20 محرم الحرام 1433 - 16/12/2011
مسلم بن عقيل مستودع ثقةِ الإمام الحسين (عليه السلام) وخاصته، وأول الشهداء، أرسله الإمام (عليه السَّلام) سفيراً له إلى الكوفة، للتأكد من حقيقة الوضع الذي صورته رسائل الكوفة إليه، وأخذ البيعة له فقتل وهاني بن عروة في يوم عرفة.
وفي التاسعُ من ذي الحجة عام 60 للهجرة، أستشهد مُسلم (عليه السلام)، وأمرَ ابن زياد (لعنة الله عليه) أن يجرَّ جسده في أسواق الكوفة، ثم بعث برأسيهما إلى يزيد بن معاوية في الشام، ودفن عند قصر الإمارة في حرم المسجد بالكوفة.
يقع مرقد الشهيد مسلم بن عقيل بجوار جدار مسجد الكوفة من جهة الشرق، وتعلو الشباك الذي يحيط بالقبر قبّة عالية كانت مغطاة بالكاشي من الخارج وبعد أن جدد بناء الحرم، وشرع في التجديد والتوسع عام 1965م، إذ وسع الرواق المحيط بالضريح كما تم توسيع جوانبه الأخرى..
وقد تم زخرفة الجدران الداخلية للحرم والقبة بالمرايا بأشكال تدعو الى البهجة والسرور، فيما زينت الجدران من الخارج بالذهب بعد أن وسع الصحن الممتد بين ضريح مسلم بن عقيل وقبر هاني بن عروة، ببناء أروقة فيه، وذلك عام 1960 م لتكون للمرقدين سورا..
قبة سفير الحسين مسلم بن عقيل (عليهما السلام) كما تظهر من مسجد الكوفة، شامخة، تتكسر على صفائحها الذهبية أشعة الشمس، تشير إلى سمو مجد صاحبها وما حظي به (عليه السلام) من منازل الرفعة في دار الدنيا، والآخرة حيث سجله الله في سجل الشهداء، فهو محط أنظار محبّي بيت النبوة من مشارق الأرض ومغاربها، أما فيما يخص سيرة حياته فقد ذكر المؤرخون ومنهم النسابة البيهقي في (باب الأنساب) إن مسلم ولد سنة 25 هجرية، ويذهب أكثر المؤرخين وأهل السير الذين كتبوا في واقعة الطف وامتداداتها إنه لما استشهد كان له من العمر 35 سنة، وقد نشأ وترعرع في كنف عمه أمير المؤمنين وأبيه عقيل بن أبي طالب (سلام الله عليهما) ولما وجدهُ الإمام أمير المؤمنين في مسلمٍ من مؤهلات وخصال تجعله في مقدمة الرجال من استعداد للعلم وبطولة وشهامة فقد أعاره اهتماماً وأغدقَ عليه من علومه وأصبحَ موضعَ عنايته وجعله احد رجال دولته الذين يعتمد عليهم في المهمات..
والآن حينما يروم الزائر الدخول لحضرته المقدسة فأن أول ما يلفت انتباهه عِمارة المزار الزاهية، فقبل أن يطأ بقدميهِ حدود ما تسمى بالطارمة يجد لوحة كتب عليها (السلام عليك يا شهيد الدعوة الحسينية)، ثم آيات قرآنية سطرت سورة ياسين على هيأة حزامٍ على مقدمة المزار الشريف..
زر مسلماً إن كنت حقاً مســـــــلما فـــــــــالدين والإيمان فيه تجسما
وألثم ضريحاً ضمّ أقدس هيكلٍ للحق فيـه الأرض طاولت السما
باب الحرم هذه بين انعكاسات المرايا وما تضفيه من جمالية للمكان المقدس وبين ناصية الباب التي أُطّرت بالذهب الذي تباهى دون سواه باعتلائه واجهة مزار مسلم بن عقيل (سلام الله عليه)..
وقبل إن تلجَ واحة القدس هذه، تقرأ الزيارة الخاصة بمسلم (عليه السلام) التي تتوسط بابَي الحرم المطهر، وما أن تنتهي من تلاوتك ليتضح أمامك قول: (السلام عليك يبن عم الحسين وسفيره) ثم تنهال عليك البركات والكرامات، فتهجس عبق الطيب، الذي شاء الله ألا يبرد، وحيث تزين المكان سورة النور بهيأة حزامٍ من آياتها المباركة، وبينما أنت في أوج زيارتك تلمح قبر الشهيد يصرح بما وقع من ظلمٍ وحيف بهِ، وتوالي النازلات على مرِّ العصور..
تهجس إن قبره الشريف تحدقُ به ملائكة الرحمن جل وعلا، وهي بين مهللة ومكبرة، وحيث قبر الشهيد الذي أزدان بالزخرفة والإبداع في التصميم تشكلت شبابيكه من الفضة بهيأة أقواس بلغ عددها ستة عشر قوسا، خط فوقها آيات من سورة الرحمن، وتعلو أركانه ستة عشر قنديلٍ نحاسي تطالع قبة المزار وتشافهها أن أعلني ظلمة آل البيت (عليهم السلام)..
والى جهة الزاوية الشرقية لمسجد الكوفة، وجنوباً عن قبر مسلمٍ (عليه السلام) يرقد المختار الثقفي من الصادقين في وفائهم لأهل البيت (عليهم السلام) والذي قاد ثورة الثأر للإمام الحسين (عليه السلام).
تقرير/ حسين النعمة - كربلاء المقدسة