30 ربيع الثاني 1438 - 29/01/2017
قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، جمع من طالبات العلوم الدينية من العاصمة الإيرانية طهران، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في السادس والعشرين من شهر ربيع الثاني 1438للهجرة (25/1/2017م)، واستمعن إلى توجيهاته القيّمة.
قال سماحته: ثلاثة أمور هي قيمة كل امرء، رجل وامرأة، وشاب وكهل. وهذه الأمور ترفع من شأن المرء درجات ودرجات، وهي:
الأول: العلم. يقول القرآن الكريم لأشرف الأولين والآخرين، ولأعلم الأولين والآخرين، مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، حول العلم: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً) سورة طه: الآية114. وهذا يعني ان العلم لا ينتهي.
الثاني: التقوى. أي الورع والاجتناب.
الثالث: الأخلاق الحسنة. ولا تعني التعامل بشكل جيّد مع الآخرين، بل تشمل الصبر والصدق والحلم وغيرها من الفضائل.
وأوضح سماحته: هذه الأمور الثلاثة هي قيم. وكلما ازدادت نسبة تمسّك الإنسان بها، ورفع مستواه بالعمل بها، فسيكون ذا قيمة أكثر. وكلما سعى الإنسان أن يزيد من مستوى العمل بهذه الأمور عند الآخرين، بأن يشجّعهم عليها ويعلّمهم أو يرشدهم إليها، فهذه قيمة أيضاً.
وأضاف سماحته: التقوى والأخلاق لا تأخذان من وقت الإنسان، بل العمدة فيهما هو التصميم والعزم والإرادة. أي أن يجعل الإنسان إرادته على الإلتزام بالتقوى أكثر وأكثر، وهذا ممكن. ويعزم على أن يكون حسن الخلق أكثر، وهذا كذلك ممكن. ولكن العلم بحاجة إلى وقت كثير وكثير.
وبيّن سماحته بقوله: أنتن المؤمنات، يمكن لأية واحدة منكنّ أن تصمّم الآن على أن تزيد من التزامها بالتقوى، وبأن تكون أحسن أخلاقاً، فسيكون غدها يختلف عن اليوم أكثر، لا شكّ. فمن الممكن أن تكون نسبة تقوى الإنسان عشرة بالمائة، ولكن بالعزم والتصميم والإرادة القاطعة تصل هذه النسبة في يوم واحد إلى تسعين بالمائة. وهذا ممكن وليس محال. ولكن بالنسبة للعلم فهذا غير ممكن. لأنه لا يمكن أن ترتفع نسبة علم الإنسان فجأة من عشرة بالمائة إلى (15 أو 20) بالمائة. لأن العلم بحاجة إلى الوقت وإلى الدراسة والمطالعة والمباحثة والكتابة، وإلى وقت كثير وكثير. ولهذا نرى ان القرآن الكريم يقول لأعظم وأشرف وأعلم الأنبياء صلوات الله عليه وآله وعليهم: وقل ربّي زدني علماً.
وشدّد سماحته بقوله: أنتنّ، ولله الحمد، ورغم ما لديكنّ من مشاكل، عزمتنّ على السير في مسير الحوزة العلمية لأهل البيت، وعلى خط أهل البيت، وفي إطار أهل البيت صلوات الله عليهم، ووفقتنّ على الصعود علمياً. فصمّمن على أن يكون هذا الصعود دائمي، ولا ينحصر في ساعات تواجدكنّ في الحوزة للدراسة أو التعليم، بل زدن من علمكنّ في أيام العطل، وفي كل الأوقات. و
وأردف سماحته: كذلك، صمّمن على أن تتقدّمن في نسبة التزامكنّ بالتقوى, وابدأن من وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي بالألوف والألوف. وواحدة من هذه الوصايا هم مهمّة جدّاً، وهي مفتاح التقوى. وإنّي لم أجد في كل وصايا النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله أنه كرّر المورد الذي أوصى به ثلاث مرّات إلاّ في هذه الوصية، وهي أنه صلى الله عليه وآله، قال: لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب. فاعزمن على ترك الغضب وتقليله. ويمكن القيام بذلك بالتدريج، مع أنه فيه الصعوبة. فإنّه لباعث على التأسّف أن يترك الإنسان العمل بما هو ممكن. فالغضب والعصبية لا تحلّ شيئاً، لا من أمور الدنيا ولا من أمور الآخرة، بل تخرب الدنيا والآخرة.
وحول الأخلاق الحسنة، قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: بالنسبة للأخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أقربكم مني يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً. فمن تكن منكن طيلة حياتها أحسن أخلاقاً وأكثر ستكون الأقرب للسيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، والعكس بالعكس أيضاً. فملاك القرب من أهل البيت صلوات الله عليهم يوم القيامة هو حسن الخلق.
وختم سماحته، توجيهاته القيّمة، مؤكّداً: صمّمن على أن تزيدنّ من التزامكنّ بالتقوى وبالأخلاق الحسنة، وعلى طلب العلم أكثر. واعلمن انه مهما كثر العلم عندكنّ فستكثر وتزداد الموفقيّة لديكنّ في خدمة أهل البيت صلوات الله عليهم، وفي هدايتكنّ الناس لأهل البيت صلوات الله عليهم، أكثر وأكثر. فلا يكفي النجاح بنسبة مائة من مائة في دروس الحوزة، بل استثمرن الوقت كلّه في طلب العلم، حتى العطل، وتقدّمن في العلم أكثر وأكثر. وأسأل الله تعالى التوفيق للجميع.