9 ربيع الثاني 1429 - 16/04/2008
هناك قول يتردد في بعض الاوساط وبخاصة العلمية منها مفاده ان دول العالم الثالث ومنها العراق لا تتذكر الخيرة من ابنائها الا بعد الرحيل.
وقد تجد لمثل هكذا طرح مؤيدين ومعارضين مثله مثل اى قضية جدلية اخرى , لكن كفة المؤيدين ستبدو راجحة الى الحد الذي يصعب على حالات فردية -وصلتها اياد بيضاء من لدن الدولة العراقية الراهنة- ان تشكل بمجموعها كفة ذات وزن مكافيء بيد المعترضين على القول انف الذكر... , خصوصا وان حالات تبنتها شخصيات سياسية معاصرة من العيار الثقيل اخفقت وللاسف الشديد في تقديم يد عون حقيقية لشخصيات عراقية امتازت عمن سواها بخدمة البلاد وتسنمت مراكز متقدمة على صعيد العلوم والمعارف الانسانية ثم انتهى بها الحال الى زاوية قصية من التهميش والحرمان من ابسط حقوق رد الجميل على اقل تقدير.
وسلسلة الكفاءات العراقية التي نالها الحيف والاهمال ابتداء منذ تاسيس ما اصطلح عليه بالدولة العراقية الحديثة اكبر من ان تُختصر ببضعة اسماء مهمة, وقد ضمت قائمة الاهمال الوطني اذا جاز التعبير وعلى طول التاريخ المعاصر رجال دين ومثقفين واكاديميين واساتذة في شتى العلوم مع حاجة البلاد والعباد في الماضي والحاضر والمستقبل الى تلك العقول الرشيدة , والطامة الكبرى ان عدد العلماء المندرجين في قائمة الاهمال الوطني اذا جاز التعبير ما يزال يسير في خط مستقيم بالرغم من زلزال التغيير الذي طال البلاد وحمل معه لافتات تنموية براقة , كما ان الكثير من حملة العقول مايزال يكابد من وطأة اعباء المعيشة ونير الظروف الصحية القاهرة.
ولا نملك الا ان نتذكر بفيض من الاسى معاناة الشخصية العلمية الرصينة الاستاذ الدكتور متعب مناف وصراعه مع المرض في مدينة دمشق، والاستاذ متعب لمن لا يعرفه من ابناء هذا الجيل هو الرئيس السابق لقسم علم الاجتماع في جامعة بغداد حتى سنة 1979.
وهو احد المؤسسين لمشروع بيت الحكمة.. و مركز العولمة في كلية التربية نهاية التسعينات من القرن الماضي اضافة الى مساعدته القيمة في تاسيس مؤسسة "بيت الحوار العراقي " احد قنوات مجلة النبأ " وبالرغم من كل جبروت النظام الدكتاتوري البائد وآلته القمعية التي طالت اصحاب الرأي والكلمة في العراق فانها وقفت في شبه عجز تام امام قوة ارادة الاستاذ مناف الذي ابى لقلمه ان يكون اداة بيد الظالمين فيطوع فكره الى الاتجاه الذي كانت تدفع اليه سياط او اهواء السلاطين...
ولكي لايبقى الموضوع في اطار النقد لهذه الظاهرة المؤلمة نقترح بعض الرؤى علّها تنبه اصحاب القرار ومن بيده الحل والعقد الى مواطن الخلل وتشخيص الحلول الناجعة ومن هذه الرؤى ما يلي :
1- تاسيس مؤسسة خاصة مستقلة يقع على عاتقها تعهد العقول العراقية واصحاب الكفاءات بالرعاية والاهتمام.
2- تاسيس مدارس ومعاهد وكليات تختص بتعليم الموهوبين والمبدعين.
3- تاسيس جائزة على غرار ماموجود في دول العالم المتحضر ينالها علماء البلاد الذين يبرعون في شتى العلوم والمعارف.
4- رعاية الاختراعات والمشاريع المبدعة رعاية معنوية ومادية وتقديم كافة التسهيلات لاصحابها وحمايتها من السرقة والضياع والاهمال.
5- تطوير المناهج التربوية والعلمية بما يؤدي الى تطوير المسيرة التنموية والعلمية في البلاد.
6- اعفاء الاكفاء والموهوبين من شرط العمر المطلوب لاكمال دراساتهم الاولية وما بعدها...
7- الاخذ بتجارب بعض الدول في العناية باصحاب العقول علما ان دول العالم اخذت تتبارى في هذا الجانب حتى ان البعض منها استحدث وزارة اطلق عليها "وزارة الذكاء"...
8- تبني الدولة لسياسة وضع الشخص المناسب في الموضع المناسب، خصوصا بالاستفادة من الخبرات والتكنوقراط، اذ ان تطبيق هذا المبدأ يؤدي الى نمو وازع الطموح لدى المبدعين ويقوى التصميم لديهم في بلوغ الكمالات المعرفية.
9- تنفيذ برامج وطنية تقضي بتزويد كل اسرة عراقية بل كل فرد عراقي بجهاز حاسوب.. وتفعيل قرارات تعليم الكبار ومكافحة الامية ومنها امية الكومبيوتر.
10- دعم وتطوير مراكز الدراسات والابحاث التي تأخذ على عاتقها احتضان العقول وتطوير العمل البحثي بشكل عام.