656 هـ، عندما خرجت بغداد على يد المغول.

وشهد المسجد على امتداد التاريخ عدة عمليات توسيع ولعل أهمها تشييد مئذنتين في أعلى المسد سنة 1375 هـ واستمرت أعمال البناء والتجديد حتى الوقت الراهن.

أهم المعالم الأثرية الموجودة في المسجد

(1) الحجارة البيضاء

وهي الحجارة التي يحكى أن مريم (عليها السلام) وضعت عليها عيسى (عليه السلام) من على عاتقها. وتحمل الحجارة نقوشاً جميلة محفورة تعود لما قبل الإسلام، وتؤكد قدم الموضع. وقد نقرت على جانبي النقش بالخط النافر أسماء المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) وهذا الحجر المبارك النفيس من الآثار الباقية للمعبد القديم والمسجد الجامع العتيق، وهو من الذخائر النفسية والشواهد المباركة والآثارة المهمة.

(2) بئر أمير المؤمنين (عليه السلام)

وهي البئر التي حفرت بأمر الإمام علي (عليه السلام) عندما نزل في موضع براثا، حين قال الإمام، أحفر هاهنا بئراً، فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها الإمام فأنفلقت عين ماء ثم قال: اكشفوا ههنا على سبعة عشر ذراعاً، فكشفوا فإذا صخرة بيضاء، فنصب أمير المؤمنين الصخرة وصلى عليها وأقام أربعة أيام مع جيشه قبل عودته إلى الكوفة... وقد اندثرت البئر خلال العهود الماضية ثم كشف عنها قبل عدة سنوات وأحيطت بقية زجاجية للحفاظ عليها والتبّرك بمائها العذب.

(3) الحجارة السوداء المنقورة

وهي حجارة سوداء تقع أمام البئر مباشرة، وعادة ما يجتمع الكثير من الزوار حولها، وتسمى بالحجارة السوداء أو (المنطقة) فيها نقرة والناس يعتقدون بأن الماء المصبوب في نقرة هذا الحجر إذا ما سقي به طفل يشكو من صعوبة النطق فإنه بعد ذلك سينطق بإذن الله تعالى وتحل عقدة لسانه بحسب اعتقادهم.