23 محرم الحرام 1431 - 09/01/2010
نحَن نؤمن أن المنبرَ الحسيني هو أحدُ الوسائل المهمة في نشر فكر أهل البيت (عليهم السلام)، بنحو لم تستطعْ سائرُ الوسائل الأخرى بما فيها الحديثة منها (كالفضائيات والانترنت) أن تقومَ به، كونها بالتأكيد مهمة، لكنها جاءت متأخرة.
كما أن المنبر َالحسيني وما يحتويه من توجيه ولائي أو أخلاقي أو ثقافي خطٌ ممتد مع عمر الإنسان المتلقي، فلو فرضنا أن شخصاً من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) كان يحضر المجالس الحسينية، كما هي عادة كثير منهم في موسم عاشوراء، مجلساً واحدا في كل ليلة، فإن معنى ذلك أنه عندما يكون في السبعين من العمر، يكون قد استمع إلى أكثر من ألفي محاضرة أو أكثر، بما تحتوي عليه من قضايا تأريخية وأدبية وثقافية عامة، والمتعرض لهذا المقدار من المحاضرات والأحاديث لا شك سيكون ذا ثقافة ومعرفة.
فالمنبر الحسيني يمتمد دوره على طوال السنة؛ لكنه في شهر (محرم الحرام ) يُصبح شعيرة من شعائر الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن أجل تفاصيل أكثر حول هذا الجانب، كان هذا اللقاءٌ الحصريٌ مع فضيلة الخطيب الحسيني الكبير الشيخ مرتضى الشاهرودي دام توفيقه.
بعد الترحيب بكم وأنتم في مدينة كربلاء المقدسة وشهر الفاجعة محرم الحرام على الأبواب كيف ترون التبليغ والخطابة فيه ؟
شهرُ محرم الحرام يُعدّ أفضل موسم للدعوة الإسلامية؛ لأن الدعوةَ الخالصة انحصرت في مجالس الإمام الحسين عليه السلام وأقصد بالدعوة الخالصة تلك التي تدعو إلى الإسلام الحقيقي، الإسلام الممزوج بحب أهل البيت (عليهم السلام) فالتوحيد بابه أهل البيت (عليهم السلام).. من أرادَ اللهُ بدأ بكم، بكم يُسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضبُ الرحمن.
فهذا التوحيد طريقه هو طريق الإمام الحسين (سلام الله عليه) ومحرم الحرام ربيعُ هذا الموسم، وبهذه المناسبة ينطلق المئات من الخطباء والمبلغين لإقامة المجالس التي تشهد في بعض المناطق حضوراً منقطع النظير، فهذه الشعائر في الحقيقة هي لُب الإسلام، بل هي روحه، لا المجالس فحسب، بل سائر الشعائر الحسينية.
المنبرُ الحسيني يتحول إلى شعيرة من شعائر الإمام الحسين (عليه السلام) لإيصال القضية الحسينية إلى أبعد المديات .. رأيكم بهذا القول؟
الحقيقة يجب أن تُقال أن من أعظم شعائر الله هي شعيرة المنبر الحسيني، لأنها الناقل والرابط بين النهضة الحسينية بكل أبعادها والناس بكافة مستوياتهم، وهناك كلمة للفيلسوف الألماني مارين يقول: (إني أعتقد أن بقاءَ القانون الإسلامي هو مسبب عن قتل الحسين) ويقول أيضا بهذا الشأن: (مادامت هذه الشعائر في المسلمين، فأنهم لا يقبلون الذلة ولا يدخلون في أسر أحد) ونحن نرى أعداء الدين يبذلون كل الجهود طوال السنة، لطمس الحقائق وتشويهها، ولكن يأتي شهر محرم ويعلو في الأوساط عامة ذكر النهضة الحسينية العملاقة، وترى نشيج الامام الحسين (عليه السلام) يهدمُ كلَّ صروح وأبنية الظالمين.
الأمة الإسلامية لا تمتلك وسيلة أعظم وأقوى وأنصع من شعائر الامام الحسين (عليه السلام) فجديرٌ بالمؤمنين أن يهتموا يوما بعد يوم، خصوصاً ونحن على أعتاب شهر محرم الحرام، ونحن في هذه اللحظة في عتبة سيدنا أبي الفضل العباس (عليه السلام) - روحي له الفداء - نرجو من الله تعالى ببركة صاحب هذا المكان أن يسدد خطانا، ويوفقنا إلى الخدمة الخالصة، لنكون خدّاماً خالصين لهذا الدين، ولأهل البيت سلام الله عليهم أجمعين.
كيف ترى موقفنا تجاه التحديات التي نواجهها اليوم؟
الحجم الذي نقدمه للتعريف بالمذهب الحق هو لايوازي الهجمة الشرسة للأعداء، لكن اللهَ عز وجل حفظ هذا الدين بقوله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ويتم ذلك بأتباع أهل البيت (عليهم السلام)،وهذا الدعم والتسديد إما مباشرة أو بالقوة الغيبية، ونحن نؤمن بهذه الحقيقة أن هذا الدعم الإلهي الغيبي يبقى إلى يوم القيامة مهما تطورت الدنيا، ومهما ازدادت كفّة الأعداء تكنولوجياً، عسكرياً، واقتصادياً، وحتى وإن بقيت هذه العوامل بيدهم، ستبقى كفّة الدين الحق هي الغالبة.
كيف ترى آفاق التشيّع في الدول العربية والأوربية؟
نراه والحمد لله وببركة أهل البيت (عليهم السلام) ينتشرُ يوماً بعد يوم، إذا نظرنا إلى محاسن كلامهم، وإذا سُمِعت محاسن كلامنا لاتبعونا، وبالمناسبة دعاء كميل يتَضمن كلمات تربط الإنسان بالله عز وجل، والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) علم هذا الدعاء لصحابي جليل من أصحابه؛ وهو كميل بن زياد النخعي (رحمة اللهُ عليه) وبالاستماع لهذا الدعاء وحده، دخل العشرات بل المئات، وفي مختلف البلدان العربية في الإسلام والتَشيع تحديداً.
تراث أهل البيت (عليهم السلام) غني جداً، لكن علينا إيصال هذا التراث إلى الناس، إلى الدنيا كلها، كذلك في هذه المناسبة أقول هناك تقصير غير متعمّد طبعاً، والسبب قلة الموارد والضغوطات، فبالرغم من وجود هذه الفضائيات، والكتب ووسائل الإعلام الأخر، لكننا نحتاج الى طريقة أقوى لإيصال فكر أهل البيت (عليهم السلام) للعالم أجمع.