29 ذي الحجة 1428 - 09/01/2008
اسمه: الحسن.
والده: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
والدته: فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين.
جده: خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وآله).
كنيته: أبو محمد.
لقبه: التقي، الطيب، الزكي، المجتبى...
ميلاده: 15 من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة.
صفته: كان (عليه السلام) أبيض اللون، مشربا بحمرة، واسع العينين، كث اللحية، ليس بالطويل ولا بالقصير، مليحا، عليه سيماء الأنبياء.
إمامته: قام بالأمر بعد أبيه وله سبع وثلاثون سنة.
زوجاته: تزوج (عليه السلام) من أم اسحاق بنت طلحة وهند بنت سهيل وخولة بنت منظور وجعده بنت الأشعث.
أولاده: زيد والحسن وعمرو والقاسم وعبد الله وعبد الرحمن والحسن الاثرم وام الحسن وام الحسين وفاطمة وام سلمة ورقية وام عبد الله وفاطمة.
وفاته: استشهد مسموما على يد زوجته جعدة في17 صفر سنة سنة49 وله من العمر سبع وأربعون سنة.
فضائله: هو من جملة الذين أذهب الله عنهم الرجس. وهو من جملة الذين باهل بهم النبي (الهجرة (صلى الله عليه وآله)). وهو من أهل البيت (عليهم السلام). وهو من جملة الثقلين. وهو من الذين أوجب الله ودهم. وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة. وقال (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا. وقال (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين رحانتاي.
نقش خاتمه: (العزة لله) أو (حسبي الله).
حرزه: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك بمكانك وبمعاقد عزك وسكان سماواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وان تجعل لي من عسري يسرا.
صلاته: وهي أربع ركعات كل ركعة بالحمد مرة والإخلاص خمس وعشرون مرة.
ميلاده الكريم
في ليلة النصف من شهر رمضان كان علي وفاطمة (عليهما السلام) ينتظران وليدهما الأول ما أشد فرحتهما به وهما يعلمان أنه وريث الإمامة وحامل لواء الرسالة وفي نهار اليومخ التالي أطل الإمام الحسن (عليه السلام) إلى العالم الجديد وغمرة الفرحة والدته الطاهرة (عليها السلام) وهكذا سر الإمام علي (عليه السلام) بولده وقرة عينه فحمله على صدره وضمه إليه بكل سرور، وأوصلوا خبره إلى جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) فجاء إلى بيت الإمام علي (عليه السلام) وحمل الحسن وطلب من فاطمة أن تناوله خرقة بيضاء جاء بها جبرئيل من الجنة فلفه بها وأذن في اذنه اليمنى وأقام في اليسرى وعق عنه كبشا وقال: اسمه الحسن، لأن الله تعالى إنتخب له هذا الاسم المبارك القليل التداول عند العرب.
وهكذا طار اسمه الشريف يصدع الاسماع وأقبل المسلمون يهنئون النبي (صلى الله عليه وآله) بحفيده الحسن ويباركون للامام ولده الزكي فعاش الحسن سنواته القليلة مع جده في كنف الرسالة، يشم عبق النبوة واريج الجهاد المتواصل.
الحسن مع جده
لقد أولاه النبي (صلى الله عليه وآله) اهتماما بالغا هو الحسين أيضا وعمل بكل ما أمكنه أن يبرز الحسن كإمام وقائد منذ صغره وراح النبي (صلى الله عليه وآله) يؤكد أهمية موقع الحسن وضرورة الاهتمام والإلتفاف حوله ويعلن للناس بالقول والعمل أن حب الحسن واجب شرعي، بل أنه مرآة عاكسة عن حب النبي (صلى الله عليه وآله) ففي أحد الأيام وبينما كان النبي (صلى الله عليه وآله) جالسا في جماعة من أصحابه بالمسجد، مرت فاطمة (عليها السلام) وهي خارجة من بيتها إلى حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعها الحسن والحسين ثم تبعها الإمام علي (عليه السلام) فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأسه إلى أحد أصحابه وقال: من أحب هؤلاء فقد أحبني ومن أبغض هؤلاء فقد أبغضني.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يحمل الحسن على كتفه امام الناس ويكثر من تقبيله والإهتمام به ومحاورته بألطف الكلمات وأرق الألفاظ وإظهار كل ذلك أمام الآخرين ليدركوا عظمة الحسن ولتكون للحسن أرضية جماهيرية جيدة في المستقبل تتحرك معه بكل وعي وفهم لمنزلة ودور الإمام الحسن (عليه السلام) ومنذ نعومة أظافر الحسن أعلن النبي (صلى الله عليه وآله) أن الحسن والحسين إمامان وأنهما قدوة وأسوة ومثل، على الناس ان يطيعونهما ويودونهما ويقتدون بهما، وكان يشيد بذكرهما في كل مناسبة ويولونهما اهتمامه البالغ ليعيشا في وعي الناس كأئمة وأناس من طراز خاص وعندما طلب نصارى نجران المباهلة من النبي (صلى الله عليه وآله) اصطحب معه الحسن والحسين ليقول للناس كلهم أن هؤلاء الصغار هم أفضل من الكبار عند الله، وهكذا عندما كان النبي (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء أدخل معه الحسن والحسين (عليهما السلام).
ومن ثم نزلت أية التطهير كإعلان سماوي عن طهارة وعصمة الحسن والحسين (عليهما السلام).
ذكاء الحسن
إن ذكاء المعصوم عبارة عن قابليات فائقة يعيشها في ذاته دون أن تتصدع يوما من الأيام، لأنه دائما يعيش الصفاء والنقاء الروحي وأرقى درجات الفاعلية العقلية من جراء الاخلاص في العبادة والاهتمام بالجانب الروحي، وهكذا كان الحسن (عليه السلام).
شخصية الإمام الحسن (عليه السلام):
كان للحسن هيبة الملوك وصفات الأنبياء ووقار الأوصياء، كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان يبسط له على باب داره بساطا يجلس عليه مع وجهاء وكبار الأمة فإذا خرج وجلس إنقطع الطريق، فما يمر من ذلك الطريق أحد إجلالا للحسن، وكان يحج إلى بيت الله من المدينة ماشيا على قدميه والمحامل تقاد بين يديه وكلما رآه الناس كذلك نزلوا من دوابهم ومشوا احتراما للحسن (عليه السلام) حتى اعداءه أمثال سعد بن أبي وقاص.
وذات مرة جاءه أحد المعجبين به فقال له: إن فيك عظمة فقال (عليه السلام) موضحا: بل في عزة قال الله تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين). وقال واصل بن عطاء يصف شخصية الحسن: عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك، ولذلك لم يتردد أحد من المسلمين في العراق والمدينة من بيعة الحسن بعد أبيه لعظيم شخصيته وسعة علومه وعجيب آدابه وحلمه وزهده.
الحسن (عليه السلام) يشاهد المأساة:
ومن الصور المؤلمة التي شاهدها إمامنا الحسن (عليه السلام) هي رحيل جده سيد الرسل وما ألم به هذا الفراق الصعب، فلطالما كان الحسن يداعب جده ويداعبه ويحمله على عاتقه ويطوف به المدينة ليري الناس منزلة الحسن (عليه السلام)، وكان يحمله على منبره وهو يخطب و...
كانت هذه الصور الرائعة تدور في خلد الإمام الحسن وهو يودع جده الأعظم إلى مثواه الأخير.
وبعد هذه الحادثة جاءت مؤامرة السقيفة واغتصاب منصب الخلافة من أبيه المرتضى وتآمر الامة ضد علي (عليه السلام) حتى تجرأ عمر وزملائه ان يضرب باب دار فاطمة فيكسره على الزهراء (عليها السلام) وقد كانت خلف الباب مما ادى إلى سقوط جنينها (المحسن) وهو او شهيد من آل علي ورأى مرض امه الزهراء (عليها السلام) ووجدها على أبيها وتألمها من الذين غصبوها فدك واغضبوها واستهانوا بمقامها العظيم.
من معاجز الإمام الحسن (عليه السلام)
روي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: خرج الحسن بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته قال: فنزلوا في منهل (عين ماء) من تلك المناهل تحت نخل يابس قال: ففرش للحسن (عليه السلام) تحت نخله وللزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه.
قال: فقال له الحسن (عليه السلام): وإنك لتشتهي الرطب؟
قال: نعم، فرفع الحسن (عليه السلام) يده إلى السماء فدعا بكلام لم يفهمه الزبيري فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا، فقال له الجمال: سحر والله!
فقال له الحسن (عليه السلام): ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن النبي مجابة.
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: لما صالح الحسن بن علي (عليهما السلام) معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية: يا أبا محمد بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم؟ فإن شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شيء في الأرض ولا في السماء؟
فقال الحسن (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يخرص كيلا وأنا أخرص عددا.
فقال معاوية: كم في هذه النخلة؟
فقال الحسن (عليه السلام): أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات، فأمر معاوية بها فصرمت وعدت فجاءت أربعة آلاف وثلاث بسرات.
فقال الحسن (عليه السلام): والله ما كذب ولا كذبت فإذا في يد عبد الله بن عامر بن كريز بسرة، كان قد سرقها من التمر، فجاء العدد مطابقا لما أخبر به الإمام الحسن (عليه السلام).
مرت بالحسن بن علي (عليهما السلام) بقرة فقال: هذه حبلى بعجلة أنثى لها غرة في جبينها ورأس ذنبها أبيض فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها فقلنا: أوليس الله عز وجل قال: ويعلم ما في الأرحام فكيف علمت؟
فقال: ما يعلم المخزون المكنون المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد وذريته (صلى الله عليه وآله).
وللحسن معاجز كثيرة وفيرة هذه نماذج من كراماته العظيمة التي تدل على منزلته العظيمة وقدره الرفيع ومقامه عند الله بحيث يلهمه ويعلمه علوما تعجز الناس عنها جميعا.
قصة عن كرم الإمام الحسن (عليه السلام)
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن رجلا مر بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فأمر له بخمسة دراهم، فقال له الرجل: أرشدني فقال له عثمان: دونك الفتية الذين ترى وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر (عليه السلام): يا هذا إن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث: دم مفجع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع، ففي أيها تسأل؟
فقال: في وجه من هذه الثلاث. فأمر له الحسن بخمسين دينارا وأمر له الحسين (عليه السلام) بتسعة وأربعين دينارا وأمر له عبد الله بن جعفر بثمانية وأربعين دينارا، ففرح الرجل كثيرا فانصرف منهم شاكرا فمر بعثمان فقال له: ما صنعت؟
فقص عليه كل شيء، فقال عثمان ومن لك بمثل هؤلاء الفتية أولئك فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة.
وجاءه رجلا يوما فقال له: يا بن أمير المؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه بل إنعاما منه عليك إلا ما انصفتني من خصمي فإنه غشوم ظلوم لا يوقر الشيخ الكبير ولا يرحم الطفل الصغير وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له: من خصمك حتى انتصف لك منه؟
فقال له: الفقر!؟
فأطرق (عليه السلام) ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له: أحضر ما عندك من موجود فاحضر خمسة آلاف درهم فقال: ادفعها إليه ثم قال له: بحق هذه الأقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني منه متظلما.
عبادة الحسن (عليه السلام)
قلنا في أكثر من مرة في هذه القصص: ان العبادة بالنسبة للمعصوم تمتاز بانه يعيش استشعار عظمة الرب تبارك وتعالى طيلة لحظات حياته ولا يلتفت إلى ما يصرفه عن هذا الشعور والإحساس، فالعبادة بالنسبة إليه تعتبر لقاء روحي مع عالم الملكوت الأعلى وارتياح مطلق في الفكر والقلب والروح فهو يعشق العبادة لا لأنها تدخله الجنة بل لانها تجعله في حالة خاصة لا يعلمها إلا الله سبحانه ولذلك روي ان الإمام الحسن (عليه السلام) كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله واصفر لونه ولما سئل عن السبب، قال: حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله وكان الحسن (عليه السلام) إذا انتهى من صلاة الفجر لا يتكلم مع أحد بل يشتغل بالتعقيبات والدعاء حتى تطلع الشمس وهذا ما ورثه عن أمه الزهراء (عليها السلام)، وأما الحج فإن الإمام الحسن (عليه السلام) حج خمسة وعشرين حجة ماشيا على قدميه وكان يقول: إن لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، وناصف ماله في الدنيا ثلاث مرات كان يتصدق بنصف جميع ما يملك فنلاحظ أن المعصوم (عليه السلام) يعلمنا أمرا في غاية الروعة وهو:
أن العبادة لا تعني أن ينعزل الإنسان عن المتجمع.
وأن العبادة ليست مجرد طقوس دينية.
وأن العبادة لا تعني التخلص من التكليف الشرعي.
بل العبادة تعني أن يعيش الإنسان الخوف من الله دائما وإذا تعزز هذا الشعور في ضمير الإنسان فإنه لا يظلم ولا يسرق ولا يكذب ولا يرتكب الموبقات، والعبادة تعني أن يعيش الآخرون معك في فضل مالك فتتصدق إلى الفقراء والمحتاجين.
وأن نؤدي العبادة عن وعي وإدراك وتواضع لله تبارك وتعالى ومن السخافة أن يظن الإنسان انه قد وصل إلى مقام متميز ثم يمن على الله تعالى بعبادته، بل العبادة تعني احتياج الإنسان المطلق لهذا المد الإلهي والفيض الرباني.
الإمام الحسن مع والده (عليه السلام)
لقد كان الحسن (عليه السلام) مشاركا لوالده امير المؤمنين (عليه السلام) في جميع شؤونه السياسية والعسكرية فقد كان شديد القرب منه يراقب معه الأحداث عن كثب فاشترك في حرب الجمل وصد هجمات الأعداء الناكثين الذين تنكروا لإمامة الإمام علي (عليه السلام) حتى سجل الحسن (عليه السلام) موقفا بطويلة رائعة ففي ذات مرة دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) محمد بن الحنفية فأعطاه رمحه وقال له: اقصد بهذا الرمح قصد الجمل فذهب فمنعوه بعض الجيوش فلما رجع إلى والده أخذ الرمح منه وأعطاه للحسن وقصد الجمل حتى وصل إليه وطعنه بالرمح ورجع إلى والده وعلى رمحه أثر الدم، بعد أن شق تلك المئات من الرجال من الناكثين وغاص في اوساطهم دون تردد وخوف، ولما رآه محمد بن الحنفية خجل فقال له أمير المؤمنين: لا تأنف فإنه ابن النبي وانت ابن علي (عليه السلام).
وكانت مواقف الحسن هي نفس مواقف أبيه لا تختلف قيد أنملة حتى قدم إليه أحد الذين بعثهم معاوية وقال للحسن: ان أباك بغضة وقد خاض في دم عثمان فهل لك أن تخلعه ونبايعك؟
فرده الحسن ردا عنيفا ودافع عن أبيه حيدر الكرار، فذهب الرجل (وهو عبد الله بن عمر) إلى معاوية وأخبره بكلام الحسن، فقال معاوية: إنه ابن أبيه وهكذا إشترك مع والده في حرب صفين والنهروان بكل بسالة وبطولة وظل الحسن صامدا على مباديء النبوة ودعائم الرسالة يدافع عن شرعة جده وسيرته (صلى الله عليه وآله)، ولهذا لما أستشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وبويع للحسن (عليه السلام) في الكوفة استعد من الأيام الاولى لحكمه لحرب الفئة الباغية معاوية وعمرو بن العاص الذين ما عرفوا للإسلام حرمة أبدا فحشد النفوس والجيوش لمحاربتهما وللدفاع عن أعراض ودماء المسلمين الذين كانوا عرضة لهجمات عصابات معاوية، فكانت خطة الإمام الحسن هي إمتداد لخط أبيه ولم يتوان يوما عن ذلك ولم يتنازل أبدا عن نصر دين جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) ولم يختلف يوما مع ابيه أو أخيه الحسين كما يزعم بعض الحاقدين والمغرضين، بل اهل البيت خطهم واحد وإن تعددت الأدوار واختلفت المشاهد.
معاهدة الحسن (عليه السلام) مع معاوية
وجد الإمام الحسن نفسه وحيدا فريدا مع شيعته القليلة وعرف من الحوادث والظروف الضاغطه عليه انه وشيعته أمام خطرين:
1- خطر معاوية.
2- خطر الخوارج والمغفلين.
وخاف الإمام أن تتطور الأمور فيستغل النصارى واليهود مثل هذه الأجواء لضرب الإسلام فرأى في أن يعقد هدنة مع معاوية لاسيما مع:
1- أن معاوية بعث إليه أنه مستعد للصلح معه.
2- عدم وجود جيش كاف لحرب معاوية.
فبعث إلى معاوية رسالة يدعوه للهدنة بينهما على مجموعة من الشروط يلتزم بها معاوية، فوافق معاوية على ذلك فورا وكانت شروط الهدنة هي:
1- أن يعمل معاوية بكتاب الله وسنة رسوله (وهو يعني أن معاوية لم يكن كذلك)،
2- أن يرفع السب عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
3- أن لا يطارد شيعة علي (عليه السلام) ولا يقتلهم.
4- أن لا يعهد معاوية إلى أحد بعده بل الخلافة للحسن ومن ثم للحسين (عليه السلام).
5- أن الناس آمنون حيث كانوا.
ووافق معاوية ابتداءا على هذه الشروط وانتهى النزاع بين الطرفين، إلا أن معاوية كعادته فلم تمض فترة من الزمن إلا وأعلن تمرده على الإمام الحسن (عليه السلام) مرة ثانية، في حين كان الحسن قد غادر الكوفة إلى المدينة لتدخل الكوفة إلى ملك معاوية، ايضا فقال معاوية أمام الناس: ألا وأن الحسن بن علي قد اشترط علينا شروطا هي تحت قدمي، وهكذا صرح معاوية أنهه خائن ومجرم وماكر ولا يعرف للقيم والمباديء أي طريق، وبكل بساطة عاد معاوية إلى سب علي وآل علي (عليه السلام) ومطاردة شيعته وقتلهم أينما وجدوا وامر عماله في اطراف البلاد أن يقتلوا كل من يروي فضيلة لعلي (عليه السلام)، بل يشجع الرواة الخونة أن يدسوا الفضائل المزورة في عثمان وبني أمية وفي فضله هو الآخر، وراح معاوية يتلاعب بتأريخ الإسلام ويهتك الأعراض ويريق الدماء وخان وثيقة المعاهدة ومزقها وجعلها تحت قدمه نكاية بالإسلام ورموزه الأطهار من آل محمد (صلى الله عليه وآله) ولم يكتف معاوية بذلك بل سعى لقتل الحسن (عليه السلام) كما ستعلم بعد قليل.
تشييع الإمام الحسن (عليه السلام)
قام أهل البيت (عليهم السلام) يتقدمهم الإمام الحسين (عليه السلام) بحمل جثمان الحسن في جنازة وأرادوا دفنه عند جده المصطفى فجاء الموكب المهيب من أهل بيت النبوة وفي هذه الأثناء ركبت عائشة بغلة وتوجهت إلى موكب التشييع ومنعت من دفن الحسن عند جده تحت ذريعة واهيه وهي أن النبي (صلى الله عليه وآله) دفن في حجرتها وهي لا تجيز دفن الحسن في حجرتها ثم قالت: نحوا أبنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون.
بينما حاول أنصار عائشة وأتباع عثمان وبني أمية أن يثيروا الموقف ويفجروا الاجواء فرموا بعدة سهام نحو جنازة الحسن (عليه السلام) إلا أن الإمام الحسين (عليه السلام) أدرك الموقف وأدرك أنها مؤامرة أموية جديدة تقودها عائشة التي صرحت بفعلها هذا أنها تبغض الحسن (عليه السلام) أشد البغض مخالفة بذلك نصوص القرآن والسنة الداعية إلى حب أهل البيت ومنهم الحسن (عليه السلام)، المهم نادى الحسين بني هاشم أن يدفنوا الحسن في البقيع ويغلق الباب الذي فتحته عائشة.