24 جمادى الآخرة 1429 - 28/06/2008
اغتالت أيدي الحقد أخي السيد حسن الشيرازي(رحمه الله) لأنهم لم يكتفوا بالتنكيل به في (قصر النهاية) فلاحقته أحقادهم إلى لبنان..
(قصر النهاية) نهاية كل إنسان يدخله، ذلك السجن الرهيب الذي شيده الملوك ليسكنوه، فتحول على أيدي هذه الزمرة إلى قصر عذاب وجحيم للأحرار. لقد ذاق السيد الشهيد(رحمه الله) أنواع القساوة وأشكال كثيرة وقاسية من التعذيب، ذكرت جملة منها في بعض كتبي.
وكان من أسباب حقدهم عليه: مواقفه البطولية ضد الظلم والجور والطغيان، فكان (رحمه الله) ينشد القصائد التي تعريهم وتفضحهم، كالقصيدة التي تضمنت فيها البيت التالي:
وهم الشيوعيون إلا أنه***زادتهم الأمويّة النكراء
فالشرذمة التي نزت على السلطة في العراق هي الشيوعية حقيقة في خصوصياتها؛ ولكن بزيادة الأموية كما قال (رحمه الله) .. وقد رأينا أفعالهم في العراق بعد استحواذهم على السلطة بدفع غربي ودعم واضح لا علاقة له بالمبادئ المعلنة، فليسوا بشيوعيين ولا بعثيين ولا أمويين بالمعنى المصطلح، وإنما هم حزب غربي جاء للانتقام من الشعب العراقي بسبب مواقفه السابقة في ثورة العشرين الشهيرة, تماماً مثل انتقامهم من إيران بسبب قضية التنباك، فالغربيون لا تحركهم المطامع الاستعمارية فقط؛ وإنما تحركهم الأحقاد أيضاً، فهم أشد عداوة للشعوب التي تحاربهم ولو في الجملة، وهذا هو أحد أسباب تحطم الإمبراطورية البريطانية، التي كانوا يعبرون عنها بقولهم: (الإمبراطورية التي لا تغيب عن أراضيها الشمس)؛ الشمس حين كانت تشرق فإنها كانت تشرق على أرض يحكمونها، وحين تغرب فإنها تغرب عن بعض مستعمراتهم، لقد خضعت لسلطتهم الهند والصين وأفريقيا ومصر وكثير من مناطق آسيا وغيرها... على ما هو معروف في الخرائط وكتب التاريخ.
فتـــرة الملكييـــــن
قام جمع من العاملين معنا بإصدار مجلة (الأخلاق والآداب) التي صدر العدد الأول منها في كربلاء بأعداد كبيرة وصلت إلى خمسة آلاف نسخة، وقام أخي الشهيد وجماعة آخرون بتحريرها، فلم يرق ذلك لنوري السعيد الذي كان يومها رئيساً للحكومة، فأمر بغلق المجلة وسجن القائمين بها، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لأن انقلاب قاسم أودى بحياتهم..كان الفساد يومها قد أخذ يستشري في العراق وفي الحكومة؛ وقد تعجب ذات مرة متصرف بغداد بعد ذهابه إلى إحدى القرى، من عدم وجود الخمر على المائدة.
وهكذا كان المقمر والمبغى يفتح في كل مدينة وقرية، وكان الفساد منتشراً بشكل غريب، نعم يستثنى من ذلك النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية وسامراء، وكان الاستثناء اسمياً وصورياً أكثر من كونه واقعياً؛ حيث كانت تلك الأمور تجري في الخفاء، ما عدا القمار الذي كان منتشراً في كل مكان، حتى إنّا قررنا ذات مرة مع جماعة من الخطباء كالشيخ عبد الزهراء(رحمه الله) والشيخ حمزة (رحمه الله) والسيد مرتضى(حفظه الله) وغيرهم،إغلاق محلات القمار في كربلاء المقدسة وحسبناها فكانت سبعمائة مقمر!.
وقد تعبنا تعباً كثيراً استغرق سنة كاملة، واستعنا بعلماء النجف الأشرف والمتنفذين في بغداد حتى تمكنا من إغلاق المقامر.
مع متصــــرف كربــــلاء المقـــدســـة
وذات ليلة ذهبت أنا والأخ الشهيد السيد حسن (رحمه الله) وجماعة من خدمة الروضة المباركة كالسيد سعيد زيني، والسيد عبود الشروفي، وجماعة آخرون من الشخصيات والوجهاء.. إلى المتصرف، لنقول له بأن الشيوعيين يقومون بأعمال مشينة في هذه المدينة، وهذا لايجوز ولا يناسب قداسة كربلاء..
وقال له السيد محمد علي الطباطبائي (رحمه الله): هل أنت متصرف الليل أم متصرف النهار؟، فإن كنت متصرفاً في الليل والنهار فلماذا يقوم الشيوعيون بهذه الأعمال المشينة؟!.فلم يكن للمتصرف جواب..
ضرب الزوار حتى الإدماء:
ونقل لي شخص آخر أنه خرج هو وجماعة من إيران قاصدين زيارة العتبات المقدسة في العراق، وفي الطريق أمر الشرطي بإنزالهم من السيارة، فأنزلوهم وأخذوا يضربونهم بالعصا ضرباً مبرحاً، حتى أدموهم، ثم أركبوهم السيارة وأمروهم بالرحيل..
فلم يكن للأمر حساب ولا رقابة، ولا معادلات منطقية للثواب ولا العقاب، وإنما مجرد أن راديو إيران كان يسب حكومة العراق وراديو العراق يسب حكومة إيران والشعب هو الضحية، أما في الواقع فقد كانت هذه المظاهر مظاهر صراع بين أمريكا وبريطانيا.
والمرحوم الأخ السيد حسن (رحمه الله) كان له دور كبير في التصدي لهذه الانتهاكات، فكان يذهب مع عدد من الوجهاء للضغط على الحكام والمتصرفين في لواء كربلاء المقدسة، أو الوزراء في بغداد لوقف هذه الانتهاكات أو التخفيف من حدتها؛ وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر..
وقد ذهب أكثر من مرة إلى بغداد مع الشيخ عبد الزهراء الكعبي(رحمه الله)، والسيد ناجي العميدي، والسيد صادق الشهرستاني، والشيخ حمزة الزبيدي، ونظرائهم لأجل ذلك .
وقد ذهبت، أنا مع السيد سعيد الزيني (رحمه الله) إلى بغداد والتقينا بعبد الكريم قاسم، وتكلّمت معه مدة ثلاثة أرباع الساعة إتماماً للحجة، وكان يظهر الوطنية وانه يعمل كل ذلك لأجل الوطن ولأجل عزة المسلمين! وأخذ يتظاهر باحترامنا وقال: إني أرتاح لرؤيتكم لأني أحب الصالحين!
الفتوى ضد الشيوعيين
ولتحجيم الشيوعية والتصدي لجرائمهم أفتى الوالد (رحمه الله) مع السيد محسن الحكيم (رحمه الله) والسيد عبد الهادي الشيرازي (رحمه الله) وغيرهم بأن الشيوعية كفر والحاد.. وكان اجتماع السيد محسن الحكيم (رحمه الله) مع الوالد في دارنا، وقد نظّم أحد الشعراء بهذه المناسبة أبياتا جاء فيها:
هذا هو المهديّ يسمع محسناً***وترى الحكيم يحدث الشيرازي
وأخذت بعض الصور عنهما وهي موجودة إلى اليوم.
فتـــرة القومييــــن
عندما أظهر عبد الكريم قاسم التمرد وعدم الطاعة، صارت بريطانيا تحس بأنه لم يعد مفيداً بالنسبة لها، والقاعدة عندها أنه إذا انتهت فائدة الحاكم وجب تغييره؛ ولهذا سهّلت بريطانيا للبعثيين والقوميين الانقلاب عليه وفي النهاية قتله، وجاءوا إلى الحكم تحت زعامة عبد السلام عارف.
عندما وصل عبد السلام إلى سدة الحكم شرع بممارسة الظلم والاستبداد، فقرر أخي الشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) أن يذهب إليه بمعية المرحوم الشيخ عبد الزهراء الكعبي(رحمه الله) وجماعة آخرين من العلماء والوجهاء، ليتكلموا معه حول إصلاح ما يجري من تجاوزات ومفاسد.
لكنه لم يبادر للقيام بأي تغيير، وقد عرف بالحقد على الشيعة والتنكيل بهم قدر المستطاع؛ الأمر الذي دفع بالسيد محسن الحكيم(رحمه الله) أن يرفض اللقاء به رغم إصرار عبد السلام على هذا اللقاء بغرض الدعاية والإعلام، وبذلك قابلته جماهير كربلاء المقدسة والنجف الأشرف بالاحتجاج على ما كان يمارس في عهده من جرائم.
وجاء عبد السلام يوماً إلى كربلاء المقدسة وذهب إلى النجف الأشرف وأراد لقاء السيد محسن الحكيم (رحمه الله) ..لكن السيد (رحمه الله) لم يسمح له بذلك، وكلما أصرّ على لقائه، رفض احتجاجاً على ما كان يقترفه من جرائم.
لقد كان عارف غاضباً على الشيعة عامة وعلى الحوزة العلمية خاصة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة.. ولم يتخل عن حقده عليهم، حتى نهاية عهده إثر حادث طائرة مدبر في البصرة.
عبد السلام والاشتراكية:
لقد فرح بعض الناس في بداية استيلاء عبد السلام على السلطة، لكن سرعان ما خابت آمالهم بقوانينه غير الشرعية وبظلمه وجوره، وخصوصاً عندما دخل تحت جناح عبد الناصر وأسياده المستعمرين وصار ينادي بالاشتراكية في العراق؛ لذلك قررنا الذهاب نحن وجماعة من العلماء كالسيد محمد صادق القزويني، والسيد مرتضى القزويني، والشيخ جعفر الرشتي، وأخي الشهيد السيد حسن الشيرازي، وآخرون.. إلى النجف الأشرف للقاء السيد محسن الحكيم(رحمه الله) لنأخذ منه التوجيه في عملنا ضد هذا النهج.
واذكر أن السيد الحكيم (رحمه الله) قال للسيد مرتضى القزويني: اذهب وقل فوق المنبر: إني مخالف للاشتراكية، فان أصابك شيء فأنا أضمن نجاتك.
وهكذا رجع السيد مرتضى القزويني وذكر الكلام فوق المنبر في صحن الإمام الحسين (عليه السلام) في مجلس حاشد: إن السيد الحكيم والسيد الشيرازي وغيرهما يخالفان الاشتراكية، وأخذ يبين للناس هذا الأمر بصورة مفصلة.
وبعد هذه القصة، ألقي القبض عليه بأمر من (عبد السلام عارف)، وأُبعد إلى بغداد والى تكريت، وقد عمل السيد الحكيم(رحمه الله) على تخليصه حتى نجّاه الله.
كما قمنا أيضاً ببيان الحقائق للناس وأوضحنا أن الاشتراكية على خلاف الإسلام، وكان الناس يتقبلون ذلك وينظرون إلى حكومة (عبد السلام عارف) كحكومة استعمارية ضد الإسلام.
هذا وقد ذهبنا يوماً مع جماعة من العلماء كالشيخ جعفر الرشتي، والسيد صادق القزويني، والسيد مرتضى القزويني، والشهيد السيد حسن الشيرازي وغيرهم إلى بغداد لزيارة الشيخ محمد رضا الشبيبي لدراسة الأمور ومناقشتها، ولكي يعمل على الحدّ من الظلم والجور الموجود، باعتباره كان نائباً لفترة في مجلس الأعيان، وفترة رئيساً للمجلس العلمي العراقي وغير ذلك، وكان طيب النفس..
فرأيناه وتكلّمنا معه حول الأوضاع، فقال: إني لا أملك شيئاً وأن الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم..
ثم قال: تذكرت الآن كلام نوري السعيد، فإني ذات مرّة قلت له في مجلس الأمة:إنك دكتاتور..
فقال: أيها الشبيبي إذا ذهبت أنا وجاء غيري ذلك، فعند ذاك تعرف من هو الدكتاتور، أنا أم الذين يأتون من بعدي؟!.
قال الشيخ محمد رضا الشبيبي: والآن أفهم معنى كلامه؛ ولا يخفى أن هذا لا يدل على أن نوري السعيد لم يكن مستبداً، بل يدل على أن الاستبداد مراتب كما هو واضح .
ثم قال الشبيبي: في أيام الشيوعيين جاء إلى دارنا جماعة من الشباب ممن يسمون أنفسهم بالمقاومة الشعبية وطلبوا ابنتي وكانت في الدار.
فقلت لهم: لماذا تريدونها؟.
قالوا: إنها متآمرة ونريد محاكمتها (وكان من سياسة الشيوعيين أنهم كانوا يذهبون إلى الدور ويأخذون البنات البريئات بذريعة التآمر ويفعلون بهنّ ما يشاءون ثم يتركونهن وشأنهن).
قال: قلت: لا بأس، فأجلستهم في باحة الدار، وجئت إلى الداخل واتصلت بعبد السلام عارف وذكرت له القصة.
فقال: الآن أرسل الحرس، فأرسل جماعة من (الحرس الوطني)، فأخرجوا أولئك بالقوة والشدة.
فترة ما بعد عبد السلام عارف:
بعد القوميين ومقتل عارف، جاء حزب البعث العراقي إلى الحكم..وقد قال علي صالح السعدي في إذاعة بغداد وكان وزيراً للداخلية: جئنا إلى العراق بقطار انكلو أمريكي..وأضفت أنا (حين السماع): وإسرائيلي أيضاً.
وقد مكر البكر لأخذ السيد حسن (رحمه الله) أخذاً طبيعياً بأمر من عفلق، فأرسل بعض الوجهاء وهم يطلبون من السيد حسن ملاقاة البكر للمشاورة في بعض المواضيع..
فذهب إلى بغداد بصحبتهم إتماماً للحجة، فما كان منهم إلا أن أخذوه فوراً وأودعوه (قصر النهاية) (أحد السجون الرهيبة في العراق) ليخضع لأشد أنواع التعذيب، حتى أنه بعد ما خرج من (قصر النهاية) إلى (سجن بعقوبة)، ذهبت الوالدة (رحمة الله عليها) لرؤيته، لكنها لم تعرفه لتغيّر ملامحه تغيراً غريباً على أثر التعذيب القاسي، وعندما شاهدتُ إحدى الصور التي التقطها في سجن بعقوبة ظننت أن الصورة تعود لشخص آخر.
ولولا اهتمام العلماء وعلى رأسهم السيد محسن الحكيم (رحمه الله) وكذلك بعض العاملين والمجاهدين لنجاته وتخليصه من الاعتقال، مضافاً إلى كثرة الدعاء والتوسل، فقد كان من المتوقع أن يكون مصيره الإعدام حيث حكمت السلطات بإعدامه، فقد طلب السيد الحكيم (رحمه الله) من السلطات إطلاق سراح شخصين هما: السيد حسن، والأستاذ كاظم شبّر، وكان الأخير الطبيب الخاص للسيد الحكيم (رحمه الله) ، وبالفعل فقد أطلق سراحهما بعد أشهر من التعذيب..
إشراف على التعذيب:
وقد أكد الأخ الشهيد السيد حسن الشيرازي(رحمه الله) لي: إن البكر بنفسه كان يحضر بعض أنواع التعذيب، وكذلك أستاذه عفلق المشهور، وكان هذا الأخير الرابط بين البريطانيين وبين الحكومة العراقية - آنذاك -.
وذكر الأخ الشهيد (رحمه الله) أنه حينما كان في السجن خاضعاً للتعذيب القاسي، نذر لله (عزوجل) وتوسل بالإمام الحجة (عج) إذا نجاه من ذلك السجن الرهيب فإنه يكتب كتاباً حول الإمام المهدي(عج)..
فلما أطلق سراحه وخرج من العراق إلى سوريا ولبنان، حيث كان من المتوقع أن تغير السلطات العراقية رأيها فيه وتسجنه مرة ثانية أو تقضي عليه، انشغل مدة، فرأى الإمام المهدي(عج) في المنام فطلب منه الكتاب الذي نذره..
قال الأخ: كنت قد نسيت نذري ذلك، فلما رأيت الإمام (عج) في المنام تذكرت النذر.. فكتب كتابه (كلمة الإمام المهدي(عج)).
كما كتب جملة من الكتب باسم (الكلمة)، لكل معصوم ابتداءً من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وانتهاءً بالإمام المهدي (عج) .. وقد أضاف إلى ذلك كتاباً في كلمات الله سبحانه وتعالى من الأحاديث القدسية باسم (كلمة الله) وبعض الكتب الأخرى، وكل كتبه جميلة ومنتخبة انتخاباً حسناً، فجزاه الله خير جزاء المحسنين.
الشـــــهـــــادة
غادر الأخ الشهيد (رحمه الله) العراق فور إطلاق سراحه من السجن - بسبب تزايد الضغوط عليه -، فركب طائرة من بغداد إلى بيروت، وبعد إقلاع الطائرة والخروج من سماء العراق أرسل البكر برقيّة إلى الطائرة بالرجوع إلى بغداد، لاعتقال الشهيد مرة ثانية، لكن الطائرة لم تكن حينها تحت سلطته فمضت في رحلتها.. وهكذا نجاه الله عزوجل من الموت فهاجر الشهيد إلى لبنان وسوريا، وبدأ مرحلة جديدة من النشاط الديني في العديد من دول العالم..وأخيراً كان مصيره القتل في سبيل الله على يد طغاة العراق (فرضوان الله تعالى عليه).
من أخلاقيات الشهيد :
كان الأخ الشهيد (رحمه الله) مجداً في الدراسة وتحصيل العلوم، فكان يصل الليل بالنهار بالكتابة والمطالعة والدرس والبحث..وكان دؤوباً لا يعرف عطلة أو راحة..ولم يتزوج، فانه قد أوقف نفسه وجميع أوقاته لخدمة الإسلام والجهاد المتواصل والسفر المتكرر إلى مختلف الدول، وكان ذلك مما يمنعه من الزواج..وقد ألف جملة من الكتب: كـ (الأدب الموجه) و(العمل الأدبي) وما أشبه ذلك.
مع العلويين:
وفي سوريا ولبنان أوجد ارتباطاً مكثفاً مع العلويين وكان يقدر عددهم بنحو المليونين.. فأصدروا بعد محاورات ومباحثات عديدة بياناً صرحوا فيه بأنهم من شيعة أهل البيت(عليهم السلام).
وكانت الحكومات تخاف الشهيد (رحمه الله) نظراً لقدرته هذه؛ فمّرة قال شاه إيران السابق لزملائه: الشخص الذي يتمكن أن يؤثر على مليونين ينبغي أن يُخشى منه.
مع شيخ الأزهر:
كما أنه (رحمه الله) ذهب وقتما كان في سوريا ولبنان إلى مصر، وتكلم مع شيخ الأزهر وعلمائهم لكي يعلنوا اعترافهم بالتشيّع كمذهب خاص لمذاهب الإسلام ويصدروا فتاوى بذلك - كفتوى الشيخ الشلتوت- ووعده شيخ الأزهر بذلك، لكن الأجل لم يمهله لإتمام أمره.
الحوزة العلمية الزينبية:
وقد أسس الأخ (رحمه الله) في سوريا - ولأول مرة - حوزة علمية عند مقام السيدة زينب (سلام الله عليها) وسماها باسم (الحوزة العلمية الزينبية)، وقد أصبحت منطقة السيدة زينب (ع) تستوعب اليوم أكثر من ألف رجل دين، من مختلف البلاد الإسلامية.
كما أنه (رحمه الله) أسس في لبنان (مدرسة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)) وقد زرت أنا مدرسته عندما ذهبت إلى الكويت من طريق سوريا ولبنان، فكانت المدرسة جميلة منظمة وقد أصبح بعض تلاميذه رجال دين وعلم واجتهاد، كما ذهب (رحمه الله) إلى أفريقيا وأسس في أفريقيا مؤسسات دينية عديدة.
السعي لبناء البقيع:
وكان (رحمه الله) يذهب إلى الحج كل سنة تلبية لنداء الرحمن عز وجل ولأهداف تبليغية عالية، وقد التقى بالسعوديين وضغط عليهم لأجل تعمير البقيع الغرقد ووعدوه بالسماح لتعمير البقيع، وذلك بعد جهد وتعب كثير ومناقشات ومحاورات مع كبار رجالهم وفقهائهم، لكن بعض الجهات في العراق منعت عن ذلك بالمال الكثير والإغراء وما أشبه، وتعاضدها في ذلك الحكومة العراقية.. وذات مرّة وفي حوار عقائدي مع جماعة من علماء الوهابيين دار الكلام بينه وبينهم حول موضوع الخلافة، فقال كبيرهم: يا فلان إذا أنزل الله جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) وأمره بنصب علي(عليه السلام) خليفة من بعده، لم أقبل منه!! مظهراً بذلك شدة تعصبه ضد الشيعة والتشيّع.
مع مواكب التطبير:
وقد أسس (رحمه الله) موكب التطبير لرجال الدين والعلماء في كربلاء المقدسة، وذلك أيام عبد السلام عارف الذي كان ضد الإمام الحسين (عليه السلام) وضد شعائره المقدسة، وقد رأيت الأخ الشهيد آنذاك حيث كان يطبر ويحرض الآخرين على التطبير، لأن التطبير من أهم الشعائر الحسينية الداعية إلى الجهاد والتضحية ومواساة سيد العترة المظلومة والرافضة للظلم والجور، ولذا كان عبد السلام عارف يصرّ على تحجيم الشعائر الحسينية والتضييق عليها، حتى أنه منع الخطباء من استخدام مكبرات الصوت، وأذكر ذات مرة أنهم رفعوا المكبرات من أمام الخطيب حال خطابته.
المثوى الأخير:
وبعد أن استشهد الأخ السيد حسن (رحمه الله) في لبنان نقل جثمانه إلى قم المقدسة ودفن في حرم السيدة معصومة (سلام الله عليها) وصلى عليه المرجع الدين المرعشي النجفي(رحمه الله) وكان بعض المراجع الآخرين ضمن صفوف المصلين أيضاً، وقد عقدت له مجالس كثيرة لتأبينه، كما أقيمت مجالس فاتحة له في أكثر البلاد الإسلامية، وفي جملة من البلاد غير الإسلامية، وقد رآه البعض في المنام وهو يسير مع الملائكة في صحن السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) يريدون التحليق به صوب السماء.
وقال ذلك الرائي: رأيت ذات مرة في المنام انه يوم القيامة وإني على أبواب الجنة، فسألت عن السيد حسن (رحمه الله) من الملائكة، فنظر الملك في ديوان له فلم يجده، ولما قلت له: هو كذا وكذا وانه صاحب كتب (الكلمة) وكتاب (الشعائر الحسينية) وغيرها..
قال الملك: نعم إن هذا الشخص معروف هنا بـ(صاحب الشعائر) وهو مع الأنبياء (عليهم السلام).. وهذه الرؤيا تدل على أهمية كتابه (الشعائر الحسينية)، كما تدل على أهمية إقامة الشعائر الحسينية..
نسأل الله عزوجل أن يتغمده برحمته ويحشره مع محمد وآله الطاهرين، وأن يوفقنا جميعاً لخدمة الإسلام والمسلمين، انه سميع مجيب.