8 محرم 1430 - 05/01/2009
ما الانسان إلا روح وجسد وأخلاق ومبادئ... وقد كان جسد العباس (عليه السلام) بعض من بطل الاسلام والانسانية الخالد الإمام علي (عليه السلام).. ومن أمه التي أنجبتها الفحول من العرب (أمّ البنين) ـ فاجتمع في ذاك الفتى شجاعة وإباء الإمام علي (عليه السلام) وبطولة أخواله ، أما الروح الزكيّة فهي نفحة إلهية انبثقت من روح الأمير (عليه السلام) وترعرعت بحمى الحسين (عليه السلام) وتزكّت بعمل العباس نفسه فكانت روح إيمانية قل نظيرها في بني البشر. وكما يقول الامام الصادق ( عليه السلام ) : إن العباس بن علي زق العلم زقا
لقد كان العباس مجمعاً للفضائل، وملاذاً للخصال الحسنة الشمائل.. وذو قوة روحية كبيرة، كما كانت طبيعة بنائه الجسدي تخدم قوته المعنوية والروحية.. فقد كان طويل القامة، عريض ما بين المنكبين، ضخم الجسم ، فإذا ما ركب الفرس المطهم ـ القوي العالي ـ خطت رجلاه الأرض. فامتزجت فيه قوة الروح، وقوة الجسد، وأضيفت إليهما النخوة الهاشمية، والشجاعة الحيدرية، والقوة الإلهية ، والإيمان الحسيني..
لقد كان العباس (عليه السلام) بطل أنيق أناقة الحقيقة ، وقائد اوسع سفينة من سفن النجاة التي خطت وجه الحياة وابحرت في شواطئها في صراط مستقيم ،سائرة بأمرة الإمام ابي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام )الى جنة الله الواسعة .
وعلى الرغم من ضخامة جسد ابي الفضل العباس (عليه السلام) وروحه الوثابة الى الحق والحقيقة وصبره المتجذر في اعماقه إلا انه لم يستطع حمل ما كان يراه من اعمال المنافقين في يوم عاشوراء حتى استأذن اخاه الإمام الحسين (عليه السلام ): ياأخي قد ضاق صدري ،وسئمت الحياة وأريد ان آخذ ثأري من هؤلاء المنافقين .
لا ارهب الموت إذا الموت زقا حتى أورى في المصليت لقى
نفسي لنفس المصطفىالطهر وقا إني أنا العباس أغدو بالسقا
ولا أخاف الشر يوم الملتقى
ان الصدر الذي وسع المحبة والخير السلام ،واضيئ بالقران ، واتزن بالايمان ،ضاق ولم يبق عنده إلا الجسد الشريف ليفجره في وجوه الاعداء..وهكذا فعل ابو الفضل العباس تمزق جسده الطاهر سيوف الحقد والضغينة ورماح الكفر والنفاق الأموي ، فقطعت يديه ،وادميت عينيه ،وفلقت هامته العالية ، ثم انطلقت روحه الطاهرة خفاقة نحو السماوات العلى الى جوار ابائه واجداده متحررة من اسر الجسد( وهو يصيح : السلام عليك أخي يا أبا عبدالله )، وهي ترفرف فوق رؤوس الأشهاد تحكي للأحرار قساوة الطغاة والحاقدين على اهل البيت ( عليهم السلام ) ، لتكون من بعد باب الحوائج الى الله ، تقضي حوائج المؤمنين والمحتاجين اللائذين به من جور الحياة ، تهدأ من روعهم ،وتعيد الطمانينة الى نفوسهم ، اليس العباس (عليه السلام ) باب الحوئج الى الله ،وكاشف كربات المكروبين ،وملاذ الهاربين من الظلم والظالمين؟.
باب الحوائج ما دعته مروعة في حاجة إلا ويقضي حاجها
وإذا كان السيف الأرعن قطع من ابي الفضل العباس (عليه السلام ) يديه ، وسهم اللؤم اطفأ نور عينيه ،وعمود الكفر والضلالة فلق هامته في هذه الدنيا فقد ابدله الله سبحانه وتعالى بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابي طالب .ومنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.