29 محرم الحرام 1433 - 25/12/2011
بقلم: نسرين العازمي
عندما طالب الشعب البحريني بضرورة استقالة رئيس الوزراء، بشكل سلمي وفق نص الدستور، وجدنا الكثير ممن اعترضوا على ذلك، وكان ذلك مبرراً لدخول درع الجزيرة وتم اعتبار تلك المطالبة الشعبية الجماهيرية تعديا على الدستور والنظام الحاكم في الدولة.
وفق مفهوم الدولة والنظام فيها على أنه غزو خارجي يستوجب تدخل قوات أمنية خارجية! لدعم القوات الأمنية الداخلية في ردع الشعب الأعزل المدني المؤلف من شباب ونساء وحتى الأطفال، راغبين هؤلاء التأكيد على السلمية حال مسيرتهم واعتصامهم السلمي أثناء المطالبة بحقوقهم المدنية، ومطالباتهم كانت تنحصر في تعديل الدستور بما يتناسب مع حقوق المواطنين الأساسية من سكن وعمل وجنسية وحرية رأي وغيرها من الحقوق المدنية، حيث كانت هذه الجموع الشعبية تشكل مايفوق (85 في المئة) من مجموع الشعب البحريني أي الأغلبية العظمى، وعادة ففي الدول الديمقراطية التي تنفذ الدستور تكون الأغلبية هي الغالبة في التصويت على الأحكام والقرارات والمشاريع والتشريع، وهي أساس الدستور وقانونه، ويكون الشعب في مادته الأولى هو أساس السلطات ومنبع الحريات، وماشهدناه من أحداث ناتجة يعارض تماما فكرة الديمقراطية، ونجد أن جموع المعارضين من الكويتيين لهذه المطالبات البحرينية هم أنفسهم من يقوم الآن بالمطالبة بإسقاط الرئيس في الكويت!، وباعتصامات تمردية يملؤها التعدي على الرموز السياسية في الدولة وقادة وعناصرالأمن بحجة إرادة الشعب!، وقد اعتبروا وحدهم أن تلك المطالبة حرية دستورية لاسقف لها!! على الرغم من أن الدستور والأحكام الملزمة النهائية للمحكمة الدستورية، تنص صراحة على أن تعيين وعزل سمو رئيس مجلس الوزراء حق مطلق منفرد لسمو الأمير الحاكم دون سواه، وقد أعلن سموه صراحة مرات ومرات بثقته العليا برئيس الوزراء ورغبته في استمراره في تولي منصبه، والمعارضة تعلم تمام العلم بوجوب طاعة ولي الأمر الشرعية بنص الله تعالى قبل أي نص وضعي،إلا أنهم لايعملون بها.
وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (سورة النساء 59)، وحين المقارنة نجد التناقض الواضح والكبير بين مبادئ المعارضة ومواقفها تجاه هاتين المطالبتين، فهم قد عارضوا تماما مطالبة الشعب البحريني باستقالة أو عزل رئيس الوزراء في البحرين لاعتبارات خاصة بشعب البحرين وحده وهم أعلم بمعاناتهم دون سواهم وهم أكثر الناس معرفة بقيادتهم وأعمالها وهم من يقرر ما الذي يناسبهم في بلادهم، ولكن نجد من هؤلاء المعارضين الكويتيين من يضرب بهذا المبدأ ويجرِّم شرعيته البحرينية إلا أنه يعمل به وبذات المطالبة فينادي بإسقاط الرئيس في الكويت وقد تعدوا على الدستور وخالفوا ولي الأمر بمعصيتهم له وحاولوا هدم الجدار بحجة بيت الشعب، فهل يصح دخول البيوت عنوة وبلا استئذان يا مسلمين! إلا أن هؤلاء أقلية تخالف تماما رغبة الأغلبية من الشعب، والشعب الكويتي الأصيل يريد الرئيس وقد أثبت ذلك الولاء في يوم الثلاثاء الأبيض كما أطلق عليه، نقيضا لشرذمة المعتدين في يوم الأربعاء الأسود، فما هو الفارق بين المطالبتين سوى من ينادي بها، عوضا عن أننا لانرضى كما شعب البحرين المقهور، بأي تدخل خارجي في حرية الشعب وإرادته في دولته وفق الديمقراطية، ولكن دعونا نتأمل قليلا هنا حول شكل المعارضة: في الكويت من يطالب ويحرض ويقذف ويصرخ ويتعدى على مجلس الأمة والأمن وينادي بالحرية بشكل غير سلمي هم من يتقلد منصبا سياسيا فيها والأولى به احترام القانون ووسائل المطالبة الشرعية، ولكن في البحرين وقف الشعب في دوار اللؤلؤة صامتا مسالما تعبيرا عن مطالبته لتنفيذ احتياجاته الأساسية في العيش بكرامة وماوجد بالمقابل إلا القتل والتعذيب والفصل من الوظائف والخطف وتدمير الممتلكات، ولم نجد الشعب البحريني المعارض متعديا على رموز الدولة ومقار سيادتها بعكس ماتفعلون أنتم في الكويت، فبأي لسان تحكمون! وأقول لكم أيها المعارضون المفسدون في الحبيبة الكويت وفي كل مكان، ما قال الله تعالى (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون).
*صحيفة الدار الكويتية.