25 ذي الحجة 1428 - 05/01/2008
في معنى العقيدة
العقيدة أنواع، هناك العقيدة السياسية وهناك العقيدة الاجتماعية وهناك العقيدة الدينية وما يعنينا تعريفه هنا هو العقيدة الدينية فهي العقيدة التي تقف على رأس هذه الأنواع من العقائد، وهي العقيدة التي كتب لها الديمومة والبقاء من دون بقية العقائد الأخرى وإذا كانت العقيدة تنبثق من عمل عقلي اختياري، للرغبة والوجدان دورهما فيه فهي من ثم تعد عقيدة مكتسبة والإنسان مطبوع على إن يعتقد ومهيأ لقبول معتقد ما.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا يختار الإنسان معتقدا دون آخر..؟
البعض يرى الأمر يكمن في الوجدان. والبعض الآخر يرى الأمر يكمن في العقل.بينما يرى آخرون أن الأمر يكمن في الإرادة.
وقد تكون هذه العوامل الثلاثة مجتمعة لها دورها وتاثيرها في عملية اختيار العقيدة وهي عوامل تختلف من فرد لفرد ومن فئة لفئة إلا أن لكل عقيدة خصائصها ومميزاتها التي تجعل منها ذات جاذبية خاصة لمعتنقيها وتدعم موقفهم في الثبات عليها. ولا يجب ان ننسى هنا العامل الوراثي والاجتماعي فكلاهما له دوره في شيوع بعض العقائد وتمكنها في نفوس آخرين. وهنا يطرح السؤال التالي: ما هي الخصائص والمميزات التي تتصف بها عقيدة ما أو التي يجب ان تحتويها عقيدة ما ليمكن وصفها بأنها عقيدة دينية لا سياسية ولا اجتماعية..؟ والإجابة تكمن في أمرين:
الأول: موضوع الاعتقاد وهو الشيء المصدق او المعتقد به.
الثاني: حقيقة الإذعان لهذا المعتقد أو ذاك أي أن الفاصل بين العقيدة الدينية وغيرها يكمن في الموضوع وهو الصلة بين المتدين وبين الشيء المقدس موضوع الاعتقاد كما يكمن في اختصاصها بالغيب. فالموضوع هو اللّه. والغيب هو كل ما يتعلق به..
واذا كانت قضية الايمان باللّه هي الركن الاول في العقيدة الدينية فان الركن الثاني هو الايمان بالرسول الذي عرفنا باللّه وأبلغنا رسالته. فمن البديهيات المعروفة أن العقيدة إنما تصلنا عن طريق الرسل الذين تتركز مهمتهم في إبلاغ العقيدة الإلهية بنصها كما أنزلت عليهم. فالرسول لا يملك حق التعبير عن هذه العقيدة وإنما يملك حق تفسيرها. والنص الذي يبلغه هو القرآن بالنسبة لرسولنا صلى اللّه عليه وآله وسلم والتفسير هو السنة.فاذا ورد حديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وسلم يفسر لنا أمرا من أمور العقيدة قبلناه على أساس انه تفسير لا على اساس انه عقيدة لان الرسول لا يضيف شيئا من عنده إنما يبين للناس ما أنزل إليه.
مقدمة في التوحيد
هو أن يعرف الإنسان أن للكون إلها خلقه وأوجده من العدم، وبيده كل شيء.. فالخلق، والرزق، والإعطاء، والمنع، والإماتة، والإحياء، والصحة، والمرض.. كلها تحت إرادته (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) والدليل على وجود الله تعالى ما نرى من السماء وما فيها، من الشمس المضيئة، والقمر المنير، والنجوم الزواهر، والسحاب، والرياح، والمطر.. ومن الأرض وما فيها، من البحار والأنهار، والثمار والأشجار، والمعادن المختلفة الثمينة كالذهب والفضة والزمرد.. ومن أصناف الحيوانات، الطائرة في الفضاء، والسابحة في الماء، والماشية على وجه الأرض، بأشكال وأصوات متباينة، وحجوم متشابهة وغير متشابهة.. هذا والإنسان العجيب المشتمل على الحواس المختلفة والحالات المتفاوتة، من العين والأذن واللسان، والصحة والسقم، والفرح والحزن، والغضب وغيرها... كل ذلك دليل على إله حكيم عليم، نعتقد به، ونعبده، ونستمد منه العون ونتوكل عليه، والله تعالى له صفات كثيرة كالعلم: فهو يعلم كل شيء، كبيرا أو صغيرا، ويعلم ما في القلوب، والحياة: فهو حي لا يموت، والإرادة: فهو يريد الشيء الذي فيه المصلحة، ولا يريد ما فيه مفسدة، والإدراك: فهو يبصر كل شيء، ويسمع كل صوت، ولو كان همسا في الآذان، والقدم: فهو كان قبل كل شيء، ثم خلق الأشياء، ويبقى بعدها إلى الأبد، والتكلم: فهو يكلم من يشاء من عباده المخلصين وأنبيائه وملائكته، وذلك بخلق الصوت، والصدق: فهو صادق فيما يقول، ولا يخلف وعده، كما أنه تعالى: خالق، رازق، محيي، معطي، مانع، رحيم، غفور، عزيز، شريف، كريم...
والله تعالى منزه عن النقائص فليس جسما كأجسامنا، وليس مركبا من الأجزاء المختلفة، ولا يمكن رؤية الله، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وليس محلا للعوارض، فلا يعرض عليه شيء، ولا يجوع، ولا يهرم، ولا شريك له، بل هو واحد أحد فرد صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وصفاته عين ذاته، فهو عالم قادر... منذ الأزل، لا كمثلنا حيث كنا جاهلين ثم نعلم، وكنا عاجزين ثم نقدر، وغني، فلا يحتاج إلى مشورة، أو معاون، أو وزير، أو جند، أو نحو ذلك.