b4b3b2b1
زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام | الإمام علي عليه السلام | حياة الإمام الحسن بن علي عليه السلام | حياة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) | النبي الكريم صلى الله عليه وآله | حياة الإمام محمد الجواد عليه السلام | حياة الإمام علي الهادي عليه السلام | حياة الإمام موسى الكاظم عليه السلام | علي بن موسى الرضا عليه السلام | حياة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) | حياة الإمام محمد الباقر عليه السلام | حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام |

حياة الإمام موسى الكاظم عليه السلام

 

29 ذي الحجة 1428 - 09/01/2008

اسمه: موسى.

ألقابه: الكاظم، الصابر، الزاهر، العالم، العبد الصالح، السيد، باب الحوائج.

كنيته: أبو الحسن وأبو إبراهيم.

والده: الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

والدته: السيدة حميدة المصفاة.

جده: الإمام الباقر (عليه السلام).

ولادته: ولد بين مكة والمدينة في منطقة تسمى الأبواء في السابع عشر من صفر عم128هـ، أيام عبد الملك بن مروان.

مدة إمامته: خمسة وثلاثون عاما، استلم مهام الإمامة وله من العمر عشرون سنة عام148هـ.

معاصروه من بني العباس: عاصر بقية ملك المنصور وملك المهدي لمدة10 سنوات والهادي لمدة سنة واحدة وهارون الرشيد لمدة15 سنة.

أولاده: له سبعة وثلاثين، ثمانية عشر ابنا وسبعة عشر بنتا، أشهرهم: الإمام الرضا (عليه السلام)، والقاسم، وأحمد، ومحمد العابد، وحكيمة التي تولت ولادة الإمام الجواد (عليه السلام)، وفاطمة المعصومة التي من زارها عارفا بحقها فله الجنة إن شاء الله.

من زوجاته: أشهرهن السيدة الجليلة (تكتم) أم الإمام الرضا.

استشهاده: استشهد (عليه السلام) في سجن السندي بن شاهك ببغداد، المصادف25 رجب عام183هـ، متأثرا بسم دسه إليه هارون الرشيد، وكان عمره خمسة وخمسون عاما.

صفته: كان أسمرا شديد السمرة، معتدل القامة، كث اللحية، حسن الوجه، نحيف الجسم، له هيبة وجلال.

محل دفنه: مدينة الكاظمية في العراق.

نقش خاتمه: حسبي الله.

حرزه: الهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته وارهف لي شبا حده ودان لي قواتل سمومه ولم تنم عني عين حراسته فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمات الجوانح صرفت ذلك عني بحولك وقوتك لا بحول مني ولا قوة فالقيته في الحفير الذي احتفره لي خائبا مما امله في الدنيا متباعدا مما رجاه في الاخرة فلك الحمد على ذلك.

موسى الكليم في المهد

عن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وهو واقف بالقرب من رأس ابنه الكاظم (عليه السلام) وهو في المهد، فجعل يكلمه طويلا فجلست حتى فرغ فقمت إليه فقال: ادن إلى مولاك فسلم عليه، فدنوت فسلمت عليه، فرد علي بلسان فصيح، ثم قال لي: اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس فإنه اسم يبغضه الله، وكانت ولدت لي بنت فسميتها حميراء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): انته إلى أمره ترشد.

قال يعقوب: فغيرت اسمها.

وعن زكريا بن آدم قال: سمعت الإمام الرضا (عليه السلام) يقول: كان أبي ممن تكلم في المهد.

علم الإمام الكاظم (عليه السلام)

نطقه بلغة الاحباش: ذات مرة علي بن أبي حمزة الإمام الكاظم (عليه السلام) وهو يتكلم بغير اللغة العربية مع مجموعة من الحبشة، فتعجب من ذلك، فالتفت إليه الإمام قائلا: لعلك عجبت من كلامي إياه بالحبشية، لا تعجب فما خفي عليك من أمر الإمام أعجب وأكثر، وما هذا من الإمام في علمه إلا كطير أخذ بمنقاره من البحر قطرة من ماء أفترى الذي أخذ بمنقاره نقص من البحر شيئا؟.

قال: فإن الإمام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده.

نعم ففي عقائدنا أن علم الإمام المعصوم فوق مستوى علم البشرية جمعاء لأنه يتوارثه من جده (صلى الله عليه وآله) ولأنه يلهم من قبل الله تعالى ويلقى في روعه العلم التام الذي لا يخالطه شك وترديد.

من كرم الكاظم (عليه السلام)

جاء في كتاب البحار أن الإمام الكاظم (عليه السلام) كان إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، نعم هكذا كان يتعامل مع مناوئيه ومبغضيه، وكانت هذه الصرر مملوءة دنانير، فبعضها يصل إلى ثلاثمائة دينار بحيث ضرب المثل في صرر الإمام الكاظم (عليه السلام) إذ كانت تغني كل من كان يحصل على واحدة منها ببركة الإمام.

ومن أجمل الحكايات في هذا الصدد أن المنصور العباسي طلب من الإمام الكاظم (عليه السلام) في يوم النيروز (عيد العجم) أن يجلس للتهنئة واستقبال رجال الجيش إذ أن أغلبهم من الفرس والترك وكانوا يكنون الاحترام والحب للإمام فأراد المنصور أن يضرب عصفورين بحجر واحد، ولكن الإمام رفض لما عرف أن المنصور لديه غرض إذ يريد أن يضفي على نفسه الشرعية ويوهم الناس بأنه يحب الإمام لكاظم، وبذلك يكسب قلوب شيعته، فقال الإمام للمنصور: إني فتشت الأخبار عن جدي رسول الله فلم أجد لهذا العيد خبرا وأنه سنة للفرس ومحاها الإسلام ومعاذ الله أن نحيي ما محاه الإسلام.

فقال المنصور: إنما نفعل ذلك سياسة للجند، وأنا أعرف أنه ليس بعيد وإنما هو من عادات الفرس، فسألتك بالله العظيم إلا جلست.

فوافق الإمام وجلس في المكان المعد له وأخذ الأمراء وكبار الدولة والأجناد يهنئونه ويحملون إليه الهدايا والتحف وعلى رأسه خادم المنصور يحصي ما يحمل للإمام من الهدايا والأموال، فدخل في آخر الناس رجل كبير السن فقال له: يا ابن بنت رسول الله إني رجل لا مال عندي ولكن أتحفك بثلاثة أبيات قالها جدي في جدك الحسين بن علي (عليه السلام):

عجبت لمصقول علاك فرنده*** يوم الهياج وقد علاك غبار

ولأسهم نفذتك دون حرائر*** يدعون جدك والدموع غزار

الا تغضغضت السهام وعاقها*** عن جسمك الإجلال والإكبار

فقال الإمام: قبلت هديتك، ثم قال له: أيها الشيخ اقبض جميع هذا المال الذي ورد إلي من الأمراء والأجناد فهو هبة مني لك.

من معاجز الإمام الكاظم (عليه السلام)

لقد اشتهر باب الحوائج موسى بن جعفر (عليه السلام) بكثرة الكرامات وخوارق العادات، يقول حماد بن عيسى:

دخلت على أبي الحسن بالبصرة فقلت له: جعلت فداك ادع الله تعالى أن يرزقني دارا وزوجة وولدا وخادما والحج في كل سنة، قال: فرفع يده ثم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد وارزق حماد بن عيسى دارا وزوجة وولدا وخادما والحج خمسين سنة، قال حماد: فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أعيش أكثر من ذلك.

وفعلا فقد أتم الخمسين ومات بعد أن رزقه الله تعالى دارا وزوجة وولدا وخادما.

كأنه المسيح ابن مريم

مر الإمام الكاظم (عليه السلام) بامرأة تبكي وحولها أطفالها يبكون أيضا، فقال لها: ما بك؟.

المرأة: يا عبد الله إن لي صبيانا أيتاما فكانت لي بقرة معيشتي ومعيشة صبياني كان منها فقد ماتت وبقيت منقطعة بي وبولدي ولا حيلة لنا...

الإمام: هل تريدين أن أحييها لك؟.

المرأة: نعم، ولكنها كانت تتصور أن هذا الرجل يستهزأ بها لأنها لم تعرفه.

فتنحى الإمام ناحية فصلى ركعتين ثم رفع يديه وحرك شفتيه ثم قام فمر بالبقرة وضربا برجله، فاستوت البقرة على الأرض قائمة أحياها الله تعالى بواسطة دعاء الإمام.

فلما نظرت المرأة والناس ذلك صاحوا: إنه عيسى ابن مريم.... إنه المسيح... ومضى الإمام لسبيله لا يعتني بأقوالهم.

الإمام الكاظم يواجه خطر الانقسامات

لقد علم الإمام الصادق أن بعض أصحابه سوف يميلون عن إمامة ولده الكاظم إلى إسماعيل وهو أكبر من الكاظم (عليه السلام)، وشاءت القدرة الإلهية أن يموت إسماعيل في حياة أبيه الصادق، فلما توفى أحضر الإمام جماعة من أصحابه وأشهدهم على موت إسماعيل في بيته، ثم أشهدهم على موته أثناء التشييع، فكان الصادق يكشف عن وجه ابنه إسماعيل ويسألهم فيقولون له إنه ميت، ومع كل هذه التأكيدات ظهر فيما بعد وفاة الصادق (عليه السلام) اتجاه جديد في الأمة الإسلامية أطلق عليه (الإسماعيلية) وهو القائلين بإمامة إسماعيل وأنه لم يمت وإنما هرب من المدينة.

ومثل هذه الفرقة كانت هناك فرقة أخرى يعتقدون أن الإمام الصادق لم يمت وإنما هو القائم المهدي فأعرضوا عن إمامة الكاظم أيضا.

وإلى جانب هذا ظهرت فرقة أخرى أطلق عليها اسم (الفطحية) الذي قالوا بإمامة عبد الله الأفطح وهو أخو إسماعيل لأمه وأبيه وأعرضوا عن الكاظم (عليه السلام).

وذلك بالإضافة إلى فرق أخرى انحرفت عن خط التشيع من قبل مثل الزيدية والكيسانية والخطابية وغيرها.

فقد واجه الإمام الكاظم (عليه السلام) كل هؤلاء، وكان اللازم عليه أن يبرز فضائله ومؤهلاته وقدراته العلمية والروحية لكي تتوجه إليه الناس دون أولئك المضلين، ولكن من جهة أخرى لم يكن الوضع السياسي يحمد كثيرا حتى يستطيع الإمام أن يقوم بذلك، لأن العباسيين كانوا من أكبر المجرمين في حق أهل البيت، إذ يطارودون الشيعة في كل مكان ويقضون عليهم بمختلف الوسائل وبأبشع الصور، فكان أغلبهم إن لم يكن كلهم بمن فيهم الإمام الكاظم يعملون بالتقية.

إذن يتضح لنا إن الفترة التي عاشها الإمام الكاظم (عليه السلام) تمثل منعطفا صعبا وخطيرا ألم بالمسلمين، وكانت تلك الفترة أقسى فترة، إذ حكمها مجموعة طواغيت بكل معنى الكلمة مما سبب كثرة الضغط السياسي القاهر الذي كان أحد أسباب كثرة الانقسامات في العقائد والفرق.

ولكن الإمام لم يجلس مكتوف الأيدي بل عمل على عدة محاور:

أولا: واصل (عليه السلام) إدامة الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها الإمام الصادق (عليه السلام)، فعمل الإمام الكاظم على احتواء هذه المدرسة الفذة واحتواء رجالها المخلصين، وكان يأمرهم بتدوين العلم وبثه في الناس، لأن العلم هو الأداة الوحيدة لمحاربة الجهل وسياسة التجهيل التي يشنها بنو العباس.

ثانيا: إنقاذ العوائل الهاشمية والشيعية المتضررة من سياسة العباسيين، فكان الإمام يرسل الأموال إليهم لكيلا يفقدوا دينهم تحت ضغط الظالمين، وكان يحمل الطعام إلى الفقراء ليلا.

ثالثا: تصحيح المسار العقائدي في الإسلام، فكان (عليه السلام) يناظر الملحدين والمنحرفين كالمجسمة الذين يعتقدون أن الله جسم وبقية الفرق المنحرفة في موضوع الإمامة وغيرها من الانحرافات التي خلقها بعض علماء السوء ووعاظ السلاطين.

شخصية الإمام العظيمة

يروي المأمون العباسي ابن هارون والذي تولى الملك بعده:

كنا في الحج فلما انتهينا ذهبنا إلى المدينة فاستأذن الناس على أبي (هارون) فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر فدخل، فلما نظر إليه الرشيد تحرك ومد بصره وعنقه إليه حتى دخل البيت الذي فيه، فلما قرب منه جثا الرشيد على ركبتيه ثم عانقه وأقبل عليه فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن؟ كيف عيالك وعيال أبيك؟ ما حالكم؟، فما زال يسأله عن هذا وأبو الحسن يقول: بخير، بخير.

فلما قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن فقعد وعانقه وسلم عليه وودعه.

فلما خرج قلت لأبي: من هذا الرجل؟ فقال: هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا.

وهكذا الإمام ينطوي على الجلال والهيبة والوقار يهابه حتى الطواغيت والظالمين، وهذا كان من أكبر عوامل الحسد والخشية منه (عليه السلام).

ثم جاء إمامنا الرضا (عليه السلام) بطريق الإعجاز ليقوم بتغسيل وتجهيز والده الكاظم (عليه السلام) كما حمل آصف عرش بلقيس من اليمن إلى الشام، وكما رفع الله عيسى إلى السماء.

وعندما انتهى من تغسيله وتكفينه أمر هارون أن تحمل الجنازة وتوضع على جسر الرصافة ببغداد وحولها الشرطة وينادي المنادي: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت، ثم أرجعت الجنازة إلى قاعة السجن، ثم أمر هارون الأطباء أن يتحققوا في موته وأدخل الطالبيين ليؤكد لهم براءته من دم الإمام، وهكذا بقيت الجنازة ثلاثة أيام بلا دفن!!

كل ذلك للاستهانة به (عليه السلام)، إلى أن قيض الله عبدا أخذ الجنازة من الشرطة مع غلمانه وأولاده ونادى: ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليحضر، فخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع الإمام وضجت بغداد بهذا الأمر الجلل إلى أن تم دفنه (عليه السلام) في مقره الأخير حيث مرقده الآن في الكاظمية (العراق).