25 ذي الحجة 1428 - 05/01/2008
يقع هذا المقام في الربع الاخير من السوق الكبير لمحلة باب السلالمة احدى محلات مدينة كربلاء المقدسة انشئ المقام على واجهة احدى دور المنطقة.
والمقام يمثل المكان الذي تم فيه التقاء الامام الحسين (عليه السلام) مع قائد الجيش الاموي عمر بن سعد في عاشوراء وكان الإمام (عليه السلام) يريد بذلك القاء الحجة على هذا القائد الخبيث حتى لا تبقى لهم ذريعة يتذرعون بها من امره (عليه السلام). وتمثل منطقة اللقاء مكان تواجد جيش بن سعد لعنه الله. ويشير استاذنا المؤرخ السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه كربلاء في الذاكرة ص160 ان المقام شيد عام 1113 هجري وتم تجديده عام 1352 هـ الموافق 1934م كما جدد مرة اخرى عام 1378هـ /1952م.
وتم تجديده مرة اخرى بعد سقوط النظام الصدامي المقبور عام 2003م حيث تم تغليف القاعدة بالسيراميك كما تم وضع شباك من الكروم الابيض بعرض 2,25 م تقريباً وارتفاعه 2,5 م محاط بضفيرة اسمنتية خضراء اللون وفوق الشباك لوحة مزججة مكتوب عليها الابيات الشعرية الآتية ولم يذكر عليها اسم الشاعر وتاريخ النظم:
إن الحسين ههــنا مع ابن سعد أعلنا***في قوله مستفسرا لم القتـــال بيننا
ما جئت من تلقاء نفسي مذ تركت الوطنا***لقد اتتنا كتبٌ من هؤلاء اللـــــعنا
يا أبن النبي المصطفى ان الفضا ضاق بنا***غيرك لا نهوى ولا سواك نرضى مأمنا
لما أتيت نقضوا العهد وراموا الفتـــنا***وضيعوا دين النبي المصطفى والسـننا
والآن اني يا ابن سعد قد أتيت معلنــا***فان كرهتم موطني ذروني حتى أضعنا
الى الحجاز أو الى يثرب إما اليمنــا***او اين ما شاء الاله اتخذه موطـــنا
فكلما أرشدهم ما زادوا إلا ضغنـــا***وبقيت أنواره دوماُ تنير الأزمـــنا
يروي الطبري ص613 ج4 عن ابي مخنف يقول حدثني ابو خباب عن هاني بن ثبيت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين،قال بعث الحسين (عليه السلام) الى عمر بن سعد،عمرو بن قرظة بن كعب الانصاري: ان القني الليل بين عسكري وعسكرك.قال فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا واقبل الامام الحسين (عليه السلام) في مثل ذلك فلما التقوا امر الامام الحسين (عليه السلام) اصحابه ان يتنحوا عنه وأمر عمر بن سعد اصحابه بمثل ذلك قال فانكشفنا عنهما وفي بعض المصادر بقي مع الحسين (عليه السلام) اخوه العباس وابنه علي الاكبر ومع بن سعد ابنه حفصة وغلام له يقال له لاحق، بحيث لا نسمع اصواتهم ولا كلامهم فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيع ثم انصرف كل واحد منهما الى عسكره بأصحابه وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه ان حسينا قال لعمر بن سعد:اخرج معي الى يزيد بن معاوية وندع العسكرين قال عمر اذن تهدم داري قال: انا ابنيها لك قال: اذن تؤخذ ضياعي قال اذن اعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز
قال: فتكره ذلك عمر (أي رفض ) وفي بعض المصادر عندما لم يجد الامام الحسين (عليه السلام) منه أي تجاوب بل كان مصرا على البغي والعدوان.
قال له الامام الحسين (عليه السلام): (مالك !ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ولا غفر لك يوم حشرك فوالله اني لأرجو ألا تأكل من بر العراق إلا يسيرا ) وولى بن سعد وهو يقول للإمام مستهزءا في الشعير كفاية عن البر ( قال: فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير ان يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه. انظر العوالم ص239 للبحراني، مقتل الامام الحسين (عليه السلام) للمقرم ص205، حياة الامام الحسين للقرشي ج3 ص144
قال ابو مخنف: حدثني المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهير ان اللقاءات قد تكررت بين الحسين وعمر بن سعد قال: فكتب عمر سعد الى عبيد الله بن زياد: اما بعد فان الله قد اطفأ النائرة (النائرة: العداوة والشحناء ) وجمع الكلمة وأصلح امر الامة هذا الحسين اعطاني خصالا ثلاث:
1- ان يرجع الى المكان الذي منه اتى.
2- اوان نسيره إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم.
3- او ان يأتي يزيد امير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بيني وبينه رأيه وفي هذا لكم رضا وللأمة صلاح.
وقفـة
لابد من التركيز على جميع حيثيات أي موضوع لمعرفة دقائق الامور التفصيلية التي تعني الكثير والكثير جدا عند المطلع على مثل هذه الحيثيات والمتأمل في ما اورده الطبري وابن الاثير من رسالة ابن سعد لعنه الله الى ابن زياد.. نجد ان الممسوخين أ مثال ابن سعد لا يتورعون عن ارتكاب أي شيء في سبيل الحصول على غاياتهم الخبيثة وان من سيطر عليه هوى نفسه وراح يلهث وراء المال ويمني نفسه بالجاه والسلطة وهو يعلم علم اليقين بمكانة الامام الحسين (عليه السلام) ومنزلته ولا يساوره ادنى شك في ضلالة قصده وانحرافه عن الطريق القويم فمثل هذه المواقف التي تكشف عن نفسية دنيئة مريضة شريرة لا نستغرب عندما يمارس صاحبها اساليب المكر والخداع سعيا وراء مصالحه الخاصة والتي تدفعه الى الافتراء وتزوير الحقائق وان ما كتبه ابن سعد الى سيده ابن مرجانة من قول نسبه الى الامام الحسين (عليه السلام) اذهب بي الى يزيد لأضع يدي في يده.. وحتى ابن سعد نفسه لم يصدق هذه الدعابة السمجة فقال ( والله لا يستسلم حسين فان نفساً ابية لبين جنبيه ) عندما جاءه الشمر بكتاب ابن زياد لذا نجد ان ابن سعد افترى هذه الفرية ليخدع نفسه المريضة ظنا منه التخلص من دم الحسين (عليه السلام) كي لا يبتلي بشيء منه فهو يعرف جيدا بان الحسين (عليه السلام) رجل يأبى المساومة والمداهنة ولكنه حاول بذلك ان يبرز مهاراته السياسية والعسكرية من خلال الخديعة والإيقاع بالآخرين والالتفاف على الحقيقة حفاظاً على الجائزة خاصة وان هناك شواهد كثيرة بهذا المضمون يعرفها ابن سعد جيدا ويقر بان الامام الحسين (عليه السلام) لا يؤمن بشرعية خلافة يزيد حتى يفاوضه ولو ان يزيد يعرف ان الامام الحسين (عليه السلام) يساوم لكان قدم له من الاموال واعطاه المناصب لكنه عارف حقيقة الامام الحسين (عليه السلام) وصلابة موقفه منه ونسوق هنا جملة من الشواهد:
1ـ ان الهم الاكبر ليزيد كان هو تحصيل البيعة من الامام الحسين (عليه السلام) من خلال عامله في المدينة بلزوم اجباره على البيعة..
2ـ قول الامام لمحمد بن الحنفية والله يا اخي لو كنت في حجر هامة من هوام الارض لاستخروجني منه حتى يقتلوني
3ـ قول الامام الحسين (عليه السلام) الى والي المدينة الوليد بن عتبة انا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة
ومختلف الملائكة ومحل الرحمة وبنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس المحرمة
معلن بالفسق مثلي لا يبايع لمثله.
4ـ جواب الإمامس الحسين (عليه السلام) لرسول عمر بن سعد الذي حمل له كتاب ابن مرجانة بقوله لا اجيب ابن زياد
إلى ذلك ابدا.. فهل هو إلا الموت ؟ فمرحبا به.. وفي حياة الامام الحسين للقرشي ( لا والله ما وضعت يدي في
يد ابن مرجانة ).
5- رفض الامام الحسين (عليه السلام) لكتاب ابن زياد المتضمن: اما بعد يا حسين فقد بلغني نزولك كربلاء وقد كتب الي امير المؤمنين يزيد ان لا اتوسد الوثير ولا اشبع من الخمير او الحقك باللطيف الخبير او ان تنزل على حكمي وحكم يزيد والسلام. لما قرأ الامام الحسين (عليه السلام) الكتاب رماه من يده وقال: لا افلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ! وطالبه الرسول بالجواب فقال: ماله عندي جواب لأنه حقت عليه كلمة العذاب.او ليس هو القائل( لا اعطي الدنية من نفسي ابدا) ويقول العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه ثورة الامام الحسين (عليه السلام) ص167.
ان جميع الدلائل تشير الى ان ما ورد في رسالة بن سعد الموجه الى ابن مرجانه من ان الامام الحسين (عليه السلام) قال اضع يدي في يد يزيد بن معاوية انما هو من وضع الامويين وأعوانهم،ارادوا ان يوهموا الناس ان الامام الحسين (عليه السلام) خشع وخضع وحنى رأسه لسلطان يزيد، ليشوه بذلك الموقف البطولي الذي وقفه هو وأصحابه في كربلاء، وقد حرص الامويين وأعوانهم على اخفاء كثير من ملامح ثورة الامام الحسين (عليه السلام) وملابساتها واذاعوا كثيرا من الاخبار المكذوبه عنها، ليوقفوا عملها التدميري في ملكهم وسلطانهم لكنهم لم يفلحوا.
لذا نرى في كل ما تقدم دلائل دامغة على شعوذة ابن سعد وادعائه الباطل وقد رد عقبة بن سمعان على كل هذه الأكاذيب والأباطيل روى الطبري وابن الاثير. قال ابو مخنف: فأما عبد الرحمن بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة الى مكة ومن مكة الى العراق ولم افارقه حتى قتل وليس من مخاطبته الناس كلمه بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا في عسكر الى يوم مقتله إلا وقد سمعتها إلا والله ما اعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من ان يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا ان يسيروا الى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال: دعوني فلأذهب في هذه الارض العريضة حتى ننظر ما يصير امر الناس.