19 محرم الحرام 1433 - 16/12/2011
ان العالم الاسلامي بدا يواكب التطور والحداثة العالمية التي غزة كل بقاع الارض بجميع انواعها وما يستوعبه العالم من تطور . وهناك تطورات نالت اعجاب الناس وهناك منها ما كان مرفوضا .
ومن جملة الامور التي تطورت في حياتنا اليومية مسالة الانشاد في احياء المجالس الحسينية وشعائرها .
ففي الازمنة المنصرمة اي سبعينات القرن الماضي وما قبلها كان الرادود الحسيني يرقى المنبر بعد ان ينتهي الخطيب من مجلسه . ويقرا الرادود بصوته الشجي والمحزن ما كتب من الكلمات على شكل قصيدة اما شعبية او قريض او ملمع بشكل مباشر يستعرض فيها مصيبة الامام الحسين (ع) وما جرى عليه وعلى اهل بيته من الماسي والقتل وبطبيعة الحال هناك من كان في شبابه يحضر هذه المجالس وبقية حتى ان تقدم بالسن فهو يرغب الى هذا اللون من المجالس والقصائد .
وان اليوم فقد تطور الحال من حيث الحداثة المعمول بها في زماننا الحاضر في كل شيء . ففي هذا المجال كان للمنشد والرادود الحسيني دور مميز بهذه الحداثة حيث بدا يدخل على القصيدة المؤثرات الصوتية او الامور الدرامية كالتمثيل وغيرها من الامور المستحدثة علما ان القصيدة قرأت في الزمان السابق ولكنها بغير شكل عن هذا اليوم .
وهذا التغيير والتطور اثار الجدل بالساحة من قبل المستمع القديم والمستمع الحديث اي الجيل القديم سبعينيات القرن الماضي وماقبله وجيل القرن الجديد شباب اليوم .
وبدات هذه الاثارة بين القبول والرفض من حيث وجهات نظر كل حسب نظريته للساحة اليوم .
لذا ارتئينا ان نستطلع مجموعة من الجيل القديم والحديث حول هذه المسالة وتماشيها مع هذا التطور وهل لها التاثير السلبي ام الايجابي .
والتقينا بالمواطن جليل ابراهيم : ان الاطوار الجديدة لها طابع حديث حيث رغب اليه الجيل الجديد بخلاف الطور الذي تربينا عليه من حيث النشأة . وهو حزين ومؤثر للسامع اكثر من الاطوار الحديثة التي كل يوم تصك مسامعنا وكانها غناء بصورة شرعية بل بثوب حسيني جديد . وهذا غير لا ئق للمنبر الحسيني المقدس الذي يكون له دوره في احياء الشعائر الحسينية والتي نعرفها في القدم ولم يكن لها شكل اخر كما جاءوا بها الان .
اما المواطن حيدر عبد اليمة فيقول : بالنسبة لكل زمان له ناسه ورجاله وكذلك المستمع ايضا له دوره كما للمستمع في الماضي له دوره وطوره من ناحية القصيدة واللحن او من جهة الانشاد بالنسبة للرادود . وكل يعبر عن رايه والهدف هو ايصال الصورة الحقيقة لماسات واقعة الطف . وكما اسلفنا لكل زمان له طوره ودوره . وفي هذا اليوم هناك مجموعة ليس بالقليلة ترغب مثل هكذا اوبريتات في الاستوديو. وهذا لا يخل بالقضية الحسينية مادام من ضمن الضوابط المشروعة والمألوفة في بيان هذه القضية وعظم رزيتها.
من جانبه قال الشاعر الحسيني محمد فاضل الزبيدي بقوله: حتما لا تعطي القصائد الحسينية الفاعلية والتاثير مثل ما يكون لدى الرادود الحسيني مباشرة امام الناس يرتقي المنبر. والا هي قصيدة واحدة تقرا في الشارع او الأستوديو فهي واحدة . ولكن مباشرة تكون انفع من ناحية التاثير النفسي والعاطفي على المستمع . واما بالاستوديو فيبين مفردات القصيدة على شكل تمثيل او ما يعرف بالاوبريتات فهي لتقريب الحقيقة وتوضيحها اكثر لتصبح صورة وصوت حيث ان الرادود من خلال المنبر يعبر عن الحالة الماساوية المراد بهامن خلال قصيدة المنبر تجسيد هذه الكلمات وايضا من خلال التمثيل يريد ان يبين ويوضح الفكرة للناظر والمستمع . فتعتبر هي احدى التطورات الحديثة التي تصب في خدمة القصيدة الحسينية المعبرة عن عمق ماسات واقعة الطف الاليمة . حيث تكون اكثر فائدة ومنفعة وتعبير وايضاح ما يرده شاعر القصيدة الى المستمع الذي اصبح اليوم مشاهد.
فيما قال احد خدمة الامام الحسين الحاج محمد امان: ان الردات الحسينية الحديثة ليس لها روحانية كما كانت في العهد السابق اي في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي . لان هذه القصائد هي واحدة وليس لها دور سوى تجسيد وعرض القضية الحسينية وماساتها .
فجائت الحداثة اليوم وبدات تدخل على نصوص وقرائه هذه القصائد الحسينية بعض الامور والاطوار القريبة الى الغناء وهذا ما يسبب ازعاج السامع وفهم القضية الحسينية بالشكل الصحيح . لذا نهيب باخواننا الشعراء والرواديد خدام الحسين(ع) ان القصيدة التي تحمل هذا النوع المتداخل مع الغناء يحرم استخدامها من المنبر الحسيني وذلك لكون المنبر هدفه اسما واعلى من هذا النوع من القصائد .
وفي هذه الجولة التقينا بالرادود الحسيني المله مهند الظالمي حيث قال: بصفتي رادود حسيني افضل استماع القصائد من قبل المنبر الحسيني لا عن طريق الفديو كليب . وذلك لان المنبر الحسيني يتعايش مع قضية الامام الحسين (ع) ويكون في الصورة المباشرة دون اي تكليف . ويعتبر شيئ واقعي في هذه القضية الحسينية . ومن خلال المنبر يمكن ان يوصل الرادود اهداف القصيدة من الواقع الحي الى الواقع الحي المتجسد بشخصية الامام الحسين(ع). وهذا انفع الى المجتمع العالمي لتبيين الحقيقة الحسينية وكبقية التعامل معها كما ذكرنا سابقا بدون تكاليف متطفلة على القضية الحسينية. وقال السيد صباح الطالقاني احد خدمة الامام الحسين(ع) : اما دور المنبر الحسيني من ناحية الرادود والمنشد فله دور ريادي في ايصال الفكرة الحسينية والنهضة الخالدة لهذه الرسالة . يعكس ما يدور في انشاء القصائد الحسينية في الاستوديوهات بين الجدران والابواب المغلقة. بينما القصيدة التي تقرا على المنبر من قبل الرادود لها تاثيرها ودورها في بيان مظلومية اهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص قضية الامام الحسين (ع) ومأساة واقعة الطف الاليمة.
واضاف الاعلامي والصحفي حيدر الربيعي : ان موضوع الردات الحسينية ودخول النغمة فيها هي فكرة مستحدثة استساغها نوع خاص من الشباب ورغبوا في هذا اللون من الوان الانشاد لانهم اوجدوا البديل للغناء . وهو لون ونوع من اساليب التوجيهات المرضية لله تعالى. فاشبه انك بعدته عن ساحة الغناء وسماعه كونه حرام وقربت اليه هذا النوع من الردات . هذا يعد ايضا طريق اخر لكسب ود وقبول الشباب ونفورهم عن الغناء .
واما الكلمات المنظومة للقصيدة يلزم ان تكون معبرة للنهظة الحسينية ولكن بايقاع جديد وفكرة حديثة مما يناسب التطور الحالي . وهذا نوع من الانفتاح الفكري الذي يناسب وتطورات الزمن لان كل زمان فكرة ووقته حيث يكون هو المعمول به عند الشباب ومقبول. وايضا غير مستحسن عند غير الشباب.
وتحدث لنا خادم الامام الحسين من جيل الشباب حسين صالح الحسيني قائلا: ان الردات الحسينية على المنبر مباشرة اكثر تاثير من الاستوديوا لذا على الرادود ان يختار القصيدة الاكثر اثارة وواقعية في بيان واقعة الطف من غير ان يدخل فيها النغمة او التاثيرات الصوتية حتى يوصل للمستمع والمتلقي الى الغاية التي هو يلطم او يستمع من اجلها . فعليه ان القرائة المباشرة افضل مما تكون بهذه الكيفية التي لربما تنقص من قضية الامام الحسين (ع) وتجعلها قضية مادية اكثر مما هي معنوية .
واضاف ايضا خادم الحسين (ع) قاسم رسول السعدي بقوله : ان القصيدة الحسينية لها تاثيرها السلبي والايجابي في حال القيت بالشكل الصحيح واذا كانت غير ذلك فكانت من السلبيات وهذا لايناسب ولا يليق بالرادود.
وايضا يلزم على الشاعر ان يستند في نظم القصيدة الى نص تاريخي وان يتضمن فيها بعض روايات اهل البيت (عليهم السلام) بصيغة شعرية . وان يبتعد عن الكلمات النافرة في هذه القضية . وان تكون القصيدة هادفة ويستغل القصيدة في اظهار مظلومية اهل البيت(عليهم السلام) والمبادئ السامية التي استشهدوا من اجلها . وان لقضية الامام الحسين(ع) انعكاس بين تاثير الحزن فعلى الرادود الحسيني ان يختار الاطوار الحزينة والتي ذات وقع مباشر يمس الشعور والاحساس بايقاع منبري وامام الجمهور . وعليه الا يقلد في اطواره الاخرين والرجوع الى رواد المنبر الحسيني كي تصبح القصيدة الملقات بمماس مباشر مع عقل ووجدان المتلقي كي لا تكون عرضة للانتقادات من قبل بعض الجهات التي تتربص بنا الدوائر . واما من جانب التسجيل الاستوديوي فعليه ان يستخدم الاصوات بطبيعتها وخالية من المونتاج الصوتي مع استخدام عناصر المسرح من انارة او ديكور او اي اداة تقرب او تحكي واقعة الطف الاليمة.
وأضاف الرادود الحسيني مله عامر الخطاط الكربلائي الاسدي "ان اكثر القصائد المؤثرة بالنسبة للمتلقي وللجالس في الردات الحسينية تكون مباشرة فظلا عن غيرها عن الامور التي بدات تدخل المؤثرات الصوتية ونغمات على القصيدة وبصفتي امتهن هذا الفن اوجه خطابي لكل الرواديد والشعراء الحسينيين حول القصيدة (الكعدية) اي الردة لا اللطم . لقد بدات قصيدة الكعدة الكربلائية باضمرارها واهمالها وللعلم هي الوسيلة الاكثر تاثيرا واكثر سعة للاستماع بتركيز لمصيبة الامام الحسين (ع) وهذا يعطي سببا واضحا للمتلقي مصبا بذهنه على ما سيقرا بالقصيدة ولم ينشغل باللطم الذي هو الجزء الثاني لمجلس العزاء للرادود وهذا ما تعلمناه من أساتذة هذا الفن امثال المرحوم حمزة الزغير وباقي خدمة المنبر الحسيني من الرواديد والمنشدين . ولقد خضت هذا في البحرين ودول الخليج حيث لاقت الاندماج والتاثير المباشر بالنسبة للمتلقي في (الكعدية) قبل اللطمية . واسال الله ان يوفق الجميع لخدمة المنبر الحسيني .
تحقيق /محمود عبد الرضا الصافي