25 جمادى الآخرة 1429 - 29/06/2008
بسم الله الرحمن الرحيم ..سلام على ضيوفنا الكرام ورحمة الله وبركاته ..سلام الله على الحفل الكريم وتحياته وبركاته.
يحتفل المسلمون اليوم، وتحتفل معهم العبقريات البشرية والضمائر الحرة بمولد انتظرته الأجيال، واشرأبت إليه الإنسانية المعذبة، بكل تطلعاتها وآمالها ليخرجها من الظلمات إلى النور، ألا وهو بطل الإسلام الخالد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
فلقد ولد الإمام واستقبله الرسول الكريم، وأشرف على صياغته، حتى طبع فيه نفسه فكان وزيره الذي كان يسمع ما يسمعه الرسول، وتوسعت ثقافته حتى قال: (والله إني أعلم بطرق السماوات من طرق الأرض) وأضاف قائلاً: (لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً) وكذلك اختاره النبي الأكرم تاج رأسه. ورأس ماله الذي تحدث عنه قائلاً: (علي مني بمنزلة رأسي من بدني).
ولقد تشبع الإمام من الإسلام والقرآن، حتى لم تكن تنبض مشاعره إلا بالحق والقرآن، ولذلك صحت فيه أقوال الرسول العظيم صلى الله عليه وآله (علي مع القرآن والقرآن مع علي)، (علي مع الحق والحق مع علي)، (علي باب حِطّة من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً) (علي مني بمنزلة هارون بن موسى ألا أنه لا نبي بعدي) (علي يزهر في الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا) (عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب) ثم خاطبه الرسول قائلاً: (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).
ولقد أكبر عمر بن الخطاب هذه الحقيقة حينما قال: (كنا ننظر إلى علي في أيام رسول الله كما ننظر إلى النجم) ولقد كان علي أحد ركني الإسلام في كلام الرسول حيث قال: (لولا سيف علي ومال خديجة لما قام للإسلام عمود).
وأصبح علي كل الإسلام عندما أصبح عدوّه كل الشرك في (يوم الخندق) عندما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (برز الإيمان كله إلى الشرك كله) ثم كانت (ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين) ولولا تلك الضربة المدوية لم يكن اليوم على وجه الأرض إنسان واحد مسلماً.
وحتى لو سكت القرآن والرسول عن فضل علي عليه السلام لنطقت صفاته وآثاره، بكل ما يعلو ويزيد، أوليس هو الذي كتم أعداؤه فضائله بغضاً وكتم أنصاره فضائله خوفاً ثم ملأت ما بين المشرق والمغرب، حتى لو أنكره الناس جميعاً، لهتفت بعظمته الأرض والسماء وقدّسه موضع كل فتكة سيف، ونبضة فكر؟ أو ليس هو الذي هتف له جبرائيل بين السماء والأرض: (لاسيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي)؟
وهكذا.. لا يكون لي إلا أن أقف أمام عظمته المعجزة، كشاعر يعتصر قلبه صوراً وألواناً، تكريماً لتلك البطولة الواسعة، التي لا يحيط بها البيان، ولا يستوعبها الفكر، مردداً:-
أمل الشعوب
قم وانشر المجـد التليــد السامــي *** وعلــى هدى (القرآن) سر بسـلام
في موكب (التوحيد) تحت زعامة*** (عـلــويـــة) الأفكـــار والأحكـــــام
فالشعب لا يحميــه غيــر قيادة الـ *** إســلام، خيــــر قيــــادة وإمـــــــام
والحكـــم منهـــار إذا لـــم يتـخــذ *** دستــــوره مـــن خـالــــق عــــــلاّم
والكفر أفيـون الشعــوب، وديننــا*** أمل الشعوب وفوق كــل نظـــــــام
قم ثائــراً للديـــن، وافتــح أعينــاً *** عاشــــت وماتـت في عمىً وظـلام
حسبوا التقدم رفـض كـل شريعـة *** والكفـر والإلحـــاد خيـــر مــــــرام
قد لطخوا كــرة التراب، وروعـوا *** حتـــى الجنيــــن بأبشــــع الإجرام
في كــل شبـــر للرجـــال مجـــازر*** وبكـــل دار صــرخــــة الأيــتـــــام
لا يخــدعنكـــــم (الســـلام) فإنـــه *** حرب علــى الأوطـــان والحـكــــام
فـي كـل يـوم جـائنـا (مسـتـــورد) *** لمبــــادئ فشلـــــت بكـــل نظـــــام
فكــأننـــا شعـــب بــــدون قيــــادة *** كـــــي نستعـيــــد قيـــادة الأقـــزام
أوَ ما دروا: أن العراق ـ بديــــنـــه *** وبشعــبــــه وبجيـشـــــه المــقـــــدام
خير من (الشرق) الكفور وكل ما *** في (الغـرب) من إفك ومن إجرام؟!
اسلامنا شرع الحياة، ونهــــجها *** (نهـــج البـلاغــــة) منـهـــل الأحكـــام
وعراقنا مـــــهد الحضارة والتقى*** والعــلــــم والأمــجــــاد والإســــــــلام
إسلامنا أمل الـــــشعوب ومجدها *** ومنــــارهـــــــا في حـــالــــك الأيـــــام
إسلامنا فوق المـــــيول فلم تجد*** فيــــه المبــــادئ الموطـــــئ الأقـــــدام
والسلام عليكم...