27 ذي الحجة 1428 - 07/01/2008
لا أعتقد أن الكثير منا يعرف من هو "أبو ترجية" وقد كنت قبل كتابة هذه السطور كبقية الذين لا يعرفونه، ومن أين جاءت هذه التسمية التي ترسم الابتسامة على شفاه من يسمع بها أول مرة.
أثناء خروجي من البيت سمعت جاري يقول لصديق له وقد رآه يقطع زهرة حمراء من حديقة جاري الخياط، غير مهتم بصيحات الإنذار والترجي بعدم قطع الزهور، هذا مثل أبو ترجية.
وقد أثارت فضولي هذه الكنية ومعرفة أصلها وفصلها وإلى أي زر وفخذ تنتمي فقلت متسائلاً: ومن هو أبو ترجية؟ قال جاري: كان بعض الرجال في القديم يلبسون التراجي (الأقراط) في آذانهم بل ويعملون على إطالة الشعر لعمل ظفيرتين جمليتين يخبئانها تحت غطاء الرأس وإن أهم ما يميز شخصية أبو تراجي أنه يستطيع عمل أي شيء وفي أي زمان ومكان يشاء غير آبةٍ باعتراضات انتقادات الآخرين، وكما يقولون (مدلل خوالة).
بعد أن عرفت حكاية أبو تراجي قلت هناك الكثير من يعملون عمل أبو تراجي لا لأنه يلبس التراجي كما كانوا أيام زمان بل لأنه مسؤول، ومن حق المسؤول في بلد الديمقراطية أن يعمل أي شيء بدون محاسبة أو مسائلة وإن كان لصاً محترفاً شهد 99/99 بالمئة من أبناء الوطن أنه لص، وأيقنت هيئة النزاهة الوطنية بفساده.. فهو أبو تراجي.
ومما لا شك فيه أن تحت قبة (البرغلمان) أكثر من 270 نائباً ممن ينتمون إلى فصيلة أبو تراجي، فبإستطاعة أي نائب أن يغيب عن جلسات (البرغلمان)، ويخبأ في داره السلاح ويساعد الإرهابيين، ويؤمن لهم "اللحاف" الكافي لأعمالهم الشاذة تحت سرير المقاومة، بل وباستطاعة النائب أن يهدد، أن... ويصرخ، ويجرخ أية جهة كانت أو فرد كان لأنه أبو تراجي وينتمي إلى قائمة الشقاق والنفاق والإعتلاف ويستلم راتبه في الموعد المحدد مع "حمارة" برلمانية تحميه من سلطة القانون الذي غاب كما غاب القط فظهرت الفئران وفي وضح والنهار تقرض وتقضم وتخرب كل ما تجده أمامها.
ولم يكتف بعض أعضاء (البرغلمان) بما يأخذه من راتب شهري حتى انبجست وقامت وهلهلت هيئة من داخله تطالب بزيادة في الرواتب ولا يهم أن يقف أكثر من مليون عاطل وعاجز وأرملة أمام أبواب دائرة الرعاية الإجتماعية من أجل الحصول على حفنة من الدنانير التي لا تكفي لأكثر من أسبوع في زمن ارتفعت فيه أسعار كل شيء إلا الإنسان الذي ما زالت أسعاره في هبوط مستمر في كافة البورصات الوطنية والحزبية والعشائرية ولم نجد لحد الآن من يعمل على ارتفاع أسعاره ودعمه ولو بالشيء اليسير.
أحد المواطنين اقترح أن يتم معاملة أعضاء البرلمان على أنهم موظفين يعملون وفق نظام العقد المؤقت كما تعمل بقية الوزارات مع الآلاف من المواطنين الذي يتم استخدامهم في دوائر الدولة فهل يرضى أعضاء البرغلمان على استلام مئة ألف دينار شهرياً أم أنهم سينسحبون ويتسللون عبر منافذ وشبابيك وزواغيل المنطقة الخضراء في أقل من ربع ساعة.
لا شك أن نفراً قليلاً من أعضاء (البرغلمان) سوف يبقون مرابطين ليس حباً في الوطن والمواطن ولكن لأن ما يكنزونه لهم ولأحفادهم ولعشرات السنين فما زالت أرض الوطن تزخر بالخيرات الكثيرة وباستطاعة أياديهم المطاطية الوصول إلى تلك الخيرات واقتناصها بكل يسر وسهولة.