19 صفر 1429 - 27/02/2008
الشيخ الرادود حسين الأكرف حل ضيفاً على مدينة الإمام الحسين عليه السلام لإحياء ذكرى زيارة الأربعين لهذا العام مع عدد كبير من محبي أهل البيت عليهم السلام من دولة البحرين الشقيقة حيث شارك بمجلس عزاء حسيني ولثلاثة ايام على التوالي بحصن أبي الفضل العباس عليه السلام، فكان لنا معه هذا اللقاء:
بدايات خدمتك في موكب العزاء الحسيني؟
من اللطف و العناية الإلهية أن ينشأ الإنسان في وسط عائلي حسيني وبيئة محبة لخدمة الحسين عليه السلام و الحمد لله لقد فتحت عيني على دموع والدتي التي كانت تحملني رضيعاً من مجلس تعزية إلى آخر، حيث كان لجدتي مجلس عزاء اسبوعي في بيتنها الملاصق لبيتنا، و كذلك عمتي التي كان بيتها مأتماً حسينياً، بحيث كان من ثمرات هذا المجلس أن نبغت فيه ابنة عمتي الكبرى شاعرة ماهرة صدر لها ثلاثة دواووين في المدح و الرثاء لأهل البيت عليهم السلام.
و أما والدي فهو الرادود الشاعر أحمد الأكرف العضو المؤسس لمأتم أنصار العدالة في الدراز، و الذي كنت كظله في عهد الطفولة، إذ تخبرني والدتي أني لا أفارقه حيثما ذهب من موكب لموكب و من مأتم لآخر.
كانتِ المشاركةُ الأُولى على وجهِ التحديد في 22 او 23 – 1 لسنة 1986 في ليلة الجمعةِ بقصيدةٍ منَ التُّراثِ العراقيِّ كَتَبَ كَلِمَاتِها الوالدُ الحاج أحمد الأكرف قبر الشهيد ابن أمي بانت علي أنواره.
رأيك في اللطميات التي تحتوي على الجانب السياسي والاجتماعي اكثر من تضمنها للقضية والمصيبة الحسينية؟
هناك نظريات ثلاث في هذا الشأن:
- الوقوف على ذكر المصيبة فقط.
و هي نظرية لا تمتلك من الأدلة الإسلامية الفكرية قدراً كافياً لدعمها و تأييدها، فإنه من الصحيح القول بأن لذكر المصيبة أثر عاطفي قوي يدفع للإرتباط (القلبي) بأهل البيت عليهم السلام، لكن ذكر المصيبة فقط دون التعرض لقضايا الأمة المرتبطة بأهداف الحسين عليه السلام، يتنافى مع الهم الكبير الذي خرج من أجله الحسين، و هو طلب الإصلاح في أمة جده (ص).
فالأحداث المؤلمة التي جرت في كربلاء لها أثر في نفس الحسين عليه السلام، لكن لا يمكن أن نقول بأن أثرها في نفسه أكبر من أثر الفساد و الإنحراف في أمة جده.
- تهميش المصيبة، و تغليب طرح قضايا الأمة.
و هي نظرية غير صحيحة أيضاً، و ذلك لأنه و كما يقال (إفتح قلب الإنسان ينفتح لك عقله)، فإننا بتناول المصيبة و التركيز عليها نحطم أقفال القلوب ليدخل فيها حب أهل البيت، و بالتالي ينفتح العقل على كل أهداف و هموم و قضايا الإصلاح التي أرادها أهل البيت عليهم السلام، و ذلك من خلال تسليط أضواء تلك الأهداف على واقعنا المعاش، من مواجهة الظلم و الظالمين، و المفسدين، و محاولة إصلاح الواقع الأخلاقي و السياسي في الأمة
- الجمع بين المصيبة و الأهداف.
و يمكنني أن أشبه القصيدة الحسينية على أساس هذه النظرية بأنها طائر جناحه الأول المصيبة و جناحه الثاني الأهداف و القضايا، و لا يمكن للقصيدة أن تحلق في فضاء الحسين إلا بجناحيها.
و أعتقد جازماً بأن النظريتين السابقتين ليستا من صميم الفكر الإسلامي الأصيل، بل فيهما من الفكر الإلتقاطي الشيء الكثير.
مدى تأثرك بالوالد) في بداية نشاتكم للمواكب الحسيني كرادود و شاعر..
- بدا لي لاول مرة الحاج احمد الاكرف كــشاعر و رادود مع اصدار أي جرح وقد بدا الوالد العزيز بإسلوب مبدع في كلا العنصرين (الاداء والكلمات)لا يمكنني أن أسمي إستفادتي من والدي العزيز مجرد تأثر، لأن ما أخذته منه هو أكبر بكثير و أعمق من مجرد تأثر، إنها حالة تشبه الفطرة بشكل كبير، فقد شربت أسلوبه و إحساسه المرهف و خياله الواسع و عنايته باللحن و الكلمة دون أن يعلمني ذلك !
ماهو تاثير واقعة الطف على شخصيتك بصورة عامة؟
واقعة الطف تشكل الإلهام و الرافد الأساس لكل جوانب الحياة في شخصية كل فرد مسلم.
ما التأثير الذي تقدمه القصائد الإجتماعية والسياسية والإقليمية وما إلى ذلك في موكب العزاء وما مدى نجاح هذا التوجه..؟!
لهذا الطرح عدة تأثيرات و أدوار:
1- حضور الكلمة الحسينية في كل ميادين الحياة.
2- توعية المجتمع و فتح عينه على مظالم العباد و ألوان الفساد، و بالتالي دفعه تجاه مواجهة ذلك و بحركة مضادة.
3- أن نبين للعالم أن الحسين ليس قصة (عجائز) نتوارثها للدموع من زمن إلى زمن دون وعي و لا إستفادة واقعية، فهل يعقل، بل هل يجوز صرف كل هذه الجهود و الطاقات و الأموال من أجل أن تبكي العين؟ و هل يحتاج البكاء على الحسين كل هذا المال؟ كلا.. إن الأمر أكبر من البكاء، إن إحياء عاشوراء لابد أن وراءه أهدافاً كبرى، و نحن علينا أن نبين هذه الأهداف من خلال القصيدة و المنبر و كل الوسائل المتاحة.
4- استمرار القضية الحسينية في أهدافها و همومها و قضاياها، بحيث لا تقف مكتوفة الأيدي في إطار و آخر، بل تبقى سيفاً على رؤوس المفسدين و رحمة على قلوب المصلحين.