b4b3b2b1
نظرية المسرح الحسيني | بدر شاكر السياب: وانتصر الحسين | المرأة والعائلة | المرثية الحسينية في شعر (مظهر اطيمش) .. الرؤية والمحور | الشاعر أبو فراس الفرزدق ينظم في مدح الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) | الإمام الحسين (عليه السلام) في الشعر المصري | كربلاء أرض ملهمة للشعراء والأدباء |

بدر شاكر السياب: وانتصر الحسين

3144

 

27 شوال 1432 - 26/09/2011

إرم السماء بنظرة استهزاء

واجعل شرابك من دم الاشلاء

واسحق بظلك كلّ عرض ناصع

وأبح لنعلك أعظم الضعفاء

واملأ سراجك أن تقضي زيته

مما تدر نواضب الأثداء

واخلع عليك كما تشاء ذبالة

هدب الرضيع وحلمة العذراء

واسدر بغيك يا يزيد فقد ثوى

عنك الحسين ممزق الأحشاء

والليل أظلم والقطيع كما ترى

يرنو اليك بأعين بلهاء

أحنى لسوطك شاحبات ظهوره

شأن الذليل ودب في استرخاء

مثلت غدرك فاقشعر لهوله

قلبي وثار وزلزلت أعضائي

واستقطرت عيني الدموع ورنقت

فيها بقايا دمعة خرساء

يطفو ويرسب في خيالي دونها

ظل أدق من الجناح النائي

حيران في قعر الجحيم معلق

ما بين ألسنة اللظى الحمراء

أبصرت ظلّك يا يزيد يرجه

موج اللهيب وعاصف الانواء

رأس تكلل بالخنا واعتاض عن

ذاك النضار بحية رقطاء

ويدان موثقتان بالسوط الذي

قد كان يعبث أمس بالاحياء

قم فاسمع اسمك وهو يغدو سبة

وانظر لمجدك وهو محض هباء

وانظر الى الأجيال يأخذ مقبل

عن ذاهب ذكرى أبي الشهداء

كالمشعل الوهّاج الا أنها

نور الاله يجل عن إطفاء

عصفت بي الذكرى فألقت ظلّها

في ناظري كواكب الصحراء

مبهورة الأضواء يغشي ومضها

أشباح ركب لج في الاسراء

أضفى عليه الليل ستراحيك من

عرف الجنان ومن ظلال (حراء)

أسرى ونام فليس الا همسة

باسم الحسين وجهشة استبكاء

تلك ابنة الزهراء ولهى راعها

حلم ألم بها مع الظلماء

تنبي أخاها وهي تخفي وجهها

ذعراً وتلوي الجيد من أعياء

عن ذلك السهل الملبد يرتمي

في الافق مثل الغيمة السوداء

يكتضّ بالاشباح ظمأى حشرجت

ثم اشرأبت في انتظار الماء

مفغورة الأفواه الا جثة

من غير رأس لطخت بدماء

رحفت الى ماء تراءى ثم لم

تبلغه وانكفأت على الحصباء

غير الحسين تصده عمّا انتوى

رؤيا فكفي يا ابنة الزهراء

من للضعاف اذا استفاقوا والتظت

عينا يزيد سوى فتى الهيجاء

بأبي عطاشى لاغبين ورضعا

صفر الشفاء خمائص الأحشاء

أيد تمد الى السماء وأعين

ترنوا الى الماء القريب النائي

عز الحسين وجل عن أن يشتري

جم الخطايا طائش الاهواء

ألا يموت ولا يوالي مارقاً

ري الغليل بخطة نكراء

فليصرعوه كما أرادوا إنّما

ما ذنب أطفال وذنب نساء

هاجت بي الذكرى عليها ساعة

مرّ الزمان بها على استحياء

خفقت لتكشف عن رضيع ناحل

ذبلت مراشفه ذبول حباء

ظمآن بين يدي أبيه كأنه

فرخ القطاة يدف في النكباء

لاح الفرات له فأجهش باسطاً

يمناه نحو اللجة الزرقاء

واستشفع الأب حابسية على الصدى

بالطفل يومي باليد البيضاء

رجي الرواء فكان سهماً حز في

نحر الرضيع وضحكة استهزاء

فاهتز واختلج اختلاجة طائر

ذكرى ألمت فاقشعر لهولها

قلبي وثار وزلزلت أعضائي

واستقطرت عيني الدموع ورنقت

فيها بقايا دمعة خرساء

يطفو ويرسب في خيالي دونها

ظل أدق من الجناح النائي

حيران في قعر الجحيم معلّق

ما بين السنة اللظى الحمراء