5 شعبان 1429 - 07/08/2008
ولد الإمام البر التقي زين العابدين علي بن الحسين (سلام الله عليهما) في الخامس من شهر شعبان المعظم سنة ثمان وثلاثون للهجرة، عاش سنتين في أحضان جده النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) فنهل روحانيته ومعنوياته، وعاش مع عمه الإمام الحسن (سلام الله عليه) عشر سنين ومع أبيه الإمام الحسين (سلام الله عليه) 22 أو23 سنة وهكذا تلقفت أركان الإمامة علي بن الحسين (عليهما الصلاة والسلام) بالعلم والأدب وحكمة الأنبياء وصفاء الأولياء، بعد أن اختار الله تعالى له هذا الاسم المبارك (علي)، عرف بكثرة عبادته وخشوعه وسجوده حتى لقب بالسجاد، ولقب بـ(ذي الثفنات)، ولقب أيضا بـ(زين العابدين) لأنه أعبد أهل زمانه حتى أضرت العبادة بجسمه فنحل وضعف فقد كان شديد الاجتهاد في العبادة صائم نهاره وقائم ليله.
وكان الصحابي العظيم جابر بن عبد الله الأنصاري منقطعاً لأهل البيت (عليهم السلام) ومن الموالين لهم، وقد أعرب عن إعجابه البالغ بالإمام (عليه السلام) قائلاً: (ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين..).
أما محمد بن مسلم القرشي الزهري الفقيه وهو أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام وممن أخلص للإمام (عليه السلام) وهام بحبه، فقد أدلى بمجموعة من الكلمات القيمة أعرب فيها عما يتصف به (عليه السلام) من القيم الكريمة والمثل العظيمة، وهذه بعض كلماته:
1. (ما رأيت هاشمياً مثل علي بن الحسين..)
2. (ما رأيت قرشياً أورع، ولا أفضل منه..)
3. (ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين..)
4. (لم أدرك بالمدينة أفضل منه)
5. (لم أدرك في أهل البيت رجلاً كان أفضل من علي بن الحسين..)
وقد برز الإمام زين العابدين (عليه السلام) على مسرح الحياة الإسلامية كألمع سياسي إسلامي عرفه التاريخ، فقد استطاع بمهارة فائقة وهو في قيد المرض وأسر الأمويين أن ينشر أهداف الثورة العظمى التي فجرها أبوه الإمام الحسين القائد للمسيرة الإسلامية الظافرة، فأبرز قيمها الأصيلة بأسلوب مشرق كان في منتهى التقنين والأصالة والإبداع.
لقد أنبرى الإمام (عليه السلام) إلى إنارة الفكر العربي والإسلامي بشتى أنواع العلوم والمعارف، وقد دعا ناشئة المسلمين إلى الإقبال على طلب العلم، وحثهم عليه، وقد مجَّد طلابه، وأشاد بحملته، وقد نمت ببركته الشجرة العلمية المباركة التي غرسها جده الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبل الناس بلهفة على طلب العلم ودراسته فكان حقاً من ألمع المؤسسين للكيان العلمي والحضاري في دنيا الإسلام.
أما الثروات الفكرية والعلمية التي أثرت على الإمام زين العابدين (عليه السلام) فإنها تمثل الإبداع والانطلاق والتطور، ولم تقتصر على علم خاص، وإنما شملت الكثير من العلوم كعلم الفقه والتفسير وعلم الكلام، وعلوم التربية والاجتماع، وقد عني بصورة خاصة بعلم الأخلاق، واهتم به اهتماماً بالغاً، ويعود السبب في ذلك إلى أنه رأى تراجع الأخلاق الإسلامية، وابتعاد الناس عن دينهم من جراء الحكم الأموي الذي حمل معول الهدم على جميع القيم الأخلاقية فانبرى (سلام الله عليه) إلى إصلاح المجتمع وتهذيب أخلاقه، وتقول عنه الشيعة: إنه حين استسلم الناس لشهواتهم تابعين لملوكهم جعل الإمام يداوي النفوس المريضة بالصرخات الأخلاقية والآيات السامية، من أجل إخراج الأمة من ظلامة الجهل المفروض من قبل الأمويين .