30 ذي القعدة 1429 - 29/11/2008
إستضاف موقع مؤسسة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فضيلة الشيخ حسن الشمري وهو من أبناء مدينة الإمام الحسين (سلام الله عليه) كربلاء المقدسة والمقيم في أمريكا حاليا، قدم الكثير من الخدمات الإسلامية من خلال المركز الإسلامي في (ميشغان)، بالإضافة الى تأليفه سلسلة كتب جاءت تباعا تحت عنوان (قبس من نور الإمام ....فاطمة الزهراء ، الحسن ، الحسين ، الباقر (سلام الله عليهم))، ومن أجل التعرف على مزيداً من التفاصيل بخصوص أبرز نشاطاته في بلاد المهجر.
^1 هل لكم أن تقدموا لرواد الموقع الترجمة الشخصية للشيخ الشمري؟^/1
الشيخ حسن عبدالأمير مجيد الشمري من مواليد 1954 كربلاء المقدسة، ومن منطقة باب العلوة، درست في المدارس الحكومية ثم التحقت بعد ذلك بالمدارس الدينية في أول مدرسة بمنطقة باب بغداد، وهي المدرسة الحسنية والتي كانت تحت إشراف سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)، حيث درست الفقه والرسالة العملية على يد الشيخ أحمد الباكستاني مع ثلة من المؤمنين من بينهم قارئ القرآن الكريم الحاج مصطفى الصراف، ثم ضيق علينا من قبل النظام البعثي القائم آنذاك بصورة كبيرة جداً.
وقبل الدراسة في المدرسة الحسنية، قمنا بتأسيس هيئة الكلمة الإسلامية عام 1968 مع مجموعة من الإخوة في مقدمتهم الأخ العزيز المجاهد علي قاسم والدكتور محمد حسنين الخفاجي والأخ سالم جليل، والأخ خضير عباس الشبيه والشيخ عبدالأمير النصراوي، والمرحوم المجاهد الكبير رضا خويطر.
^*1 ربطتني بالإمام الراحل علاقة أبوية حميمية وصميمية، حتى نشأت وترعرت في بيت سماحته في كربلاء المقدسة. ^*/1
وقد أخذت الهيئة على عاتقها نشر الفكر الإسلامي وخصوصاً فكر أهل البيت (عليهم السلام)، بالإضافة إلى عملها الآخر وهو توسعة الهيئات، فكانت هيئة الكلمة الإسلامية هي المركز، وحتى يمكن القول أنها كانت المنطلق والقاعدة الرئيسية لتأسيس الهيئات في كافة مناطق كربلاء المقدسة، كما في حي الحسين وحي النقيب والعباسية والجمعية.
^1 ماذا تحمل من ذكريات عن مدينة كربلاء؟ ومتى هاجرت عنها؟^/1
لقد خرجت في سنة 1982، وفي الحقيقة إن لي ذكريات طيبة عن كربلاء المقدسة، وأهلها وأجواءها وخاصة قبل مجيء حزب البعث الكافر إلى السلطة، حيث كانت الأجواء مفعمة بالإيمان والمحبة وفكر آل البيت (عليهم السلام) هذا الفكر الخلاق والذي تنفسناه عميقاً حتى سرى في دمائنا، وتغلغل في أعماقنا، وقد أثر ذلك على سلوكنا وأخلاقنا وتعاملنا مع الناس.
كما عشنا أيضاً وقبل مجيء النظام البعثي أجواء المرجعية والحركة الدينية، وكان روادها آنذاك سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه) إذ عاصرت سماحته، وعشت في بيته، وكنت ملازماً له وربطتني به علاقة أبوية حميمية وصميمية، حتى نشأت وترعرت في بيت سماحته في كربلاء المقدسة.
^1 موقف عن الإمام الراحل لازلت تحمله في ذاكرتك؟^/1
الموقف.. عندما كنت أدخل على سماحة المرجع الراحل (أعلى الله مقاه الشريف) كان يقوم لي، فهو يحترم الشباب كثيراً جداً، وإذا ما دخلت عليه مع مجموعة من الشباب فإنه يرتاح كثيراً، وتبدو على ملامح وجهه الفرح والسرور، وكان يشجعنا لأن نجلس معه ويهتم بنا، وكان يشرح صدره، ويفتح قلبه وفكره لآرائنا وأفكارنا، ويطلب منا الحديث مما شجعنا على أن نسأل سماحته اسألة مهمة، وكان رضوان الله تعالى عليه يجيب على تلك الأسئلة ويناقش الآراء بارتياح كبير مما عمق في نفوسنا الثقافة الإسلامية وحب آل البيت (عليهم السلام) والفكر الديني.
^*1 الإمام الراحل عمق في نفوسنا الثقافة الإسلامية وحب آل البيت (عليهم السلام) والفكر الديني. ^*/1
وعندما كان سماحته يدخل إلى البيت، فإن الجميع بما فيهم المعارض كانوا يدخلون عليه، وفي الحقيقة فإنه لم يكن معارضاً لأحد، وكثيراً ما كان يحاول احتواء الخط المعارض له واستيعابه، بل كان يوصينا ان لا نفتح جبهة للعنف والمواجهة، وقد كان مبدأ اللاعنف استراتيجية اوصانا بها كثيراً وفي كافة مراحل حياتنا التي عشناها معه، وكان يوصينا أن لا نفتح النار على أحد، وحين كنا نخوض المساجلات والحوارات مع الآخرين فكان يوصينا أن ننتقي الكلمة الطيبة والهادئة مع الخطة المعارض، وأنا لا اسميها مناوئة، لأن سماحة السيد (أعلى الله مقامه) لا يحبذ ان نطلق عليها صفة المعارضة المناوئة لأنها ظاهرة طبيعية يمكن أن توجد في أي مكان من العالم.
ومن الذكريات.. اني عندما كنت اجلس مع سماحة المرجع الراحل، كان يأتي سماحة السيد صادق الشيرازي (دام ظله) ويجلس في الغرفة او المكان الذي يجلس فيه سماحة السيد المرجع الراحل، فإنه كان يسكت احتراماً له، ويستمع إلى كل ما يقوله باهتمام بالغ ولم اسمع منه كلاماً في حضرة أخيه بل كان كأحد الرواد، وكنت أقارن - إن صحت المقارنة فهم من نسل الأئمة الطاهرين عليهم السلام- كنت أقارن وأشبه جلوس سماحة السيد صادق (دام ظله) بجلوس الإمام الحسين عليه السلام مع أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) فكما تقول الرواية، عندما كان يجلس الإمام الحسين (عليه السلام) مع أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) يجلس صامتاً لا يتكلم في حضرة أخيه، وكذلك أبو الفضل العباس (عليه السلام) عندما كان يأتي في حضرة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) حيث كان يستأذن في الجلوس ثم يجلس ولا يتكلم وهكذا كان السيد صادق أطال الله في عمره كان يفعل.
^1 كم بقيتم في إيران.. وما نوع النشاط الذي كنت تمارسه؟^/1
حين وصلت إلى إيران طلباً للجوء هناك، مكثت في طهران فترة شهر، ثم توجهت بعد ذلك إلى مدينة قم المقدسة وسلكت طريق الحوزة العلمية، حيث اكملت دراستي الحوزوية على يد المقدس السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)، الذي كان استاذاً بارعاً، وقد ذكرت في إحدى مجالسي أن الفقيد (قدس) فتح لي آفاقاً علمية واسعة، ووضعني في عالم كبير من العلم والمعرفة، كما تعلمت منه الفقه والكثير الكثير في مجال الأخلاق.
أما الفترة فقد كانت سنة ونصف أو سنتين وللأسف كانت هناك ضغوط عديدة وظروف استثنائية حيث الحرب العراقية قائمة في تلك الفترة عام 1984، والقصف مكثف على مدينة قم بشكل خاص، وكنا نحضر درس الفقه عند السيد المقدس الفقيه السيد محمدرضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه) ليزودنا بعلم الفقه العظيم وبأخلاقه العظيمة أيضاً.
لقد مكثت في إيران 11 عاماً، وكان لنا نشاط ضمن حركة المهجرين العراقيين سابقاً (حركة الوفاق الإسلامي) مع فضيلة الشيخ جمال الوكيل وهو مؤسس الحركة وامينها العام، والذي كان نشطاً في خدمة الجالية العراقية وهم من المهجرين الذين هجرهم النظام المقبور بحجة انهم غير عراقيين، والحقيقة إن ماسأة التهجير لا يمكن أن تُنسى، فهي جريمة بحق العراقيين جميعاً، حيث شتت النظام البعثي الخبيث شمل الكثير من العوائل العراقية عندما اودع شبابها السجون والمعتقلات، وصادر أملاكهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة، وهناك الآلاف من شباب العوائل العراقية التي هجرت إلى إيران عام 1980 لا يزال مصيرهم مجهولاً لحد الآن، وانا استغرب جداً من إهمال المسؤولين الآن لهذه القضية سواء كان ذلك في مجال ارجاع حقوق تلك العوائل التي عانت الأمرين من جراء عملية التهجير، فلا يزال الكثير منهم بانتظار ان تلتفت الحكومة العراقية إليهم من أجل ارجاع حقوقهم التي اغتصبت من قبل الدولة.
نعم.. لقد قدم الشيخ الوكيل خدمات كبيرة للأخوة المهجرين والمهاجرين وانا شاهد على ذلك، والكل يشهد بذلك، فكنت معه نقوم بواجبات مهمة تجاه العراقيين.
كما قمنا بتأسيس هيئة القرآن الحكيم، وقد اجرينا مسابقات مهمة على صعيد إيران، واشترك فيها الكثير من قراءة القرآن وكانت أول مسابقة لحفظ وتلاوة القرآن تجري في إيران، وكان للحاج مصطفى الصراف الدور الكبير في إجراء المسابقات كل عام وكذلك فضيلة الشيخ الوكيل الذي كانت له مساهمات كبيرة، حتى اصبحت المسابقات التي يجريها تضاهي المسابقات الدولية.
وكان لنا نشاط آخر.. وهو تأسيس فرقة المسرح الإسلامي وهي أول فرقة مسرحية تقوم بتقديم المسرحيات الإسلامية والتي كانت تتلقى الدعم المباشر من حركة المهجرين العراقيين ومن سماحة المرجع الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي كان يهتم كثيراً بالمسرح والدور الذي يمكن أن يؤديه في مجال توعية الناس نحو القضايا الإسلامية، واذكر هنا أن سماحته كان يرعى ويقدم الدعم لفرقة سيد الشهداء في طهران أيضاً، الدعم المادي والمعنوي، ويعطي لهم التوجيهات المهمة، وهو ما أثر كثيراً في المواضع التي كانت تطرحها فرقة المسرح الإسلامي في قم وفرقة سيد الشهداء.
^*1 اكملت دراستي الحوزوية على يد المقدس السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)، الذي فتح لي آفاقاً علمية واسعة. ^*/1
لقد طرحت فرقة المسرح الإسلامي العديد من المواضيع المهمة، وقدمت العديد من المسرحيات مثل (شهادة الجنسية، وعندما يغضب التاريخ) ويقوم بتأدية أدوارها وكتابة نصوصها مجموعة من الأخوة منهم الشيخ عبدالأمير والأخ الشاعر بهاء الدين تحسين البطاح المتواجد الآن في امريكا، والأخ السيد عبد الموسوي والسيد هادي الموسوي، ومكي علي وعقيل السعدي وآخرون.
وكان للعروض التي كانت تقدم على خشبة المسرح في قم أو في مسجد الإمام زين العابدين (عليه السلام) صداً واسعاً بين أبناء الجالية العراقية في إيران.
كما قمنا أيضاً بتأسيس حوزة اطلقنا عليها معهد العلوم الحوزوية والقرآنية، وكان هذا المعهد مهماً ومشهوداً له، وقد اسسناه للأخوة أبناء الانتفاضة الشعبانية الذين جاؤوا إلى إيران، حيث كانت فيهم كفاءات عالية، وبعد أن تشاورنا مع الأخوة سماحة الشيخ جمال الوكيل والسيد رياض والشيخ صالح العويدي الذين كانت لهم مساهمات فعالة وبإشراف من سماحة المرجع الشيرازي الراحل (اعلى الله مقامه).
وقد استطاع المعهد أن يستوعب الطاقات المهمة التي جاءت من العراق والتي عانت الإهمال من قبل العديد من الأحزاب والحركات العراقية التي كانت متواجدة في إيران، وقد تخرج الكثير منهم، وقد رأيت العديد منهم الآن في كربلاء وفيهم الخطيب والأستاذ والكاتب ومدير الحوزة كما تخرج منهم الخطباء الذين هم الآن في استراليا وأمريكا، ومن هم الآن اساتذة في حوزة قم وكان ذلك عام 1996.
^1 لقد انتقلتم بعد ذلك إلى سوريا... ما هو السبب؟^/1
نظراً للظروف والمتغيرات التي حدثت في تلك الفترة فقد قررنا السفر إلى سوريا، حيث قمنا بتأسيس حوزة المصطفى وكانت حوزة ناشطة وعلى مستوى جيد، وكان هناك تعاون وتنسيق مع الحوزة الزينبية في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) وهي الحوزة الأم التي أسسها المفكرة الإسلامي الكبير آية الله السيد حسن الحسيني الشيرازي (قدس سره).
^*1 إن ماسأة التهجير لا يمكن أن تُنسى، فهي جريمة بحق العراقيين جميعاً. ^*/1
لقد كان التنسيق مهماً، وقد رفدتنا الحوزة الزينبية بما تحتاجه الحوزة، وكان هناك نشاط حثيث لطلابنا، فكانوا يذهبون إلى الحوزة الزينبية ويدرسون فيها.. وكان التنسيق جيداً بين الحوزتين.
والحقيقة لقد اتجهت في سوريا إلى الخطابة والتدريس والتأليف، فالتحول الذي حدث في سوريا والمناخ كان له الأثر في ذلك حيث الأجواء المفتوحة والطيبة ساعدتني على انجاز الكثير وقد الفت أول كتاب بعنوان قبس من نور الإسلام وبعده قبس من نور فاطمة (عليها السلام) والذي لقي رواجاً، ثم ألفت كذلك قبس من نور الإمام العسكري (عليه السلام)، كما سلكت طريق الخطابة وقد وفقني الله سبحانه وتعالى إلى خدمة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وخدمة المؤمنين.
^1 اللجوء الى أمريكا ما هي أسبابه؟^/1
ذهبنا إلى امريكا لاجئين في عام 1999 إلى مدينة ميشيغان تحديدا، والسبب ولكي اكون صريحاً هو العوز والضغوطات المادية، وكنت اطلب من الأخوة ان يساعدوني في تهيئة المسكن والأمور المادية حتى لا اذهب إلى تلك البلدان لأني لا أرغب أن اعيش فيها، وعندي انطباع ولازال هذا الانطباع قوياً من ان هذه البلدان ليس لها أي خدمة، ولا مستقبل فيها لي ولا لأولادي، إلا أني كنت مضطراً للذهاب إلى أمريكا والكل يعلم بذلك، فلو كان عندي بيت وإمكانية السكن لما ذهبت، إلا أني قلت لنذهب ونخوض هذه التجربة، وقد افادتني كثيراً وفتحت لي آفاقاً مهمة، فالفت هناك عدة كتب منها قبس من نور الإمام الجواد، وقبس من نور الإمام الكاظم وقبس من نور الإمام الحسين (عليه السلام)، وإنشاء الله تعالى تكتمل هذه السلسلة، ويوجد الآن في المطبعة قبس من نور الإمام الحسين (عليه السلام) حيث تقوم العتبة الحسينية وبطلب من سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي بطباعة هذا الكتاب في لبنان.
^*1 القانون الحكومي ان لم يكن مدعوماً من المرجعية فلا يمكن أن ينفذ، فالحكومات تأخذ شرعيتها من المؤسسة الدينية، وأما ان تتقاطع معها فهذا ليس صحيحاً. ^*/1
وهناك مركز مهم في ميشغان يُعد من أهم المراكز الشيعية في أمريكا، والذي أسسه المرحوم العلامة الشيخ محمد جواد من لبنان.
ويعتبر سماحة العلامة السيد حسن القزويني مرشداً مهماً في المركز، وعندما ذهبت إلى أمريكا طلب مني سماحته ان التحق بالمركز لكي أكون أحد المساعدين، والمركز يقدم الكثير للأخوة المسلمين عموماً، ومحبي أهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاص، حيث النشاط الثقافي والديني وحتى السياسي، فهناك مجموعة من اللقاءات التي قام بها سماحة السيد حسن القزويني مع المسؤولين الأمريكين، وخصوصاً فيما يخص حث الحكومة الأمريكية على إسقاط النظام البعثي، فكان يقدم الأرقام والبيانات التي تبين مظلومية الشعب العراقي وفداحة الظلم الذي لحق بالشعب العراقي.
كما كان سماحته يشرح للحكومة الأمريكية والمسؤولين فيها وعلى أعلى المستويات التاريخ الدموي لحزب البعث، ويبين مواقفه المناوئة للإنسانية، وانه نظام فاشي ديكتاتوري ليس ضد الشعب العراقي وإنما ضد المنطقة وضد السلم العالمي، فكان المسؤولين الأمريكيين يأخذون ما يقدمه سماحته من آراء وأرقام بنظر الاعتبار.
^1 هل أثرت أحداث سبتمبر على الواقع الإسلامي في أمريكا؟^/1
لقد كان الواقع الشيعي والإسلامي قبل أحداث 11 سبتمبر واقعاً جيداً حتى يمكن القول ان الشعب الأمريكي يعيش المناخ والحالة الإسلامية وقد دخل الآلاف من الأمريكيين في الإسلام، وكاد يدخل الملايين منهم، ولا أقول ذلك جزافاً، نعم كاد الشعب الأمريكي يدخل إلى الإسلام.. ولكن بعد أحداث سبتمبر تغيرت نظرة الشعب الأمريكي.
^*1 فرقة المسرح الإسلامي هي أول فرقة مسرحية تقوم بتقديم المسرحيات الإسلامية والتي كانت تتلقى الدعم المباشر من حركة المهجرين العراقيين وسماحة المرجع الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره). ^*/1
ربما تكون الضربة مفتعلة، لا أعرف، ولكن التغيير الذي حصل شكل خطراً على الجالية الإسلامية في أمريكا وعلى الشيعة بوجه خاص، وقد انبرى سماحة السيد حسن وثلة مؤمنة في ديترويت وغيرها، بالتصدي إلى الهجمة وردة الفعل، وحاولوا قدر الإمكان افشال المخطط الذي كان يريد أن يقضي على الإسلام والروح التي انتعشت بين الأمريكيين وعلى الأفكار التي انتشرت هناك.
والحقيقة أقول ان احداث سبتمبر كانت ضربة قاسية على الإسلام هناك إلا أن روح التصدي كانت بالمستوى المطلوب حيث كشفوا الكثير من الغموض والوقائع التي كانت غائبة عن أذهان الأمريكان، واكدوا لهم ان الإسلام بريء وهو بعيد أشد البعد عن الإرهاب والتصرفات السيئة التي يقوم بها أصحاب الفكر السلفي، وأتوا لهم بتاريخ التشيع، وقالوا لهم هذا هو التاريخ الشيعي، وهؤلاء علماؤهم وفتاواهم تحكي الواقع السلمي الهادي، الواقع الخالي من العنف والدماء والإرهاب والأفكار التكفيرية.
كما كان سماحة السيد حسن وكثير من العلماء يتصدون في خطبهم والمقابلات والندوات والمؤتمرات لردة الفعل تلك، بالإضافة إلى زيارتهم الكنائس، والتقوا أيضاً مع القساوسة وعلماء من الديانة المسيحية حتى باتت الصورة واضحة لهم عما يحمله الإسلام من مفاهيم سليمة وان كثير من علماء النصارى باتوا مقتنعين بما يطرحه علماء المسلمون في أمريكا.. لقد كان العمل جباراً ومهماً للغاية.
^1 العراق بعد سقوط اللانظام المقبور كيف ترونه؟^/1
كان هناك تفاؤل قوي بعد سقوط النظام البعثي واستبشر الكثير والكثير، وعلقوا الآمال في أن يكون هناك تغيير، والحقيقة إن نفسية العراقي وأخلاقه قد تغيرت، بل وصل أيضاً التغيير إلى علاقة الإنسان العراقي بالدين، والتي كانت علاقة هشة لدى البعض، نعم لقد إلتجأ الناس إلى الدين، وعلماء الدين وإلى المجالس بصورة تثلج الصدر وتثير الارتياح في النفوس وقد أكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك قوة الدين الإسلامي في أعماق الشعب العراقي العزيز، وقوة ارتباطه بأهل البيت عليهم السلام، وان محاولات حكام الجور والظلم في فك الارتباط بين الإنسان المسلم العراقي ودينه لن تصل إلى أهدافها.
أنا زرت العراق بعد سقوط النظام، وقد رأيت مجموعة من الظواهر التي آلمتني كثيراً، منها انكماش وابتعاد البعض من الشباب عن المراكز الدينية والثقافية والعلمية.
وهو عكس ما كان ملحوظاً في فترة السبعينات الثمانينات، حيث اتجه الشباب في ذلك الوقت إلى الدين وإلى الإسلام، فكانوا يعقدون المجالس رغم الخطر الذي كانت تشكله عليهم، ولكن بعد سقوط النظام رأيت ابتعاداً واضحاً من قبل بعض الشباب عن المراكز الدينية والثقافية ولا أعرف بالضبط ما هي الأسباب. وعلى رجال الدين والمسؤولين في الدولة والإعلام أن يبحثوا عن تلك الأسباب لمعالجتها بصورة جدية، لأننا بحاجة إلى العلم والثقافة والتوعية، وذلك يحتاج إلى الجهد المضني عندما نريد أن نثقف شعبنا.
وعلى الذي يريد القيام بهذه المهمة عليه تثقيف نفسه أولاً ويبني شخصيته بصورة جيدة وان يكون بالمستوى المطلوب من الناحية العلمية وان يستوعب المرحلة الحالية والمتغيرات الطارئة من حوله.
هناك هجمة إعلامية ثقافية شرسة قادمة من دول الجوار والدول البعيدة، هجمة على العراق والجميع يريد احتلال العراق، فمنهم يريد احتلال الأرض ومنهم من يريد احتلال العقل العراقي، والبعض الآخر يريد احتلال النفوس، والبعض يريد هيمنة واحتلال الاقتصاد، وعلى الجميع تقع مسؤولية مجابهة الاحتلال بكافة أنواعه وأشكاله، وان نوجه الآلية للتصدي وكيف نتقي تلك الهجمة الشرسة، واستيعاب وفهم الأبعاد الحقيقية وما هي نوعها.
فإذا ما كانت الهجمة ثقافية فلابد من التصدي لها ثقافياً، وإذا ما كانت اقتصادية فعلينا التصدي لها عبر تقوية الاقتصاد الوطني، وعندما تنظر إلى ما هو موجود في الأسواق من بضائع وسلع كلها مستوردة وهذا يعني أن هناك هجمة خبيثة هدفها تدمير الاقتصاد العراقي، ومواجهة ذلك يأتي من خلال تقوية الصناعة الوطنية العراقية.
لقد كان العراق من الدول المصدرة للعديد من المنتجات وقد أصبح الآن يستورد كل شيء، وهذه كارثة اقتصادية وهدر للطاقات واستنزاف للميزانية المالية للدولة العراقية.
لابد من العمل التكاملي فهو مهم، فإذا ما تكاملت المؤسسات يمكن انجاز المشاريع الكبرى، فالمؤسسة الدينية عليها أن تتكامل، وعلى الدولة أن تلتفت إلى المؤسسة الدينية ولا مناص لها عن ذلك، لأن المؤسسة الدينية ذات عمق ورصيد داخل الشعب العراقي، وقد حاول النظام البعثي القضاء عليها ولم يتمكن من ذلك، ولن يستطيع أحد القضاء عليها مهما كانت قوته وجبروته.
^*1 لقد إلتجأ الناس إلى الدين، وعلماء الدين وإلى المجالس بصورة تثلج الصدر وتثير الارتياح في النفوس وقد أكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك قوة الدين الإسلامي في أعماق الشعب العراقي العزيز، وقوة ارتباطه بأهل البيت عليهم السلام. ^*/1
لقد سقطت العديد من المؤسسات الحكومية خلال أشهر إلا أن المؤسسة الدينية لم تسقط أبداً، وكما قلنا على الحكومة أن تلتفت الى هذه المؤسسة ليس فقط في مدينة ما، وإنما لبقيت المدن الأخرى، وأن تمد يد العون والمساعدة لتقويتها، لأن المؤسسة الدينية كما ذكرت لها تاريخ ولها عمق ومكانة في نفوس الناس، وذلك واضح فالمرجع الديني الآن عندما يقول أو يفتي فالكل يأخذ برأيه، فالقانون الحكومي ان لم يكن مدعوماً من المرجعية فلا يمكن أن ينفذ، فالحكومات تأخذ شرعيتها من المؤسسة الدينية، وأما ان تتقاطع معها فهذا ليس صحيحاً.
^1 هل ترى أن هناك تقدماً من الناحية الفكرية والثقافية؟^/1
الحقيقة أن التقدم على ناحيتين، تقدم من ناحية الانتشار وتقدم في النمو، بمعنى أن هناك تقدم بالمستوى الأفقي وآخر عمودي، وقد زرت العراق أكثر من مرة، فرأيت هناك عدة مؤسسات ناشطة ومهمة وأنا اطلب من تلك المؤسسات ان تصل في عملها إلى العقل العراقي وأن تلتفت إلى شريحة الشباب فهي مهمة جداً لأنها العمود الفقري الذي تعتمد عليه كل المجتمعات في العالم.
من خلال مجلس سماحة الشيخ المهاجر تبين أن الشعب العراقي بأمس الحاجة إلى مثل هذه المجالس، فالشخصية العراقية تحتاج إلى ترميم، فقد أثرت فيها المراحل السابقة وتركت ضلالاً سوداء عليها، والشخصية العراقية قوية، والقوى الاستعمارية تريد تهشيمها، وإذا ما تهشمت شخصية الإنسان انتهى تماماً ولا يمكنه الإبداع في أي مجال.
والعراق بحاجة ماسة إلى الخطباء والوعاظ وإلى مراجع وكفاءات وقدرات وهي موجودة في الخارج، ولكن يحز في نفسي: ان تلك الكفاءات والقدرات لا تتواصل ولا تأتي، وقد قلت في العديد من المجالس أن العراق مهم، فهو مركز ثقل العالم، ومن ينجح في إدارة العراق يستطيع إدارة العالم بأسره، ولذلك الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، عندما يأتي، فإنه ينطلق من العراق، ويهتم به ويبنيه، ينطلق من الكوفة العاصمة الأولى للإمام الحجة والعاصمة الثانية هي الحيرة حيث يكون نائب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) إذ يأمره الإمام ببناء مسجد له 500 باب.
^*1 لقد كان الواقع الشيعي والإسلامي قبل أحداث 11 سبتمبر واقعاً جيداً حتى يمكن القول ان الشعب الأمريكي يعيش المناخ والحالة الإسلامية وقد دخل الآلاف من الأمريكيين في الإسلام، وكاد يدخل الملايين منهم. ^*/1
نعم إن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ينطلق من العراق إلى العالم اجمع بعد ان يستتب الوضع ويهدأ العصيان ويقضي على الردة السفيانية، ينطلق إلى القدس حيث يلتقي هناك بالنبي عيسى روح الله الذي يؤمن بالإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) ويصلي خلفه، ومن خلال التحاقه يلتحق العالم المسيحي باجمعه بالإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه).
إن العراق بوابة التشيع، وقد اعتمد الإمام علي (عليه السلام) على العراق عندما غير العاصمة من المدينة التي اتخذها النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الكوفة، وليس من السهل تغيير العاصمة، وإنما كان لذلك التغيير أسرار وأسباب مهمة جداً. وقد ذكرت في كتابي قبس من نور الإمام الحسين (عليه السلام) لماذا تحرك الإمام إلى كربلاء؟ ولماذا خطط الإمام للحضور إلى كربلاء ليستشهد فيها، أولاً لأنها أرض الأنبياء، وثانياً ليمهد للإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء إنما ليهيأ النفوس، لأن دولة الإمام الحجة عندما تقام في العراق يجب أن تكون لها أسباب واتباع من العراق، واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في العراق له أثر وعلاقة بالإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) والذي يأتي إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يشعر بقوة جبارة يستمد منها قوته نحو المستقبل وفي مواجهة كافة التحديات والصعوبات التي تعترض طريقه في الحياة.