18 ربيع الأول 1431 - 05/03/2010
كان لطبيعة الفترة التي عاشها الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر عليهما السلام طابعها الحرج والمشحون باجواء التوترات والصراعات بين مختلف القوى النافذة سواء خلال معاصرة الامام عليه السلام اواخر حكام دولة بين امية المعروفين بحقدهم وعداءهم الدفين لائمة اهل البييت عليهم السلام او خلال معاصرته بدايات حكم دولة بني العباس التي اقامت على انقاض الحكم الاموي المنهار ومن هنا كان لحكمة الامام جعفر الصادق ومواقفه وادواره الذكية عاملا مهما واساسيا في اختيار جانب الجهاد الفكري والتربوي للنهوض بواقع الامة المتزلزل وتهيأتها للمرحلة المقبلة التي يتنامى فيها الوعي وادراك المسؤوليات الشرعية والاخلاقية في التصدي لمظاهر الانحراف والظلم والفساد الذي كان يستشري في مختلف مفاصل الدولتين الاموية والعباسية التي اعقبتها.
وفي وسط هذه الاجواء والتيارات عاش الصادق عليه السلام ومارس مهماته ومسؤولياته العلمية والعقائدية كأمام واستاذ وعالم ولاينافسه في علمه ومكانته احد حيث كان قمة شامخة ومجدا فريدا فجر ينابيع المعرفة وافاض العلوم والمعارف على علماء عصره واساتذه زمانه فكانت اساسا وقاعدة علمية وعقائدية متينة ثبت عليها البناء الاسلامي واتسعت من حولها افاقه ومداراته.
وقد اشتهر الامام الصادق عليه السلام بغزارة العلوم ولاسيما في الطب والكيمياء وخلف اثار عظيمة من ذلك (طب الصادق) و(أمالية)، هذا بالاضافة الى علم الكلام والفقه والحديث وقد روى جابر بين حيان الكيمياوي العربي الشهير الشيئ الكثير من الآراء الكيمياوية في مؤلفاته عن الامام الصادق عليه السلام، ورغم التركيز الاعظم الذي اولاه عليه السلام للجانب العقائدي والعلمي الا ان هذا لايعني ان الامام ترك الجانب السياسي وعزل نفسه عما يدور في ساحة الامة فرغم كثرة المؤامرات التي حيكت للصادق عليه السلام ورغم معرفته بقلة الاعوان وفقدان الناصر وانعدام العناصر الكفؤة والمخلصة الا انه وسائر الائمة ايضا لم يتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف بوجه سياسات الظلم والاذلال فكانوا وفي احلك الظروف وادقها ارهاباً وتجبراً يستغلون كل فرصة لفضح الحكام واظهار معايبهم ومثالبهم العامة والخاصة ولم يتركوا اي دليل يحسب عليهم لذلك احتار المنصور العباسي في كيفية التعامل مع الامام للتخلص منه الا ان وجد طريقة الغدر به حين دبر جريمة اغتياله بدس السم اليه حيث فارق الحياة لترتفع روحه الطاهرة الى بارئها تعالى ملتحقا بصفوة الشهداء من آل بيت الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله.