29 ذي الحجة 1428 - 09/01/2008
يعدُ التصوير الشمسي (البورتريت) من المهن الشعبية الجميلة التي كان لها في مدننا العراقية منذ فترة العشرينيات والى أواخر التسعينيات حضور واسع ومتألق ولا تزال هذه المهنة في محافظة كربلاء تمارس من قبل مصورين قليلين جداً وفي نطاق محدود للغاية فهذه الصنعة الفنية التقليدية لم تعد اليوم قادرة على التواصل ومواكبة التطور والتقدم الكبير الذي حصل في تكنولوجيا الفوتوغراف وعالم الكاميرات المثير والمدهش في تقنياته وأساليبه العلمية والفنية فكاميرا التصوير الشمسي البدائية الصنع والأداء أصبحت لقدمها وانتفاء الحاجة إلى استخدامها شيئاً من التراث الشعبي، فهي فضلاً عن ضيق افقها الفني وكلاسيكيتها التي تجاوزها العصر وفضلاً عن عجزها التقني واعتمادها الكلي على ضوء الشمس وتخصصها بالبورتريت الشخصي النصفي فإنها مقتصرة على التصوير السريع جداً للمعاملات الرسمية لذلك فإن مهنة التصوير الشمسي تلتقط في هذه الأيام أنفاسها الأخيرة وتوشك على الزوال بعدها نرى كاميرا البورتريت الشخصي القديمة تحفة نادرة في المتحف وللتعرف على فن التصوير الشمسي وأسراره الخفية التقينا عدداً من المصورين في محافظة كربلاء والتقينا الباحث المهتم بتدوين تراث المدينة الأستاذ سلمان هادي آل طعمه.
شيء عن الماضي القريب
حدثنا الأديب سلمان آل طعمه عن مصوري كربلاء أيام زمان قائلاً: كان المصور في الماضي القريب يسمى بـ(العاكس) نسبة إلى العكس أي انعكاس الصورة على العدسة والعكس باللهجة الشعبية معناها الصورة وقد يعبر عنها بـ(الرسم) أيضاً وكان المصورون في العهد العثماني يصورون الشخصيات البارزة في المدينة والوفود العربية والإسلامية التي تقدم لزيارة العتبات المقدسة وفي الحرب العالمية الثانية افتقد المصورون (الفلم) الذي يطلق عليه اسم (الكات فلم) وأصبح نادراً يصعب الحصول عليه مما أضطر المصورين إلى استخدام الأفلام العادية لتصوير الأشخاص ومن المصورين المعروفين في كربلاء في فترة الخمسينيات والستينيات محمد كاظم محمد علي وباقر أحمد الحسيني وجواد تقي الموسوي وإبراهيم تقي التربجي وغيرهم.
وعن كاميرا التصوير الشمسي حدثنا المصور حياد الجميلاوي قائلا: هذه الكاميرا ألمانية الصنع تستخدم للتصوير الشخصي النصفي بالأبيض والأسود فقط وسمي تصويرها بالشمسي لاعتمادها في الإضاءة على الشمس فبدون الشمس لا تظهر الصورة وهي تتألف من الأجزاء الآتية:
البدن الخارجي وفي داخله صندوق الأفلام.
حوض الحامض داخل الصندوق.
كاسيت الصور ويوضع فيه الفلم.
عدسة التصوير الأمامية.
كيس أسود يحجب الضوء عن الفلم من الفتحة الخلفية.
حمالة الكاميرا المكونة من ثلاثة أضلاع خشبية قوية.
طلبنا من المصور احمد هاشم حسين ان يتحدث عن خطوات التصوير فقــــال: يجلس الشخص المراد تصويره أمام عدسة الكاميرا على كرسي موجها نظره إلى العدسة ثم يقوم المصور بتجهيز الفلم في الكاميرا بعد ذلك يطلب من الشخص المراد تصويره تركيز نظره على العدسة فيسحب المصور غطاء العدسة لتلتقط الكاميرا صورة الشخص الجالس فيبدأ المصور العد التنازلي من 10 إلى 5 ثم يحجب العدسة ثانية بالغطاء ليجري بعد ذلك عملية تحميض الفلم داخل الصندوق في أناءين: الأول وفيه المحلول المخـــلوط من (سلفــــات + هيدرويكول + ميتول + كاربونــات)..
ويعمل على إظهار الصورة إلى حد الوضوح ثم تنقل الصورة إلى الإناء الثاني وفيه كاربونات الصوديوم التي تعمل على تثبيت الصورة بعدها تغسل بالماء لمدة ثلاث دقائق لتنظف من الأملاح والكاربونات ثم تجفف وتقص.
متى تحتاج الصورة إلى رتــــــــوش؟
في مجال التصوير يقال هذه الصورة بلا رتوش وتلك مرتشة فما معنى اصطلاح (الرتوش) وكيف تتم عملية ترتيش الصورة؟ توجهت بهذا السؤال إلى المصور حياد الجميلاوي فأجاب:
اللون المعاكس للأسود في الصورة هو الأبيض فعندما يطغى السواد على بعض مناطق الوجه فلابد من تبييضه لإبراز ملامح الصورة وجماليتها وعملية التبييض هذه هي التي نصطلح عليها بـ(الرتوش) ونستخدم لذلك الحبر الأحمر لأنه مادة قريبة من اللون الأسود وله قدرة على إظهار المعاكس للأسود وهو الأبيض فهو مادة تبييض جيدة. نستخدم الحبر الأحمر بواسطة فرشاة خط صغيرة لنضع اللمسات الخفيفة التي تزين الوجه.
وسألنا المصور علاوي حسين عن الوقت الذي يستغرقه تصوير الشخص فأجاب:
مسألة الوقت مرهونة بشطارة ومهارة المصور وسرعة تجهيزه لمواد التصوير وبشكل عام لا يتعدى الوقت المطلوب الخمس دقائق ويمكنني تصوير (8) أشخاص في (10) دقائق وذلك عن طريق ترتيب الأفلام سوية في بوسكارت واحد فالتصوير هو فن قبل ان يكون مهنة.
نسب المحاليل في الاستويو المصغر يقول المصور حياد الجميلاوي: ان كاميرا التصوير الشمسي هي بمثابة ستوديو مصغر ففي الصندوق تتم عملية التصوير والتحميض وتجهيز الصورة الشخصية لذلك فإن ضبط نسب المحلول مهمة جداً في التصوير الجيد والفني.
ولكي يجهز المصور محلولاً يكفيه للتصوير في يوم عمل كامل فإنه يحتاج إلى لتر واحد من المواد الآتية:
ملعقة شاي ـ كاربونات
ملعقة شاي ـ سلفات
ملعقة شاي ـ هيدريكول
ملعقة شاي ـ ميتول
المواد الأولية للتصوير
عن المواد الأولية التي يستخدمها المصور الشمسي يقول المصور احمد هاشم حسين المواد التي نحتاجها في العمل هي:
المحلول والورق والافلام والحبر الأحمر وهي كلها مستوردة.
قلنا للمصور أحمد: ما هي أبعد مسافة يمكن ان تلتقط بعدسة كاميرتك هذه صورة لشخص أو بناية أو منظر؟ أجاب: انها 400 متر لكننا الآن لا نحتاج إلى مثل هذه الكاميرا للتصوير البعيد فالكاميرات الحديثة المتطورة والتي تصور بالألوان تغني وهي أفضل وأدق.