29 جمادى الأولى 1432 - 03/05/2011
علي حسن الشيخ حبيب
تشن دول الخليج العربية حربا اعلامية غير معهودة وحرب ابادة ممنهجة على المذهب الشيعي، استخدمت السعودية ومشيخة الخليج في هجومها الاستباقي على المذهب الشيعي جميع انواع الاسلحة المتاحة، وكان رهانها على الفتنة الطائفية ونقل الصراع من صراع بينها وبين شعوبها التي كانت تتطلع لتحقيق الحرية وتغيير تلك الانظمة الهرمة الفاسدة كباقي الشعوب العربية، الى صراع مذهبي بين سنة وشيعة...
وكانت أخطر انواع الاعتداءات الخليجية هي قمع انتفاضة الشعب البحريني الذي يشكل العرب الشيعة الغالبية العظمى منه، فدفع التشيع في البحرين فاتورة تلك المواجهة غير المتكافئة، وانتهت المعركة بهزيمة عسكرية للشعب البحريني الاعزل، وكان ذلك سابقة خطيرة في تاريخ المنطقة، من حيث قمع شعب اعزل وبصمت دولي مطبق، وبمباركة الهيئات الدينية السنية المدعومة من البلاط الملكي في تلك الممالك والامارات والدويلات الخليجية..
وبعد ان رفعت السلفية الحاكمة في الخليج، وبقيادة الوهابية السعودية شعار تحطيم المشروع الفارسي، وربط المذهب الشيعي به، ورفع شعار القضاء على اتباع ايران في المنطقة والعالم، بعد حصولها على الضوء الاخضر من الولايات المتحدة والغرب نتيجة لمواقف ايران المتشنجة ضد الغرب وامريكا.
اكتفت ايران بالتنديد والتظاهر والشجب والاستنكار، بعد ان كان المتوقع اكبر من ذلك بكثير، بعد ان عمدت القيادة الايرانية الحالية الى تضخيم المحور الايراني وتحويله الى تهديد للمصالح الغربية بناءَ على معطيات المشروع النووي الايراني وقوة الجيش الايراني وما يمتلكه من ذخيرة واسلحة، وغيرها من الاوراق التي تلعب بها ايران؟
وكان من المتوقع ان لا تقف الجمهورية الإسلامية متفرجة ومكتوفة الايدي تجاه المفاجأة الكبيرة في تجرؤ السعودية على احتلال البحرين وترويع شعبة وتدنيس مقدساته من مساجد وحسينيات وحرق المصاحف في خطوة وكأن الرياض تقول: ها أنذا تجرأت وتجاوزت الخطوط الحمر، فماذا ستفعلون؟
واصبح التدخل العسكري السعودي في البحرين لإدخال تعديلات على توازنات المنطقة، لرسم خطوط حمر جديدة، وفرض واقع جديد يضع إيران أمام أحد خيارين خاسرين:
1- إما الإذعان والقبول، وبذلك يكون التدخل العسكري قد حقق أهدافه.
2- أو الانجرار إلى خطوة عسكرية وإشعال الفتنة المذهبية، وبذلك يكون التدخل قد حقق الهدف المرجو منه أيضا.
وقد برر الايرانيون صمتهم أن قرار دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين كان قراراً أميركياً، وليس خليجياً ولا سعودياً، وأن ما حصل يؤكد بأن دول الخليج لا تريد، ولن تقبل بأي دور إيراني لدى شيعة الخليج، وأنها مستعدة للمواجهة لضمان هذا الأمر، وأن الهدف المباشر مما يجري هو جر إيران إلى طاولة تفاوض في المنطقة، والاذعان الى الشروط السعودية؟
وبعد الواقع العربي الجديد وتغيير الانظمة الدكتاتورية المركزية في المنطقة، كانت الانظار تتوجه الى العراق على انه الدولة الاكثر توازنا وديمقراطية في المنطقة العربية، وكانت الفرصة كبيرة لكي يلعب الدور المحوري في المعادلات الإقليمية المضطربة بفعل الضغط الشعبي، والرغبة في التغيير، لكن الحسابات الاقليمية اكبر واستطاعت ان تحجم الدور المأمول للعراق، بفعل سطوة المال الخليجي وقوة اعلامه المرئي والمقروء والمسموع، وتفرق الصف الشيعي العراقي نتيجة تغليب المصالح الشخصية والحزبية على مصالح البلد العليا، ومصلحة المذهب، فاصبح دور العراق هامشيا وغير مؤثر بعد ان حرفت بوصلة القوة السياسية والشعبية الشيعية واشغالها بالشأن الداخلي. وإعطاء السعودية الضوء الاخضر لأطراف الفساد السياسي للاقلية السنية في العراق بالانقلاب على العملية السياسية ومحاولات اسقاطها، والتطاول على الثوابت والرموز الدينية وزرع الفتنة الطائفية من جديد....
* اكاديمي وباحث عراقي مستقل