27 شوال 1430 - 17/10/2009
هو أبو الحسن ، مهيار بن مرزويه الديلمي البغدادي , ولم يرد ذكر محددلتاريخ ولادته إلا ان بعض الدراسات تميل الى ولادته في القرن الرابع ,ومن خلال شعره يمكن الاستنتاج ان ولادته كانت في سنة 365هجرية.
نسبه :
ينسب مهيار الى الديلم وهم امة من فارس ولهم بلاد ما وراء طبرستان قال عنه المقدسي في وصف مناطقهم الجبلية بانها كورة صغيرة المدن لا ترى لاهلها لياقة ولا علما ولا ديانة وبقي الكفر فيهم الى نهاية القرن الرابع الهجري حيث اسلم الديلم على يد الأطروش واصبحوا شيعة زيدية .
وقد جاءؤ مهيار الى بغداد وكان على دين قومه فسكن درب رياح من محلة الكرخ وهي منطقة عرفت بتجمع الشيعة الإمامية فيها واشتهرت بمجلس النظر الذي يتصدره فقيه الشيعة ابو عبد الله بن محمد النعمان المعروف بالشيخ المفيد، وليس من المستبعد ان يمده باصول الحجة والبرهان وهو يتابع اسلوب المناقشة والجدل في قضايا الخلافة والامامة .
نشأته : نشأ الديلمي في عائلة فارسية مالكة من أشرف عائلات فارس ، ثم سافر إلى بغداد وسكن فيها ، واتصل بالسيّد الرضي ( قدس سره ) ـ الذي كان يوم ذاك حجّة الأدباء والأشراف ـ فأثَّر هذا الاتصال بشخصية مهيار وشاعريته ، ووجد في السيّد الرضي ( قدس سره ) غايته التي ينشدها من خُلق وأدب ، وعلم وفصاحة وتقوى ، فنهل من منبعه الصافي العلوم والآداب ، والفقه والمحاججة .
تشيّعه : كان مهيار مجوسياً ، ولكن بعد ارتباطه بالسيّد الرضي ( قدس سره ) ، تغيّرت عقيدته من المجوسية إلى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك في عام 394 هـ ، فهو مسلم في دينه ، علوي في مذهبه ، عربي في أدبه ، لذا نراه يبتهج بسؤدد عائلته ويفتخر بشرف إسلامه وحسن أدبه بقصيدة في ديوانه يقول فيها :
لا تخَالِي نَسَباً يَخفِضنِي ** أَنَا مَن يُرضِيكَ عِندَ النَّسَبِ
قَومي استَوَلوا عَلى الدهر فتىً ** وَمَشُوا فَوق رؤوسِ الحُقَبِ
عَمَّمُوا بالشَّمسِ هَامَاتَهُمُ ** وَبَنَوا أبياتَهُم بالشَّهَبِ
وَأبِي كسرَى عَلَى إِيوَانِهِ ** أَينَ فِي النَّاسِ أَبٌ مثلَ أبِي
سُورةُ المُلك القُدَامَى وَعَلى ** شَرَفِ الإِسلامِ لِي وَالأدَبِ
قَد قبستُ المَجدَ مِن خَيرِ أبٍ ** وقبستُ الدِّين مِن خَيرِ نَبِي
وَضَمَمْتُ الفخرَ مِن أطرافِهِ ** سُؤدَد الفُرس وَدِين العَرَبِ
شعره :
من المعاجز أنّ فارسياً يحاول قرض الشعر العربي ، فيفوق أقرانه ولا يتأتّى لهم قرانه .
قال السيّد الأمين في أعيان الشيعة : ( لا أستطيع أن أتمثّل له ندّاً سوى ابن الرومي ، وإن كان ابن الرومي يقصر عنه في بعض الأحيان ، ولا يجاريه في الإسهاب والتطويل ) .
فهو كنز من كنوز الأدب والفضيلة ، وفي الرعيل الأوّل من ناشري لغة الضاد وموطدي أُسسها ، وأكبر برهنة على ذلك ديوانه الضخم في أجزائه الأربعة ، الطافح بأفانين الشعر وفنونه وضروب التصوير وأنواعه ، فكان مقدّماً على أهل عصره مع كثرة فحولة الأدب فيه ، وكان يحضر جامع المنصور في بغداد أيّام الجمع ، ويقرأ على الناس ديوان شعره .
أمّا شعره في المذهب فبرهنة وحجاج ، فلا تجد منه إلاّ حجّة دامغة ، أو ثناءً صادقاً ، أو تظلّماً مفجعاً ، ولعلّ هذه هي التي جعلت أصحاب الحقد يعمدون إلى إخفاء فضله الظاهر ، والتنويه بحياته الثمينة كما يحق له ، فبخست حقّه المعاجم ، ولم تأت عند ذكره إلاّ بطفائف هي دون بعض ما يجب له ، غير أنّ حقيقة فضله أبرزت نفسها ونشرت ذكره مع مهب الصبا ، فأين ما حللت لا تجد لمهيار إلاّ ذكراً وشكراً ، وتعظيماً وتبجيلاً .
اقوال العلماء في شاعريته:
قال عنه بن خلكان في كتابه بـ(وفيات الأعيان) ما نصه: هو أبو الحسين مهيار بن مرزوية الكاتب الفارسي الديلمي الشاعر المشهور، كان مجوسيا فأسلم ويقال إن اسلامه كان على يد الشريف الرضي ابي الحسن محمد الموسوي وهو شيخه وعليه تخرج في نظم شعره وكان شاعراً أجزل القول مقدما على أهل وقته وله ديوان شعر كبير يدخل في اربع مجلدات وهو رقيق الحساسية طويل النفس في قصائده.
وذكر الحافظ ابو بكر الخطيب في تاريخ بغداد واثنى عليه وقال : وكنت اراه يحضر جامع المنصور في ايام الجمعات يعني بغداد ويقرأ عليه ديوان شعره ولم يقدر لي ان اسمع منه شيئا.
وذكره ابو الحسن الباخرزي في كتاب دمية القصر فقال في حقه: هو شاعر له مناسك الفضل مشاعر وكاتب تحت كل كلمة من كلماته كاعب وما في قصائده بيت يتحكم عليه بلو وليت وهي مصبوبة في قوالب القلوب وبمثلها يعتذر الزمان المذنب عن الذنوب ثم عقب على هذا الكلام بذكر مقاطع من شعره.
وممن اورد شيئا عن مهيار القاضي نور الله التستري من أعلام الإمامية في القرن العاشر في كتابه الفارسي المشهور المسمى (مجالس المؤمنين) قال : قال الشيخ الجليل عبد الجليل الرازي وابن كثير الشامي واليافعي: (ان اصل مهيار مجوسي مناولاد او شيروان كسرى العادل وتخرج على الشريف الرضي نقيب الكوفة وبغداد واسلم على يده وله شعر جيد متين قاله على مذهب الشيعة).
نماذج من شعره :
1ـ قال في رثاء أهل البيت ( عليهم السلام ) :
لهف نفسي يا آل طه عليكم ** لهفة كسبها جوى وخبال
وقليل لكم ضلوعي تهتز ** مع الوجد أو دموعي تُذال
كان هذا كذا وودي لكم حسب ** ومالي في الدين بعد اتصال
2ـ قال في ظالمي أهل البيت ( عليهم السلام ) :
سيعلم من فاطم خصمه ** بأي نكال غداً يرتـدي
ومَن ساء أحمد يا سبطه ** فباء بقتلك ماذا يدي
فداؤك نفسي ومَن لي فداك ** لو أنّ مولى بعبد فدي
3ـ قال في المخالفين لبيعة الغدير :
واسألهم يوم خُم بعد ما عقدوا ** له الولاية لم خانوا ولم خلعوا
قول صحيح ونيات بها نغل ** لا ينفع السيف صقل تحته طَبَعُ
إنكارهم يا أمير المؤمنين لها ** بعد اعترافهم عار به ادرعوا
ونكثهم بك ميلاً عن وصيّتهم ** شرع لعمرك ثان بعده شرعوا
وفاته :
توفّي الديلمي ( رحمه الله ) في الخامس من جمادى الثانية 428 هـ .