b4b3b2b1
الشاعر أبو فراس الفرزدق ينظم في مدح الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) | الإمام الحسين (عليه السلام) في الشعر المصري | نظرية المسرح الحسيني | بدر شاكر السياب: وانتصر الحسين | كربلاء أرض ملهمة للشعراء والأدباء | المرأة والعائلة | المرثية الحسينية في شعر (مظهر اطيمش) .. الرؤية والمحور |

نظرية المسرح الحسيني

 

21 شعبان المعظم 1430 - 14/08/2009

للأديب الشاعر رضا الخفاجي

دأب النظام الدكتاتوري السابق على محاربة جميع الأفكار والمعتقدات التي لا تتوافق مع منظومته الفكرية المختلفة ذات الطابع الدموي الاستبدادي، شأنه في ذلك شأن أي نظام فاشي لا يؤمن بمن يختلف معه أو يعارضه.

وقد نجح ذلك النظام- مع شديد الأسف- في فرض هيمنته وإشاعة الرعب في المجتمع العراقي، واستطاع شراء ذمم الكثيرين من ضعاف النفوس ومن الانتهازيين والمنافقين، الذين ينعقون مع كل ناعق- كما وصفهم الإمام علي (ع) ومن كافة شرائح المجتمع ومن مختلف الاختصاصات بحيث استطاع أن يكوِّن جيشاً كبيراً من المرتزقة الدجالين الذين كانوا يطبلون له صباحاً ومساء كل يوم. وقد ساعده في ذلك النجاح، طول فترة حكمه المفروض على الشعب، نتيجة لمصالح دولية حتمت الإبقاء على ذلك النظام، بل وساعدته على ترسيخ امكانية الدولة من أجل تحقيق مطامعها ومآربها في هذه المنطقة الحيوية من العالم، حيث كان السيف الدموي الجاهز على طول الخط لقتل جميع تطلعات شعوب المنطقة وفي مقدمتها الشعب العراقي الباسل المؤمن بقيم السماء الخالدة، حيث استعمل أبشع أنواع القتل والإرهاب ضد هذا الشعب البطل... فكانت انجازاته الباهرة عبارة عن شن الحروب في الداخل والخارج، ودفن الناس في مقابر جماعية وهم أحياء... ونتيجة لذلك التصرف الهمجي المتخلف رضخ الكثيرون للأمر الواقع وسافر آخرون خارج البلد هرباً من البطش الذي لا يطاق... بينما التزم فريق ثالث بالصمت الرافض! إزاء كل ذلك، ماذا عسانا أن نفعل غير استفزاز أصالتنا واستنفار طاقاتنا والرجوع إلى منابعنا الأصلية وحضارتنا الإسلامية الخلاقة، وإن خير من يمثل هذا الاتجاه المبارك، هو النهج الحسيني المحمدي الذي قارع الظلم والتحريف، منذ العاشر من محرم عام 61هـ عندما وقف بوجه الطغيان الأموي الجاهلي وقدم الدماء الزكية من أجل العقيدة والمبدأ الذي أنعم الله به علينا عندما بعث خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبد الله (ص) رحمة إلى الإنسانية جمعاء ليخرجها من براثن الجاهلية والعبودية والتخلف.

إن حيوية المدرسة الحسينية وأدائها الرسالي الخلاق، وأساليبها المبتكرة في التأثير على المجتمع وقيادته، جعلت أعداء الإسلام يوجهون سهامهم القاتلة إلى متن يمثل هذه المدرسة أو من يقتدي بها ويسير على خطاها، لاعتقادهم بأن هذا النهج الحسيني المحمدي استطاع أن يبقي على الخط الإسلامي الصحيح معافى وغير محرف رغم ضراوة الحرب الشعواء التي شنت ضده عبر العصور... وهذا بحد ذاته يعتبر عقبة كبرى تقف أمام تحقيق مشاريع أعداء الإسلام وأحلامهم المريضة بالقضاء نهائياً على الدين الإسلامي وتدمير جوهره الفعال المتمثل بخط عترة رسول الله (ص) والأئمة المعصومين الأطهار.

إن مسؤولية التصدي للهجة الشرسة ضد الفكر الإسلامي الحضاري النير في هذا العصر- يجب أن تشتمل كافة قطاعات الشعب وأن تنهض بها كافة المؤسسات الاجتماعية، حكومية أو غير حكومية إضافة إلى دور الأفراد، حتى نستطيع أن نعود بالعراقي مجدداً على وضعه الطبيعي والرائد والخلاق بين الأمم المتحضرة وبخاصة بعد تخلص هذا الشعب من كابوس الدكتاتورية والقمع الوحشي... لذلك لابد لحوزتنا العلمية وعلمائها الأعلام وجميع المنظمات الثقافية أن تبدأ مشروعاً حضارياً طموحاً يرتقي بالإنسان العراقي، ويسد الفراغ الفكري الحالي الذي خلفه النظام السابق حيث أدى إلى تدني المثل والقيم النبيلة والسامية في جميع الممارسات الحياتية الاعتيادية اليومية، فقد شاع الفساد الإداري والأخلاقي وشاعت الرشوة والفوضى، ودخل الإرهاب مجدداً من منافذ أخرى وكثيرة... حيث استكلب أعداء العراق وأعداء المدرسة الحسينية عندما رأوا أن العراق قد تخلص من نظام العبودية... وإنه لا رجعة إلى الدكتاتورية أبداً.

إذن... لا بد أن نسارع إلى إصلاح الخلل في بنية مجتمعنا من خلال تفعيل الأنشطة الحيوية التي باستطاعتها أن تحدث تغييراً إيجابياً يخرجنا من هذا المأزق الصعب... ولا بد أن نقدم إضافة إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية والضرورية، فكراً خلاقاً يرقى بهذا المجتمع ويعيده إلى منابعه الأصيل، وأنني هنا استشهد بمقولة السيد المسيح عليه السلام الخالدة: {ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان} وانطلاقاً من هذه الرؤيا الخلاقة توجهنا إلى المسرح، هذه الأداة الخطيرة البالغة الأهمية، مستندين فكرياً وأخلاقياً، جازمين بأنها المؤهلة الوحيدة للانتقال بالمجتمع العراقي والعربي والإسلامي من واقع التخلف المزري الذي يعيشه حالياً... إلى واقع مغاير تماماً يتوفر على مساحة الازدهار الحقيقي، حيث تتوفر فيه الطمأنينة والسلام والمحبة والديمقراطية الحقيقة لكونه بمنهاجه الإصلاحي الجذري يستطيع أن يقضي على مظاهر التخلف والبؤس والشقاء والجهل المتفشي حالياً مع الأسف الشديد.

إذن.. بالمسرح الحسيني- تحديداً- نستطيع أن نجد ضالتنا..، نستطيع أن نقدم إلى جانب الملحمة الحسينية الخالدة ومعانيها ودلالاتها الإنسانية والفكرية التي تساعد المجتمع على مواجهة الأزمات والمحن والعبور إلى الضفة الأخرى بكل عزم وثقة، عندما يتوفر الإيمان الحقيقي بهذا النهج المبارك... كذلك، نستطيع أن نقدم أعمالاً معاصرة تستند إلى مبادئ المدرسة الحسينية وصولاً إلى تحقيق أهدافنا المشروعة في إقامة مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة الإنسانية.

إن الأسلوب الحضاري العلمي الرصين الذي ندعو إليه في المسرح الحسيني البعيد عن العواطف الساذجة والانفعالات والممارسات المختلفة المعبرة بالرسالة الحسينية، سيبعدنا عن الكثير من الإشكاليات القاتمة حالياً في بعض الممارسات الفردية، وسيحصن بالتأكيد منظومة الفكر الحسيني- الخلاقة من جميع محاولات التحريف والتشويه المتعمد الذي يسعى إليها الأعداء باستمرار بشل فاعلية هذه المدرسة.

إن الأعداء يعلمون تماماً... بأن الفكر الحسيني هو الامتداد الطبيعي للفكر المحمدي السماوي المقدس، حيث يستند على القرآن الكريم دستوره الأول وعلى السنة النبوية الشريفة وعلى مآثر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) الذين خلفوا لنا تراثاً خالداً في الحياة يعيننا على تجاوز كل الصعاب، ونحن إضافة إلى كل ما تقدم، عندما ندعو إلى تأسيس مسرح حسيني في هذا الوقت بالذات فإننا لا ننطلق من فراغ أو نمني النفس بأمنيات غير قابلة للتحقيق، منتظرين من الآخرين تحقيقها... بل أن العكس هو الصحيح- فأننا نقولها بفخر واعتزاز وتواضع، بأن عملنا في هذا الاتجاه، كان قد ابتدأ منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي عندما بدأ الحلم يراودنا، ثم توكلنا على الله وبدأنا نحقق أحلامنا خطوة خطوة في كتابة المسرحية الشعرية المختصة بتجسيد الملحمة الحسينية تحديداً، حيث أنجزنا خلال الربع الأخير من القرن المنصرم المسرحيات الشعرية التالية:

1. سفير النور- مسلم بن عقيل (ع).

2. صوت الحر الرياحي.

3. صوت الحسين (ع).

4. قمر بني هاشم- العباس ابن علي.

5. سفر الحوراء زينب سلام الله عليها.

6. سفر التوبة- نهضة التوابين وثورتهم ضد الحكم الأموي.

7. آيات اليقين، في سفر أم البنين.

8. الثائر الشهيد- زيد ابن علي ابن الحسين عليهم السلام.

إضافة إلى أعمال أخرى هي في طريقها إلى الانجاز ومنها:

1. مسرحية شعرية عن سيرة الإمام زين العابدين (ع).

2. مسرحية شعرية عن أنصار الإمام الحسين (ع).

كذلك سنكتب عدداً من المسرحيات عن جميع الشهداء الذين ساروا على المنهج الحسيني وفي مقدمتهم شهداؤنا من العلماء الأعلام مثل:

1. آية الله السيد محمد باقر الصدر(قدس).

2. آية الله السيد محمد صادق الصدر (قدس).

3. آية الله السيد حسن الشيرازي (قدس).

4. آية الله السيد محمد باقر الحكيم (قدس).

وكذلك سنكتب إن شاء الله عن جميع الأعلام والمفكرين من الأحياء والأموات، من الذين عشقوا مدرسة سيد الشهداء وساروا عليها وأبدعوا في مجالاتهم المختلفة وقدموا للإنسانية خلاصة أفكارهم وأعمالهم الخالدة من أجل خدمة رسالتنا الإسلامية العظيمة ذات الطابع الإنساني الحضاري الشامل.

إن هذا التمهيد، يسلط الضوء على جانب من الإنجازات ويمهد إلى الدخول لفصول أخرى من جهد متواضع وحلم كان يعيش معي... أو نهض بعد أن أنجزت الملحمة الحسينية في المسرح الشعري... ألا وهو كتابة نظرية عن المسرح الحسيني، حيث نهضت هذه الرؤية من خلال تجربتي المتواضعة في الكتابة بعد الانجازات التي ذكرتها- إضافة إلى كتابة بعض المسلسلات الإذاعية التي تسير بنفس الاتجاه المبارك مثل مسلسل صوت الحر الرياحي ومسلسل سفير النور مسلم بن عقيل ومسلسل صوت الحسين (ع).

إن كل هذه الإنجازات إضافة إلى انجازاتي في مجال الشعر وهي كثيرة والحمد لله... ما هي إلا جهد متواضع ومقدمة بسيطة أهديها إلى عشاق المدرسة الحسينية وهي أول الغيث- آملاً من أجيالنا المخلصة لآل البيت النبوي الأطهار أن تـُغنيها وتثريها، وتجذرها بين الناس، خدمة للإنسانية...{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} صدق الله العلي العظيم.

المقدمة

منذ باشرنا الكتابة في المسرح الشعري عن الملحمة الحسينية تحديداً، وذلك في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، دعونا إلى تأسيس- مسرح حسيني- عن الملحمة الحسينية تحديداً، وذلك في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، دعونا إلى تأسيس مسرح حسيني في داخل العراق وخارجه- لما يمثله الإمام الحسين وثورته ضد الظلم والاضطهاد الأموي عند كثير من الطوائف الإسلامية والأديان والأمم الأخرى.

وبعد توغلنا في هذا العالم الرحب المبارك تبلورت لدينا أفكارا ورؤى، نعتقد بأننا سنكون السابقين إلى تسليط الضوء عليها وكشفها، وتقديمها إلى المهتمين والمشتغلين بالفن المسرحي وإلى عشاق سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) أينما يكونوا من العالم.

وهذا ما دعانا إلى انجاز هذا الجهد المتواضع الذي استغرق منا سنوات عديدة حيث نهضت لدينا قناعات من خلال كتاباتنا المتواضعة ونحن هنا بادئ ذي بدء... لا ندعي الكمال، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى، وكذلك نعد هذا الذي هدانا الله إليه ما هو إلا ملاحظات عامة، داعياً في هذه المناسبة من جميع من يقرأ هذا الجهد المتواضع- أن يساهم في إغنائه والتوغل في أبعاد ومديات أخرى أكثر عمقاً، فالفكر الحسيني المحمدي... فكر خلاق ومعين لا ينضب والدراسات عن الفكر الحسيني والمدرسة الحسينية لا تنتهي أبداً... ولدينا مثال بسيط، فقد وصلت أجزاء الموسوعة الحسينية التي يرأسها ويشرف عليها آية الله الدكتور الكربلائي حفظه الله أكثر من (550) مجلداً. ومازال العدد في التصاعد... وهذا ما لا يوجد في أية موسوعة في العالم، وهذه هي إحدى معاجز المدرسة الحسينية وبركاتها وكرامتها... إذن... كما قلنا ونقول هذا غيض من فيض...

القسم الأول:

سنتناول في نظرية المسرح الحسيني الأبواب أو المواضيع التالية:

1- لماذا المسرح الحسيني؟

2- العلاقة بين الجمالي والخلقي في المسرح الحسيني.

3- لماذا الشعرية في المسرح الحسيني.

4- خصوصية تركيب الجملة الشعرية ودلالاتها.

5- التوفيق بين الاختزال الشعري والإسهاب النثري.

6- الرؤية الشعرية عند الكاتب الحسيني.

7- الديكور والملابس والإكسسوار والمؤثرات المختلفة.

أما في القسم الثاني فسنثبت بعض الفصول والمشاهد في انجازاتنا المسرحية المتعلقة بالموضوع، ليطلع القارئ عليها ويرى مصداقية مزاعمنا التي سوف نطرحها ومدى تطابقها مع ما ندعي وما ندعو إليه، فالقارئ سيكون هو الحكم ... وكنا قد عزمنا على تقديم دراسة تحليلية لهذه الفصول أو المشاهد أو النماذج... ولكننا تركنا الأمر للآخرين فلا نريد نحن التكلم عن انجازاتنا... بالمناسبة فان أغلب هذه المسرحيات أخذت طريقها على دور النشر، فمسرحية صوت الحر الرياحي، طبعت في الكوفة في دار التوحيد ومسرحية سفير النور طبعت في مطبعة دار الحكمة في كربلاء وهما الآن في الأسواق، إضافة إلى نشر عدد آخر من المسرحيات في جريدة الهدى الكربلائية، وكذلك نشرت على موقعها في الانترنت، فبالإضافة للمسرحيتين السابقتين، هناك مسرحية صوت الحسين منشورة في جريدة الهدى الكربلائية، وسيتم نشر بقية المسرحيات في جريدة الهدى الكربلائية تباعا، حيث أخذت الجريدة على عاتقها ذلك قبل أن يتم طباعتها على شكل كتب ضمن سلسلة المسرح الحسيني، والتي كما نوهنا عنها بأنها ستكون في المكتبات قريبا.

ومن المهم أيضا أن ننوه فقط إلى أننا أنجزنا سيناريو فيلم روائي طويل بعنوان (ثأر الله) وهو أيضا يجسد الملحمة الحسينية الخالدة لنعطي فكرة تفصيلية عن انجازاتنا المتواضعة فنحن نبحث في موضوعة الإمام الحسين وننهل في معين المدرسة الحسينية بشكل شامل وفي أية رؤية أدبية أو فنية نراها مناسبة وضمن اختصاصنا وتجربتنا المتواضعة من اجل نشر هذا الفكر الخلاق إلى جميع بقاع العالم والفيلم يتكون من جزئين كل جزء زمنه (120) دقيقة سينمائية.

كذلك ارتأينا في نهاية القسم الثاني أن نثبت الدراسة النقدية للمبدع الفذ الناقد المرحوم الأستاذ الشاب لواء الفواز الذي كان يفد بالكثير إلا أن يد المنون اختطفته قبل أوانه حيث كان يدرس في جامعة كربلاء. والدراسة النقدية للراحل الفواز عن مسرحية الحر الرياحي حيث كانت هذه الدراسة قد نشرت في جريدة الحوار في عام 2005م وقبلها كان الناقد الفواز قد قدم الشاعر رضا الخفاجي في عام 1996م في أمسية خاصة عن مسرحية صوت الحر الرياحي ضمن أماسي اتحاد الأدباء والكتاب في كربلاء... إننا هنا نكتفي بتثبيت هذا النموذج وبدون تعليق حيث نترك الانطباع والتعليق للقارئ الكريم.

المدخل:

تؤكد غالبية المصادر التي تبحث في تاريخ المسرح العالمي، بأنه نشأ منذ زمن الإغريق متأثراً بالطقوس الدينية التي كانت مسيطرة على كيان المجتمعات القديمة، كما أكدت دراسات أخرى بأن المسرح نشأ منذ ملحمة ـ كلكامش ـ في العراق القديم ، قبل الإغريق بزمن بعيد، وليس كما أشيع خطأ بان اليونان هم أول من مارسوا الفن المسرحي.

وفي جميع الأحوال والأطروحات، فان المسرح نشأ مستندا على الدين والقوى الميتافيزيقية ـ الغيبة ـ حيث ارتبط بالخوارق بشكل عام، أما بالنسبة إلينا فاننا نعتقد بان الفن المسرحي أو الظاهرة المسرحية نشأت عندنا في العراق بطقوسه البدائية منذ العاشر من محرم عام 61هـ ، عندما حدثت معركة الطف الخالدة بين الجيش الأموي الكبير في عدده وعدته وبين الإمام الحسين ابن علي ابن أبي طالب عليهما السلام وكوكبة من أهل بيته وأنصاره الأوفياء المخلصين لخط الإسلام الرسالي الصحيح... ونستطيع أن نحدد بدقة أول مشهد مسرحي حقيقي وعفوي ومؤثر حدث في ارض كربلاء بعد العاشر من محرم بثلاثة أيام، عندما خرجت قبيلة بني أسد التي كانت تسكن في تلك المنطقة، بعد أن ابتعد الجيش الأموي عن ارض المعركة وبعد أن حزَّ رؤوس الأطهار، الإمام الحسين وأهل بيته وعلـّقها على رؤوس الرماح وذهبت إلى الكوفة وفيها إلى الشام حيث مقر حكم الطاغية الأموي يزيد ابن معاوية... فقد خرجت تلك القبيلة العربية ـ بني أسد ـ بشكل عفوي، عندما علمت بان جثث الشهداء بقيت في العراء، على ارض المعركة بدون دفن، فأرادت دفن جثث الشهداء الأبرار.

إن تلك الوقفة وذلك الفعل الذي قامت به هذه المجموعة من أبناء بني أسد، تعتبر بداية حقيقية وطبيعية للمسرح الحسيني في العراق، حيث بدأت هذه الطقوس تتطور شيئا فشيئا بمرور السنين، نتيجة للمتغيرات السياسية والاجتماعية، ونتيجة لتطور الوعي الثقافي والفعل الحضاري عند عشاق الإمام الحسين، ورغم مواجهتهم لمصاعب ومخاطر جمّة عبر العصور إلا إن الأوفياء من محبيّ آل البيت حافظوا على طقوسهم وطوروها بما ينسجم ومراحلهم المختلفة إلى أن وصلت الآن إلى أشكالها المختلفة والمنظورة نسبيا حسب الزمان والمكان والإمكانيات المادية والفنية، وحسب درجة الوعي حيث تقام سنويا الشعائر الحسينية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية وبخاصة في أيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام من كل عام، أما في المسرح ـ موضوع البحث ـ ورغم وجود الكثير من النصوص التي حاولت أن تكتب عن ثورة الإمام الحسين (ع) في داخل العراق وخارجه، حيث تناولت تلك الشخصية الفذة المقدسة، إلا إننا لم نجد فيها ما يؤكد على خصوصية متميزة للمسرح الحسيني الذي ندعو إليه من خلال سمات التفرد التي نحاول مخلصين البحث فيها والغوص في أعماقها جهد المستطاع، فالكثير من الكتـّاب يعتقدون بان هذا المسرح الذي ندعو إليه يندرج تحت اسم المسرح الديني أو المسرح الإسلامي أو المسرح الملحمي وليس هناك ضرورة أن نقول- المسرح الحسيني- لكننا نقول- أن هناك بعض المشتركات في عموم الفن المسرحي وان هناك أوجه شبه بين بعض التسميات ـ لكننا طالما ننطلق من منطلق عقائدي ورسالي فان الأمر يختلف كثيرا ويصل إلى حد القطيعة والتضاد في مفاصل كثيرة... لان ما ندعو إليه له خصوصياته وسماته المنطلقة من منظومته الفكرية الخلاقة وهذا ما سنحاول بحثه وتسليط الضوء عليه في الفصول والأبواب اللاحقة من البحث.

ما هي نظرتنا إلى الإمام الحسين (ع)؟

من هو الإمام الحسين؟ وقد يبدو هذا السؤال للوهلة الأولى عادياً وكلاسيكياً، حيث ستجيب الغالبية العظمى ومن منا لا يعرف الإمام الحسين؟.. نعم هذا صحيح.. ومعرفتنا بالإمام الحسين شيء وإيماننا بمميزاته ومواصفاته الخاصة شيء آخر... وإن الاشتغال على هذا الإيمان أو هذه الرؤية في الجانب الأدبي والإبداعي... هو الجوهر، وهو الفيصل الذي نتميز به عن غالبية الكتاب الذين كتبوا عن الإمام الحسين (ع) وفي المسرح الشعبي تحديداً.

لكوننا نرى: إن الإمام الحسين (ع) بشر ولكن من طراز خاص لا يمكن أن يتكرر إلا من كان يتوفر على مثل صفاته ومميزاته ومنزلته عند الله تعالى وعند نبيه الأكرم محمد (ص) وتختصر هذه المميزات كالآتي:

1. الإمام الحسين: هو ابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت محمد ابن عبد الله خاتم النبيين وحبيب إله العالمين، والحسين هو ابن الإمام علي ابن أبي طالب أول رجل آمن بالرسالة المحمدية بدون قيد أو شرط ولم يسجد لصنم أبداً، وهو ابن عم الرسول (ص) وخليفته من بعده حسب يوم الغدير الخالد المذكور في جميع كتب المذاهب الإسلامية وفي مقدمتها كتب الصحاح الستة.

2. الإمام الحسين (ع) هو من الأئمة الإثني عشر المعصومين وخامس أهل الكساء ومن أهل المباهلة الذين باهل بهم النبي (ص) مع نصارى نجران- وهو مع أخيه الحسن (ع) سيدا شباب الجنة.

3. موقفه في العاشر من محرم عام 61هـ في كربلاء، ومقارعته للطاغية يزيد ابن معاوية ابن أبي سفيان، بتلك الروحية والبطولة الخارقة والتي لم يذكر لنا التاريخ ما يشبهها على الإطلاق وإن من يقرأ الملحمة الحسينية الخالدة ويعرف تفاصيلها يدرك ما أرمي إليه.

4. مكانته عند رسول الله محمد (ص) الذي قال: حسين مني وأنا من حسين... إضافة إلى وجود الكثير من الأحاديث النبوية بحق الإمام الحسين... لكننا نكتفي بهذا الحديث الآن فقط وتفسير مدلولاته الواضحة، وكذلك إخبار النبي محمد (ص) لزوجته (أم سلمة) عن كربلاء واستشهاد الإمام الحسين فيها... كل هذه الحقائق تدل على عظمة الإمام الحسين عند النبي محمد (ص) وعن علاقته بالخالق جلت قدرته والمكانة المتميزة والمتفردة للإمام الحسين- مع الأئمة المعصومين الذين يمثلون الامتداد الطبيعي للرسالة المحمدية التي جاءت بها السماء، لأن النبي (ص) لا ينطق عن الهوى... إن هو إلى وحي يوحي.

إذن... نحن نقف أمام بشر ولكن ليس ككل البشر... والتي هذه بعض مواصفاته باختصار شديد...

لذلك نحن نؤمن بأن هناك حسيناً واحداً في هذا العالم والذي ذكرنا بعض صفاته، والإمام الحسين أكبر من طائفة أو مذهب أو معتقد، لكونه نهض من أجل البشرية جمعاء لينصر الحق ضد الباطل وليقيم الحق والعدل في الأرض... فلو كان هناك- ألف حسين- كما يقول البعض لكانت الأرض الآن تنعم بالازدهار والرفاهية والحرية والعدل والمساواة.

إن حسيناً واحداً قد أذهل طغاة العالم بنهضته التي قامت منذ أكثر من ألف عام حيث مازالت البشرية تنهل من معين تلك النهضة المباركة لمقارعة طغاة الأرض وجبابرتها عبر العصور، فكيف إذا كان هناك- ألف حسين!! كما يعتقد البعض!!! فالأسلوب الحضاري الإنساني الذي قدمه الإمام الحسين وهو يقارع الطغاة إلى آخر لحظة من حياته قد أذهل به الطغاة أنفسهم وهذا ما لم يحصل في أية ثورة في العالم، حيث كان الإمام الحسين هو الذي يتحكم بأوار الصراع, أسلوب ونتائج المعركة مع توفره على روحية ومعنويات خارقة، وهو يرى أبناءه وإخوته يسقطون صرعى أمامه- وهو يقول: إن لكم حقاً عليّ... فأنا أمامكم وأريد تنويركم لقد كان يأمل إلى آخر لحظة من حياته أن يصلح شأن الأمة وينقذها من أشرارها ومن آفات الدنيا وغواتها... فهل هناك حسيناً آخر بمثل هذه المواصفات.

وعليه فأننا بمثل هذا الإيمان وبمثل هذه الرؤية لهذه الشخصية الفذة والخالدة نتعامل، لحظة الكتابة الإبداعية، وهذه النظرة واقعية وواعية وهي تحاول ما استطاعت الاقتراب من هذه الشخصية العملاقة قدر المستطاع- وليتها تستطيع!.. إن هذا الإيمان الذي تحول إلى عشقٍ وأنهارٍ لسيد الشهداء، يدفعنا بأن نكون موضوعيين رغم عاطفتنا الجياشة، إن هذا الانجاز الإيماني لن يكون إلا موضوعاً متوفراً على رؤية إبداعية أصلية وخلاقة ليكون مؤهلاً في تقديم نموذجٍ إلى جميع أمم الأرض.

لماذا المسرح الحسين؟

المطلعون على جوهر القضية الحسينية وعلى حقيقة الصراع الذي كان قائماً بين التيار المحمدي الحسيني وبين التيار الأموي الجاهلي، في الرؤى ووسائل التنفيذ يدركون مدى ِأهمية وضرورة المحافظة على إدارة هذا الصراع لإبقاء هذا التيار الرسالي بؤرة إشعاع وأمل حقيقي، يقف دائماً ضد محاولات ومساعي أقطاب الباطل، في كل زمان ومكان لمنعه من تنفيذ مشروعه التحريفي الذي دأب على ترسيخه في المجتمع الإسلامي وسخر الكثيرين من مرتزقته من أجل ذلك.

هذا ما يعتقد به على الأقل أنصار التيار الحقيقي المتمثل بالرسالة المحمدية التي حمل شعلتها أصحابها الشرعيون- آل البيت الأطهار- ومن الأهم ومن آمن بهم، وكذلك هذه رؤية كل منصف يقرأ ويعرف الحقائق كما هي, لذلك كانت النهضة الحسينية ومازالت من أكثر الوسائل استخداماً وأكثرها تأثيراً في المجتمعات المتطلعة إلى التحرر من جميع أنواع الظلم والحيف، لتصل بأحلامها المشروعة إلى مستوى التحقيق تحت ظل حياة إنسانية كريمة تليق بآدمية الإنسان، وفي نفس الوقت تمتثل لأوامر خالقها من خلال تطبيق منهاجه الذي جاءت به الرسل والأنبياء عليهم السلام. وانطلاقاً من هذه النظرية الواقعية، دأب الحكام الطغاة، منذ عقود طويلة وفي العراق تحديداً على قمع طقوس الملحمة الحسينية والتي تمارس أيام شهر عاشوراء، وبخاصة في مدينة كربلاء- مكان الواقعة- حيث تصاعد ذلك القمع الوحشي إلى درجة لا يمكن أن يتصورها العقل البشري، في زمن الطاغية المقبور الذي كان يعتبر إن إقامة وإدامة الشعارات الحسينية أيام عاشوراء في كربلاء من قبل الجماهير المليونية المحبة لآل البيت النبوي الأطهار، هي بمثابة عصيان مسلح علني ضد نظام السلطة الفاشي وأهدافه المريبة، برغم بساطتها وعفويتها... لأن تلك الشعائر رغم محدوديتها باستطاعتها أن تحدث تغيراً جذرياً في بنية المجتمع العراقي ولا يصب في خدمة النظام بل تتقاطع مع أفكاره ومساعيه الرامية إلى القضاء على تلك الشعائر والطقوس، بل والقضاء نهائياً على النهج الحسيني المبارك، وسلخه من حياة المجتمع، ليسهل بالتالي قيادته كالأعمى أو كالعبد المطيع الذي لا حول له ولا قوة.

لقد حاول النظام البائد جاهداً أن يكرس في المجتمع العراقي مفاهيم دخيلة وطارئة عليه من أجل تفكيك بنيته ونسيجه الاجتماعي الذي كان محكماً...، ولقد حقق الكثير من النجاحات في مجالات مختلفة - مع شديد الأسف - وقد ساعدته في ذلك عوامل عدة لا مجال لذكرها- هنا- حتى لا نخرج عن موضوع البحث. ومع كل تلك المحاولات بقي الصراع قائماً... وبقيت الشعارات متواصلة رغم ضآلتها... لكنها لم تمت إطلاقاً.

وعندما بزغ فجر الحرية في العراق من جديد، وكردّ فعل طبيعي ضد الوضع المجحف السابق، ازدادت الفعاليات والطقوس والممارسات بعفوية وصدق وإخلاص من أجل إثبات وجودها وإصرارها على المسير بدرب الموالاة للنبي الأكرم محمد (ص) وآل بيته الطيبين الطاهرين، حتى وصل الأمر في بعض الأحداث والأمور إلى حد المبالغة أو التشويه الغير متعمد لقدسية هذه الطقوس مما جعل الكثير من المثقفين والواعين لجوهر الصراع والمخلصين لنهج سيد الشهداء (ع) أن ينتبهوا إلى حقيقية الأمر وحتى لا يستغل من قبل الأعداء القدامى الجدد وحتى يكون باستطاعتنا أن نوصل فكر ومنهاج أبي عبد الله الحسين (ع) إلى العالم بأسره سعينا إلى المضي قدماً بهذا المشروع المبارك إلا وهو إقامة (مسرح حسيني) يتوفر على كافة مستلزماته الفكرية والفنية وأن يقدم بأسلوب حضاري راقٍ يبتعد عن العفوية والعاطفية الساذجة التي قد تضر في أحيان كثيرة من أجل الارتقاء بالواقع الثقافي للمجتمع ورفعه درجة وعيه... لأننا نعتقد بأن المسرح- هو خير وسيلة لنشر هذا المشروع الحضاري مع كامل احترامنا وتقديرنا على القائمين على إدامة الطقوس الأخرى والذين تحملوا الكثير من المآسي من خلال نضالهم المرير ضد الطغيان والدكتاتورية، إننا في الوقت الذي ندعو فيه إلى إقامة مسرح حسيني حقيقي، فإن هذا لا يعني إلغاء الفعاليات الأخرى، لأننا نؤمن بأن لكل زمن وسائل تعتبر خاصة، وإنه في نهاية المطاف لا يصح إلى الصحيح... وإنه متى ما استقر المجتمع وترسخت مؤسسات الدولة الشرعية فإن الأداء سيكون أفضل والمستوى سيكون أرقى، لكوننا أصحاب حضارة إنسانية خلاقة، وأهل دين ونشر مبادئه الخلاقة في جميع أركان الأرض بالمحبة وبالعدالة الاجتماعية والمساواة.

والآن قد يسأل سائل لماذا هذا الصراع على المسرح الحسيني؟ فهناك المسرح الإسلامي والمسرح الملحمي والمسرح الرسالي... إلى آخره من التسميات... إننا عندما نؤكد على ضرورة تسمية مسرحنا بالمسرح الحسيني... فأننا ننطلق من الاعتبارات التالية:ـ

1. لا نحبذ تسمية- المسرح الإسلامي في تناولنا للملحمة الحسينية تحديداً لكوننا نختلف في تفسيرنا لهذه الكلمة مع البعض الذي يرى أن كل الحكام المسلمين في العهدين الأموي والعباسي، الذين كانوا يلقبون بخليفة المسلمين زوراً، لأننا نرى أن أولئك الحكام كانوا من قتلة آل البيت الأطهار الأئمة المعصومين وإن إسلامهم كان ظاهرياً ومزيفاً حيث استغلوا الدين الإسلامي للقفز على السلطة والتحكم برقاب المسلمين، وإلا كيف يمكننا أن نتصور أن خليفة المسلمين يشرب الخمر ويمارس جميع أنواع المحرمات والموبقات وهو يحكم بأسم الإسلام، إنني اكتفي بهذا المثال فقط!!

2. نعتقد بأن خط آل البيت الذي أبعد الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا منذ وفاة النبي محمد (ص) وإلى الوقت الحاضر، قد لاقى ما لاقى من العداء والحرب الشعواء التي لا هوادة فيها والتي مازالت مستمرة- كونه يمثل الإسلام الصحيح، فأنه آن الأوان أن نضع الأسماء بمسمياتها وأن نقدم الحقائق كما هي غير مزيفة وغير مزورة وغير مشوهة من خلال مآثر وانجازات رموز هذا الخط الرسالي المبارك- الأئمة الأطهار- والتي مازالت محفوظة والحمد لله في مئات الكتب ومصانة من عبث العابثين المفسدين... لأننا نعتقد، بأن لو أتيح لهذا النهج المبارك أن يعتمد في العالم الإسلامي فإنه سيحدث تغيراً جذرياً في مجتمعاته ويقودها نحو الازدهار والتقدم الحقيقي ويشيع في أجواءها الطمأنينة والسعادة الدائمة ويقضي على جميع أمراضها من فقر وجهل وظلم اجتماعي ويبعدها عن شبح الحروب القذرة التي يفرضها باستمرار الحكام الطغاة لتحقيق مصالح أعداء الأمة الإسلامية.

3. لقد وجدنا من الناحية الفنية أن الملحمة الحسينية ومن خلال أبطالها الرئيسيين يمكن أن تكون نموذجاً متكاملاً، في المسرح الشعري تحديداً لطرح القضية الحسينية عالمياً لما لهذا الأسلوب في الأدب والفن من تأثير على الجماهير خاصة إذا قدم بأسلوب خلاقٍ راقٍ يبتعد عن النظرة الطائفية الضيقة... لأننا نؤمن بأن الانتفاضة الحسينية، لا بد أن تقدم إلى العالم- كنموذج يحتذى به... إذن آن الأوان في ظل مناخ الحرية التي أنعم الله بها علينا في العراق اليوم وتحدياً للإرهاب الأسود المستورد والمفروض على هذا البلد المبارك، نقول: آن الأوان لنقدم هذا النموذج الرسالي الأصيل الخلاق إلى العالم ليعرف من خلاله... من هو الإمام الحسين؟وما هي رسالته؟ ولماذا نهض ضد الطغيان والباطل؟

4. إننا نؤكد باستمرار... أن الطرح الموضوعي الصادق والناضج سواءً كان كتاباً أو مسرحية أو قصيدة أو فيلماً روائياً أو وثائقياً، سيصل بالتأكيد إلى قلوب وعقول أصحاب الأفكار النيرة من مختلف الشرائح الاجتماعية وفي جميع أنحاء العالم، وبالتالي سيحدث التغيير المطلوب الذي نسعى إليه جاهدين مرضاة لرب العزة ولدستوره الحق في هذه الحياة.