13 شعبان المعظم 1430 - 06/08/2009
دلت الروايات أن المسيح(عليه السلام ) يصلي خلف الأمام المهدي(عج) وأن الأمام هو من يتقدم في الصلاة . كما وله رتبة التقدم في الجهاد , ولعل هذه الأخبار مما ثبت طرقها وصحتها عند الشيعة وكذلك ترويها السنة على حد سواء فهذا الإجماع من كافة أهل الإسلام وما عدا هذا الإجماع فقوله مردود فقد ورد عن الحسن بن علي(عليه السلام) ما من أحد ألا ويضع في عنقه بيعه لطاغية زمانه ألا القائم الذي يصلي روح الله عيسى (عليه السلام ) خلفه.
وهذا وقد يطرح تساؤل أيهما أفضل الأمام المهدي (عج) أو المأموم المسيح (عليه السلام) في الصلاة والجهاد معاً؟ يمكن الرد على هذا السؤال إنهما قدوتان نبي وأمام وأن كان أحدهما قدوته لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الأمام إذ يكون قدوة للنبي في تلك الحالة وليس فيها من تأخذه في الله لومة لائم وهما أيضا معصومان من ارتكاب القبائح كافة والمداهنة والرياء والنفاق ولا يدعوا الداعي لا حدهما لموضع ورد الشريعة المحمدية بذلك بدليل قول الخاتم ( صلى الله عليه واله وسلم ) "يام القوم أقرأهم فان استووا فأعلمهم فان استووا فأقدمهم فان استو فأقدمهم هجرة فان استووا فاصحبهم وجهاً " فلو علم الأمام أن عيسى(عليه السلام ) أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه , وكذلك قد تحققت لعيسى أن الأمام اعلم منه لما صلى خلفه ولولا ذلك لم يسعه الإقتداء بالإمام . هذه هي درجة الفضل في الصلاة ثم الجهاد وهو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى الله تعالى بذلك . ولولا ذلك لم يصح لا حد جهاد بين يدي الخاتم ( صلى الله عليه واله وسلم ) ولا بين يدي غيره والدليل على صحة هذا قوله تعالى " أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة و الإنجيل و القرآن ومن أ أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " ولان الأمام المهدي (عج) يعد نائباً عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في انه لهذا لا يبرر للمسيح(عليه السلام ) أن يتقدم على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وكذلك نائبه.
دور عيسى (عليه السلام ) في دولة الأمام (عج)
لا ريب أن للمسيح (عليه السلام ) دور في أكثر من مجال في دولة الأمام الموعود في القرآن "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين .ويمكن أن نلمس هذا الدور في اكثر من مجال.
الفرع الأول: تخفيف حالة الاحتقان السياسي بين الأمام (عج) وحكومات الغرب
نحن نشهد لا بل نعيش اليوم حالة التخبط والتهتك التي تعيشها دول العالم الغربي , وبالتأكيد فان هذا الخط يمثل الخط المخالف لمعالم الدين الإسلامي الحنيف وخط أهل البيت الذي ينتهجه الأمام المهدي (عج) عند ظهوره الشريف , ومن المؤكد أن الأمام سيعمل على نشر الدين الإسلامي في ربوع العالم هذا الدين الذي تصفه الروايات بأنه إسلام جديد بمعنى انه سيظهر ويدعوا إلى الدين الإسلامي الذي جاء به الخاتم ( صلى الله عليه واله وسلم ) لا الذي تم التلاعب به لخدمة مصلحة دنيوية . بمعنى انه سيقضي على حالة الاحتقان الطائفي والتعصب المذهبي , اذ سيجعل دول العالم الغربي وبعض الدول العربية التي تعيش اليوم عظمتها على الأرض تدين بالمذهب الاثني عشري لهذا فان دول العالم الغربي ستعمل جاهدة على القضاء على الثورة وإخمادها والحيلولة من دون وصول نور الإسلام إلى تلك البلدان القابعة تحت الفكر والإلحاد والزندقة , لهذا نجدها ستقف بوجه الأمام وتحاول جاهدة إشعال فتيل الحرب بينها وبينه , لذا فان توقيت نزول المسيح(عليه السلام ) من السماء وصلاته خلف الأمام سيكون وسيلة لامتصاص هذه النقمة وتخفيف حدة العداء الحاصل , وعندها سيشارك المسيح(عليه السلام ) في عقد هدنة بين الأمام والروم تستمر حسب الروايات الى سبع سنين ألا أن الغرب وبالتعاون مع اليهود وتحريضهم سيغدرون بالإمام بعد ثلاث سنين أو سنتين . وبعض الروايات تذكر أن الهدنة تنقض في حمل امرأة على أية حال بعد نقض الهدنة ستقع المعركة العظيمة التي ستكون أعظم من معركة تحرير القدس , إذ سيحاول اليهود الذي هربوا من القدس تأليب حكومات الغرب ضد الإمام ألا انه وفي هذه المعركة سيتم القضاء على اليهود برمتهم.
الفرع الثاني: هداية البشرية
اختلف المفسرون في تفسير الآية الكريمة "وأن من أهل الكتاب ألا ليؤمن به قبل موته ".
فذهب الطبرسي أن الاختلاف وقع في أقوال منها:
1ـ أن كلا الضميرين يعودان إلى المسيح (عليه السلام ) أي لا يبقى أحد من آهل الكتاب من اليهود والنصارى ألا ويؤمن بالمسيح(عليه السلام ) قبل موت المسيح(عليه السلام ) إذا انزله الله إلى الأرض وقت خروج المهدي (عج) في أخر الزمان فتصبح الملل كلها ملة واحدة وهي ملة الإسلام الحنيفية ودين إبراهيم(عليه السلام ) .
2ـ أن الضمير في (به) يعود إلى المسيح(عليه السلام ) والضمير في موته إلى الكتاب ومعناه لا يكون أحد من آهل الكتاب يخرج من الدنيا ألا ويؤمن بعيسى قبل موته .
ذهب علي بن إبراهيم في تفسيره مسنداً الى شهر بن حوشب قال: قال الحجاج أشهر أية في كتابي الله أعيتني فقلت: أيها الأمير أي ايه هي؟ فقال: "وان من اهل الكتاب ألا ليؤمن به قبل موته "قال أني لأمر باليهودي والنصراني فنضرب عنقه ثم ارمقه بعيني فما أراده يحرك شفتيه حتى يجمد فقلت أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت قال: كيف هو؟ قلت: أن عيسى على نبينا واله وعليه السلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى اهل ملة يهودي ولا غيره ألا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي(عج).
لا شك أن فكرة ظهور المنقذ هذه فكرة آمن بها أهل الأديان كما أسلفنا في فقرات سابقة واعتنقتها معظم الشعوب . وبناءا على هذا سيكون لظهور المسيح في العالم الغربي الوقع الأكبر لا سيما انه سيظهر في مرحلة حاسمة في العالم , إذ سيكون العالم المسيحي القوى الكبرى في العالم ويشكلون بلا منافسة أكبر عائق أمام وصول الإسلام الى شعوب تلك المنطقة لذا فان المسيح(عليه السلام ) سيلعب دورا مهما اذ سيعمل على زيارة تلك الدولة وإظهار المعاجز والكرمات والآيات , وعندئذ سيقع على عاتقه مهمة التبليغ وإيصال الدين الإسلامي الى تلك الدول ومن الطبيعي أن لظهور منقذ البشرية الموعد في الديانة المسيحية ما يؤدي إلى انتشار الفرح والسرور في شعوب تلك المنطقة لا نه المخلص لهم من الظلم والاضطهاد , وسيدخل العالم المسيحي في الدين الإسلامي.
الفرع الثالث: قتل الدجال
(ورد عن نعيم بن صخرة عن يحيى عن إمامه ألباهلي قال: ذكر الخاتم ( صلى الله عليه واله وسلم) الدجال فقالت له ام شريك فأين المسلمون يومئذ يا رسول الله (صلى اله عليه واله وسلم ) قال: بيت المقدس يخرج حتى يحاصرهم وأمام المسلمين رجل صالح فيقال صل بنا الصبح فإذا كبر ودخل فيها نزل عيسى بن مريم(عليه السلام ) فإذا راه ذلك الرجل عرفه القهقري عيسى(عليه السلام ) فيقدم فيضع عيسى(عليه السلام ) يده بين كتفيه ثم يقول: صل بنا فإنما أقمت لك فيصلي عيسى(عليه السلام ) وراءه ثم يقول افتحوا الباب ومع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي كلهم ذو سلاح وسيف محلي فإذا نظر الى عيسى ذاب كما يذوب الرصاص في النار وكما يذوب الملح في الماء ثم يخرج هارباً فيقول عيسى(عليه السلام ) أن لي فيك ضربة لن تفوتني بها فيدركه فيقتله فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا انطقه. . .
عن جعفر بن محمد الفزاري رفعه إلى أبى جعفر(عليه السلام ) قال: ياخثيمه سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو والتوحيد حتى يكون خروج الدجال وحتى ينزل عيسى بن مريم من السماء ويقتل الله الدجال على يديه. من جملة هذه الروايات وغيرها التي تبشر بحركة الدجال ترى أن ظهوره إنما يكون بعد مدة غير قصيرة من قيام دولة الأمام وعموم الرفاهية لدول العالم وظهور العلم والتقنية الحديثة لذلك فحركته تعد حركة إباحية ناتجة من الترف والبطر.
صفوة القول هي حركة متطورة وذات أبعاد عقائدية وسياسية إذ يستخدم الدجال أحدث الوسائل في ادعاءاته وسيكون أكثر متبعية من اليهود والنساء والمراهقين والمراهقات وعندها ستحدث فتنة عند المسلمين. فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام ) لم انه (عليه السلام ) يجعل عيسى(عليه السلام ) خليفته على قتال الأعور الدجال يخرج أميرا على جيش المهدي يطلب الأعور الدجال وقد اهلك الحرث والنسل . .يدعو الناس لنفسه بالربوبية فمن أطاعه انعم عليه ومن ابى قتله، وقد وطئ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس، وقد أطاعه جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض ومغاربها ثم يتوجه الى ارض الحجاز فيلحقه عيسى(عليه السلام ) عطية على عقبة (هرثا) فيزعق عليه عيسى(عليه السلام ) زعقة ويتبعها بضربه فيذوب الدجال كما يذوب الرصاص في النار. نرى من هذه الرواية أن الضربة التي تقضي على الدجال انما تكون بأحدث الأسلحة العسكرية التي يستخدمها المسيح(عليه السلام ) وليست بأسلحة تقليدية كما يدعي البعض.
الفرع الرابع: المسيح(عليه السلام ) ضمن التشكيلة الحكومية للأمام (عج)
يعد عيسى المسيح(عليه السلام ) أحد أقطاب دولة الأمام المهدي (عج) إذ سيكون وزير في تلك الدولة ومن الطبيعي أن يكون للشخصيات العاملة في الدولة الموعودة الوزن والثقل الأكبر سيما انهم سيكونون من بين الأنبياء وخلفائهم والأتقياء من صالحي العصر والأمم السابقة. بمعنى أنها تركيبة حكومية خاصة تتألف فضلاً عما ذكر من عدد من أصحاب الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) تذكر الروايات أن لعيسى(عليه السلام ) دوراً في دولة الأمام اذ سيكون أما وزيراً أو نائباً للوزير أو عاملاً على بيت المال يعني أنه سيكون بتعبير اليوم وزير للمالية في دولة الأمام المرتقبة.
عن كعب أن عيسى(عليه السلام ) يقول للقائم فإنما بعثت وزيراً ولم ابعث أميرا وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: وهو أي عيسى(عليه السلام) الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه وعنه أيضا ينزل عيسى(عليه السلام) ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف.
من جملة ما ذكر في المطلب السابق نجد أن النبي عيسى (عليه السلام) دور هذا الدور لا يمكن التنصل عنه أو إغفاله ولو للحظة لا نه مشارك وعنصر فعال في دولة الأمام وعامل مساعد في إقامة دولة تعد آخر الدول وخاتمتها على الأرض تلك الدولة التي وعد الله بها المتقون.